سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 4مارس 1966..طه حسين يغضب من أنيس منصور بسبب ندوة تليفزيونية و«عبقرية عمر» للعقاد ويصف كلامه بـ«السخيف»

دق جرس الهاتف فى منزل عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فى الثامنة مساء 25 فبراير 1966.. كان المتحدث ابنته أمينة، حسب سكرتيره الدكتور محمد الدسوقى فى كتابه «أيام مع طه حسين»، مضيفا: «دار بينها وبين والدها حديث قصير قال فور انتهائه: «ابن ابنتى وهو طالب فى الثانوية يقول: إن التلاميذ فى المدرسة يتناقلون فيما بينهم ما جاء على لسانى فى الندوة وهو أنى لم أفهم «عبقرية عمر» للعقاد، فكيف يفهمها هؤلاء التلاميذ؟».
 
يكشف الدسوقى: «كانت ندوة تليفزيونية عقدت فى بيت العميد منذ أيام، واشترك فيها أدباء وكتاب منهم، أنيس منصور «معد الندوة»، يوسف السباعى، ثروت أباظة، نجيب محفوظ، محمود أمين العالم، يوسف غراب، كامل زهيرى، وعبدالرحمن الشرقاوى، وأثار المشاركون فى الندوة مع العميد قضايا أدبية مختلفة، بعضها يتصل بأدب الشيوخ والشباب، وكان منها ما أثاره أنيس منصور عن العقاد ومنهجه فى الكتابة عن طائفة من الأعلام القدامى والمحدثين، وبخاصة أعلام الإسلام فى الصدر الأول، وقال العميد فيما قاله عن العقاد: «إنه يسرف حين يدرس شخصية من الشخصيات فى القضايا النفسية والفلسفية، ومن ثم يكتنف الغموض ما يكتبه، وأنه- أى العميد- لم يفهم «عبقرية عمر».
 
يتذكر «الدسوقى» أن العميد أضاف: «يبدو أنى أخطأت حين قلت بأنى لم أفهم «عبقرية عمر»، فهذا عيب فى وليس عيبا فى العقاد، وعلى كل حال فتقرير هذا الكتاب غير سديد، فمستواه فوق مستوى التلاميذ حتى بعض المدرسين».
 
كانت هناك أسرار أخرى حول الندوة كشف عنها أنيس منصور فغضب عميد الأدب العربى.. يذكر الدسوقى: «فى يوم الجمعة 4 مارس- مثل هذا اليوم- عام 1966، نشر أنيس منصور فى «أخبار الأدب» وهو باب كان يحرره فى صحيفة «الأخبار»، ويظهر كل يوم جمعة، نشر مقالا بعنوان: «لا هو ولا نحن قلنا كل شىء»، وصدر هذا المقال بالتنبيه التالى: «تنبيه: اتفقت مع الأستاذ فريد شحاته سكرتير طه حسين ألا يقرأ له هذا المقال».. يؤكد «الدسوقى»: «ما كدت أقرأ هذه العبارة حتى قال العميد: الحمد لله، فريد غير موجود اليوم».. وقرأت للعميد المقال وهو كما يلى:
 
«لم يكن فى الاستطاعة أن يقول طه حسين أكثر، أو غير ما قال، فهو مريض جدا فنحن حملناه على مقعد إلى الدور الأرضى ليجلس أمام كاميرات التليفزيون، وأنا أعلم أكثر من غيرى أنه بين لحظة وأخرى قد ينهار، وتعاوده حالة الإغماء التى تصيبه مرة أو مرتين فى اليوم الواحد، أو نفاجأ نحن بالسيدة حرم طه حسين فتهدم كل ما فى البيت على رؤوس كل من بالبيت من أدباء ومهندسين، ولذلك تواصينا على عدم إرهاق طه حسين، وأن نتركه هو الذى يقول ما يريد، ولايهم أبدا ما نقوله نحن، فلايزال أمامنا الكثير من الوقت لنقول فى الصحف وفى الإذاعة وفى التليفزيون، وليس هناك كثير من الوقت أمام عميد الأدب العربى، أطال الله حياته، هذه حقيقة».
 
يضيف أنيس فى مقاله: «أثار طه حسين قضايا ما كان يصح السكوت عليها، بل أصدر آراء وأحكاما عنيفة خاطفة، وكان لابد من مناقشتها لولا اتفاقية الصمت التى تم توقيعها بيننا قبل التسجيل، فرأى طه حسين فى كافكا والأدب الأسود يحتاج إلى مناقشة، ورأيه فى الاتجاهات الجديدة فى الأدب عند «آلان روب جربيه» أو «ألبير كامى»، أو حتى فهم طه حسين للفلسفة الوجودية يحتاج إلى مناقشة وتصحيح، وإن لم يكن من الضرورى أن يكون طه حسين ملما بكل الاتجاهات الجديدة فى الأدب أو فى المسرح أو فى السينما.. ليس ضروريا أن يتابع بشباب ويقظة كل هذه الاتجاهات الشابة الجديدة».
 
يواصل أنيس: «وعندما سألت طه حسين عن منهج العقاد، أو منهج التفسير النفسى فى الترجمة لأى أديب، أو فنان أو فى الترجمة الذاتية، وضربت مثلا بالعقاد فى سلسلة العبقريات، وأعلن طه حسين أنه لم يفهم العبقريات، كان لابد أن أساله: هل تفهم منهج العقاد؟ هل لم تفهم تطبيق العقاد لهذا المنهج؟ هل أنت تختلف معه على معنى العبقرية؟ هل العقاد أسرف فى استخدام هذه الكلمة؟ ولم أكن حريصا على أن أسأله وحدى، فأنا مسؤول عن البرنامج، ولم أشأ أن أجعل المناقشة تدور حول العقاد وطه حسين، وأنا أعرف ما بينهما، وطه حسين يعرف مدى حبى للعقاد، ورضيت بهذه الندوة أو هذه الجلسة العائلية التى التف فيها حول طه حسين عدد من الأدباء يمثلون ألوانا واتجاهات مختلفة فى الأدب والفن، وابتلعت الزلط من أجل نجاحها، ولم يكن من الضرورى أن يقول طه حسين، فمن أجل تصوير طه حسين صوتا وضوءا كانت هذه الحفلة التاريخية».
 
ينقل «الدسوقى» رد فعل العميد بعد انتهاء قراءة المقال له: «كان تعليق العميد على هذه المقالة كلمة واحدة هى: «سخيف»، يعنى الأستاذ أنيس، يتذكر الدسوقى: «قلت للعميد: هل تصدق ما ذكره الأستاذ أنيس فى صدر مقالته، قال: لا، ففريد يأخذ يوم الجمعة إجازة، فالاتفاق معه ألا يقرأ لى ما كتبه أنيس غير معقول، وهى كذبة سخيفة من أنيس».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

4 صفقات حائرة بين الأندية فى الانتقالات الصيفية الحالية.. أبرزها رضا سليم

الإيجار القديم.. هل تمنح الدولة المستأجرين أولوية للحصول على وحدات بديلة؟

الزمالك يترقب وصول مدربه الجديد يانيك فيريرا خلال ساعات

الأهلي يفاضل بين 3 عروض محلية لإعارة محمد عبد الله

مصر تدين التصريحات الإسرائيلية بشأن فرض السيادة على الضفة الغربية


اليوم السابع: مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديلات قانون الإيجار القديم

صراع رئاسى لا ينتهى بالموت.. قضية دفن رئيس زامبيا السابق إدجار لونجو لاتزال معلقة.. عائلته تصر على دفنه فى جنوب أفريقيا.. وحكومة لوساكا ترغب فى تكريمه فى بلاده.. ومحكمة ببريتوريا تؤجل القرار حتى أغسطس المقبل

رسمياً.. البنك الأهلى يتعاقد مع عمرو الجزار لمدة 3 مواسم

هيئة البث الإسرائيلية تعلن بدء مرحلة جديدة من العمليات العسكرية فى غزة

بعد حذف أغانى أحمد عامر.. الغناء حلال أم حرام؟.. رأى الغزالى وعبد الحليم محمود


النص الكامل لقانون الإيجار القديم بعد موافقة مجلس النواب

الحكومة تتدخل فى اللحظات الأخيرة وتنقذ "الإيجار القديم" بتعديل المادة الثامنة.. تؤكد: لن يتم إخلاء المستأجر الأصلى وزوجته دون بديل من اختياره.. ووزير الشئون النيابية: الدولة لن تسمح بأن يكون هناك مواطن بلا سكن

مصروفات وموعد سداد أقساط رسوم طلاب المدارس الرسمية 2026

انتداب مفتش الصحة لتوقيع الكشف على جثمان المطرب أحمد عامر داخل المسجد

النواب يوافق على اقتراح عدم إخلاء المستأجر الأصلى وزوجته قبل توفير بديل

مجلس النواب يوافق نهائيا على قانون الإيجار القديم

الحكومة: "قانون الإيجار القديم ما ذكرش الإخلاء.. والمادة 8 ستثلج الصدور"

وزارة التعليم تصدر تعليمات تنظيمية بشأن تحويلات طلاب المرحلة الثانوية 2026

مجلس النواب يوافق على نص المادة 2 بمشروع قانون الإيجار القديم

أمل حجازى تخلع الحجاب بعد 8 سنوات من ارتدائه واعتزال الغناء

لا يفوتك


أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي

أحمد شوبير: محمد شريف أهلاوي الأربعاء، 02 يوليو 2025 06:56 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى