إسلاموفوبيا (1)

كريم عبدالسلام
كريم عبدالسلام
كريم عبدالسلام
الباحث والمؤرخ والسياسى البريطانى الصهيونى، برنارد لويس، عاش أكثر من مائة عام، كانت كافية ليشهد مخططاته وأفكاره السامة ضد المسلمين والعرب، تتحول إلى أطر فكرية مهيمنة على الإدارات المتتابعة فى الدول الغربية الكبرى، وبرامج تطبيقية يتم تنفيذها حرفيا فى منطقة الشرق الأوسط الكبير الممتد من أفغانستان شرقا وحافة المحيط الهندى حتى موريتانيا غربا على المحيط الأطلسى.
 
الرجل منذ الستينيات من القرن الماضى وهو يعكف على وضع الأطر الفكرية والسياسية التى يجب أن يتعامل بها الغرب الاستعمارى  مع المسلمين والإسلام بمنطقة الشرق الأوسط، وأول هذه الأطر الفكرية « شيطنة الإسلام» واعتباره الخطر الأكبر على الحضارة والمدنية الغربية، والترويج لمفهوم صراع الحضارات بدلا من مفهوم التعايش السلمى، ووضع الدول الغربية فى معسكر الحضارة، والمسلمين فى معسكر مضاد باعتباره خطرا على العالم، مؤكدا أن الصراع بين المعسكرين لابد وأن ينتهى بالقضاء على أحدهما.
 
وكانت أطروحته الصغيرة المعنونة بـ«جذور الغضب الإسلامى» هى أساس كتاب صامويل هانتنجتون المعروف بـ«صراع الحضارات» والذى أصبح إنجيل الغرب الذى يوصى باستبدال الإسلام بالشيوعية أو الخطر الأخضر بالخطر الأحمر، وحتى تتحقق أفكار برنارد لويس وتلامذته، كان لابد أن تظهر تلك الكيانات الهلامية المتطرفة التى تتميز بالوحشية وتنتسب زورًا إلى الإسلام مثل تنظيمات القاعدة وداعش وجبهة النصرة وفجر الإسلام والفصائل المسلحة للإخوان، وكلها تنظيمات تقدم الصورة الذهنية المراد رسمها وتنميطها فى العالم كله عن الإسلام، باعتباره الخطر الجديد الذى لابد من مواجهته، كما تمنح الحكومات الأمريكية والغربية المتتابعة غطاءً أخلاقيا براقا ليس فقط للتدخل فى البلاد الإسلامية ومن ضمنها طبعا الشرق الأوسط كله، بل منحها غطاءً لقتل المسلمين والعرب دون حدود.
 
برنارد لويس هو الأب والمؤسس للإسلاموفوبيا، لأنه أول من اعتبر ونظر وروج ومنهج الصدام بين الإسلام والحداثة وبين الغرب والعالم الإسلامى، وكأنه أمر حتمى قدرى لا سبيل للفكاك منه أو تجاوزه، وكتبه على سبيل المثال «العرب فى التاريخ» و«الصدام بين الإسلام والحداثة فى الشرق الأوسط» و«الإرهاب غير المقدس» و«أزمة الإسلام» منحت المخابرات الأمريكية حدودا واسعة لتصميم جماعات إرهابية شديدة التطرف لتشويه صورة الإسلام من السماحة إلى التطرف.
 
عشرات الجماعات المتطرفة ظهرت فى باكستان وأفغانستان ومصر وسوريا والعراق وليبيا واليمن والخليج، لتتصدر صورة العنف والقتل والدم المراق والإعدامات البشعة للأبرياء صورة الإسلام بدلا من الصورة القديمة السمحة التى فتح بها التجار البلاد الوثنية بدون سلاح، وامتلك الساسة الغربيون تفويضًا على بياض لغزو ما يريدون من البلاد العربية والإسلامية وضرب أى مكان فى العالم بزعم مواجهة الإرهاب الإسلامى!
 
كما روج برنارد لويس، ومن بعده صامويل هانتنجتون، لتلك النظرة الاستعمارية الاستعلائية التى ترى  بلدان الشرق الأوسط مجتمعات غير متماسكة وخليطا من الطوائف والأعراق، وأن المصلحة الغربية تتحقق من خلال دعم وتأييد الطوائف والطائفية وتأجيج الصراع بينها على اعتبار أن المنطقة لم تستقر بعد، وأن حدودها ومسمياتها ومجتمعاتها ودولها يمكن إعادة النظر بشأنها وإعادة رسم الخرائط الجغرافية والبشرية ومسميات الدول من جديد، وكذا القضاء على أى عوامل يمكن من خلالها تحقق الوحدة العربية اقتصاديا أو جغرافيا أو سياسيا.
 
وأمام تفعيل البرامج المنبثقة من أفكار ونظريات برنارد لويس، وظهور الجماعات والتنظيمات الإرهابية شديدة الخطورة المنتسبة للإسلام، كان لابد للوباء أن ينتشر فى مناطق لم تكن فى الحسبان، فظهرت الأحزاب اليمينية المتطرفة فى أوروبا والغرب، كما عادت للظهور الحركات السرية المتطرفة التى تعادى الأجانب وتكره الغرباء المختلفين وفى مقدمتهم المسلمون، وتطالب بقتلهم أو طردهم من البلدان الغربية، ولم يكن حادث مسجدى نيوزيلندا الأول، ولن يكون الأخير، طالما استمرت الأنظمة الغربية الاستعمارية تستخدم الجماعات الإرهابية أداة سياسية للسيطرة والغزو واستنزاف الدول الإسلامية الغنية.. وللحديث بقية.
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

اليوم.. بدء التشغيل التجريبى لمحطة هاتشيسون بميناء السخنة

القنوات الناقلة لمباريات كأس أمم أفريقيا 2025 بمشاركة منتخب مصر

اليوم الحكم على مدرس متهم بهتك عرض طالبة فى الطالبية

المغرب والإمارات في صدام ناري بنصف نهائي كأس العرب 2025

سباق الملاجئ النووية يتصاعد بين الدول الأوروبية.. خطة ألمانية سرية تشعل القارة.. استعدادات غير مسبوقة لسيناريو حرب عالمية ثالثة.. عودة ذعر الحرب الباردة بنسخة 2025.. وسويسرا تملك أكبر شبكة ملاجئ نووية فى العالم


الأهلي يبدأ اليوم الاستعداد لمواجهة سيراميكا بعد إجازة الـ48 ساعة

مان يونايتد يستضيف بورنموث في ختام الجولة الـ 16 من الدوري الإنجليزي

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

هدية لأهل قنا.. افتتاح كورنيش النيل الجديد مجانا للأهالى خلال أيام بطول 1400 متر و6 مناطق ترفيهية وخدمية.. ووكيل وزارة الإسكان لليوم السابع: الكورنيش الأجمل على مستوى الصعيد وواجهة حضارية للمحافظة.. صور

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة


جنون الأسعار يضرب طقوس الكريسماس..القهوة والكاكاو يسجلان قفزات تاريخية ويحولان أعياد الميلاد من دفء الاحتفال إلى صدمة اقتصادية عالمية.. وارتفاع التكلفة يرهق الأسر ويربك الأسواق

محمد صلاح يدعم منتخب مصر قبل انطلاق بطولة أمم أفريقيا 2025 فى المغرب.. فيديو

تعرف على بدائل يزن النعيمات لتدعيم هجوم الأهلى فى يناير

مواعيد مباريات منتخب مصر فى أمم أفريقيا 2025

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق

وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

ترامب يشيد بالبطل الأسترالي أحمد الأحمد: أنقذ أرواحا كثيرة في هجوم سيدني

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى