سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 مايو 1901.. الخديو عباس الثانى يعفو عن أحمد عرابى ويسمح له بالعودة إلى مصر من منفاه فى سيلان

الخديو عباس الثانى
الخديو عباس الثانى
زار ولى عهد بريطانيا دوق كورنول ويورك، وزوجته، جزيرة سيلان، فوجدها أحمد عرابى فرصة لمقابلته كى يشرح له قضيته أملا فى وساطته من أجل العودة إلى مصر، فاستمع إليه ولى العهد، حسبما يذكر عرابى فى مذكراته.
 
كان عرابى منفيا فى جزيرة سيلان أو«جنة آدم»، كما سماها هو، بعد فشل ثورته ضد الخديو توفيق على إثر هزيمته من القوات البريطانية فى معركة التل الكبير يوم 13 سبتمبر 1881، ووصول هذه القوات إلى القاهرة واحتلالها يوم 14 سبتمبر، وأحيل عرابى وقادة الثورة إلى المحاكمة، ووفقا لعرابى، فإن المحكمة قضت يوم 3 ديسمبر 1882 بإعدامه، وبعد أن تلا رئيس المحكمة الحكم جلس دقيقة ثم قام بتلاوة أمر الخديو توفيق باستبدال النفى المؤبد بالقتل، وبعد أربعة أيام «7 ديسمبر» قام رئيس المحكمة بنفس الفعل ضد محمود باشا سامى، وعلى باشا فهمى، وعبدالعال باشا حلمى، وطلبة باشا عصمت، وبعد ثلاثة أيام 10 ديسمبر، كرر القاضى نفس الفعل ضد يعقوب باشا سامى، ومحمود باشا فهمى.
 
فى الساعة الوحدة بعد ظهر يوم 28 ديسمبر 1882، أقلعت الباخرة من السويس بالمنفيين وذويهم.. يتذكر عرابى: «قامت بنا الباخرة تشق عباب البحر قاصدة جزيرة سيلان، وبعد قيامها ولينا وجوهنا شطر مصر ننظر إلى جمالها وحسن منظرها، ونودعها بقولنا: «يا كنانة الله صبرا على الأذى، حتى يأتى الله لك بالنصر»، يضيف: «وصلنا فى غروب يوم 9 يناير 1883 إلى ميناء كولمبو، وفى 10 يناير خرجنا إلى البر فوجدنا رصيف الميناء مزدحما، كلهم يشيرون إلينا بالسلام، وتوجهنا إلى البيوت المعدة وعددها أربعة».
 
تصف الدكتورة لطيفة سالم دراما حياة المنفيين فى «جنة آدم» قائلة فى كتابها «عرابى ورفاقه فى جنة آدم»: «حملت بين طياتها البؤس والشقاء والضياع، حيث أحيطوا بظروف مادية ونفسية ومرضية صعبة، انعكست على تصرفاتهم وعلاقاتهم»، تؤكد: «لم تثمر أية مجهودات للتحسين من أوضاعهم إلا بالنرر اليسير، وتعثرت رغباتهم وحيل دون تحقيقها، ورغم ذلك لم يصمتوا، وإنما مضت توسلاتهم للخروج من جنة آدم، وواصلوا المساعى من أجل العودة إلى مصر، لكن الرافضين أصروا على موقفهم».. تضيف سالم: «الظروف التى تعرضوا لها قبيل نفيهم، ثم تلك التى أحاطت بهم من كل جهة بعده، أثرت على نفسيتهم، ورسمت لهم صورة اختلفت كثيرا عن الأصل، فالهزيمة وما تبعها من أحداث غرست داخلهم الإحباط، وجعلتهم يؤمنون بالأمر الواقع، ويستسلمون لما حاق بهم ويعيشون المأساة مما نعكس على على علاقاتهم، فانقسموا على أنفسهم، واتسع نطاق المشاحنات».
 
فى 19 مارس 1891 توفى «عبدالعال حلمى» نتيجة حساسية فى صدره، ودفن فى كولمبو، وفى 17 يونيو 1894 توفى محمود فهمى، وفى 30 أكتوبر 1899 توفى يعقوب سامى، فساءت حالة عرابى ورفاقه..وتصف «سالم» حالتهم: «أصبح كل واحد من الباقين ينتظر دوره حاملا فوق أكتافه مشقة التفكير فى الموت بعيدا عن الوطن، وهكذا نطقت صورة حياة عرابى ورفاقه فى جنة آدم بالعذاب الذى تجرعوه ظلما ويهتانا، لا لذنب اقترفوه سوى الرغبة فى انتشال مصر مما كانت تعانى منه».
 
أمام مآسى المنفى وعذابه، تواصلت جهود الباقين من المنفيين على قيد الحياة من أجل العودة إلى مصر، وتحقق ذلك لمحمود سامى البارودى الذى عفا الخديو عباس الثانى عنه يوم 12 يوليو 1899، بعد موافقة الحكومة البريطانية، حسبما تؤكد لطيفة سالم، وتضيف: «لم يعد فى جنة آدم سوى عرابى وعلى فهمى، وكان كرومر المندوب السامى البريطانى فى مصر، قد أرجأ النظر فى التماساتهما فى وقت لاحق، وكان يتبع سياسة المماطلة حيث تتفق مع رغبته، ولم يجزم فى أمر العفو بل وضعه فى أيدى الخديو ونظاره، وهو يعلم تماما أن الخديو سوف يتبرم منه ويأتى بالنتيجة المضادة».
 
استمر الوضع على هذا الحال حتى زار ولى العهد البريطانى سيلان، ووفقا لسالم، فإن عرابى قابل ولى العهد يوم 13 إبريل 1901.. يتذكر عرابى: «زار ركاب ولى العهد مدينة كندى، فجال فيها، وكانت المدينة مزدانة بأحسن زينة، وقابلت سموه، فلقيت منه كرما وحلما وكمالا، وآنست رقة ولطفا، فجلست فى حضرته نحو ربع ساعة، وسألنى فيها عن صحتى وحالتى فعرضت على سموه أنى أعتبر تشريفه للجزية فكاكا لنا من الأسر، فوعدنى بأنه سيسعى لدى الخديو فى تحقيق ذلك، ثم جرت المخابرة بين سموه وبين الحكومة الإنجليزية والحكومة المصرية فى هذا الشأن».. يؤكد أنه فى 24 من شهر مايو - مثل هذا اليوم – 1901 «جاءنا تلغراف من حاكم الجزيرة يقول فيه إنه قادم إلى كندى ليبشرنا شخصيا بصدور أمر الخديو بالعفو عنا وعودتنا إلى وطننا العزيز، وفى شهر أغسطس بارح على فهمى باشا جزيرة سيلان، ودخل القاهرة فى أول سبتمبر.. وفى 4 سبتمبر بارحنا مدينة كندى صباحا، وفى أول أكتوبر 1901 بارحنا السويس ووصلنا إلى القاهرة قبيل الغروب».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأوراق المطلوبة لاشتراكات الأتوبيس الترددى للطلبة وموعد التقديم

يانيك فيريرا يمنح لاعبى الزمالك راحة من مران الغد

الأردن: سياسات إسرائيل تجعل التجويع سلاحا فى غزة

بالمر يقود تشكيل تشيلسي في مواجهة وست هام بالدوري الإنجليزي

الترسانة يتعادل مع السكة الحديد سلبيا فى قمة الجولة الأولى لدورى المحترفين


التشكيل الرسمى لمباراة بايرن ميونخ ضد لايبزيج

مشهد بطولي.. عامل مزلقان ينقذ شابًا من دهس القطار فى بنى سويف.. فيديو

حسام حبيب ينفى عودته لشيرين والمطربة تتوعد محاميها السابق ببيان

مانشستر يونايتد يقترب من ضم حارس أنتويرب البلجيكي

"شباب مصر بفرنسا" يحذر عناصر الإرهابية من الاقتراب من سفارتنا بالخارج.. فيديو


تعليم الجيزة: البكالوريا تمنح الطالب شهادة معتمدة تؤهله للالتحاق بالجامعات

محامي شيرين يطالب وزير الثقافة ونقابة الموسيقيين بإنقاذها بعد أنباء عودتها لحسام حبيب

الحذاء الذهبي ينهي خصومة مكة وكيان محمد صلاح.. اعرف التفاصيل

تعرف على شروط الترشح لمجالس الأندية بعد تعديل قانون الرياضة

الزمالك يزاحم المصري بالقمة.. اعرف ترتيب دوري نايل بعد نهاية الجولة الثالثة

برتقالى وعيونه بيضاء.. كوستاريكا تكتشف نوعا نادرا من سمك القرش.. فيديو وصور

البكالوريا أم الثانوية العامة.. تفاصيل الاختلافات الكاملة فى المواد والمجموع

الكيس تحول لخراج.. قلق جمهور أنغام على حالتها الصحية بعد التطورات الأخيرة

أجواء شديدة الحرارة.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وتحذر من الرطوبة

قطع المياه 6 ساعات بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة مساء اليوم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى