جونسون يراهن على موسكو قبل "بريكست"

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بقلم بيشوى رمزى

فى الوقت الذى تجاهر فيه الحكومة البريطانية بالعداء تجاه روسيا، يبقى انتصار حزب المحافظين بزعامة بوريس جونسون بالأغلبية المطلقة فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة خبرا سعيدا للرئيس الروسى فلاديمير بوتين، خاصة أن بقاء جونسون يمثل اللبنة الأولى فى انهيار الاتحاد الأوروبى، والذى طالما كان بمثابة الشوكة فى خاصرة موسكو، عبر توسعه الدائم فى مناطق الجمهوريات السوفيتية السابقة، والتى تمثل عمقا استراتيجيا وتاريخيا لروسيا.

إلا أن مسألة الخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى لا تمثل السبب الوحيد وراء سعادة بوتين بانتصار جونسون المدوى، حيث يبقى بقاء روسيا "القوية" رهانا بريطانيا، رغم الدعاية العدائية التى ترفعها الحكومات البريطانية، منذ حقبة رئيسة الوزراء السابقة مارجريت تاتشر، والتى تلقب بـ"المرأة الحديدية"، والتى كانت المناوئة الأكبر للشيوعية السوفيتية، منذ ما قبل صعودها إلى السلطة فى السبعينيات من القرن الماضى، إلا أنها بالرغم من ذلك كانت تؤمن بأهمية بقاء الكيان الشيوعى لتحقيق قدرا من التوازن الدولى، وللاحتفاظ بمكانة لندن الدولية على حساب أقرانها الأوروبيين.

رؤية تاتشر تجلت بوضوح فى لجوئها إلى الزعيم السوفيتى الأخير ميخائيل جورباتشوف، حتى يتدخل لمنع سقوط حائط برلين، بينما سعت للوساطة بينه وبين الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان، لإنهاء الصراع، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لإيمانها بأن سقوط الاتحاد السوفيتى، وبداية عصر الأحادية القطبية، هو بمثابة إعلان عن نهاية النفوذ البريطانى، لصالح قوى أوروبية أخرى، وعلى رأسها ألمانيا التى صارت أكثر تأثيرا بعد توحيدها.

ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، مازالت روسيا رهانا بريطانية لاستعادة مكانتها، وهو ما يبدو فى حرص رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماى، ومن بعدها جونسون على التلويح من جديد بفزاعة موسكو، لإجبار الغرب الأوروبى على الالتفاف حول لندن، فى الوقت الذى تثور فيه المخاوف جراء "عزلة" بريطانية محتملة فى محيطها الجغرافى، فى أعقاب الخروج من أوروبا الموحدة.

فلو نظرنا إلى قضية العميل الروسى المزدوج سيرجى سكريبال، والذى اتهمت فيها ماى روسيا بالتورط فى تسميمه، فى العام الماضى، هو بمثابة محاولة خجولة لحشد الأوروبيين، أو بالأحرى المعسكر الغربى بأسره، ورائها، فى محاولة لتجاوز ما يمكننا تسميته بـ"الجرح الأوروبى" الناجم عن بريكست، وهو الدرب الذى تواصله حكومة جونسون، عبر اتهامها الأخير لروسيا بانتهاك المجال الجوى لأستونيا، وهى المحاولات التى تمثل رهانا بريطانيا صريحا على "الفزاعة" الروسية لإجبار أوروبا على الدوران فى فلك لندن.

وهنا يمكننا القول بأن بقاء روسيا، واحتفاظها بقدر من قوتها، يمثل ورقة بريطانية رابحة، لمناورة عمقها الاستراتيجى، فى ظل رغبة لندن فى الاحتفاظ بأكبر قدر من المزايا الأوروبية فى مرحلة ما بعد "بريكست"، وهو ما بدا فى الزيارة التى قام بها جونسون مؤخرا لقواته فى أستونيا، فى محاولة صريحة للتلويح بأهمية الدور الذى تلعبه بلاده فى خدمة الأهداف القارية، رغم الخروج من الاتحاد الأوروبى، ربما فى محاولة لابتزاز قادة القارة العجوز قبل الخطوة التاريخية التى سوف تتخذها لندن خلال الأسابيع المقبلة.

 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المتحدة للخدمات الإعلامية تهنئ المخرج شريف سعيد بفوزه بجائزة نجيب محفوظ

فرصة أخيرة للفنان محمد رمضان بعد تأييد حبسه عامين بسبب أغنية رقم 1 يا انصاص

حكاية مكالمة حزينة جمعت عبد الحليم حافظ وأم كلثوم قبل وفاة الأخيرة

القصة الكاملة لأزمة الزمالك مع محمد أشرف روقا

بعد مصرع نيفين مندور.. حوادث مأساوية أنهت حياة فنانين بعيدا عن الكاميرا


أبرد الفصول.. الشتاء يبدأ رسمياً الأحد المقبل ويستمر 88 يوما و23 ساعة

شرط محمد صلاح للبقاء مع ليفربول بعد أزمة سلوت

الأربعاء.. 18 فبراير أول أيام شهر رمضان فلكيًا

ليفربول يبلغ وكيل محمد صلاح موقفه من رحيل الملك المصرى

على ماهر يعيد 5 لاعبين لتشكيل سيراميكا أمام الأهلى فى كأس عاصمة مصر


إعلان نتيجة الدوائر الـ30 الملغاة لانتخابات المرحلة الأولى لمجلس النواب غدا

ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول للنقل والشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية

150قناة عالمية تذيع مباريات كأس أمم أفريقيا 2025

الأهلي مهتم بضم محمد توريه لتدعيم هجومه في يناير

مواعيد مباريات اليوم.. باريس سان جيرمان مع فلامنجو ومان سيتي ضد برينتفورد

بعد مصرع الفنانة نيفين مندور.. خطوات لتجنب حرائق الشقق السكنية.. تعرف عليها

جار نيفين مندور يكشف تفاصيل مصرعها فى حريق منزلها بالإسكندرية

بدء الاقتراع بأول أيام جولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات النواب

الطقس اليوم الأربعاء 17-12-2025.. أجواء باردة وانخفاض بالحرارة وأمطار

زيادة 15٪ سنويا.. قانون الإيجار القديم يضع قواعد جديدة للأجرة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى