نحو إدراك حقيقي للعلاقات الدولية المعاصرة (4)

د.احمد الصياد
د.احمد الصياد
بقلم د.احمد الصياد

تحليلات كثيرة تتناول أداء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتباره شخصية مثيرة للجدل، وباعث علي انتظار المفاجآت في أي وقت. سواء بقراراته أو بتعليقاته علي مواقع التواصل الاجتماعي التي يوليها أهمية كبيرة بشكل لافت للنظر.

والواقع أن ترامب لم يتغير أبداً منذ أن كان مرشحاً رئاسياً تتابعه وسائل الإعلام عام 2016، وكانت التوقعات في معظمها لا ترجح فوزه، لقلة خبرته السياسية، بينما كانت فرصته في الفوز تستند إلي أن منافسته السابقة هيلاري كلينتون قد استنفذت صلاحياتها في المجتمع الأمريكي؛ إذ قضت سنوات في البيت الأبيض كسيدة أولي للولايات المتحدة في عهد رئاسة زوجها كلينتون، ثم أمضت سنوات وهي وزيرة للخارجية الأمريكية، ولم تحقق نجاحاً دبلوماسياً يتفق وما حققه زوجها رئيساً، بخلاف ما نالها من انتقادات متناثرة من بينها سهولة اختراق الإيميل الخاص بها والمدون به بعض أسرار عملها كوزيرة للخارجية، وأعلنت بنفسها أن خبرتها قليلة في التعامل مع الإيميل الخاص بها!. ومن ثم كان رحيلها إلي رفوف التاريخ أمراً طبيعياً، بالنظر إلي طول فترة بقائها في دوائر الضوء الأمريكية من دون أن تحقق إنجازاً يسمح لها بالاستمرار في مواجهة الفرصة في التغيير التي أتاحها اختيار ترامب المرشح القادم من دوائر المال والأعمال خارج النخب السياسية التقليدية.

وطبيعي أن يمتد طموح ترامب إلي تولي ولاية ثانية، بالرغم من معارضات ليست بالقليلة يواجهها من داخل حزبه الجمهورى، فضلاً عن محاولات جادة من جانب الحزب الديمقراطي لعزله قبل انتهاء ولايته الأولي!. حتى أن تقرير مولر الذي أنصف ترامب بات مطلوباً في مجلس النواب تحديداً حيث الأغلبية الديمقراطية، عسي أن يجدوا فيه ما يدعم ويعزز من فرص عزل ترامب. وكان التقرير قد نفي عن ترامب تعاونه من روسيا إبان الانتخابات الأمريكية، وإن لم يؤكد أن الرجل حاول وسعي إلي عرقلة العدالة. وكلها اتهامات يمكن تطويرها في القريب، لو تخلي الحزب الجمهورى عن دعم ممثلهم في البيت الأبيض. ومن المعروف أن النظام السياسي الأمريكي يتميز بعدم الانتماء الحزبي؛ إذ ليس بالضرورة أن يجد كل قرار لترامب الدعم والمساندة من أبناء الحزب في الكونجرس الأمريكي.

وقد مثل انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة دعماً كبيراً لليمين المتطرف في أوروبا، فكان العام 2016 نقطة انطلاق لهذا التيار السياسي بفكره الشعبوي، المناهض للعولمة، والمضاد لفكرة الكتلة الأوروبية. إلا أن خطوات اليمين المتطرف أخذت في التراجع، وإن لم تتوقف تماماً. غير أن المشكلات التي تتعرض لها بريطانيا أثناء محاولاتها الخروج من الكتلة الأوروبية، تمثل بالفعل عاملاً مهماً في إعادة الشعوب الأوروبية النظر في خروج مماثل، حتى أن بعض المحللين يتجهون بدراساتهم نحو بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي إذا ما أضطرت إلي إجراء استفتاء شعبي آخر حول الخروج "بريكزت". وفي الخلفية لا تهبط معدلات المخاوف التي سينجرف إليها الاقتصاد البريطاني إذا ما تم "البريكزت".

إلا أن ترامب، علي الضفة الأخرى من الأطلنطي، لا يمكن توقع تراجعه عن أفكاره الشعبوية، فهي جزء من اليقين الراسخ في شخصيته، ويضاف إلي ذلك أن سعيه حثيث ومشهود في كسب ود وتأييد اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. ما دفع به إلي قرارات مفاجئة وصادمة، لكنها تحقق له قفزات غير مسبوقة، قدر ما هي غير متوقعة. وفي ذلك راجع قرارته بشأن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس، والاعتراف بسيادة إسرائيل الكاملة علي مرتفعات الجولان السورية، هذا بخلاف مغادرته الاتفاق النووي مع إيران (5+1)، ورحل أيضاً من اتفاقية باريس العالمية لمكافحة التغيرات المناخية، إلي جانب تهديده لحلفائه الأوروبيين لدفعهم نحو زيادة مساهماتهم في ميزانية حلف الناتو، وقد حدث بالفعل ما أراد، هذا إلي جانب مساوماته التجارية والقرارات الحمائية سواء مع حلفائه الأوروبيين أو الصين، وغير ذلك كثير من السياسات والقرارات التي اتخذها ترامب دفاعاً كما يري عن بلاده.

 

وفي الاتجاه ذاته يسعي ترامب إلي تحقيق نجاح لافت وغير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط من خلال ما يضمره من "صفقة القرن" التي ستعلن عنها واشنطن في أعقاب تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ما يشير إلي طموح كبير تتميز به بالفعل الشعبوية السياسية التي يعبر عنها ترامب، وهي طموحات قد تنتج إحباطات كبيرة إذا ما فشلت في تحقيق أهدافها، وعندها يكون السقوط سريعاً، ولا يمكن إيقافه.   

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الاستثمار فى المستقبل.. كيف تبنى مصر اقتصادًا مقاومًا للصدمات؟.. خارطة طريق لرفع الادخار لـ15.5% من الناتج المحلى 2028.. و45 مليار دولار مستهدفات تحويلات المصريين بالخارج.. و40 مليارًا استثمارات أجنبية مباشرة

منتخب مصر للشباب مع تشيلي مستضيف البطولة واليابان ونيوزيلندا فى كأس العالم

منتخب الكاراتيه يبدأ منافسات الدورى العالمى بالمغرب

للصائمين.. موعد أذان الفجر اليوم الجمعة 30 مايو ثالث أيام ذى الحجة

روبي تلتقى جمهورها فى الأردن الليلة


طولان: الزمالك قادر على الفوز بكأس مصر.. والأبيض يبقى بتاريخه وجماهيره

تجديد مسلسل Hacks لموسم خامس

الخارجية: لا مساس على الإطلاق بدير سانت كاترين والأماكن الأثرية التابعة له

أبطال الظل.. 4 قصص رياضية مُلهمة ترسم الأمل.. يحيى شعبان "عامل يومية" يكافح بكفين من العطاء.. نادية فكري "بطلة" هزمت الإعاقة بالحديد.. صابر عيد "تاريخ منسي" مع المرض.. وأسامة ربيع "صنايعي بناء" يلامس سقف أحلامه

قادرون باختلاف.. "آلاء" بطلة من ذوى الإعاقة سراج يضيئ أركان منزل أسرتها.. حصدت ميداليات ذهبية فى ألعاب القوى.. نالت تكريم قرينة رئيس الجمهورية فى احتفالية المجلس القومى لمتحدى الإعاقة.. ووالدتها: نشعر بالفخر


بعد أسبوعين من الزواج.. سيدة تطالب بالخلع: "هددنى ورفض رد مصوغاتى"

اعرف نفسك واللى حواليك من علم الفلك.. 5 أبراج معروفة بإلاخلاص للأصدقاء خاصة وقت الشدة أبرزها الجدى.. و4 حالتهم المزاجية بتتغير طول فصل الصيف.. الجوزاء والحوت يحللون ويفكرون كثيرًا قبل اتخاذ أى قرار

أحمد فهمى وكزبرة وفتحى عبد الوهاب يؤازرون إياد صالح فى عزاء والده (صور)

أليجري يوقع عقود تدريب ميلان بداية من الموسم المقبل

موعد مباراة بيراميدز وصن داونز فى إياب نهائى دوري أبطال أفريقيا

ياسر جلال يحتفل بتخرج ابنته قدرية من الثانوية العامة الألمانية.. صور

البيت الأبيض: إسرائيل وافقت على اقتراح وقف إطلاق النار والمناقشات مستمرة مع حماس

البنك الأهلى يقبل اعتذار مدير التعاقدات عن عدم استمراره فى منصبه

عبد الله السعيد يقرب طارق حامد من العودة إلى الزمالك

كل عام وأنتم بخير.. إجازة عيد الأضحى من الخميس 5 يونيو إلى الاثنين 9 يونيو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى