«السُم» التركى الجديد

محمد الدسوقى رشدى
محمد الدسوقى رشدى
بقلم محمد الدسوقى رشدى
يسخرون منك إذا تحدثت عن الأطماع التركية فى المنطقة، ويخرسون تماما حينما تأتيهم بالدليل من فم تركى أصيل.
 
لم يعد الحديث عن طمع تركيا فى ممارسة دور إقليمى مسيطر ومستحوذ غريبا أو «فضفضة» دراسات مستقبلية أو كلمات فى إطار تنظير يخالف الواقع، بل أصبح الأمر ضرورة ملحة فى ظل التحركات التركية لزرع أفكار الخلافة وعودة تركيا لريادة العالم الإسلامى من جديد، حاول الأتراك من بعد 2011 أن يزرعوا أفكارهم مستخدمين مرتزقة فى ثوب جماعات وتيارات سياسية مثل الإخوان المسلمين، ولكن مساعهم خاب بخروج الإخوان من دوائر السلطة والثقة فى مصر وسوريا والخليج العربى، لذا كان على أردوغان أن يبحث عن طريق آخر يروى بها أفكاره وأطماعه ويزرعها مجددا فى عقول الأجيال الجديدة فى الدول العربية والإسلامية.
 
لم تخترع تركيا أسلوبا جديدا لتمرير أفكارها، بل استفادت من التجربة المصرية فى الاستحواذ على عقل ووجدان العالم العربى فى عقود مضت مستخدمة فى ذلك قوتها الناعمة دراما وسينمائيا، وبدأت الدراما التركية تغزو العالم العربى وتؤثر فى منازله وتكوينه الاجتماعى والنفسى، لا أحدثك هنا عن حالات الانبهار بنور ومهند أو المنازل وجمال الطبيعة والتصوير فى المسلسلات التركية، بل أحدثك عن تسويق ممنهج لكل الأفكار والأنماط الاجتماعية التركية التى تم بثها فى عقول المسلمين والعرب مع المرحلة الأولى للعبة الدراما التركية فى المنطقة.
 
تركيا بدأت اللعبة الدرامية بشكل تدريجى، الخطوة الأولى كانت خطوة الجذب بقصص اجتماعية مثيرة وصورة لجمال ونظافة وتحضر تركيا، وفى خطوتها الثانية بدأت بعض من التشويق والجذب للتاريخ التركى والسلطنة العثمانية كما ظهر فى «حريم السلطان»، والآن تبدأ فى الخطوة الأخطر ممثلة فى مسلسل السلطان عبدالحميد، سلاح تركيا الجديد لتزييف الحقائق والتاريخ وتحقير الدور العربى والمصرى، ورفع شأن فكرة الخلافة التركية وتقديم عمل درامى له هدف واحد يقول بأن الإسلام لن يكون فى أمان أو عز أو تقدم إلا إذا عادت راية الخلافة العثمانية أو التركية مجددا.
 
ما يبثه مسلسل السلطان عبد الحميد من سموم وأفكار هى فى أصلها تعبر عن المنهج الإخوانى ورسائل حسن البنا وكتبه وفلسفته التى تهدف إلى تحقيق الهدف الأسمى وهو الخلافة، لا يمكن أن تتعامل معها بشكل منفصل عن التصريحات التركية الرسمية التى تعزز فكرة ضرورة ريادة تركيا للعالم الإسلامى، تحت راية الخلافة لحماية الإسلام واسترداد كرامة الإسلام المفقود.
 
فإذا كانت حلقات الدرامية لمسلسل السلطان عبد الحميد التى تحقق نسب مشاهدة عالية فى مختلف الدول العربية والإسلامية، ووصلت إلى ملايين المشاهدات والمتابعين فى دولة مثل إندونسيا، تروج لهدف واحد دائم على لسان السلطان عبد الحميد يقول بأنه لا إسلام بدون تركيا ولا تركيا بدون إسلام، فإن رئيس البرلمان التركى «يلدريم» يقول فى الواقع نفس المعنى، ويؤكد عليه كما قال فى كلمته، خلال الدورة الحادية عشرة لاجتماع «الجمعية البرلمانية الآسيوية» فى إسطنبول: السلام والاستقرار انتهى واختفت الأخوة فى المنطقة بعد انتهاء الدولة العثمانية.
 
تلك هى رسالة تركيا الجديدة التى تسعى بكل قوة إلى زرعها فى نفوس وعقول الأجيال الجديدة فى مختلف دول العالم الإسلامى.
 
بخلاف ما يقدمه مسلسل السلطان عبد الحميد من خدمة تحسين لصورة السلطان العثمانى بوجبة أكاذيب ومبالغات تاريخية واضحة، يبقى الحشو الدرامى فى كل مشاهد المسلسل هدفه واحد ووحيد، وهو تفخيم وتعظيم فكرة قوة وكرامة الفرد التركى، وأنه هو حامى الإسلام الذى كان يذل أعناق الرجال فى بريطانيا وأمريكا وروسيا وفرنسا وألمانيا، ويبدو ذلك جليا فى الكلمة التى يتم تكرارها على لسان السلطان عبد الحميد فى المسلسل وهو يتحدث عن علم الخلافة قائلا: أما الهلال فهو الإسلام وأما النجمة التى يحتضنها فهى تركيا، ويجب على الجميع أن يعلم أنه لا هلال بدون نجمة ولا نجمة بدون هلال، تلك رسالة تركيا الدرامية المسمومة، تربط الإسلام وعزته وكرامته بعودة الخلافة التركية مجددا، وبحلم أردوغان فى السلطنة.
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مسيرة فنية كبيرة.. 19 عاما على رحيل النجم عبد المنعم مدبولى

الطقس اليوم الأربعاء 9-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

محمد صلاح يتفوق على يامال وفينيسيوس في سباق أفضل أجنحة العالم

بالأرقام.. حصاد ماريسكا مع تشيلسى بعد التأهل لنهائى كأس العالم للأندية

القطار الأسرع فى مصر.. مواعيد "تالجو" وأسعار الرحلات اليوم الأربعاء 9-7-2025


محاولات لإنهاء أزمة سيف الجزيرى في الزمالك

محمد صلاح يزين قائمة الأكثر موهبة في تاريخ ليفربول

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

مرسى مطروح مصيف السعادة.. متعة السباحة والمناظر الخلابة تُحسن المزاج وتجدد النشاط.. ملايين المصريين والسياح أسرى طبيعة مطروح البكر.. والشواطئ على موعد مع ذروة المصيف والصخب الجميل بعد نهاية امتحانات الثانوية

مدرب فلوميننسى بعد السقوط ضد تشيلسى: نغادر مونديال الأندية مرفوعى الرأس


للأزواج.. إجراء بمحكمة الأسرة لو زوجتك طالبتك بنفقات غير مستحقة

اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

ترامب يعلن حضور نهائى كأس العالم للأندية 2025

تفاصيل التحقيق مع متهم بالنصب على المواطنين بزعم توفير فرص عمل بالخارج

المسارات البديلة بعد غلق الطريق الإقليمى لتنفيذ أعمال إصلاحات لمدة 7 أيام

جواو بيدرو يتوج بجائزة أفضل لاعب فى مواجهة فلوميننسى ضد تشيلسى

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

الحرارة تصل 42 درجة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025

عماد سليمان يعتذر عن الاستمرار فى رئاسة قطاع الكرة بالاسماعيلى

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى