سوريا من التقسيم والدمار إلى المستقبل

أحمد سليم
أحمد سليم
بقلم أحمد سليم
قوات سوريا الديمقراطية تقترب من السيطرة على الباغوز منهية  تواجد داعش الذى استمر لسنوات فى المنطقة.. سبق ذلك حصار الجيش السورى لحلب ونجاحه فى طرد التنظيمات المسلحة خارجها، ثم ما حدث فى غوطة دمشق ودرعا ودير الزور.. المتابع لما يحدث على الأرض فى سوريا يتوقع أن تنتهى الأحداث خلال الأسابيع المقبلة، ولكن الأهم هو ماذا بعد انتهاء وجود داعش وإنهاء سيطرة جبهة النصرة وجيش سوريا الحر وعشرات التنظيمات على مساحات واسعة فى سوريا.. سقطت دولة الخلافة التى حاول داعش إقامتها وتقلص دور جيش سوريا الحر الذى كان يجهز نفسه وقادته لإدارة البلاد وذابت جبهة النصرة مع حلفائها رويدا رويدا مع ضربات الجيش العربى السورى مدعوما بقوات إيرانية وروسية، بالإضافة إلى جفاف الدعم القادم من دول عربية خليجية. 
 
الصورة تختلف على الأرض فعليا مع خروج عناصر داعش من الباغوز، وهو آخر جيوبهم ومعهم خرج 37 ألف مدنى و5000 من العناصر المسلحة و24 ألفا من أفراد العائلات، واعتقل 520 إرهابيا، كل ذلك ألقى بأعباء كبيرة على قوات سوريا الديمقراطية مع امتلاء مراكز الاعتقال التى ينقل إليها المشتبه بارتباطهم بالتنظيم والمخيمات التى يرسل إليها المدنيون وأفراد عائلاتهم الموالون أو المنضمون لتنظيمات مسلحة، وبينهم عدد كبير من الأجانب، ولاسيما مخيم الهول شمالا.. القادم فى سوريا هل تم التحضير له فى زيارة الرئيس الأسد الخاطفة لطهران، وهل كانت تمهيدا للاجتماع العسكرى الثلاثى الذى عقد فى دمشق وحضره كل من الفريق أول ركن عثمان الغانمى رئيس أركان حرب الجيش العراقى واللواء محمد باقرى نظيره الإيرانى والعماد عبدالله أيوب وزير الدفاع السورى؟.. هذه التحركات هل هى بداية أم تمهيد وتنسيق لخطة عسكرية لإعادة هذه المناطق إلى السيادة السورية على غرار مناطق أخرى؟.. وأعقب هذا الاجتماع تصريحان مهمان، أحدهما على لسان العماد أيوب وزير الدفاع السورى قال فيه إن الجيش سيحرر مناطق تخضع لسيطرة المقاتلين الأكراد فى شمال وشرق البلاد، والثانى على لسان الفريق أول الغانمى، فإنه سيؤدى إلى استئناف الزيارات والتجارة بين البلدين.. أيضا لم يفوت القائد العام للحرس الثورى الإيرانى الفرصة ليصرح مؤكدا أن هناك 100 ألف عنصر مسلح فى سوريا كانوا يشاركون فى قتال داعش.
 
فتح المعابر على الحدود العراقية- السورية وتحول بعضها إلى منافذ يحتاج إليها الحرس الثورى الإيرانى من أجل نقل الأفراد والمعدات إلى الداخل السورى، بالإضافة إلى خطوات ملموسة فى استكمال المشروع الإيرانى الاستراتيجى حول شق طريق برى وطريق للسكك الحديدية يربط إيران بميناء اللاذقية السورى عبر مدينة البصرة العراقية.. التصريحات والمشروعات الإيرانية تحمل رسالة إلى موسكو تحديدا، ردا على تصريح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين حول ضرورة انسحاب جميع القوات الأمنية من سوريا بما فى ذلك التشكيلات العسكرية الإيرانية المختلفة.. ملامح المستقبل فى سوريا ستختلف بلا شك عن ملامح سوريا السابقة، فهناك 16 مدينة وبلدة فى سوريا تشهد دمارا بعد حروب استمرت ثمانى سنوات ويصل حجم التدمير فى حلب التى تعد ثانى أكبر المدن السورية بـ36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بحجم دمار وصل إلى 35 ألف مبنى، ثم مدينة حمص التى دمر فيها 13778 مبنى، والرقة 12781 مبنى، وحماة 6405 مبانٍ، ودير الزور 6405 مبان ومخيمات الديوك للاجئين الفلسطينيين بجنوب دمشق بحجم دمار 5489 وهناك الشمال الذى لم يتم حصر كل التدمير فيه.
 
حجم الدمار على الأرض يحتاج إلى خطة تعمير شاملة وطويلة فى حين تحتاج العملية السياسية إلى جولات أخرى، ففى حين تساند قوى عالمية وعربية وسورية محلية مثل حركة المجتمع الديمقراطى التى يقودها حزب الاتحاد الديمقراطى «بايادا»، التى تؤكد على الدور الفعال لقوات سوريا الديمقراطية «قسد» فى شمال وشرق سوريا، وبالتالى فإن دورها السياسى يجب دعمه.. الحركة أيضا تدعو لمشروع سياسى يعتمد على الإدارة الذاتية فى شمال سوريا والتأكيد على مفهوم الأمة الديمقراطية التى تأخذ من وحدة الأراضى السورية أساسا لها والتى بإمكانها أن تحل كافة المشاكل فى سوريا.. مؤكدة أيضا أن أى مقترح بعيد عن الإدارة الذاتية يعنى الإصرار على عدم الحل، وأنه يجب أن يكون لممثلى شمال وشرق سوريا مكان فى أى اجتماع يهدف لبناء سوريا من جديد.. فى المقابل يعود النظام التركى إلى التلويح بإمكانية شن عملية عسكرية جديدة شرق الفرات، ومن الطبيعى أن تركيا لا تريد نفوذا أكبر للأكراد فى تلك المنطقة الحدودية الملتهبة ولا حل سوى الحل العسكرى كإجراء حاسم فى هذا الشأن، ومن الواضح أن رغبة تركيا فى الحفاظ على علاقاتها بروسيا ستدفعها إلى أن تقبل على مضض إنشاء منطقة آمنة عازلة منزوعة السلاح متاخمة لشرق نهر الفرات، ومن المؤكد أن تركيا لن تقبل بغير سحق سلاح الأكراد لردع حزب العمل الكردستانى الكيان الأم للأكراد الذى تصنفه تركيا ودول غربية منظمة إرهابية.
 
سوريا ما بعد خروج داعش أمامها قضايا متعددة منها إعادة التعمير ومحاولة ترميم جراح المجتمع السورى قبل المدن المدمرة.. القضية الثانية هى الوجود التركى فى الشمال والوجود الإيرانى والروسى وكيفية إعادة السيادة على كامل الأرض بشكل واقعى.. القضية الثالثة التى ستواجه سوريا هى عودة اللاجئين من أوروبا والدول العربية وإعادة توطينهم وحل مشاكلهم.. وقضية أخرى أهم هى التعامل مع عناصر التنظيمات المعتقلة حاليا بسوريا والعناصر الهاربة، بالإضافة إلى عائلاتهم وخاصة مع وجود آلاف الأجانب بينهم.
 
ثمانى سنوات من الحرب والدمار ستحتاج إلى سنوات طويلة لمعالجة آثارها، وهو ما ستعمل عليه سوريا فى الفترة المقبلة شعبا وجيشا وحكومة لكى تعود مرة أخرى قوة مؤثرة فى المنطقة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

نقابة المهن التمثيلية تتخذ الإجراءات القانونية ضد ملكة جمال مصر إيرينا يسرى

باريس سان جيرمان يحقق إنجازا تاريخيا بعد التتويج بلقب كأس الإنتركونتيننتال

تالافيرا ضد الريال.. الملكى يتأهل لدور الـ16 بعد الفوز 3-2 بكأس الملك

أحمد فهمى: شخصية يحيى فى 2 قهوة تشبهنى ومرام على موهوبة

تحذير هام من الشبورة المائية.. حالة الطقس اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025


بعثة منتخب مصر تصل المغرب استعدادا للمشاركة فى بطولة أمم أفريقيا

تعرف على قائمة أبطال فيلم Street Fighter الجديد

باريس سان جيرمان يتوج بكأس إنتركونتيننتال على حساب فلامنجو بركلات الترجيح

القضية السابعة.. فيفا يقرر إيقاف قيد نادى الزمالك لـ 3 فترات جديدة

التصريح بدفن جثمان الفنانة نيفين مندور بعد الانتهاء من الصفة التشريحية


قرار عاجل من النيابة فى واقعة وفاة الفنانة نيفين مندور بالإسكندرية

مواعيد مباريات منتخب مصر فى بطولة أمم أفريقيا

رويترز: المملكة المتحدة تعفى حقل ظهر من العقوبات المفروضة على روسيا

غياب الزعيم عادل إمام عن عزاء شقيقته

ابنة نيكول سابا تظهر لأول مرة فى كليب تلج تلج احتفالاً بالكريسماس

رئيس الوزراء: نركز من الآن على خفض معدلات الفقر وإحداث نقلة فى حياة المواطن

مجدى فكرى يقلب السوشيال ميديا بصور لرجل مختل عقليا.. والفنان يكشف الحقيقة

طليقة مصطفى أبو سريع تحتفظ بصورهما بعد انفصالهما رسميًا

الأهلى يناقش استعارة لاعب سيراميكا فى يناير ضمن صفقة عمر كمال

نجل ملياردير هندى يهدى ميسى ساعة من فئة المليون.. اعرف سعرها

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى