نسور لقمان والنخبة المصرية

محمد الدسوقى رشدى
محمد الدسوقى رشدى
محمد الدسوقى رشدى
فى أوراق الأثر العربية الكثير من الحكايات بعضها أسطورة تمت صياغتها بعناية، وقصص أخرى واقعية لا غلو فيها ولا شطط، وفى منتصف ما بينهما تتناثر عدة حكايات شديدة الإغراء، ومن فرط جمالها ومقصدها وهدفها تتلاشى الحدود الفاصلة بين أن تكون أسطورة أو قصة واقعية، فقط تستمتع بتكرار نفس القصة مرة وثانية وثالثة للبحث عن المعنى المختبئ بين سطورها.
 
واحدة من هذه الحكايات تحمل اسم الخلود وبطلها الملك لقمان بن عاد، القوى الطامع فى البقاء دومًا فوق كرسى العرش، من لا يريد الموت ولا الفقر ولا الضياع هو فقط يريد كل شىء، لذا طلب الخلود، وظن أنه سيعيش حياته كملك.
 
عاش لقمان بن عاد فعلًا ونال الخلود الذى طلبه، ولكنه أغفل الكثير من الأشياء، أغفل تغير الزمن حوله، ورحيل الأحباب من حوله فعاش غريبًا فى زمن أغرب من خياله والغريب عن الأرض يقولون إنه أعمى حتى ولو كان بصيرًا، أما الغريب عن الأرض والزمن والأحباب فهو ميت لا محالة.. روح ميتة فى ثوب جسد حى.
 
طلب لقمان بن عاد الخلود، وحصل على طول البقاء بما يوازى بقاء 7 نسور كلما هلك نسر أعقبه آخر، بنفس العملية الطبيعية التى يمدد بها النسر عمره يختلى بنفسه فى أعلى الجبل ويكسر منقاره ويغير ريشه ويستبدل مخالبه ثم ينطلق لحياة جديدة، لقمان بن عاد نال الخلود وتوج على الملك بقوته وأساطيره وحكمته وتغيرت عليه العقول والأجيال والنفوس، حتى وجد نفسه غريبًا فى زمن لا يعرفه لا ينفعه خلوده ولا بقاؤه ولا ملكه، فكيف يعيش فى أزمنة لا يفهمها ولا يجيد التواصل مع أهلها؟ أى ملك وخلود فى أن يعيش منبوذًا شريدًا، لذا كان الحل المثالى للقمان بن عاد أن يطلب الموت، الموت هو سبيله للهروب من ذل تداعى الزمن واختلاف البشر والزمن، خاصة بعدما بدأ أهل اليمن يسخرون من شيبته غير مقتنعين أنه الملك لقمان، وأنه عاش كل هذه السنوات، ووصل الحال بأهل اليمن أن ألبسوا نعمان بن عاد قشر بطيخ وزفوه فى الشوارع، وكأنه ملك على سبيل السخرية مما كان يدعيه.
 
قصة لقمان سواء كانت واقعًا أو أسطورة أو خليطًا من الجنسين، تبقى درسًا مهمًا لكل سياسى وفنان وشخصية عامة فى مصر، لا أحد يمدد بقاءه بالتمنى أو بالسلطان، تمديد البقاء لن يتم سوى بالتطوير والتواصل مع الناس، عليك فقط أن تعيش زمانك، واعلم أن طول العمر لا يحمل بين طياته سوى الشقاء، عش زمانك واعلم أن لكل جيل وقته، ولكل زمن رجاله، والراغب فى العبور من زمنه إلى زمن غيره لن ينال سوى مصير النسر السابع للقمان بن عاد، ضعف ورغبة فى انتحار، واستسلام مثير للشفقة فى يد عجوز لم تعد ترى الأمل سوى فى الموت.
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مسيرة فنية كبيرة.. 19 عاما على رحيل النجم عبد المنعم مدبولى

الطقس اليوم الأربعاء 9-7-2025.. أجواء شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

محمد صلاح يتفوق على يامال وفينيسيوس في سباق أفضل أجنحة العالم

بالأرقام.. حصاد ماريسكا مع تشيلسى بعد التأهل لنهائى كأس العالم للأندية

القطار الأسرع فى مصر.. مواعيد "تالجو" وأسعار الرحلات اليوم الأربعاء 9-7-2025


محاولات لإنهاء أزمة سيف الجزيرى في الزمالك

محمد صلاح يزين قائمة الأكثر موهبة في تاريخ ليفربول

قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

مرسى مطروح مصيف السعادة.. متعة السباحة والمناظر الخلابة تُحسن المزاج وتجدد النشاط.. ملايين المصريين والسياح أسرى طبيعة مطروح البكر.. والشواطئ على موعد مع ذروة المصيف والصخب الجميل بعد نهاية امتحانات الثانوية

مدرب فلوميننسى بعد السقوط ضد تشيلسى: نغادر مونديال الأندية مرفوعى الرأس


للأزواج.. إجراء بمحكمة الأسرة لو زوجتك طالبتك بنفقات غير مستحقة

اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

ترامب يعلن حضور نهائى كأس العالم للأندية 2025

تفاصيل التحقيق مع متهم بالنصب على المواطنين بزعم توفير فرص عمل بالخارج

المسارات البديلة بعد غلق الطريق الإقليمى لتنفيذ أعمال إصلاحات لمدة 7 أيام

جواو بيدرو يتوج بجائزة أفضل لاعب فى مواجهة فلوميننسى ضد تشيلسى

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

الحرارة تصل 42 درجة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025

عماد سليمان يعتذر عن الاستمرار فى رئاسة قطاع الكرة بالاسماعيلى

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى