قصة كفاح.. "أم رضا" 65 عاما تجمع القمامة لتبيعها وتأكل بثمنها

أم رضا وقصة كفاح 65 عاما
أم رضا وقصة كفاح 65 عاما
كتبت منال العيسوى

الكبر عبر، ومن العبر ما يؤلم ، أو يصحح مسار ، ما بين الوهن وقلة الحيلة، مفردات ترافق أمهات كثر، ربما ترى وجوههم  بين المارة ، يحملون عليها تفاصيل سنين عجاف عاشوها، بين السعى على الرزق، والطمع فى الستر والصحة، وكلما اقتربت الأعياد تراهم يعبرون الأيام بذكرى قد تفرحهم، أو هدية من ابن وابنه تكون بمثابة رمز للحب، ومن حرمه الله من الأبناء يقعد ملوما  محسورا، ينعى حظه العثر على فقدان نعمة الأبناء، لكن بين كل الأمهات والآباء كثيرون حرموا من أبناؤهم وهم على قيد الحياة، وباتت الوحدة هى الأنيس الوحيد لهم .

من بين وجوه المارة فى مدينة العاشر من رمضان ، وبالتحديد عند موقف الأردنية، كانت السيدة العجوز ذات الرداء الأسود تمر ويعرفها الجميع من أصحاب المحلات، تتكئ يسارا عند هذا الخضرى فيمنحها قليلا من الخضروات، وآخر يراها تقترب منه فيمنحها بعض الخبز تاركا لها الجنيهين التى تعطيهم له ثمنا للخبز.

صاحبة الرداء الأسود ليست متسوله تسأل المارين، وليست عجوز تهزى بالكلمات، أنما تمتلك من الحكمة فى الحوار ما يجعلك تستمع إليها بإعجاب، تحمل كلماتها مرارة العمر الذى مر هباء، على تربية أبناؤها، الذين يعيشون فى منازلهم مع أزواجهم وزوجاتهم، وتأخذهم ساقية الحياة وينسون أن هناك من تشتاق إليهم، من تعيد بسمتها على يد صغارها من الأحفاد، قد تمر الأشهر تلو الأشهر، فتشتاق روحها للقائهم، وتلتمس لهم العذر، فتجمع مالديها من بعض الحلوى وقليل من الفاكهة،  وتذهب إليهم فى زيارة لا تتجاوز اليومان، وترحل بعيدا عنهم دون وداع فقط لأنها أحست أنها حمل عليهم.

لم تكن أم رضا مجرد سيدة أفترشت الرصيف بالقرب من صندوق قمامة فى شارع عام قريب من موقف الأتوبيسات يمر عليه القاصى والدانى، وأنما حين تراها وهى تقلب الصندوق باحثة عن بعض عبوات الكنز الفارغة، وبعض زجاجات المياة البلاستيك، تظن للوهلة الأولى وأنت تراها أنها ربما جائعة تبحث عن طعام.

اليوم السابع أقترب منها واستمع لحكاياتها، هى حكاية أقرب للأفلام العربى القديمة، لكنها مشهد متكرر فى الواقع، فهى ابنه فران فى قرى بلبيس، تعودت على الشقى والعمل منذ صغرها، فكانت دوما تساعد أبيها فى العمل فى الفرن، وتحمل أرغفة الخبز وتسلمها لمن حولهم، تلعب وتلهو وتقفز فوق الدراجات فرحة بحيويتها وشبابها، حتى تزوجت وانجبت ثلاثة بنات وولد، وتزوجوا وساعدت زوجها فى المعيشة، حتى مات الزوج تاركا فى رقبتها الحمل، ووصية وكلمة وداع" خدى بالك من نفسك ، أنا خايف عليكى قوى".

لم تكن وصية زوج أم رضا مجرد كلمات فى لحظة وداع بقدر ما كانت قراءة للواقع الذى ستلاقية زوجته من بعده، فأبناؤها كل اتجه لحياته وتركوها وحيدة دون ونيس أو أحد يخدمها، فقررت أن تترك البلده وتأتى للعيش بمفردها فى مدينة العاشر من رمضان، تستيقظ فى الصباح ، تجوب المدينة شمالا ويسارا باحثة فى صناديق القمامة تجمع المخلفات الصلبة لتبيعها، بدلا من السؤال، وبثمنها تأتى ببعض الأكل الذى قد يكفيها يومين أو أكثر، لتعاود الكارة، وحين تشتاق لرؤية أبناؤها وأحفادها، تقرر أن تقطع مسافة 60 كيلو لبلدتها تراهم وسرعان ما تعود قائلة "البنى آدام ثقيل، ومحدش بيستحمل حد".

سألتها، عن عمرها فأجابت خمسة وستون عاما من الشقا والقهر، وعن عيد الأم بحسرة وألم، طول عمرى محدش افتكر حتى يقولى شكرا، وأستطردت أم رضا فى الحكى، اللى ماخلفوش مايزعلوش، العيال لا بترحم ولا بتسيب رحمة ربنا تزل.

أم رضا (1)
 
أم رضا (3)
 
أم رضا (5)
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة الطيران: تأخر محدود في إقلاع الرحلات لعطل بشبكات الاتصالات والإنترنت

اتحاد بنوك مصر: استمرار العمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء

أهم الأحداث الفنية فى الساعات الماضية.. أشرف زكى: سامح عبد العزيز مش فى غيبوبة.. سر ظهور آمال ماهر بفستان الزفاف.. ورسامة جديدة تعلن: مها الصغير نسبت لوحتى لنفسها.. لست الأولى فقد سرقت 3 آخرين

تليفزيون اليوم السابع يوثق اللحظات الأولى من حريق سنترال رمسيس.. إخماد النيران وتجددها مرة أخرى والسحاب غطى وسط البلد.. الحماية المدنية سطرت ملحمة بطولية.. ووزراء ومسئولون يتابعون الحادث من موقع الحريق

تجدد اشتعال النيران في مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تحاول السيطرة. صور


محمد شكرى يظهر فى مران سيراميكا قبل انتقاله للأهلى.. صور

البيت الأبيض: أولوية ترامب إنهاء حرب غزة

"تنظيم الاتصالات": تعويض العملاء المتأثرين بتعطل الخدمة بعد حريق السنترال

مواجهة سهلة لميار شريف فى بداية مشوارها ببطولة السويد المفتوحة للتنس

نواب: مشاركة مصر بقمة البريكس نقلة نوعية في السياسة الخارجية وتعكس ثقل الدولة المصرية.. خطوة استراتيجية لتنويع الشراكات الدولية.. وتوضح الرؤيه لمستقبل عالمي أكثر توازنًا وتعددًا في التحالفات


شاهد مهارات شيكو بانزا نجم منتخب أنجولا ولاعب آستريا أمادورا المرشح للزمالك

وزير التعليم أمام النواب: الوزارة نجحت فى إعادة الطلاب للمدارس..والمدارس الثانوية مجهزة بأعلى مستوى.. نرفض التعامل مع مادة التربية الدينية باعتبارها أقل شأنا..ومعلمونا الأفضل فى العالم.. ولا فصل دراسى بدون معلم

الطقس غدا.. شديد الحرارة وشبورة والعظمى بالقاهرة 37 والإسكندرية 31 درجة

ريبيرو يخطر الأهلى برفض رحيل 7 نجوم بسبب أزمة وسام أبو علي

الحسينى سمير لـ"اليوم السابع": هدفى تحقيق طفرة فى قطاع السلة بالزمالك

ردا على تهديدات ترامب.. الصين: مجموعة بريكس لا تستهدف أى دولة

أمين عام الأمم المتحدة يحذر من عسكرة الذكاء الاصطناعى

وزارة العمل تنذر 7 منشآت بالقاهرة غير ملتزمة بتطبيق الحد الأدنى للأجور

تفاصيل علاقة العندليب والمجوهرات بمعسكر الأهلي فى طبرقة التونسية..صور

المصري يحصل على توقيع محمد علي بن حمودة لاعب غزل المحلة تمهيدا لضمه

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى