طموحات ماكرون.. ودروس بوتين

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

يبدو أن المظاهرات التى تشهدها المدن الفرنسية بين الحين والأخر منذ أكثر من عام، تمثل انعكاسا صريحا لحالة الارتباك التى يعانيها، الرئيس إيمانويل ماكرون، منذ اليوم الأول لدخوله إلى قصر الإليزيه، فى عام 2017، حيث رفع منذ ذلك الحين شعار "الإصلاح" على مسارين متوازيين، أحدهما فرنسى، بينما الأخر أوروبى، يقوم الأول على تحقيق الاصلاح الاقتصادى فى الداخل، من أجل إعادة بلاده إلى سابق عهدها كقوى اقتصادية مهمة على المستوى الدولى، بعد فشلا ذريعا تحقق على يد أسلافه، فى حين أن المحور الأخر يقوم على إصلاح الاتحاد الأوروبى، لتهيئته لقيادة باريس، والتى تسعى لاستعادة نفوذها الامبراطورى من البوابة القارية.

إلا أن المظاهرات الفرنسية المتواترة، والتى بدأت منذ شهر نوفمبر من العام الماضى، ربما تعطى صورة واضحة عن الفجوة الكبيرة بين طموحات ماكرون، من جهة، وإرادة الفرنسيين من جهة أخرى، وهو ما بدا فى المطالب التى رفعها المتظاهرون، وعلى رأسها خروج باريس من الاتحاد الأوروبى، وهو المطلب الذى يمثل انعكاسا لحقيقة مفادها أن رؤية ماكرون والشعب الفرنسى تبدو على طرفى النقيض.

ولعل الأزمة الحقيقية التى واجهت ماكرون منذ بداية صعوده إلى عرش الإليزيه، تكمن فى فشله فى تحقيق تطلعات الفرنسيين فى حياة أفضل، حيث لم تكن لها الأولوية فى أجندته، لصالح حلم قيادة أوروبا الموحدة، وخلافة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التى تمثل أبرز قيادات الاتحاد الأوروبى لأكثر من عقد من الزمان، وهو ما خلق حالة من الارتباك فى القرار السياسى، تجلت بوضوح فى تراجعه عن العديد من القرارات والمواقف، سواء فى الداخل أو الخارج، على رأسها تراجعه عن قراره الحكومى بفرض ضريبه على الوقود، وكذلك موقفه المتأرجح من الولايات المتحدة وروسيا، وأخيرا تجاه الناتو.

معضلة ماكرون أنه فشل فيما يمكننا تسميته بالانكفاء على الداخل، لتحقيق تطلعات الفرنسيين، قبل التفكير فى قضية النفوذ الدولى، استعادة الدور الفرنسى على الساحة العالمية، خاصة وأنه جاء بعد فشل ذريع لأسلافه، نجم عنه الإطاحة بهم جميعا مبكرا، حيث لم يتمكن أيا من الرؤساء الفرنسيين البقاء على عرش الإليزيه لأكثر من مدة واحدة، منذ حقبة جاك شيراك، والذى كان أخر الرؤساء الفرنسيين الذين حصلوا على حقبتين.

ماكرون لم يدرك ما سبق وأن أدركه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، عندما جاء إلى السلطة فى روسيا فى عام 2000، حيث جاء فى أوضاع مأساوية على أنقاض الامبراطورية السوفيتية، حيث اعتبر أن الأولوية لموسكو هى إعادة البناء فى الداخل، بينما يبقى الدور الدولى مرحلة أخرى، حيث لم يسعى مع بداية فترته إلى مناطحة الخصوم التاريخيين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة أو أوروبا الغربية، بينما كان مهادنا لهم إلى حد كبير، عندما فتح الأراضى الروسية أمام القوات الغربية، للدخول إلى أفغانستان فى 2001، فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر، بينما اكتفى بالاعتراض شفويا على الحرب على العراق فى 2003، دون استخدام حق النقض الفيتو فى مجلس الأمن.

وهنا يمكننا القول بأن بوتين أراد إعادة بناء امبراطوريته من الداخل، عبر بناء اقتصاد قوى، يقوم على استغلال ما تمتلكه بلاده من رصيد ضخم من الغاز، وكذلك لاستعادة الصناعات العسكرية، ليكون المدخل إلى استعادة الدور الدولى، وهو ما بدا مؤخرا فى نجاحه فى مزاحمة النفوذ الأمريكى فى العديد من مناطق العالم، وعلى رأسها دول أوروبا الغربية، والتى طالما لعبت دور الداعم لواشنطن فى صراعها التاريخى مع موسكو، عبر استخدام المصالح الاقتصادية لتكون منطلقا للتعاون، وتنحية الخلافات جانبا، ولو بصورة مرحلية، لتحقيق المصالح الروسية، فى الوقت الذى يبدو فيه ماكرون مرتبكا بين مصالح الفرنسيين فى الداخل، وطموحاته الدولية فى الخارج.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

عرض مسلسل "أزمة ثقة" على قناة ON بدءا من الأحد المقبل

الداخلية تكشف تفاصيل تعدى شخص على زوجة شقيقه فى الزقازيق بالشرقية

أخبار مصر.. الطقس غدا حار نهارا ونشاط رياح والعظمى بالقاهرة 35 درجة

"اليوم السابع" يحذر من تداول منشور مزيف لنشر أخبار وشائعات كاذبة وغير حقيقية

خيارات صعبة أمام ترامب بعد انتصار بوتين فى قمة ألاسكا.. CNN: لقاؤه بالرئيس الروسى أضر بصورة "صانع السلام" بقوة شخصيته.. دونالد قد يعود إلى الضغط على أوكرانيا وربما يلتزم برؤية موسكو لاتفاق السلام النهائى


جايين فى سباق نشد سوا.. اعترافات المتهم الثالث بواقعة مطاردة فتيات طريق الواحات

معرفش حد من المتهمين.. اعترافات المتهم الثانى بواقعة مطاردة فتيات طريق الواحات

الرئيس السيسى يؤكد أهمية إطلاق مبادرات وإنشاء مراكز متخصصة لإعداد كوادر مؤهلة

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يحاضر في مقرّ "التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب"

موعد مباراة مان يونايتد ضد آرسنال فى الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة


المواطن يصور والداخلية تتحرك.. الفيديوهات أداة لضبط الأمن.. الهاتف تحول لسلاح ردع: "اللي هيغلط هيتصور".. خبراء أمنيون: الفيديوهات فرضت انضباطا جديدا في الشارع وإشادة بصفحة وزارة الداخلية على مواقع التواصل

حاصرونا بـ3 عربيات وطلبوا منا نركن علشان نقعد معاهم..نص التحقيق بواقعة فتيات طريق الواحات

موعد المولد النبوى الشريف 2025.. ذكرى ميلاد خير البشرية

حكاية "حنان" من عضو بالجماعة الإرهابية إلى داعية إسلامية.. عاشت بين الولاء لتنظيم الإخوان ونداء الضمير حتى خرجت من الجماعة ليس رفضا للدين بل بحثا عن الدين الصحيح.. كاشفة عن أسرار من قلب اعتصام رابعة

محمد صلاح: علاقتي بـ فان دايك استثنائية.. ولحظة التتويج بالدوري لا تُنسى

اليوم السابع يعيد نشر أخر لقاء صحفى مع مدير التصوير الراحل تيمور تيمور وحديثه عن تحضيرات جودر.. والفرق بين الأعمال الـ 15 و30 حلقة.. وكيفية اختيار فريق التصوير والتعاون بين النجم ياسر جلال والمخرج إسلام خيرى

طلاب الثانوية العامة يبدأون امتحان مادة اللغة الثانية دور ثان

ريبيرو يضع شرطاً لعودة عمر كمال عبد الواحد لتشكيل الأهلي

مانشستر يونايتد يتحدى أرسنال فى أول قمة نارية بالدوري الإنجليزي 2025

تعملها وأنت فى البيت.. تعرف على أبرز 7 خدمات مرورية إلكترونية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى