سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 أبريل 1957.. «عبدالناصر» يهدد سفير إيطاليا بالطرد لقرارها إخراج محمد فائق من الصومال ورفضها حضوره تحقيقات اغتيال السفير محمد كمال الدين

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر
كان السفير محمد كمال الدين صلاح، يعبر الشارع أمام منزله فى العاصمة الصومالية «مقديشيو» يوم 16 إبريل 1957، وفجأة هجم عليه شاب يحمل سكينا، وطعنه فى ظهره، وظل يطعنه إلى أن سقط مضرجا بدمائه، حسبما يذكر الكاتب الصحفى أحمد بهاء الدين فى كتابه «مؤامرة فى أفريقيا»، مضيفا: «تمكن بعض الذين رأوا الحادث من القبض على القاتل، أما مندوب مصر فكانت لديه بقية من قوة مد بها يديه إلى الوراء، وانتزع السكين المغروس فى ظهره، ولكنهم عندما وصلوا به إلى المستشفى، كان قد أسلم الروح».
 
كانت الصومال تحت الاستعمار الإيطالى، وكان «كمال الدين» مندوبا لمصرفى المجلس الاستشارى «الوصاية» بالصومال الذى شكلته الأمم المتحدة عام 1954، وحين اغتيل كان فى السابعة والأربعين، مواليد 28 مايو 1910، ووفقا لفتحى رضوان فى كتابه «نصف قرن بين السياسة والأدب»: بدأ كمال حياته مناضلا فى الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل، وفى إبريل 1954 كان قنصلا لمصر فى مرسيليا، وعندما تلقى قرار نقله إلى الصومال، لم يكن لمصر تمثيل دبلوماسى فيه، لكن الأمم المتحدة كانت شكلت مجلسا للوصاية عليه يتكون من مصر والفليبين وكولومبيا لمراقبة نقله من مرحلة الوصاية إلى الاستقلال، وكان هو ممثل مصر»، ويذكر الدكتور محمد عبد المؤمن فى كتابه «مصر والصراع فى القرن الأفريقى 1954-1981»، أن مهمة «كمال الدين» كان لها صفة دولية، لهذا عملت مصر على افتتاح قنصلية لها فى الصومال لزيادة نشاطها، وعدم إتاحة الفرصة للإدارة الإيطالية لمهاجمة ممثلها فى المجلس الاستشارى، وقع «كمال الدين» فى غرام الصومال، حسبما يؤكد «بهاء الدين»، مضيفا أنه كان يكتب يومياته فيها، ويرسل خطابات لزوجته عن جولاته واختلاطه بالأهالى، وحديثه وصلاته معهم فى المساجد، ويصف أحوال الناس بالفقر الشديد، وعيش الكثير منهم على الفطرة كيوم هبط جدنا آدم إلى الأرض، ورؤيته لعشرات الألوف فى الغابات والمراعى شبه عرايا ليس على أبدانهم سوى ما يستر عوراتهم، ويأكلون مما يحصلون عليه من جيد الغابة، وفى فترة قصيرة اكتسب ثقة الصوماليين، وأصبح مستشارهم الأول فى كل شىء، ووضع لهم خطة اقتصادية لمعالجة الفقر، وخاض معهم معركة جعل اللغة العربية لغة البلاد الرسمية، وأدى ذلك إلى أن يكون التخلص منه هدفا استعماريا، وودعه الصوماليون فى جنازة مهيبة، وصلوا عليه فى مبنى البرلمان، ورافق جثمانه إلى القاهرة وفد صومالى قابل جمال عبدالناصر.  
 
فور وقوع الاغتيال تحركت مصر فى عدة اتجاهات، حيث كلف الرئيس جمال عبد الناصر، محمد فائق، مدير مكتب الشؤون الأفريقية، برئاسة الجمهورية بالسفر إلى مقديشيو لمتابعة التحقيقات، ودراسة الحالة فى الصومال، كما رغبت مصر فى قيام لجنة تحقيق دولية، ونقل قنصل مصر فى مقديشيو عمران الشافعى تلك الرغبة لرئيس الوزراء الصومالى عبدالله عيسى وشخصيات من حزب «وحدة الشباب الصومالى» الذى يرتبط بعلاقات طيبة مع مصر.
 
يؤكد عبدالمؤمن: «تلقت مصر فى 26 إبريل «مثل هذا اليوم» 1957 مذكرة سرية من قنصلها تفيد بأن عبدالله عيسى أبلغه أن الحاكم الإيطالى للصومال رفض، بحجة أن القانون الإيطالى المطبق فى الصومال لا يسمح بحضور أية لجنة تحقيق مصرية أو دولية»، يتذكر «فائق» فى كتابه «عبد الناصر والثورة الأفريقية»، الموقف نحوه منذ وصوله إلى مقديشيو: «قمت باتصالات واسعة مع جميع العناصر الوطنية متعمدا إظهار حجم هذه الاتصالات أمام الإدارة الإيطالية، كما قمت بنشاط واسع بين الجماعات الدينية، والتقيت بالجموع الصومالية فى الجوامع والجمعيات وأماكن التجمعات، بغرض تأكيد دور مصر وإظهار إصرارها على المضى فى تحمل مسؤوليتها التاريخية كاملة، ولم يمض على وجودى أكثر من بضعة أيام حتى أبلغت الإدارة الإيطالية القنصل المصرى بأننى أصبحت شخصية غير مرغوب فيها، وطلبت أن أغادر مقديشيو فى ظرف 48 ساعة».
 
يذكر فائق: «انتشر الخبر فى المدينة فأحدث رد فعل قويا، وتوافد على محل إقامتى أعداد كبيرة من الوطنيين الصوماليين والسياسيين أصدقاء مصر، والمؤمنين بأهمية الدور المصرى فى الصومال، وكانوا فى أشد حالات السخط على الإدارة الإيطالية، ولكنهم يترقبون ما سوف تسفر عنه الأحداث»، يؤكد فائق: «استدعت الخارجية المصرية السفير الإيطالى بناء على تعليمات الرئيس عبدالناصر، وفى مبنى الوزارة أخطره السفير عبدالفتاح حسن، نائب وزير الخارجية، بأنه، أى السفير، سيعتبر شخصية غير مرغوب فيها، وسيكون عليه مغادرة القاهرة فورا، إذا لم ترجع الإدارة الإيطالية فى مقديشيو عن قرارها الخاص بإبعادى».
 
يؤكد «فايق»: اضطرت الإدارة الإيطالية إلى التراجع، وبقيت فى مقديشيو لفترة أخرى ومارست نشاطا واسعا، وكان هذا بطبيعة الحال تعزيزا لموقفنا هناك أمام الوطنيين الذين عرفوا أن مصر تستطيع أن تقف أمام النفوذ الإيطالى، وبعد عودتى قرر عبدالناصر تدعيم البعثة التعليمية المصرية فى الصومال، وزيادة أفراد القنصلية، وعين مندوبا جديدا هو الدكتور محمد حسن الزيات».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأكثر فوزا بلقب الدوري الإسباني فى التاريخ بعد تتويج برشلونة.. إنفوجراف

العين جامدة.. نجاة الدكتور جمال شعبان بعد انفجار إطار سيارته

صرف بوسى شلبى من النيابة بعد التحقيق معها فى اتهام أسرة محمود عبد العزيز لها بالتزوير

عبد المنعم عمارة: شركة سعودية كبيرة تريد الاستثمار فى الإسماعيلي رياضياً بداية من الموسم المقبل

إصابة 12 شخصا فى سقوط أسانسير بمستشفى الجامعة بشبين الكوم


موعد أول سحور فى ذى الحجة.. وقت أذان الفجر وحكم صيام العشر الأوائل

محامى عمرو وأحمد الدجوى: آخرون من العائلة سرقوا وادعوا على موكلينا

موعد مباراة الأهلى والزمالك لحسم التأهل لنهائى دورى سوبر السلة

الزمالك يكثف المفاوضات لضم صفقات جديدة بعد حل أزمة القيد

كولر يترقب رحيل ميشيل يانكون من الأهلي لضمّه في جهازه الجديد


جلسة بين الأهلي وفاركو لحسم التعاقد مع ياسين مرعي وعمرو ناصر

إيلي كوهين.. ماذا تعرف عن أشهر جواسيس إسرائيل فى الستينيات

نهى صالح تحتفل بزفافها وتكشف عن صورها بالفستان الأبيض

سيارة بنتايج تكشف حقيقة الرحيل عن الزمالك

موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025

بريطانيا تحذر مواطنيها: استحموا أسرع قبل فرض قيود لاستخدام المياه وحظر الخراطيم

ذكرى رحيل سمير غانم.. ما لا تعرفه عن نصيحة عادل إمام التى لم ينفذها

تطورات واقعة سرقة مبالغ مالية ومشغولات ذهبية من فيلا نوال الدجوى

نهاية الرحلة.. الأهلي يوجه الشكر إلى علي معلول نهاية الموسم

موسم كارثي يطارد إنتر ميامى قبل مواجهة الأهلي فى كأس العالم للأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى