سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 29 نوفمبر 1882.. أحمد عرابى لمحاميه الإنجليزى: «كيف يمكننى أن أقول أنا عاص؟.. هل يمكنهم أن يدعونى عاصياً لامتثالى لإرادة الشعب؟

أحمد عرابى
أحمد عرابى
أصاب الذعر أحمد عرابى، زعيم الثورة العرابية، حين استمع من محاميه الإنجليزى «برودلى» شروط المصالحة المقترحة منه، كى لا يتم الحكم عليه بالإعدام من المحكمة العسكرية التى كان يحاكم أمامها بعد فشل ثورته بهزيمته أمام القوات الإنجليزية يوم 13 سبتمبر 1882.
 
تشكلت المحكمة العسكرية بقرار من الخديو توفيق، وترأسها محمد رؤوف باشا، وتولى المحامى الإنجليزى «برودلى» الدفاع عن عرابى ورفاقه من قادة الثورة، ويسجل وقائع المحاكمة ودفاعه فى كتابه «كيف دافعنا عن عرابى وصحبه؟»، موضحا فيها كيف تولدت فكرة المصالحة بإلغاء عقوبة الإعدام، ويكون النفى بدلا منها.
 
تولى «برودلى» الدفاع عن عرابى بترشيح من صديق عرابى المقرب، الإنجليزى «بلنت»، ومؤلف كتاب «التاريخ السرى للاحتلال الإنجليزى لمصر»، ويكشف فيه أسرارا كثيرة بينها محطة علاقته الشخصية مع عرابى وإعجابه الشديد به.. يتذكر «برودلى»: «كانت تفاصيل المصالحة على الوجه التالى: كل الاتهامات الموجهة ضد الباشاوات: أحمد عرابى، محمود سامى البارودى، طلبة عصمت، على فهمى، عبدالعال حلمى، يعقوب سامى، محمود فهمى، فيما عدا العصيان البسيط ستسحب، وسيستدعون للمثول أمام المحكمة العسكرية بتهمة العصيان البسيط الذى بموجبه سيعترفون بأنهم مذنبون».
 
فى سيناريو المصالحة كان سيترتب على اعتراف المتهمين بأنهم مذنبون، عقوبة جديدة، يذكرها برودلى قائلا: «كان من المفروض أن تسجل عقوبة الإعدام فى هذه الدعوى، بيد أن المرسوم المعدل للعقوبة هو النفى من مصر، ومن المفروض أن يُقرأ على الفور، وسيفقد المسجونون رتبهم وأملاكهم، بموجب مراسيم لاحقة، ولكن لن تصادر أملاك زوجاتهم، وعلى المسجونين أن يتعهدوا بالتوجه إلى أية جهات من الممتلكات البريطانية المحددة لهم، ويبقون فيها حتى يسمح لهم بمغادرتها، ونتيجة لمصادرة أملاكهم ستتكفل الحكومة المصرية بتخصيص راتب مناسب لإعانة السبعة المسجونين وعائلاتهم فى المنفى، وستتكفل الحكومة المصرية بنفى المنفيين على نفقتها الخاصة إلى البلد المحدد لهم الإقامة فيه».
 
يؤكد برودلى: «قبل شروط المصالحة، كان هناك شيئان ضروريان، هما استشار 
«مسيو بلنت» «صديق عرابى المقرب»، تلغرافيا ثم الحصول على موافقة موكلينا أنفسهم».. يعلق مندهشا : «المعروف أن الحفاظ على أى شىء سرا فى بلد شرقى، يكاد يكون أمرا مستحيلا، ولكن مما يبعث على الدهشة خلافا لهذه القاعدة، أنه لم يكن هناك أكثر من شك فى أن شيئا غير عادى يحدث وتفوح منه رائحته فى مصر ما بين 27 نوفمبر 1882 وأول ديسمبر،عندما لقى المشروع الموافقة التامة من كل الأطراف».
 
يكشف: «فى 29 نوفمبر 1882، بعد ترو مناسب، بعث إلينا مستر بلنت بموافقته على المصالحة، وطلب منا أن نتذرع بحسن التصرف الكامل بالنسبة للأسلوب الذى سنتبعه، لقد أحس معنا أنه لا يمكن فى الوقت الراهن التوصل إلى شروط أفضل، وفى ثقة ترك التبرئة التامة لعرابى، للتاريخ وللحكم الهادى فى المستقبل».. يؤكد: «حتى هذه المرحلة المتقدمة من المفاوضات لم يكن عرابى أعد نفسه لمحاكمته، ويبدو أنه كان ينتظر المحاكمة بدون أدنى خوف.. كان قلقه الرئيسى هو على مصير من كان يدعوهم «إخوانه فى الأسر».
 
ذهب «برودلى» لمقابلة عرابى لبحث المصالحة معه.. ينقل أجواء المقابلة بكل ما فيها من دراما يكشف سمات إنسانية عميقة ونبيلة فى شخصية عرابى.. يتذكر  «برودلى»، أنه توجه إلى مقابلة عرابى فى زنزانته بالسجن يوم 29 نوفمبر، مثل هذا اليوم عام 1882.. يؤكد: «فى بضع كلمات موجزة ما أمكننى ذلك، شرحت له الاتجاه الذى اتخذته الأمور،وذكرت له باختصار شروط المصالحة المقترحة،بدا عليه بعض الذعر فى أول الأمر، لم يبد بكل تأكيد أى مزيد من الحماس يوحى برضاه عن أى ترتيب اتخذ، اعترف صراحة بأنه كان يفضل المحاكمة، إذ كان يريد أن تعرف كل أوروبا بقصته، وأن يواجه متهميه وجها لوجه فى محاكمة علنية».. ينقل «برودلى» عن عرابى، أنه تساءل: «ألا يمكن للضوء الذى يلقى الآن على الشؤون المصرية أن تمهد السبيل إلى الإصلاحات التى فشلت أجهزته فى تحقيقها؟.. يضيف: «ثم شرحت له بعد ذلك مخاوفى من احتمال عدم توسط إنجلترا لو أن المحكمة المصرية حكمت عليه بالسجن طويل الأجل، فأجاب: هذا صحيح، أننى أعرف تمام المعرفة أن مصيرى أنا وحدى يتوقف على إنجلترا»، وكان تفكيره الذى أعقب ذلك هو فى صحبة المسجونين، وقال متسائلا: 
 
لو أننى قبلت هذه الشروط التى تتحدث عنها، ماذا سيكون مصير إخوتى المسجونين؟.. أخبرته بأننى لا أشك فى أنهم سيكون لهم نصيب فى الرأفة التى سيظهرونها نحوه، ومرة أخرى تردد، ثم قال متسائلا: «كيف يمكننى أن أقول أنا عاص؟، واستطرد: هل يمكنهم أن يدعونى عاصيا لامتثالى لإرادة الشعب المصرى؟، يعلق «برودلى»: «إن إجابة منطقية عن هذا السؤال كان من الصعب الإدلاء بها، لاحظت فقط أنه هو نفسه «عرابى» قد أقر بأن مصيره يتوقف فحسب على إنجلترا.
 
كيف أجاب برودلى على سؤال عرابى: كيف يمكننى أن أقول أنا عاص؟، وكيف تواصل باقى لقائهما».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محامي شيرين يطالب وزير الثقافة ونقابة الموسيقيين بإنقاذها بعد أنباء عودتها لحسام حبيب

الأهلى ضد غزل المحلة.. موعد المباراة والقناة الناقلة فى الدوري المصري

التحريات: تاجر مخدرات وراء قتل طفل والتخلص من جثته فى منطقة كرداسة

ثنائية الزمالك فى مودرن سبورت على مائدة يورتشيتش لإيقاف نزيف نقاط بيراميدز

واقعة لاعبة الجودو دينا علاء.. هل تلقت القتيلة 3 رصاصات من الزوج لتفدى أطفالهما؟


ألفينا ومصطفى شلبي يدعمان "تشكيل الجولة" بالدوري المصري في غياب الأهلي

محمد صلاح يزين قائمة أوفياء الدوري الإنجليزي قبل مواجهة نيوكاسل

حقيقة "الثقب الأسود" فى الهرم.. مصدر بـ"محافظة الجيزة" يكشف تفاصيل جديدة

مانشستر سيتي يعلن تجديد عقد روبن دياز 4 سنوات

الزمالك يزاحم المصري بالقمة.. اعرف ترتيب دوري نايل بعد نهاية الجولة الثالثة


رغم أحزانه.. محمد الشناوى يظهر فى مران الأهلى الجماعى

فحص طبى ينتظر أحمد حمدى اليوم فى الزمالك لتحديد مصيره من مباراة فاركو

تنسيق الشهادات المعادلة.. لن يعتد بتسجيل الطالب بموقع التنسيق ما لم يتقدم بأصول الورق

عودة الأهلي.. مواعيد مباريات الجولة الرابعة لمسابقة الدوري المصري

السادسة مساءا موعد مران الزمالك اليوم بالكلية الحربية لبدأ الاستعداد لفاركو

عدم التئام الكتف يؤجل موعد عودة إمام عاشور للمشاركة في مباريات الأهلي

القاهرة تدرس غلق شوارع بوسط البلد ومصر الجديدة وتخصيصها للمشاة فقط.. المحافظ: شارع إبراهيم باشا بالكوربة الأبرز وإنشاء اتحاد شاغلى الشوارع للحفاظ على العقارات التراثية.. و"الخديوية" تشهد تكرار نماذج شارع الألفى

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

اتحاد الكرة يحسم مصير السوبر المصري الأسبوع المقبل

باريس سان جيرمان يستضيف أنجيه في افتتاح الجولة الثانية من الدوري الفرنسي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى