طارق الحريرى يكتب: يوميات المترو (5).. فوبيا فى محطة الأوبرا

مترو الأنفاق
مترو الأنفاق

محطة مترو الأوبرا من الخط الثانى منتهى الفخامة، منتهى الشياكة، تتزين بصور غاية فى الإبداع والجمال من فنون الحضارة المصرية القديمة، وما أجملها صورة العازفات، التى أعيد رسمها على جدران المحطة من الداخل، هذه المحطة هى الأكثر عمقا بين كل محطات المترو فى خط شبرا المنيب، لأنها تقع فى المسافة بين فرعى النيل، يتطلب الوصول إلى الرصيف نزول أربعة طوابق تحت الأرض، والمحطة دائما نظيفة وهادئة، عدا فى الأيام التى يفتح فيها الملعب لجمهور النادى الأهلى ذا الشعبية الطاغية عند تدريب فريق كرة القدم.

الأوبرا ملاصقة لهذه المحطة لذلك جمهورها فى الغالب نخبوى، وتمتلتئ الساحة الخلفية للأوبرا بالكافيهات، لوجود المجلس الأعلى للثقافة ومسرح الهناجر ومركز الإبداع، وأكثر روادها من الشباب وأكثرهم يستقلون المترو الأقرب والأسهل والأرخص.

تأهبت لمغادرة مقهى المجلس الأعلى للثقافة الأرخص بين كافيهات المنطقة فى رحلة العودة بالمترو، كنت قد جلست لاحتساء القهوة للراحة وتجديد النشاط، بعد جولة لشراء كتب من إصدارات المركز القومى للترجمة والمجلس الأعلى للثقافة، وتصادف أن نهض فتى وفتاة تحركا فى اتجاه المترو معى، كنت أسير على مهل بسبب شيلة الكتب، وهما يسبقانى بمسافة صغيرة، لايحثان الخطى كعادة العشاق، يتحدثان فى تناغم وصوت خفيض والفتاة تتأبط ذراعه.

سبقانى فى الحصول على التذكرة، لاحظت بعد انصرافى من شباك التذاكر أن الفتاة تقف متشبثة ملتصقة به أمام السلم المتحرك، تقدمت ببطئ حتى لا أحرجهما ظنا منى أنهما فى أحدى لحظات الغرام، مع اقترابى أكثر اكتشفت أن الفتاة فى حالة رعب خائفة من النزول على السلم، الشاب يحايلها حتى تتغلب على خوفها وهو يطمئنها مؤكدا لها أنه سوف يسندها يديه إذا اختل توازنها على السلم، ومرة والتانية حاتنزل فيهم معاه بعد كده حيبقى الموضوع عادى جدا، لكنها صرخت وتشنج جسمها وهو يحاول جذبها نحو السلم

- لو دبحتنى يامصطفى أنا مش حنزل على السلم ده

- طب إسمعى إيه رأيك أشيلك زى العروسة فى ليلة الدخلة وانزل بيكى السلم.

- مستحيل.

- مستحيل ليه.

- خايفة.. خايفة.. مش فاهم يعنى إيه خايفة.

- اسمعى على أسوأ تقدير لو وقعتى مش حتموتى.

- لكن ممكن إتكسر.

- يابنتى أنا جنبك وحخلى بالى جدا عشان ماتقعيش.

- أبدا.. لو ما سبتنيش أنزل على السلم العادى حاسيبك واخرج من المحطة أروح فى تاكسى لوحدى.

- كده برضه.. عايزة تطلعينى عيل قدام أهلك.. يقولوا ساب خطيبته.. وهما موصينى عليكى وقاللوى خلى بالك عليها دى بتلوص من أقل حاجة.

تنبه الشاب لوجودى خلفهما.. كلمنى بنبرة اعتذار مفسحا لى لأتمكن من النزول، وسحبها بعصبية للنزول على السلم العادى، كانت كمن ردت فيها الروح، وهى تقفز هبوطا على درجات السلم العادى، كانا متوقفين عن الكلام واستمرا هكذا حتى وصولهما إلى الرصيف، المحطة شبه خالية، وعندما جلسا على مقربة منى صامتين، بدأ بالكلام منفعلا:

- اسمعى يا بنت الناس الدنيا كده صعب.

- إيه اللى صعبها بس.

- هو اللى بتعمليه ده قليل.

- ياسيدى ابقى انت انزل واطلع على سلم الكهربا وانا أنزل واطلع على السلم العادى.

- ياريتها جت على سلم المترو بس.

- انت بتعايرنى عشان انا خوافه شوية.

- الشويه بتوعك بيلخبطوا الدنيا آخر لخبطة.

- إزاى يعنى؟ هو تلكيك يامصطفى.

- ( بعصبية) مش تلكيك يامايسه.. انتى عندك فوبيا من السلم المتحرك والأسانسير و

- (قاطعته) تانى الأسانسير.

- أعمل أيه ما انا شقتى فى الدور الحداشر.. لو انتى حامل حتطلعى وتنزلى ازاى.. ولو لا قدر الله عيانه حاتروحى للدكتور إزاى؟

- ما انا قولتلك بيعها ودور على شقة فى دور أول ولا تانى.

- بلاش الأسانسير.. إحنا روحنا الملاهى خفتى تركبى المراجيح.. دا إنتى أترعبتى من أتفه مرجيحه بتاعت عيال صغيره.

- دا انت معبى بقى.

- لا مش معبى.. بس انتى فكرتينى كمان بفوبيا القطط والكلاب.

- دا عشان انت غاوى كلاب.

- ليه.. وهو احنا لما رحنا اسكندرية مش خفتى تنزلى الميه حتى فى حته ضحله بيلعب فيها الأطفال.. نروح الهرم تخافى تركبى الجمل أو الحصان.. كل مشوار ليكى فيه فوبيا

(صمت طويلا)

- إيه هو أنا حاتجوز ميس فوبيا.. والله دا حرام.. صعب صعب صعب.. صعب بجد.

- يعنى كنت بتمثل عليا الحب أيام الجامعة.

- ما كنتش اكتشفت الفوبيا المتفشية اللى عندك.

- مش قلتلك انت بتتلكك.

- اعتبرى الكلام زى ما إنتى عايزة تعتبريه.. أنا زهقت من الأوضاع دى.

- وإيه اللى يزهقك.. عليك من دا بإيه..

- انتى بتقولى فيها هو ده الصح.

- دا انت جاى ناويها بقى.

- ليه هو انا كنت بنجم عشان اعرف أن عندك كمان فوبيا من السلالم المتحركة.. دا إيه الغلب ده.

تركته منفعلة مهرولة مع دخول المترو إلى المحطة، أصابنى الرعب أن تلقى بنفسها تحت عجلاته، لكنها فى حقيقة الأمر كانت متجهة إلى إحدى عربتى السيدات، بينما صعد مصطفى مقطبا أمامى فى إحدى العربات الأخرى.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تخفيضات 50%.. تعرف على أسعار اشتراكات القطار الخفيف

الأهلي يُخمد نيران 5 نجوم خوفاً من "فتنة الدكة".. اقرأ التفاصيل

استمرار تصفيات مسابقة "دولة التلاوة" بالتعاون بين الأوقاف والشركة المتحدة

آدم يحيى حفلاً غنائياً فى مهرجان قرطاج الليلة

الزمالك يعود للتدريبات الجماعية اليوم استعدادًا لمواجهة مودرن سبورت


ترامب: استعادة القرم وعضوية الناتو أمران غير واردين لأوكرانيا

تخفيضات الأوكازيون الصيفي 2025 تنتشر فى الأسواق للأسبوع الثالث

حلم كأس العالم 2026 مع منتخب البرازيل يعيد نيمار للحياة فى سانتوس

ليلة فى حب ياسين التهامى.. الجمهور يتفاعل مع الشعر الصوفى وقصائد المديح النبوى والابتهالات في الدورة 33 لمهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. والموسيقار عمرو سليم يعزف أجمل موسيقى أغنيات نجوم الزمن الجميل.. صور

أتلتيكو مدريد يتلقى خسارة قاتلة أمام إسبانيول في الدوري الاسباني.. فيديو


موعد مباراة الأهلي وغزل المحلة فى الدوري المصري والقناة الناقلة

فييرا: الزمالك يحتاج صفقتين خبرة وألفينا رائع والمال سبب انتقال زيزو للأهلى

غزل المحلة: حق رعاية إمام عاشور 120 ألف دولار لـ3 أندية واتحاد الكرة مالوش دعوة

سيف زاهر: محمد هانى قال لى معروف كان يتعامل بعصبية مع اللاعبين وتفاجأت بالطرد

زلزال بقوة 5.8 درجة على مقياس ريختر يضرب الجزائر

متحدث الصحة عن خطف الأطفال وسرقة أعضائهم: "مجرد أساطير بلا أساس علمي"

محمود سعد: أنغام تعانى من ألم شديد والأكل فى تراجع ومفيش كلام عن موعد خروج

رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطة احتلال غزة .. تعرف على مراحلها

مصور واقعة "مطاردة فتيات الواحات" يكشف كواليس لم ترصدها كاميرا هاتفه

نجل تيمور تيمور يتقبل واجب العزاء فى والده وريهام عبد الغفور وعمرو سلامة أول الحضور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى