بالنار والبيض والسمك.. الربيع يطل بوروده من آسيا فى احتفالات "عيد النوروز" بأسطيره وطقوسه.. الأكراد يشعلون النيران ويرتدون ملابس جديدة.. وإيران تعد سفرة السينات لجلب الحظ.. ونساء آذربيجان يأكلن الحلوى للإنجاب

أشعل الأكراد النار وجهز الإيرانيون سفرتهم وطهى القرقيزيون الأسماك وأعد الآذريون الحلوى، إيذانا بميلاد فصل الربيع من جديد بعد أشهر الشتاء البارد، ذلك المولود الذى يستقبله كل عام بلدان وشعوب وسط آسيا فى نهايات مارس، وهى وإيران والهند وباكستان وكازخستان وقرغيستان وطاجكستان وأذربيجان وتركمنستان، ودول ألبانيا ومقدونيا وجورجيا بأوروبا ويشمل قوميات الأكراد فى كل من العراق وتركيا وجنوب القوقاز والقرم ومنطقة البلقان وكشمير وكوجارات وشمال غرب الصين.

حلول الربيع فى هذه البلدان يعنى بداية عيد النوروز، ويحتفل به أكثر من 300 مليون نسمة من مختلف القوميات، والنوروز هى كلمة فارسية تعنى "اليوم الجديد"، وتشير الروايات التاريخية إلى أن جذور هذا العيد ترجع إلى بلاد فارس ما قبل الإسلام، ويأتى من تعاليم الديانة الإيرانية القديمة "الزرادشتية"، ويعتبر العيد أكبر الأعياد عند القومية الفارسية، وفى عام 2009 أدرجت منظمة اليونسكو هذا الاحتفال فى قائمتها للتراث العالمى واعتبرته العيد الأقدم فى العالم، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فى عام 2010 قرارا أعلن فيه يوم 21 مارس يوم نوروز يحتفل به كل عام، وفى الأمم المتحدة يتم الاحتفال به عبر تقديم رقصات ومراسم خاصة.

النوروز

ويرتبط اسم هذا العيد بالعديد من الأساطير وتختلف باختلاف الثقافات، كما تختلف الطقوس أيضا، ويتم حسابه فلكيا حيث يتزامن مع يوم تعامد الشمس على منتصف الكرة الأرضية (خط الاستواء) جالبة الاعتدال الربيعي إلى نصف الكرة الشمالي والاعتدال الخريفي إلى النصف الجنوبي حيث تتساوى فيه ساعات الليل والنهار وينتهى البرد، وتبدأ الزهور بالتفتح وتكتسي الطبيعة بلونها الأخضر والملون فهو عيد الربيع، ويلقى التقرير الضوء على الطقوس المختلفة للشعوب المحتفلة بالنوروز:

يمثل النوروز فى إيران بداية الربيع وعاما شمسيا جديدا، ويحتفظ الإيرانيون بالتقاليد القديمة التى تعود إلى آلاف السنين وإلى الحضارة الفارسية، حيث يقومون بتنظيف بيوتهم كذلك يقوم بتقليد يدعى "ليلة الأربعاء الأخير" حيث يقوم الصغار بإشعال الألعاب النارية بينما يقوم بعض الكبار بالقفز فوق أكوام صغيرة من النيران المشتعلة.

ويشترون الملابس الجديدة والحلوى، وتشهد الأسواق الإيرانية حركة ونشاطا كبيرين، وتتم حساب بداية العام فلكيا، وتستمر الاحتفالات الإيرانية بالعيد لمدة 14 يوماً ويتبادل الناس الحلوى والزيارات والخروج للتنزه وإقامة حفلات الشواء وغيرها من الأنشطة التي تقام خارج المنازل، ويستقبل الإيرانيون العام الجديد بإعداد مائدة تتكون من 7 أشياء تبدأ بحرف السين، وهى "سير" الثوم  و"سيب" التفاح و"سكة" العملة نقدية و"سنجد" تمر و"سماق" السماق و"سبزى" الخضراوات و"سمنو" حلوى، وكل منها يرمز إلى رمز معين فى العام الجديد.

سفرة السينات السبع

وبحسب الأسطورة الفارسية يعد النوروز تجسيدا لانتصار النور على الظلام، الخير على الشر، فالملك الفارسي جمشيد بن طهماسب جاب بقاع الأرض من شرقها إلى غربها محمولاً من قبل الجن، على سرير مرصع بالجواهر، وعندما جلس على العرش في نهاية المطاف، كان أول يوم من أيام الربيع، فابتهج واحتفل مع الشعب وعمت الفرحة الجميع، ليكون يوم 21 مارس أول أيام الربيع، عيداً يحتفل به الناس كل عام.

أما في كردستان العراق وسوريا فيعتبر عيد نوروز مناسبة رسمية إذ تعطل كل الجهات الحكومية والأهلية اعتباراً من 20 مارس، ويستعد الأكراد بشراء ملابس جديدة ويتزين النساء، والرجال، والأطفال باللباس الكردي التقليدي، ومن ثم الخروج به من المنازل إلى الطبيعة الخضراء، وطهي الأطباق التقليدية، ويتم إيقاد شعلة نوروز في كل المدن الكردية، والتي تسمى شعلة كاوة الحداد مأخوذة من أسطورة كردية، وتجري العائلات حفلات الرقص على الموسيقى الكردية، وإعداد موائد الطعام مساء.

كردستان

وتتميز التحضيرات للاحتفال بعيد "النوروز" بقرغيزستان بتقاليد قديمة، وأهم هذه التقاليد تحضير طبق "سمالاك"، وهو طبق رئيسي في عيد النوروز، وفى طاجيكستان يعد الطاجيك سفرة السبع سينات أيضا، ويعدون وجبات خاصة، مفعّمة بروح التجديد، كالسُمَنَك والتي ترمُز للوفرة والبركة، وتقيم ألبانيا مهرجان سنويا يطلق عليه "سلطان نيروزر"، ومن طقوس النوروز في طاجيكستان هو إجراء مباراة "بزكشي" حيث توضع عنزة وسط ساحة ويجتمع حولها الناس فيتم تقديم الهدايا لمن يدور حول العنزة دون توقف.

احياء النوروز

وفى جمهورية آذربيجان، يجهز الأذريون سفرة السينات السبع، وفى هذا اليوم تأكل المرأة التى لا تنجب حلوى "السمنو" لتكون قادرة على الإنجاب ويردد النساء الأشعار الآذرية، وفى تركمنستان يحتفل المزارعون بهذا العيد ويعتبرون عيد النوروز رمز الحياة الجديدة والبركة واليمن والرحمة والسعادة والرفاهية والسعة ولذة العيش، ويطبخ الأوزبك فى أوزبكستان أطعمة خاصة منها الشوربة والسمنك والخضار، وترتدى الفتيات ملابس العيد الجديدة ويتغنون بالألحان فى الشوارع ابتهاجا بحلول الربيع.