آخر ضِباع الأناضول (4/ 2)

حازم حسين
حازم حسين
حازم حسين
بين اعتلاء «أردوغان» كرسىّ الرئاسة فى أغسطس 2014، وخوضه الانتخابات الرئاسية الأخيرة التى جرت الأحد 24 يونيو 2018، أقلّ من أربع سنوات فى فترة رئاسية كان يُفترض أن تمتدّ 5 سنوات، استبقها الرئيس التركى مُدمن المناورات بالدعوة لانتخابات مُبكِّرة، حقّق من خلالها هدفين مُهمَّين: الأول مُفاجأة الأحزاب والقوى السياسية بدرجة خصمت من قدرتها على الاستعداد للمعركة الانتخابية، وهو ما قلَّص آثار التراجع الكبير الذى يضرب شعبية حزب العدالة والتنمية، والثانى التمتُّع المُبكِّر بصلاحيات تنفيذية واسعة للغاية، فصّلها على مقاسه تفصيلاً، ومرَّرها فى استفتاء جرى منتصف العام قبل الماضى.
 
شملت قائمة التعديلات 18 مادة بالدستور التركى، كلها تزيد من حضور الرئيس - الذى كان منصبًا شرفيًّا - فى واجهة المشهد السياسى، فمع الانتقال من الجمهورية البرلمانية إلى الرئاسيّة، ومَنح الرئيس اختصاصات الرئاسة والحكومة، وسلطة إعلان الطوارئ، وإصدار المراسيم، والدعوة لانتخابات مُبكِّرة، والترشُّح لولاية ثالثة حال الدعوة للانتخابات قبل انقضاء الولاية الثانية، وتعيين حصَّة كبيرة من القُضاة وعزلهم، وتعيين مجلس الدولة الذى يُشرف على الجيش، ونسبة كبيرة من قُضاة المحكمة الدستورية الذين يفصلون فى نزاعات الرئيس والبرلمان، وأعضاء الجهات الرقابية، والوزراء ونوَّابهم، وتحصينه من السؤال أمام المؤسَّسة التشريعية، وغيرها من الصلاحيات، أصبح «أردوغان» المُتصرِّف الوحيد فى شؤون تركيا، أو بمعنى أدقّ أصبح تركيا نفسها، أو اختزلها بكاملها فى شخصه.
 
المسافة بين «أردوغان» المُتمسِّح فى كتف أستاذه نجم الدين أربكان، و«أردوغان» الذى يقبض على رقبة تركيا اليوم، يُمكن اختزالها فى مشهد فرعى من الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فبين خمسة مرشحين حاولوا مُنافسة الرجل المُمسك بمصير البلاد، حضر تيميل كرم الله أوغلو، زعيم حزب السعادة، وصديق أردوغان القديم فى مدرسة المُعلِّم أربكان، ليكون وقوفهما اليوم على طرفى نقيض بمثابة الضوء الكاشف لحجم الإزاحة والتحوّلات التى أحدثتها المناورات المتتابعة فى مسيرة الديكتاتور التركى. يقول «أوغلو» عن تلك المنافسة: «سياسات أردوغان وحزبه تُضعف تركيا فى كل الجوانب، فنهجه وخطابه يُسبِّبان استقطابًا، إضافة إلى أنه لا يحترم القانون»، ويُواصل زعيم حزب السعادة انتقاداته مُتحدِّثًا عن «فشل حكومة أردوغان، بمُعدَّل بطالة مُرتفع، وعجز تجارى مُتزايد، وسياسة خارجية فوضوية، وتعثُّر فى الانضمام للاتحاد الأوروبى، وحالة طوارئ منذ الانقلاب الفاشل فى 2016، وكل هذا ألحق ضررًا بجميع الحقوق والحريات».
 
مواقف بقيَّة مُنافسى «أردوغان» لم تختلف عن موقف أصدقائه القدامى، المعنى نفسه قالته ميرال أكيشنار، زعيمة حزب الخير، ودوجو برينتشيك عن حزب الوطن، وصلاح الدين ديميرتاش عن حزب الشعوب الديمقراطى، وذهب به أبرز المنافسين، محرم إنجيه، المُرشَّح عن حزب الشعب الجمهورى «حزب أتاتورك»، والحائز على أكثر من 30% من مجموع الأصوات، إلى مدى أبعد بالقول: «عشنا انتخابات ستُؤثِّر فى حياتنا وديمقراطيَّتنا مُستقبلاً، تلك الانتخابات منذ الإعلان عنها، ونتائجها، وإدارتها، انتخابات غير مُنصفة. لقد دخلنا فترة خطيرة من حكم الرجل الواحد»، وهو ما زاد عليه زعيم الحزب كمال كيليشدار أوغلو الذى تعرّض لاعتداء بدنىّ مؤخّرًا، بوصف أردوغان بالديكتاتور، قائلا: «لا يُمكنك أن تُهنِّئ شخصًا يضع الأجهزة التنفيذية والقضائية والتشريعية فى يده. إذا قال رجل إنه سيترشَّح بنظام الرجل الواحد حتى النهاية، فلماذا أُهنِّئ ديكتاتورًا؟!».
 
الانتخابات التى كان «أردوغان» حريصًا على إجرائها فى مناخ مشدود، وتحت ضغوط قاسية على كل المنافسين، ونجح بفضل هذا فى الفوز من الجولة الأولى بنسبة 53% تقريبًا، لم تترك انطباعًا جيّدًا لدى المتابعين على كل المستويات. المؤسَّسات الحقوقية الدولية تحدَّثت عن توقيف واعتقالات ومنع لحركة كثيرين من المُراقبين الدوليين، منها توقيف 10 من بعثة الاتحاد الأوروبى بادعاء تدخُّلهم فى مسار الانتخابات، وكانت عناوين الصحف الغربية واضحة فى رصد المخالفات، فحملت تغطياتها أحكامًا تخصم من نزاهة السباق بكامله، منها: إكسبرت أونلاين «لو كنت سلطانًا»، وول ستريت جورنال «خيار تركيا الاستبدادى»، بلومبيرج «انتصار أردوغان يقود تركيا إلى الحكم الفردى»، لو بوينت «الديكتاتور»، لو فيجارو «أردوغان يدّعى الفوز بالانتخابات»، دير شبيجل «دولة أردوغان»، إكسبريس «التركى الخطير»، إيكونوميست «الديمقراطية أم السلطان؟»، بينما قالت جارديان البريطانية فى تقرير موسَّع عن الانتخابات ومُلابساتها، إن ولاء «أردوغان» لشخصه أكبر من ولائه لتركيا، وإنه بعدما اختزل الدولة فى حزب العدالة والتنمية، يتَّجه الآن لأن يكون هو الدولة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

آخر ضِباع الأناضول (4 /4)

آخر ضِباع الأناضول (4 /4) الجمعة، 10 مايو 2019 03:00 م

آخر ضِباع الأناضول (4/ 3)

آخر ضِباع الأناضول (4/ 3) الخميس، 09 مايو 2019 03:00 م

آخر ضِباع الأناضول (4/ 1)

آخر ضِباع الأناضول (4/ 1) الثلاثاء، 07 مايو 2019 10:00 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ريبيرو يعود للقاهرة غداً لقيادة فترة إعداد الأهلى للموسم الجديد

تنسيق الجامعات 2025.. استمرار إتاحة التقدم لحجز اختبارات القدرات

سياسات واستراتيجيات تنقل ذوى الهمم من التهميش إلى الإنتاج.. الدولة تضعهم فى قلب خطة لتمكين اقتصادى يفتح لهم أبواب الأمل.. تدريب مهنى فى محافظة أسيوط وتسليم ماكينات بعد تقييم اجتماعى للتأكد من الاستحقاق.. صور

محمد صلاح يزين التشكيل المثالي لملوك "القدم اليسرى" فى تاريخ البريميرليج

ميلود حمدى يطالب مجلس الإسماعيلى بتعديل لائحة فريق الكرة قبل الموسم الجديد


هزيمة مشتركة.. مشوار تشيلسي وباريس سان جيرمان إلى نهائي كأس العالم للأندية

زوج ملاحق بـ34 دعوى قضائية أمام محكمة الأسرة لخلاف على مبلغ النفقة.. تفاصيل

محمد فؤاد يشعل افتتاح المسرح الرومانى بباقة من أجمل أغانيه

تعرف على كيفية الاستفادة من السجلات المدنية الذكية

خلال ساعات.. نظر محاكمة 46 متهما بقضية "خلية العجوزة الثانية


غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك

طلاب الهندسة الحيوية بالإسكندرية ينجحون فى تصميم ذراع روبوت بـ6 درجات حرية.. "6-DOF" يُستخدم كمساعد لأطباء الجراحة فى المستشفيات.. تنفيذه يكلف نحو 22 ألف جنيه.. وأعضاء هيئة التدريس يشيدون بالمشروع.. صور

إخماد حريق في هيش ومخلفات بكورنيش النيل بحلوان دون إصابات

حميد الشاعرى يقدم باقة من أروع أغانيه على خشبة المسرح الرومانى فى مارينا.. صور

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

وسام أبو على يُخطر الأهلى بالانتظام فى التدريبات الإثنين رغم أزمة العروض

هل ينجح مكتب تسوية المنازعات فى حل إنقاذ أسرة بعد زواج دام 8 أشهر؟.. التفاصيل

أخبار الرياضة المصرية اليوم الجمعة 11 – 7 – 2025

55 مستشفى حميات لتقديم خدمات علاج ضربات الشمس والإجهاد الحرارى.. وزارة الصحة توضح معلومات مهمة حول مواجهة الموجة الحارة.. تحذر 3 فئات من الخروج فى أوقات الذروة.. وتوفر غرف الإجهاد الحرارى بالمستشفيات

ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف.. طاقم مصرى يصل الليل بالنهار لإنجاز المشروع.. المكينة تحفر 22 مترا يوميا والنفق حلقات خرسانية يتم تركيبها وتصنيعها محليا.. وهذه طرق تأمين العمال تحت الأعماق.. صور وفيديو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى