بعد فضحه حربهم المزعومة ضد الإرهاب.. كيف يحاول بوتين كسر صورة "الغرب الإنسانى"؟..إعادة أطفال داعش لروسيا تكشف أكاذيب حقوق الإنسان التى تبناها المعسكر الغربى..ويقطع الطريق أمام محاولات إثارة نعرات طائفية بالداخل

الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
تحليل يكتبه - بيشوى رمزى

على الرغم من اللهجة الحادة التى يتبناها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تجاه مقاتلى تنظيم داعش فى كلا من سوريا والعراق، منذ قراره بالانغماس فى الصراع السورى، إلا أنه اتجه مؤخرا إلى إعادة عائلات مقاتلى التنظيم من النساء والأطفال من ذوى الأصول الروسية إلى بلدانهم، فى منحى يراه قطاع كبير من المتابعين مخالفا للنهج الروسى المتشدد تجاه الميليشيات المتطرفة، ليتخذ خطوة السبق من جديد بين نظرائه سواء فى أوروبا أو الولايات المتحدة فيما يتعلق بعودة أسر المقاتلين إلى أراضيهم، فى ظل مخاوف كبيرة من دول المعسكر الغربى من احتمالات قيام تلك العناصر بعمليات إرهابية قد تستهدفهم داخل بلدانهم فى المستقبل، وبالتالى فيعتبرون أن عودة تلك العناصر بمثابة تهديد أمنى.

 

 

الرئيس بوتين برر الخطوة التى اتخذتها بلاده بقوله بإن "الأطفال لم يختاروا الذهاب إلى منطقة الصراع، بينما نحن لا نملك الخيار لنبقيهم هناك إلى الأبد"، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول الأهداف التى تكمن وراء مثل هذه الخطوة التى اتخذتها موسكو فى إطار مواجهتها مع الغرب فى المرحلة المقبلة، فى ضوء تنامى الصراع مع الولايات المتحدة وحلفائها حول العديد من القضايا الدولية، وعلى رأسها الأوضاع الراهنة فى فنزويلا، بالإضافة إلى الانسحاب الأمريكى من معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، والتى أبرمتها واشنطن مع الاتحاد السوفيتى فى السنوات الأخيرة للحرب الباردة، وكذلك دعوات حقوق الإنسان التى كانت بمثابة منصة غربية لإطلاق صواريخ الانتقاد تجاه موسكو لسنوات.

نهج جديد.. بوتين يكسر صورة الغرب "الإنسانى"

ولعل النهج الروسى الجديد يحمل فى طياته بعدا إنسانيا لم تعتاده موسكو، منذ أن انتزعت زمام المبادرة فى الحرب على داعش على حساب دول المعسكر الغربى، عندما قرر الرئيس بوتين الاستجابة لنداء دمشق بالتدخل العسكرى فى بلاده للقضاء على الإرهاب، لتنجح القوات الروسية فى تكبيد الهزائم المتلاحقة لتنظيم داعش الإرهابى، وتحرير مساحات واسعة من الأراضى التى كانت بقبضته، بينما ألحقت فى الوقت نفسه "عار" الفشل بقوات التحالف الدولى، الذى تقوده الولايات المتحدة، بعد مهادنتها للميليشيات المتطرفة، وبالتالى فشلها فى تحقيق أى إنجاز يذكر فى مجابهة التنظيم المتطرف، لسنوات طويلة.

 

أطفال داعش
أطفال داعش

 

وهنا يمكننا القول إن الخطوة الروسية تهدف إلى الحصول على زمام المبادرة من جديد فى معركته مع الغرب، ولكن فى هذه المرة على الجانب الإنسانى، بعد سنوات من الانتقادات الغربية لموسكو بسبب ما أسموه بـ"الانتهاكات الوحشية" فى سوريا، فى إشارة إلى الهجمات التى خاضتها القوات الروسية ضد معاقل التنظيم المتطرف، ربما ليضفى وجها إنسانيا جديدا لروسيا، عبر إعادة الأطفال والنساء إلى بلدانهم من جديد، ووضعهم تحت المراقبة، وإعادة تأهيلهم من جديد للتعايش مع المجتمع، فى خطوة ربما تهدف فى الأساس إلى تكسير الصورة النمطية التى كثيرا ما حاول الغرب ترويجها سواء لنفسه باعتباره المدافع الأول عن حقوق الإنسان من جانب، أو فى تشويه صورة روسيا باعتبارها المسئول الأول عن الانتهاكات التى تشهدها سوريا من جانب آخر.

 

الأقلية المسلمة.. بوتين يقطع الطريق أمام محاولات إثارة النزعة الطائفية

إلا أن الخطوة الروسية لا تقتصر فى أهدافها على مجرد الانتصار على الخصوم الغربيين فى معركة حقوقية، أجاد الغرب استخدامها بامتياز لتأليب المجتمعات فى العديد من مناطق العالم، وإنما امتدت إلى قطع الطريق أمام الغرب إثارة النزعة الطائفية فى الداخل الروسى، خاصة وأن موسكو لديها أكثر من 25 مليون مسلم، حاولت القوى الغربية تأليبها على النظام الحاكم عبر استخدام الحروب الروسية على الجماعات الإرهابية سواء فى محيطها الجغرافى أو فى منطقة الشرق الأوسط، ليتحولوا إلى نواة من الغضب فى الداخل الروسى يمكن استخدامها فى المستقبل لمقايضة الرئيس الروسى.

 

مسلمو روسيا
مسلمو روسيا

 

وتعد دعوة السيدات اللواتى تورطن فى الانضمام إلى التنظيم المتطرف للعودة بصحبة أطفالهن إلى الوطن، والسماح لهن بالحديث فى الإعلام والمنتديات عن تجربتهن، بمثابة دليلا دامغا على استهداف مسلمى روسيا بالخطوة المثيرة للجدل، حيث يحاول تقديم رسالة مفادها أن حرب التى تخوضها موسكو تستهدف الإرهاب، وليس المسلمين، على عكس الدعايا الغربية المناوئة له، كما أنه فى الوقت نفسه يقدم العبرة والعظة وربما الردع لمن يفكر من الروس انتهاج طريق التطرف أو تهديد أمن البلاد فى المستقبل.

 

فضح الدعايا الغربية.. روسيا تدشن مفهوما جديدا للحرب على الإرهاب

ولعل الدور الكبير الذى لعبته روسيا فى القضاء على داعش ساهم بصورة كبيرة فى فضح الدعاية الأمريكية الأوروبية، والتى دارت لعقود طويلة حول حربهم المزعومة على الإرهاب فى العديد من مناطق العالم، خاصة وأن التدخلات الغربية ربما ساهمت فى زيادة معدلات الإرهاب، بينما كانت تهدف فى الأساس إلى تحقيق مصالحهم بعيدا عما كان يتم الإعلان عنه، وهو ما يبدو واضحا فى أفغانستان والعراق، واللذين عانيا كثيرا من جراء تصاعد أنشطة الميليشيات المتطرفة، بعد التدخل العسكرى الأمريكى فى كلا منهما.

 

المعسكر الغربى فشل فى رفع لواء الحرب على الإرهاب
المعسكر الغربى فشل فى رفع لواء الحرب على الإرهاب

 

إلا أن الدور الروسى بدا مختلفا إلى حد كبير فى سوريا، حيث دشنت موسكو مفهوما جديدا للحرب على الإرهاب، لا يقتصر على مجرد القضاء على الميليشيات المتطرفة، بينما تتحرك فى الوقت نفسه لرسم خارطة سياسية لمستقبل البلاد، بالتزامن مع خطوات من شأنها إعادة تأهيل أطفالها الذين تورطوا دون قصد فى الإنضمام لتلك الميليشيات، حتى يمكنهم التعايش مع المجتمع فى المرحلة المقبلة، لتقدم صورة جديدة للحرب ضد الإرهاب، لا تقتصر على الدور العسكرى، وإنما تحمل كذلك جانبا سياسيا يهدف إلى إعادة الحياة السياسية إلى طبيعتها فى الدولة محل الصراع، بالإضافة إلى جانب إنسانى افتقده الغرب فى حروبه السابقة التى إدعى أنها تهدف إلى القضاء على الإرهاب.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

70 % نتيجة التئام ترقوة إمام عاشور

70 % نتيجة التئام ترقوة إمام عاشور الثلاثاء، 19 أغسطس 2025 05:00 م

الأكثر قراءة

المقاولون العرب يختتم استعداداته لمواجهة حرس الحدود فى الدوري

خطة حكومية لزيادة استثمارات القطاع الخاص لـ68% لتعزيز دوره فى التنمية

انفجار إطار وراء انقلاب سيارة والد محمد الشناوي ومصرعه بطريق الواحات

زوج ملاحق بدعوى نفقة بعد 24 أسبوع من الزواج.. التفاصيل

جدول ترتيب الدورى الممتاز.. المصرى يتصدر


رسميا.. محمد صلاح أفضل لاعب فى إنجلترا من رابطة المحترفين

حياة كريمة فى البلد.. تجهيز وتشغيل 10 وحدات صحية ببنى سويف.. توريد تجهيزات طبية وغير طبية لـ10 وحدات أخرى.. افتتاح 4 وحدات لذوى الهمم بـ 4 مراكز.. والشريف أول وحدة طب أسرة ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل.. صور

إصابة 10 أشخاص فى حادث تصادم بالطريق الصحراوى فى البحيرة

مصرع والد محمد الشناوي في حادث سير بطريق الواحات

محاكمة بدرية طلبة بتهمة الإساءة للشعب المصرى 16 سبتمبر.. مستندات


فيريرا يكشف عن طبيعة حالته الصحية.. ويتحدث عن تأثير فتوح وتميز الدباغ

شيكابالا يناشد الرئيس السيسي لإنقاذ الزمالك: النادي ركيزة للقوة الناعمة لمصر

مجلس الزمالك: نتحرك لحماية حقوق النادي في أرض أكتوبر.. ولن نتهاون في حق الجماهير

السيطرة على حريق اندلع داخل مخزن بلاستيكات فى أبو النمرس

كشف حساب المرشحين لجائزة الأفضل في إنجلترا.. محمد صلاح يتصدر السباق

مصرع طفل وإصابة آخر فى حريق هائل بأحد المنازل بدمياط

الصربي ميتشو يتواجد فى القاهرة وسط تكهنات حول عودته للتدريب بالدوري المصرى

كشف ملابسات فيديو يتضمن نشوب مشاجرة بالمرج

منتخب مصر: فرص انضمام عاشور وعطية ودونجا وربيعة للمعسكر المقبل 50%

التحفظ على صاحب محل فى واقعة وفاة طفل بسبب وجبة سريعة التحضير بعين شمس

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى