صالح المسعودى يكتب: آلام صامتة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يخرج من بيته فى أنفته المعهودة رافعاً رأسه كأنه يحاول أن يمنعها من الانكسار فهو سيد قوم لكن ظروف الحياة أجبرته على أن يعيد تمثيل دور الفنان (أحمد مظهر) فى فيلم (الأيادى الناعمة) فقد تربى على العز كما يقال، ورغم ذلك فهو شخص متواضع إلى أبعد الحدود، لكنه تحول إلى شخص حساس بشكل كبير بسبب ما تحيط به ظروف الحياة القاسية فتحبط معنوياته التى هى فى الأساس تحتاج إلى من يشحذها ولو بكلمة طيبة تعيد له بعض من الإنسانية التى يراها مهدرة.

 

يستقل سيارته التى هى أحدث (موديل) فهو بها يحاول أن يبقى أمام الشامتين والحاقدين مازال هذا السيد الوقور الذى يتصرف كبشوات العهد القديم فى الوقت الذى يعيش عيشة الفقر المدقع، لكن هذا الأمر ليس سيئاً طالما أنه لا أحد يعلم سر بيته وظروف حياته الصعبة فهو يريد أن يموت واقفاً.

 

ينطلق بسيارته إلى أقرب المدن إلى منزله الريفى يتفحص وجوه الناس، وكأنه يبحث فى ضمائرهم عن شخص يقدر ظروفه ويمنحه ولو سلفة بشرط ألا يجعله يطلب ذلك فهو يحاول أن يحافظ على ماء وجهه من أن يراق بسبب الفاقة والاحتياج ، فتحادثه نفسه بأبيات شعر يرددها فى قلبه

مررتُ على المروءةِ وهى تبكى              فقلتُ علامَ تنتحِبُ الفتاةُ

قالت كيفَ لا أبكى وأهلى                     جميعاً دون خلقِ اللهِ ماتوا

لكنه يحاول أن يتماسك قبل أن تكشف عبراته لو سقطت أمام الناس ما يعانيه وهو يحاول بكل قوته أن يتصرف بشكل طبيعى ويتحمل المشقة والتعب حتى تتحسن ظروفه المادية دون كشف سر بيته أو سره هو على الأقل ، فيترجل من سيارته ليذهب لبائع الخضروات والفاكهة ويقف يتأملها متظاهراً بأنه يحاول أن ينتقى ما يشاء، وهو يحادث نفسه فى نفس الوقت كيف سأطلب من هذا الرجل ربع الكمية التى كنتُ أشريها منه؟، وماذا سيقول عنى بعد انصرافى ؟، لكنه ينتبه أنه أطال التفكير بشكل واضح

 

ولكنه وجد مخرجاً لطيفاً بأن يقول لصاحب المحل أريد ربع الكمية لأن الأولاد فى المصيف وأنه لا يحتاج لكمية كبيرة قد تفسد فى الثلاجة، وهو يحاول فى نفس الوقت قراءة الأسعار الموجودة حتى يختار ما يناسب جنيهاته المعدودة فى جيبه، ثم يعاود أدراجه إلى بيته سائراً على مهل فقد أخبره أحدهم أن السرعة الفائقة تؤثر على كمية الوقود فى سيارته وهو يحاول أن يقتصد.

 

يعود إلى بيته فيتلقاه أولاده فرحين فقد اعتادوا على الحلوى اللذيذة والفاكهة فيقوم بتوزيع بعض الفاكهة عليهم وبعض حبيبات الحلوى متحججاً بأن الفاكهة الآن فى موسم انتقالى وغير مكتملة النضج من أجل ذلك أحضر كميات بسيطة على وعد أن يأتى بكميات أكبر فى المرة القادمة، ثم يدلف إلى غرفته ويغلقها خلفه جيداً ويجلس على سريره ليعج فى بكاءٍ شديد رافعاً أكف الضراعة لله سائله ألا يرفع عنه ستره وبدأ يردد إليك أشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس ثم يحملق فى سقف حجرته حتى يغط فى نومٍ عميق.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بوابة الجحيم.. حفرة مشتعلة فى تركمانستان منذ أكثر من 50 عامًا تثير الدهشة

الاتحاد السكندرى يضم نور علاء لمدة موسم على سبيل الإعارة

تحريات المباحث لكشف ملابسات حريق سنترال رمسيس

بطل من ضهر بطل.. ابن الشهيد امتياز كامل يكتب فصلا جديدا من الفداء بحريق رمسيس

تعرف على مباريات الأسبوع الأول لدورى المحترفين فى الموسم الجديد


الحكومة: خدمات المحمول ستعود بكامل جودتها قبل عصر اليوم بالشبكات الأربعة

زحام مرورى بسبب انقلاب سيارة نقل محملة بالزلط بالطريق الأوسطى

مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديلات قانون الرياضة

حريق سنترال رمسيس..13 ساعة للسيطرة على النيران.. بدأ من الطابق السابع وامتد لباقى المبنى.. وتجدد 3 مرات..و12 سيارة إطفاء و2 سلم هيدروليكى.. والنيابة العامة تعاين الحادث وتكلف بالكشف عن الأسباب

الزمالك يستعين بكهربا ومعتز إينو والشناوى فى شكوى زيزو لاتحاد الكرة


نبيل الكوكى يستعرض مهاراته على هامش المران الصباحى للمصرى.. فيديو

فرص عمل فى الإمارات براتب يصل إلى 24 ألف جنيه شهريا.. التقديم لمدة 4 أيام

أجواء شديدة الحرارة ورطوبة.. تفاصيل حالة الطقس والظواهر الجوية المتوقعة

إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات

أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس من موظفي المصرية للاتصالات

ريال مدريد يرصد أعلى مكافأة فى تاريخه للتتويج بلقب كأس العالم للأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى