مهرجان القاهرة السينمائى.. فيلم "It Must Be Heaven" المقاومة على طريقة تشارلى تشابلن وباستر كيتون.. المخرج إيليا سليمان يفجر الضحكات ويقدم رؤية سينمائية بليغة لواقع مرير متخذا السخرية كأداة لرصد الفوضى والعبث

المخرج إيليا سليمان
المخرج إيليا سليمان
علي الكشوطى

بلغة سينمائية بليغة وألق شديد قدم المخرج الفلسطيني إيليا سليمان فيلمه الجديد It Must Be Heaven، " إن شئت كما فى السماء"، المشارك فى القسم الرسمى خارج المسابقة بـ مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ41 والذي عرض علي المسرح الكبير، بدار الأوبرا المصرية.

CbMRkZWDs0qxuAx64OR80g
 

 

It Must be Heaven Rectangle Productions
 

 

it_must_be_heaven-publicity_still-h_2019
 

 

ItMustBeHeaven
 

بجراءة بارعة خطف المخرج إيليا سليمان جمهور الفيلم من المشهد الأول، حيث رصدت كاميرا سليمان مشهد مهيب لمجموعة من المسحيين يرتلون تراتيل دينية يقودهم قس يمتلك الكثير من الوقار والهيبة بملابسة التي تضفي مزيدا من الرسمية علي ذلك المشهد المهيب، يأخذهم القس في طريقهم لفتح باب حديدي من المفترض أنه يفتح بإرادة الرب يطرق القس الباب منتظرا أن يفتح الرب الباب بمشيئته إلا أن العامل الخفي المفترض أن يفتح الباب من الداخل استكمالا لهذه الصورة المهيبة يرفض فتح الباب ويطلب من القس الانصراف وعلي ما يبدو أنه مخمورا، ودون الالتفات إلي الحرج الذي يضع فيه القس والرب في ذات الوقت يرفض فتح الباب علي طريقة "فوت علينا بكرة" ليتخلى قس علي ملابسه المهيبة ويدخل من باب جانبي يلقنه ضربا مبرحا لا نراه فقط نسمع صداه، وهو بكل تأكيد المشهد الخاطف الذي استحوذ من خلاله سليمان علي حواس الجمهور واظهر فيه رفضه للكنيسة وما يدور داخلها من وهما حسبما يراه صانع الفيلم.

3LYqRI4f0UOXWL0cJYcxlg
 

 

97892
 

 

1793210
 

 

203266025846120c21ae5bba4bf6fec8
 

إقدام إيليا سليمان علي أن يكون هو مخرج الفيلم وصاحب السيناريو وبطل العمل، جراءة كبيرة ولكن التحدي الأكبر الذي يؤكد علي أننا أمام مخرج واثق من أدواته هو أن العمل بالكامل لا يوجد به سوي بضعة كلمات تخرج علي لسان إيليا ومن حوله وهو الفيلم الأشبه بالأفلام الصامتة علي طريقة تشارلي شابلن أو باستر كيتون ولكن بمزيد من المرارة وهو أمر يحسد عليه فكيف استطاع سليمان أن يفجر الضحكات وأن يعبر عن واقع العالم المرير الذي يتشابه مع بلده فلسطين معتمدا فقط علي تعابير وجه والرسائل التي يقذفها في وجه المشاهد تاركا له مهمة تفسيرها وتأويلها حسبما يتعاطي المتلقي مع هذه الرسالة.

 

It Must Be Heaven، نال تنويه خاص من مهرجان  كان السينمائي، إضافة لجائزة النقاد " FIPRESCI Prize " ولف مهرجانات عالمية منها شانغهاي وميونخ وتورونتو وبريزبن ولندن وغيرها، إلا أن عرضه في مهرجان القاهرة لجمهور مصري عربي فلسطيني وغيرها من الجنسيات من المؤكد له مذاق مختلف فتعاطي الجمهور مع العرض داخل المسرح اضفي الكثير من المتعة واكدت علي معني هام جدا وهو أن المقاومة قد تكون من خلال الضحكة، وهو ما نجح فيه سليمان فطوال الفيلم لم نري ما اعتدنا علي رؤيته في الأفلام التي تتناول القضية الفلسطينية فلا طلقة ولا نقطة دم ولا بكاء وعويل، فقط الضحك والجمل الحوارية التي تتكون من كلمة أو كلمتين في الأغلب، وهو ما اعطي  فيلم سليمان مزيدا من الخصوصية والتفرد.

 

نجح فيلم It Must Be Heaven أن يعبر عن واقع مرير حيث خرج إيليا سليمان من المفهوم الضيق لفكرة الإحتلال إلي أوجه الشبه بين العالم كله وبين فلسطين المحتلة، فكل مكان زاره بالفيلم سواء فرنسا ونيويورك هما ايضا محتلان بطريقة أو بأخري.

itmustbeheaven_0HERO
 

 

maxresdefault (1)
 

 

maxresdefault
 

يناقش إيليا بالفيلم العديد من القضايا العبثية ويتناول الفوضى والتناقض الذي غرق فيه العالم، من خلال رحلته لصنع فيلم والبحث عن تمويل لفيلم يتناول القضية الفلسطينية ولكن من منظور مختلف فتجد من هو متحمس للعمل ولكن لا يقبل انتاجه ومن يدعي الانفتاح ويتجاهل النظر حتي لمضمون هذا الفيلم الذي يحاول سليمان تقديمه داخل سياق الفيلم.

 

اتخذ سليمان من السخرية أداة للمقاومة وكما كان يفعل تشارلي شابلن يفجر الضحكات في أحلك الظروف والمواقف، فالمشاهد للعمل يجد أن سليمان تناول القضية الفلسطينية واوجه التشابه بين ظروفها وظروف دول العالم، والشذوذ الجنسي، وأزمة الانتاج السينمائي والمصاعب التي تواجه صانع الأفلام، تعاطف المواطنين مع فلسطين وطريقة تعاطي الشرطة مع ذلك خاصة في المشهد الذى نطق فيه إيليا سليمان للمرة الأولي في الفيلم بعد تقريبا مرور ثلثين العمل، حيث جلس إيليا في تاكسي نيويورك يتلقي نظرات مريبة من سائق التاكسي الذي يحاول أن يتعرف علي جنسية هذا الراكب فيتجرأ ويسأله فيجيب سليمان من "الناصرة" فلسطين ليفاجئ الجمهور برد فعل السائق الذي يتعامل مع الراكب وكأنه وجد ضالته في شخص معبرا عن سعادته عن رؤيته لرجل فلسطينى باعتباره أمر نادر أن يظل الفلسطيني فلسطيني ولا يتحول إلي جنسية أخري أو يخفي جنسيته ويبوج بجنسية بديلة لدولة احتضنته.

MV5BOTU1YWQzZDYtNGFhYy00MjFkLTkyMWQtNTY1NWNiNmI4ZmU1XkEyXkFqcGdeQXVyNjgzMjQ0MTA@._V1_
 

اختيار سليمان لموسيقي الفيلم والأغنيات التي ضفرها في سياق العمل لا تقل قيمة عن كل لقطة أو مشهد قدمه بالعمل، فكل أغنية لها مغنى خدم مقاصد العمل الذي أشبه بلوحة كلما جلست امامها ايقنت قيمتها وتفردها.

 

من بين المشاهد التي يجب أن نتوقف لديها هو المشهد الذى دخل إلي غرفة إيليا فيه عصفور مرهق، احتضنه سليمان وسقاه وراعاه، إلا أن العصفور استرد صحته وأصبح له متطلبات وصار مصدر ازعاج له شخصيا لذا يقوم إيليا بطرد العصفور، في إشارة للفلسطيني الذي تحتضنه الدول ولكنه عندما يصبح لديها متطلبات كمزيد من الحرية كدعم لقضيته يكون مصيره هو مصير نفس العصفور ربما في أغلب الأحيان.

 

مشهد آخر يجب أن نقف أمامه هو المشهد الذي صور فيه حالة الرعب الذي يعيش فيه العالم للدرجة التي وصل فيها الحال ليحمل الطفل السلاح بدلا من أن يحمل لعبته، الوقت الذي تحمل فيها الأم الرشاش إلي جانب شنطة الخضار والفاكهة في إشارة لفقدان الأمان والخوف من بعضنا البعض.

 

MV5BY2U1YWQxNzMtMTJmMy00NDk1LTk4ZWUtODEzOGY0YTZmYjBhXkEyXkFqcGdeQXVyNTc2OTczMjQ@._V1_SY1000_CR0,0,859,1000_AL_
 

 

مثلما بدأ سليمان الفيلم بمشهد خاطف أنهي فيلمه أيضا بمشهد يستدعي التفكير والتأمل فبعد رحلة فاشلة لم يصل فيها إلي مراده يعود إيليا سليمان للناصرة من جديد يجلس في بار الضوضاء والأضواء من كل مكان يجلس سليمان يحتسي مشروبه ويتأمل فيما يراه، مشهد واسع لشباب من الجنسين بينهم مثليين يرقصون بشكل صاحب وكأن أرجلهم ليست علي الأرض علي انغام أغنية "عربي انا" تلك الأغنية الشهيرة التي اعتقد الجمهور وقت صدورها أنها أغنية تتحدث عن العروبة ومعاناه، لكنها خرجت بشكل اخر بعيدا عن ذلك المعني وأصبحت أغنية راقصة تتراقص عليها الفتيات والشبان وهو ما حرص علي إبرازه إيليا ليختم فيلمه بهذا المشهد وهو جالسا يتأمل كل معاني كلمة "عربي أنا" بما تحويه من معني وما ألت إليه الأمور.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ابنا فضل شاكر وعاصى الحلانى يحييان حفلًا غنائيًا فى لبنان

لمسة الأبطال.. محمد صلاح ضمن قائمة ملوك الحسم في تاريخ الدوري الإنجليزي

سيدة استولت على أموال الشباب بزعم العمالة بالخارج والجهات المختصة تباشر التحقيق

"الأوقاف" تفتتح 21 مسجدا اليوم الجمعة ضمن خطتها لإعمار بيوت الله عز وجل

جريندو يقترب من قيادة هجوم غزل المحلة أمام سموحة


مواعيد مباريات اليوم الجمعة 15-8-2025 في ملاعب العالم والقنوات الناقلة

منتخب السلة راحة اليوم ببطولة الأفروباسكت لكرة السلة

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل لاعبي البريميرليج وفق تصنيف سكاي سبورتس

باكستان تعلن إنشاء "وحدة صاروخية" جديدة لتعزيز قدرات بلاده العسكرية

جدول ترتيب الدورى الممتاز الخميس 14 أغسطس 2025.. المصرى يتصدر


زوجة تلاحق زوجها بدعوى حبس بسبب 200 ألف جنيه.. التفاصيل

رئيس شركة Skydance: فيلم Top Gun 3 لـ توم كروز أولوية الشركة

تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك ينهى أزمة مستحقات البرتغالى جوزيه جوميز بالتراضى

محمد الشناوي مرشح لحراسة عرين الأهلي أمام فاركو غداً في الدوري

مواعيد عرض "بتوقيت 2028" ثانى حكايات مسلسل ما تراه ليس كما يبدو

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى

الشوط الأول.. تقدم ناشئى اليد على إسبانيا 15-13 فى ربع نهائي بطولة العالم.. صور

رغم جاهزية اللاعب .. إمام عاشور خارج مباراة الأهلى وفاركو

7 سيارات إطفاء تحاول السيطرة على حريق بمصنع بلاستيك بالقناطر الخيرية

طقس شديد الحرارة غدا ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 درجة وأسوان 49

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى