سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 22 مارس 1871.. السلطان العثمانى يطلب من جمال الدين الأفغانى مغادرة الآستانة.. وفيلسوف الإسلام يهبط إلى القاهرة

جمال الدين الأفغانى
جمال الدين الأفغانى
 جاء جمال الدين الأفغانى إلى مصر للمرة الثانية، يوم 22 مارس، مثل هذا اليوم، 1871، ولم يكن فى نيته الإقامة بها، لكن إقامته طالت إلى عام 1879، فترك أعمق الأثر فى الحياة السياسية والفكرية بمصر..كان حضوره الأول فى 1870 لكنه استمر أربعين يومًا فقط، ثم غادر القاهرة إلى الآستانة عاصمة الدولة العثمانية.. ومنها جاء  لمصر فى المرة الثانية، وعمره 33 عامًا«مواليد 1838»فى«أسد أباد»الأفغانية.
 
يذكر عبد الرحمن الرافعى فى الجزء الثانى من كتابه«عصر إسماعيل»قصة مجيئه إلى مصر أول مرة، مشيرًا إلى أنه رحل من بلاد الأفغان للحج عن طريق الهند، وكانت الهند تحت سيطرة الاحتلال الإنجليزى فضاقت به الحكومة،واستقبلته عند الحدود بمظاهر الحفاوة والأكرام،ولكن دون أن تسمح بإطالة مدة إقامته،كما لم تأذن للعلماء بالاجتماع به إلا تحت أعين رجالها،فقضى شهرًا ثم أنزلته الحكومة إحدى سفنها فأقلته إلى السويس سنة 1870،ونزل مصر ولم تكن فى نيته فى أول الأمر الإقامة بها لأنه كان يقصد مكة،ولكن الناس ماكادوا يسمعون بمقدمه حتى هرعوا إليه لينهلوا من ذلك المورد العذب،وتردد على الأزهر وكان يسكن بيتا فى خان الخليلى،ومن ثم تحول عزمه عن زيارة الحجاز ولبث فى مصر 40 يوما قصد بعدها الآستانة.
 
يذكر الدكتور محمد عمارة فى كتابه«جمال الدين الأفغانى موقظ الشرق وفيلسوف الإسلام»:«أقام فى مصر نحو أربعين يوما،اجتمع حوله فيها لفيف من طلاب العلم الشرقيين،خاصة السوريين،الذين كانوا يطلبون العلم بالجامع الأزهر،حيث رغبوا فى علمه،وسألوه أن يشرح لهم بعض الكتب فلبى رغبتهم،وشرح لهم فى بيته كتاب«شرح الإظهار»فى اللغة العربية،كما قام بزيارة الجامع الأزهر وبعض معالم القاهرة،ولقى نفرًا من علمائها لقاءً عابرًا».
 
يؤكد الرافعى:«لقى حفاوة وإكرام من حكومة السلطان عبدالعزيز لأن الصدر الأعظم عالى باشا أحد ساسة الأتراك الأفذاذ كان يعرف مكانته،ثم أقبل عليه القوم بما لم يسبق له مثيل،وأصبح مقربا من الأمراء والوزراء والعلماء وتناقلوا الثناء عليه،ولم تمض ستة أشهر حتى أرادت الحكومة الانتفاع بموهبته فعينته عضوا فى مجلس المعارف،فأدى مهمته بأمانة وحزم واقترح طرقا لتعميم المعارف لم يقره عليها زملاؤه».
 
يذكر عمارة:«فى الآستانة درس اللغة التركية وأتقنها بعد ستة شهور،وبدأ يمارس ألوانا من نشاطه السياسى والفكرى هناك.. ففى السياسة كانت هناك أزمة مستعصية بين الدولة وبين إقليم اليمن،التى كانت تحارب فى سبيل الاستقلال،وترفض قبائلها العربية الزيدية سلطة العثمانيين التركية السنية،فعرض جمال الدين وساطته لتسوية هذه الأزمة،ولكن كبار رجال الدولة رفضوا،مخافة أن ينجح فيما فشلوا هم فيه..وفى الفكر،كان يلقى الخطب والأحاديث بجامع الفاتح الكبير،وكان مجلسه يجتذب صفوة المثقفين وكبار رجالات الدولة،فحسدته على ذلك القيادات الفكرية الرسمية التقليدية،ورأت فيه خطرًا على مكانتها ونفوذها،كما رأت فى فكره العقلانى المتحرر ثورة على فكريتها الجامدة المشعوذة الرافضة لأى لون من ألوان الإصلاح والتجديد».
 
تعرض لوشايات فى الآستانة،يستشهد«عمارة»بأمثلة منها، وأهمها تلك التى أدت إلى مجيئه للقاهرة.. يقول:«فى ديسمبر سنة 1870 دعاه مدير«دار الفنون»تحسين أفندى،لإلقاء محاضرة عن الصناعات،بغية الترغيب فيها فتحدث عن الكون،ومثل له بجسم حى ذى أعضاء،وتحدث عن روحه فقال إنها إما«الحكمة المكتسبة»أو«النبوة»التى يصطفى لها الله من يشاء..فحرف الوشاة مقصده، وأخبروا السلطان أنه يقول:«إن النبوة صنعة يمكن تحصيلها بالاكتساب،وكتبت ضده رسائل،عنوان إحداها:«عين الصواب فى الرد على من قال:إن الرسالة والنبوة صنعتان تنالان بالاكتساب .. وأمام هذا الاتهام الكاذب ثارت ثائرة جمال الدين،وطالب بمحاكمة الرجالات الكبار وبينهم شيخ الإسلام الذين رموه بهذا الإفك،وانقسم الرأى العام المثقف بين مؤيد له وثائر ضده،فأبدى السلطان رغبته فى أن يغادر جمال الدين إلى الآستانة تهدئة للخواطر،فامتثل وعزم الذهاب إلى الهند عن طريق مصر».
 
يؤكد عبد الرحمن الرافعى:«انحازت حكومة الآستانة إلى شيخها،وطلبت رحيل الأفغانى بضعة أشهر ريثما تهدأ الخواطر،ويسكن الاضطراب ثم يعود إليها إن شاء، فرحل عنها ورغب إليه بعض من كانوا معه التحول إلى مصر فعمل برأيهم وهبط إلى القاهرة»، ويذكر الإمام محمد عبده فى مذكراته «تحقيق: طاهر الطناحى» أنه  وصل  فى أول المحرم سنة 1288 هجرية، 22 مارس 1871 ميلادية»، غير أن محمد عمارة يذكر أن التاريخ الميلادى هو«23 مارس 1871».. فكيف سارت أموره منذ وصوله؟.
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

طائرة خاصة لمنتخب مصر للسفر 7 سبتمبر لمواجهة بوركينا في تصفيات المونديال

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 23 أغسطس 1971.. المدعى الاشتراكى يوجه اتهام «الخيانة العظمى» ضد 91 متهما فى قضية «15 مايو» ويقرر الإفراج عن 38 بينهم خالد محيى الدين ومحمود أمين العالم

ريبيرو يناقش مع جهاز الأهلى موقف محمد الشناوي من مباراة غزل المحلة

مستوحى من أحداث حقيقية.. تفاصيل فيلم ايجى بست بعد انطلاق تصويره

فيريرا يراهن على ثبات تشكيل الزمالك وتجانس الصفقات أمام فاركو


مقر عبادة الإله جحوتى.. مدينة الأحياء الأثرية تحكى تاريخ المنيا القديمة.. صور

مروان حمدى يبدأ اليوم التأهيل للعودة لتدريبات الإسماعيلى

رحلة تستغرق 8 أيام.. موسم صيد التونة أهم مواسم الصياد بدمياط.. فيديو

قالوا وقلنا.. حملة لدار الإفتاء للرد على شبهات الاحتفال بالمولد النبوى.. هل المحبة تكون بالقصائد الشركية والرقص والغناء والموسيقى فى المولد النبوى؟.. وهل كانت تُضرب الموسيقى والطبول والنوبات والكشاكيش؟

النصر يتحدى الأهلي في نهائي كأس السوبر السعودي


طاحونة المندرة بالإسكندرية.. أقدم طاحونة غلال منذ عهد محمد على باشا.. أنشئت عام 1807م.. وظهرت فى فيلم "آثار على الرمال".. إنشاءها تزامن مع إرسال طلاب العلم إلى أوروبا.. وخبير أثرى: سجلت فى الآثار

المصري يتصدر.. ترتيب دوري نايل قبل انطلاق الجولة الرابعة غدا

هل تفلت هدير عبد الرازق من الحبس.. تعرف على موعد الحكم عليها

يانيك فيريرا يحذر نجوم الزمالك من سيناريو سيراميكا قبل مواجهة فاركو

هيثم شعبان يعلن اليوم قائمة الطلائع لمواجهة الإسماعيلى فى الدوري

عبد الرحيم دغموم ينافس زيزو على صدارة هدافى الدوري المصري

وفاة الفنانة المعتزلة سهير مجدى

اليوم غلق باب التقديم على فرص عمل فى السعودية بمرتبات 80 ألف جنيه شهريا

عم طارق.. بطل مزلقان بنى سويف أنقذ شابا من الموت على قضبان السكة الحديد.. ويؤكد لـ"اليوم السابع": ما حسبتهاش وما فكرتش فى نفسى.. حسيت إن ثانية واحدة ممكن تفرق بين حياة وموت إنسان.. فيديو وصور

موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى