"الرى" تعيد القناطر الخيرية للصدارة على خريطة السياحة.. التراث الخديوى يزدهر بالإضاءة الليلية على مياه النيل.. والتاريخ يروى أن محمد على قرر بناءها بأحجار الأهرامات وخوفه من لعنة الفراعنة ونصيحة مهندسه تمنعه

القناطر الجديدة
القناطر الجديدة
كتبت أسماء نصار - منة الله حمدى

تواصل وزارة الرى عملها فى استعادة التاريخ، فبعد تطوير سيارة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الشاهدة على بناء السد العالى، تحولت بوصلة اهتمام وزير الرى إلى إحياء القناطر الخيرية ووضعها على قائمة الترويج السياحى للنيل والمعالم المائية والسياحية، تقديرا لدورها التاريخى فى حماية الدلتا واستزراع أراضيها وتنظيم حركة الرى وصرف المياه، والحفاظ على تاريخ مصر الخديوية الذى جسد نهضة حقيقية مازالت راسخة لدى العالم ونجنى ثمارها حتى الآن.

وتشهد القناطر الخيرية، عملية تطوير وإضاءة ليلية لإبراز جمالياتها للزائرين، وجذب الانتباه إليها من قبل المواطنين لمعرفة قيمتها، والحفاظ عليها، ووضعها فى مكانها السياحى الذى سوف تشهده فى المرحلة المقبلة.
 
وتتلخص قصة الأثر الخديوى، والمعلم التاريخى، الشاهدة على النهضة والتاريخ القريب فى عمر يقارب 200 سنة، يستقر فى رأس الدلتا، حيث يتفرع شريان الحياة فى مصر ليكمل رحلته المليئة بالأسرار فى فرعية دمياط ورشيد حتى البحر المتوسط، فالقناطر الخيرية هى أحد أهم المعابر لوسط لدلتا، تلك الأعجوبة الفنية والأثرية التى تعد أحد أروع الآثار المصرية الحديثة فى مجال هندسة الرى، تلك القناطر التى تصنف الأولى من نوعها فى العالم آنذاك، واسمها يغنى عن التعريف، فهى قوام نظام الرى الصيفى فى الوجه البحرى، وإن كانت آخر أعمال الرى فى عهد محمد على باشا إلا أنها أعظمها نفعا وأجلها شأنا وأبقاها على الدهر أثرا.

محمد على يفكر فى بناء قناطر عند انفراج مثلث الدلتا فى نهر النيل

إذا رجعنا بالذاكرة إلى الوراء سنقرأ فى كتب التاريخ كم كان لهذه القناطر من أفضال غيرت شكل الحياة فى الدلتا، فهى تحمل بين طياتها حكايات وقصص كثيرة، تعود لأزمة فى الرى كانت تواجه أراضى الوجه البحرى، التى كانت تروى حتى أوائل القرن الثامن عشر بطريق الحياض، مثل رى الوجه القبلى، لم يكن يُزرع فيها إلا المحاصيل الشتوية، أما الزراعات الصيفية فلم تكن تجد المياه لريها إلا لو زُرعت على شواطئ النيل أوالترع القليلة المتفرعة منه، لذلك فكر محمد على فى ضبط مياه النيل للانتفاع بها فى الزراعة الصيفية فى الدلتا، وذلك بإنشاء قناطر كبرى فى نقطة انفراج مثلث الدلتا فى نهر النيل بفرعيه دمياط ورشيد عند النقطة التى كانت معروفة فى ذلك الوقت "ببطن البقرة".

 

محمد على يطلب من كبار مهندسيه دراسة مشروع القناطر الخيرية

طلب محمد على دراسة مشروع إنشاء القناطر الخيرية من كبير مهندسيه لينان دى بلفون (لينان باشا) كبير مهندسيه، فوضع له تصميماً وشرع فى العمل وفقا لهذا التصميم سنة 1834، ثم ترك لوقت آخر، وعندما اعتزم محمد على استئناف العمل استرشد بمهندس فرنسى آخر وهو موجيل بك، حيث أعجب بمقدرته الهندسية فى إنشاء حوض السفن بميناء الأسكندرية، فعهد إليه وضع تصميم إقامة القناطر الخيرية، فقدم مشروعاً يختلف عن تصميم لينان باشا الذى كان يرى إنشاء القناطر على الأرض اليابسة بعيداً عن المجرى الأصلى للفرعين، واختار لذلك قطعتين بين ملتويين من ملتويات فرعى النيل حتى إذا تم إنشاؤها حوَّل الفرعين إليها بحفر مجريين جديدين، لكن مشروع موجيل بك يقتضى إقامة القناطر مباشرة فى حوض النهر، وتكون المشروع من قنطرتين كبيرتين على فرعى النيل يوصل بينهما برصيف كبير، وشق 3 ترع كبرى تتفرع عن النيل فيما وراء القناطر لتغذية الدلتا، وهى الرياحات الثلاثة المعروفة بالرياح المنوفى لرى وسط الدلتا والبحيرى لرى غرب الدلتا والتوفيقى لرى شرق الدلتا.

 

محمد على يفكر فى استخدام حجارة الأهرامات لإنشاء القناطر الخيرية

ولا يعلم الكثيرين أن محمد على فكر فى استخدام حجارة الأهرامات فى بناء القناطر الخيرية نظراً لآن الآثار المصرية القديمة فى ذلك الوقت كانت لا تعد مردوداً اقتصاديا ولعدم انتشار الحركة الثقافية بالشكل المطلوب آنذاك، ولكنه عدل عن الفكرة تماماً بعد مشاورة لينان دى بلفون بك، فاقترح عليه أن يتم جلب الأحجار من محاجر طره نظرا لوعيه بأهمية الآثار كتراث إنسانى، وقيل أيضاً أن سبب رفضه لاستخدام حجارة الأهرامات فى بنائها حتى لا تصيبه لعنة التاريخ.

 

وضع حجر أساس القناطر الخيرية 1847

وفى 1843 تم البدء فى  ‏بناء‏ ‏قناطر‏ ‏دمياط‏، ‏وفى‏ 1847‏م‏ ‏ووضع‏ ‏محمد‏ ‏على ‏حجر‏ ‏أساس‏ ‏القناطر‏ ‏الخيرية‏، و‏ترك  مئات‏ ‏الأفدنة‏ ‏حول‏ ‏القناطر‏ ‏لأجل‏ ‏التوسعات‏ ‏المستقبلية‏ ‏وخصص‏ 500 ‏فدان‏ ‏جميعها‏ ‏تطل‏ ‏على ‏النيل‏ ‏مباشرة‏ ‏للحدائق‏ ‏المقامة‏ ‏على‏ ‏نمط‏ ‏المنتزهات‏ ‏والحدائق‏ ‏الأوربية‏ ‏‏مزودة‏ ‏بالأشجار‏ ‏النادرة‏ ‏التي‏ ‏جلبها‏ ‏من‏ ‏مختلف‏ ‏أنحاء‏ ‏العالم.

 

20 عاماً من الصعوبات فى بناء القناطر الخيرية‏

وجهز المهندس لينان 1200 عامل، ومهد لهم سبل الإعاشة من عمال مصريين وأجانب، وأنشأ خط سكة حديد لنقل محاجر طرة حتى نهر النيل، لكن حدث ما لم يكن فى الحسبان توقفت الأعمال بسبب انتشار الطاعون الذى فتك بالكثير من عمال القناطر، وتراخى العمل فى تنفيذ المشروع فى أواخر عهد محمد على وتوقف بعد وفاته، وبعد 20 عاماً من الصعوبات والعثرات التى اعترضت المشروع، وتم استئناف العمل فى 1863، وفى عام 1867 " في عهد الخديوى إسماعيل ظهر ‏خلل‏ ‏فى ‏بعض‏ ‏عيون‏ ‏القناطر، فتم الاستعانة بالمهندس موجل‏ ‏بك لإصلاح الخلل وكان قد‏ ‏بلغ‏ ‏الخامسة‏ ‏والسبعين‏ ‏من‏ ‏عمره، ‏فعينته‏ ‏الحكومة‏ ‏مهندسا‏ ‏للقناطر‏، ‏وشكلت‏ ‏عدة‏ ‏لجان‏ ‏لعلاج‏ ‏حالة‏ ‏القناطر.

 

وظلت‏ ‏القناطر‏ ‏الخيرية‏ ‏طوال‏ ‏تلك‏ ‏السنوات‏ ‏عاجزة‏ ‏عن‏ ‏تحمل‏ ‏أى‏ ‏ضغط‏ ‏يذكر، ‏حيث شرع‏ ‏خلال‏ ‏الفترة‏ ‏من‏ ‏عام‏ 1887 ‏إلى‏ ‏عام‏ 1890‏م‏ ‏فى ‏تقوية‏ ‏مبانى ‏القناطر‏ ‏بطبقة‏ ‏من‏ ‏خرسانة‏ ‏الأسمنت‏ ‏لملء‏ ‏الفجوات‏ ‏الموجودة‏ ‏بالفرش‏ ‏الأصلى، ‏وانتهت‏ ‏هذه‏ ‏العملية‏ ‏عام‏ 1898‏م‏ ‏وأصبحت‏ ‏القناطر‏ ‏أكثر‏ ‏سلامة‏، ‏غير‏ ‏أن‏ ‏التشكك‏ ‏فى‏ ‏سلامة‏ ‏الفرش‏ ‏كان‏ ‏مازال‏ ‏قائما‏ ‏فمنذ‏ ‏عام‏ 1898 ‏حتى عام 1901 ‏‏ ‏عمد‏ ‏المسئولون‏ ‏عن‏ ‏القناطر‏ ‏في بناء‏ ‏سدود‏ ‏إضافية‏ ‏خلف‏ ‏كل‏ ‏قنطرة‏ ‏لتقاسمها‏ ‏جزءا‏ً ‏من‏ ‏الضغط‏ ‏الواقع‏ ‏عليها‏، ‏مما‏ ‏أدى ‏إلى‏ ‏إمداد‏ ‏الترع‏ ‏الرئيسية‏ ‏بنصيب‏ ‏أوفر‏ ‏من‏ ‏المياه‏ ‏كان‏ ‏له‏ ‏الأثر‏ ‏فى ‏التوسع‏ ‏الزراعى‏ ‏وزيادة‏ ‏الإنتاج‏.

 

القناطر الخيرية تخرج من الخدمة 1939 وانشاء قناطر الدلتا الجديدة‏

وظلت القناطر الخيرية تعمل حتى نهاية عام 1939، بتكلفة إنشائها 3.500 مليون جنيه حتى تم انشاء (قناطر الدلتا الجديدة) خلف القناطر القديمة التى أصبح استخدامها مقصورا على أغراض مرور المياه باعتبارها من أعظم الآثار الهندسية لمصر الحديثة والتى كانت محط الإعجاب والفخر منذ بنائها وحتى يومنا هذا، نحكى قصتها للأجيال جيلاً بعد جيل.

 

 

2نهر النيل
2نهر النيل

Capture
Capture

القناطر الجديدة
القناطر الجديدة

القناطر الخيري ليلًا
القناطر الخيري ليلًا

القناطر الخيرية مضاءة ليلًا 2
القناطر الخيرية مضاءة ليلًا 2

القناطر الخيرية
القناطر الخيرية

القناطر مضاءة ليلًا
القناطر مضاءة ليلًا

المراكب النيلية داخل النهر
المراكب النيلية داخل النهر

النيل والقناطر الخيرية
النيل والقناطر الخيرية

جزيرة شعير
جزيرة شعير

غروب الشمس داخل النهر
غروب الشمس داخل النهر

غروب الشمس
غروب الشمس

نهر االنيل 3
نهر االنيل 3

نهر النيل بفرعيه دمياط ورشيد
نهر النيل بفرعيه دمياط ورشيد

نهر النيل
نهر النيل

نهر النيل4
نهر النيل4

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أهداف الشوط الأول من مباراة الأهلي وفاركو.. فيديو

بوتين يصل إلى ألاسكا لعقد قمة مع دونالد ترامب

الأهلي يتقدم على فاركو 2 - 0 في الشوط الأول عن طريق شريف وزيزو.. صور

بيان مصرى وعربى ودولى مشترك: إسرائيل الكبرى تشكل تهديدا للأمن القومى العربى

30 دقيقة.. الأهلي يتقدم على فاركو بثنائية شريف وزيزو.. فيديو وصور


انطلاق فعاليات مهرجان القلعة بتكريم 12 شخصية فى حضور وزير الثقافة ورئيس الأوبرا

جمهور مهرجان القلعة يحضر مبكراً قبل حفل الافتتاح فى أجواء تاريخية

الداخلية تضبط راقصة تخدش الحياء العام.. فيديو

قادة الفصائل الفلسطينية يشيدون بجهود مصر بقيادة الرئيس السيسى فى دعم ومساندة غزة.. دعوة لاجتماع وطنى طارئ فى القاهرة لمواجهة مخططات الاحتلال فى المنطقة.. وتحذيرات من ما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"

إسبانيا تتأهل إلى نهائي بطولة العالم لليد 2025


مقتل شاب متأثرا بإصابته بطعنات على يد آخر بالغربية

تيك توكر جديدة فى قبضة الأمن لنشرها فيديوهات منافية للآداب العامة

الإخوان والكينست الاسرائيلى "إيد واحدة".. مختار نوح يكشف: كيف باعت الجماعة الإرهابية قضية فلسطين ودعمت نتنياهو فى حصار قطاع غزة؟.. وباحثون يؤكدون صهيونية التنظيم والدعم المطلق لجيش الاحتلال

الأهلى يتحدى فاركو لإستعادة الانتصارات بالدوري المصرى الليلة.. ريبيرو يبحث عن الفوز الأول مع الكتيبة الحمراء.. 11 لاعب يغيبون بقيادة العش وعمر كمال وزيزو موجود بالتشكيل المتوقع.. السداسية شعار المواجهة الأخيرة

انكسار الموجة شديدة الحرارة غدا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 36 درجة

مطاردة "رانج روفر" طائشة على كوبرى أكتوبر.. لحظات إثارة وبطولة رجال المرور

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

العش وعمر كمال على رأس 11 لاعبا يغيبون عن الأهلى أمام فاركو الليلة

موسم صيد الإخوان.. مطاريد الشرق والغرب.. انتفاضة عالمية فى مواجهة شرور الجماعة الإرهابية.. وحلفاء الماضى يستفيقون على مخاطر وألاعيب عصابة حسن البنا.. صيحات دولية تؤكد: لا مكان لا مكان للإخوان فى مجتمعاتنا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى