التنمية البشرية ما بين الحق والباطل

دينا شرف الدين
دينا شرف الدين
دينا شرف الدين

هل تتفق معى عزيزى القارئ أن دورات التنمية البشرية التى من المفترض أنها شىء نافع ومفيد للفرد وبالتالى للمجتمع قد تحولت فى السنوات الأخيرة إلى عملية تجارية رابحة، وموضة من موضات العصر يتسارع الكثيرون ليشاركوا بها كى يكونوا مواكبين لتطورات ومستلزمات العصر الحديث، متغاضين عن التدقيق والتحقق من هوية وكفاءة هذا المدرب الذى يعبث بحالاتهم النفسية ويتلاعب بمشاعرهم واحتياجاتهم الاجتماعية والإنسانية كيفما يشاء!.

 

بداية أود أن أسجل موقفى تجاه موضوع التنمية البشرية بشكل عام ومدى أهميتها للفرد وللمجتمع، فهى بحق مهمة لتنمية قدرات الفرد الذاتية ورفع كفاءته العقلية والعلمية والاجتماعية والإنسانية، ومساعدة كل من يحتاج لتعزيز قدراته المهنية وزيادة ثقته بنفسه ومساعدته على التكيف والتواصل الاجتماعى إن كان غير قادر على هذا التكيف وتغيير بعض عاداته السلبية وشحنه بالطاقة الإيجابية التى تدفعه للانطلاق واختيار الطريق الذى يناسبه بالشكل المناسب اللائق.

 

أى أن التنمية البشرية تهدف لرفع كفاءة وتعزيز القدرات الذاتية لدى الشخص السوى، الذى يمتلك هذه القدرات لكنه غير قادر على استغلالها وتوظيفها بالشكل الصحيح لأسباب غير مرضية تتطلب بعض الدفع والمساندة، لكن لا ينطبق هذا التوصيف على الشخص الذى يعانى المرض النفسى، ففى هذه الحالة لا يلزمه مدرب التنمية البشرية بل الطبيب أو المعالج النفسى.

 

ولكن ما يحدث بالمجتمع الآن من عشوائية فى انتشار مراكز التنمية البشرية التى تعلن عن نفسها فى فرصة ذهبية لن تعوض وعرض محدود لأسعار الكورسات مع بعض الإغراءات بتغير حياة هذا الزبون (المتدرب) تغيراً جذريا، حيث تتحقق الأحلام وتنفتح الأبواب المغلقة وتتهافت الفرص عليه ليفوز بإحداها - إلى آخره من شعارات الوهم والإيحاء الذى يتلاعب هؤلاء به ليستغلون حاجة الشباب المحبط الذى قد يعانى البطالة وانعدام تكافؤ الفرص والواسطة وخلافه من المشاكل الاجتماعية - بجانب سوء الأحوال الاقتصادية الذى يدفع هؤلاء لليأس والإحباط، ويجعل من هذا الإعلان المنتشر هنا وهناك القشة التى يرى بها هذا الغريق منقذاً ليتعلق به!.

 

وفى غالبية الأحوال يقع هذا المسكين فريسة لشخص غير مؤهل تماما حاصل على لقب مدرب تنمية بشرية بدراسة كورس مدته (36 ساعة) ثلاثة أيام فقط لا غير حسب إعلانات إعداد المدربين المعتمدين تحت رعاية جامعة حكومية عريقة، لا أعلم إن كانت الجامعة قد سمحت لهؤلاء باستغلال اسمها فى هذه المهزلة أم أنها عملية نصب على جميع المستويات؟

 

ثم تستمر عملية التلاعب بالإيهام الذى يتخطى حدود الواقع ويرفع بشكل مبالغ فيه من سقف طموحات هؤلاء المخدوعين، ويفرش لهم الطريق بالورود ليتصور كل منهم أنه سينتهى من الكورس متجاوزاً كل العقبات منتهياً من كل المشكلات، متحولاً لشخص آخر ناجح متحقق ليفاجأ هذا المسكين بالواقع مرة أخرى، ويكتشف أن هناك من أوهمه بما لا طاقة له به، فينتكس انتكاسة أشد قسوة مما كان عليه وكان يسعى للخلاص منه!، وربما يعود مرة أخرى للبحث عن هذا الذى يبيع له الوهم ويحمل عنه أعباءه ومسببات إحباطه ولو بشكل مؤقت كالمسكن الذى لا يعالج ولا يشفى، كنوع من أنواع الهروب من الواقع الغير سعيد بالنسبة له!.

 

فى حين أن علوم التنمية البشرية هى أى علم يدرسه الإنسان لرفع كفاءته العلمية أو العقلية أو الاجتماعية أو الروحية، أى تطوير قدراته الذاتية التى يمتلكها بالفعل ليس تحميله ما يفوق قدراته الحقيقية .

 

فعلى سبيل المثال: من يدرس لغة جديدة أو يتلقى دورة تدريبية أو دراسة إضافية فى مجال تخصصه ليرفع بها من قدراته المهنية والمعرفية فهذا يعد تنمية بشرية .

 

نهاية.. أدعو وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالى لدراسة وضع علوم التنمية البشرية المتعددة بمراحل الدراسة المختلفة المدرسية والجامعية كما يحدث بدول العالم المتقدم، ليكون لها مركزية وجهة علمية رسمية موثوق بها وإدراجها بالشهادات الجامعية، لتكون متاحة للدراسة المستفيضة ويكون هناك متخصصون مؤهلون بعلوم التنمية البشرية بحق وبشهادة تعليمية ذات ثقة ومصداقية، لنقضى تماما على عمليات النصب والاستغلال الواسعة التى يحترفها الكثيرون تحت مسمى التنمية البشرية .

 

 

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سياسات واستراتيجيات تنقل ذوى الهمم من التهميش إلى الإنتاج.. الدولة تضعهم فى قلب خطة لتمكين اقتصادى يفتح لهم أبواب الأمل.. تدريب مهنى فى محافظة أسيوط وتسليم ماكينات بعد تقييم اجتماعى للتأكد من الاستحقاق.. صور

زوج ملاحق بـ34 دعوى قضائية أمام محكمة الأسرة لخلاف على مبلغ النفقة.. تفاصيل

بعد 42 يوما من الرحيل عن الأهلى.. على معلول يرفض عروض خليجية غير مقنعة

تعرف على كيفية الاستفادة من السجلات المدنية الذكية

مواعيد مباريات منتخب الناشئين فى كأس العالم قطر 2025


غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية

طلاب الهندسة الحيوية بالإسكندرية ينجحون فى تصميم ذراع روبوت بـ6 درجات حرية.. "6-DOF" يُستخدم كمساعد لأطباء الجراحة فى المستشفيات.. تنفيذه يكلف نحو 22 ألف جنيه.. وأعضاء هيئة التدريس يشيدون بالمشروع.. صور

مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل


زى النهارده.. هدف بشعار "غزل الملاعب" بين متعب وغالى فى مباراة الأهلى ودجلة

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

وسام أبو على يُخطر الأهلى بالانتظام فى التدريبات الإثنين رغم أزمة العروض

25 سيارة إطفاء تكافح حريق مصنع منظفات وكيماويات مدينة بدر

الهلال يفكر فى الانسحاب من السوبر السعودى

فات الميعاد الحلقة 21.. أحمد مجدي يرفض عرض محمد أبو داود حفاظًا على حضانة ابنته

ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف.. طاقم مصرى يصل الليل بالنهار لإنجاز المشروع.. المكينة تحفر 22 مترا يوميا والنفق حلقات خرسانية يتم تركيبها وتصنيعها محليا.. وهذه طرق تأمين العمال تحت الأعماق.. صور وفيديو

ننشر قوائم المرشحين لانتخابات مجلس الشيوخ عن دائرة محافظة أسوان

سر تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس.. مدير الحماية المدنية الأسبق يوضح

الدفع بـ4 خزانات مياه استراتيجية لإخماد حريق مصنع مدينة بدر.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى