القارئ على متولى أبوطاحون يكتب: دنشواى.. شمس فى قلب الظلام

حادثة دنشواى
حادثة دنشواى
فى إحدى قرى الريف المصرى وبالتحديد فى قرية دنشواى مركز الشهداء بمحافظة المنوفية كتب التاريخ إحدى صفحاته المضيئة بمداد من دماء رجال هذه القرية الخالدة وذلك عندما صب اللورد كرومر المعتمد البريطانى فى مصر جام غضبه على الحركة الوطنية المتصاعدة فى مصر ضد الاحتلال البريطانى، ودفعت القرية المنكوبة الثمن حيث تفنن كرومر فى إرهاب المصريين بما أقدم عليه من أفعال شنيعة يندى لها جبين البشرية، وأساءت إلى سمعة بريطانيا العظمى التى تدعى الحضارة والمدنية .
 
تعود الأحداث إلى خمسة من الضباط الانجليز الذين أرادوا اللهو وصيد الحمام بالقرب من قرية دنشواى حيث أخذوا يطلقون الرصاص على الحمام على جانبى الطريق الزراعى، وانفصل منهم اثنان إلى داخل القرية وأطلقوا الرصاص على الحمام وسط الحقول ولم يستمعا إلى الخفير المرافق لهما بالابتعاد عن أجران القمح، ولم يلتفتا لصيحات الأهالى بالخروج من الحقول وأصاب طلق نارى إحدى النساء، كما طاشت شظية فأشعلت النيران فى جرن قمح وهب الأهالى لنجدة المرأة وإطفاء النيران قبل أن يمتد لهيبها إلى بقية الأجران .
 
ظن الضابطان أن الأهالى يهاجمونهما فأطلقا النيران عشوائيا عليهم وأسرع بقية الضباط لنجدة صاحبيهما، وجن الأهالى وهاجموا الضباط الانجليز بالعصى وقبض الخفراء عليهم وأخذوا منهم أسلحتهم، لكن اثنين منهما فرا تاركين ميدان الواقعة فسقط أحدهما اعياء من ضربة شمس وتركه زميله الذى أخذ يعدو حتى وصل إلى المعسكر وصاح بالجنود لينقذوا زملاءهم فركضوا إلى حيث سقط زميلهم ليجدوا الأهالى ملتفة حوله وأحدهم يسقيه فقبضوا عليهم بينما قتلوا ساقيه ظنا منهم أنه قاتله رغم وفاته متأثرا بضربة شمس .
 
وفى اليوم التالى جاء رد الفعل الغاشم من سلطات الاحتلال حيث ألقت القبض على عشرات الفلاحين، وأحيلوا إلى المحاكمة بتهمة القتل العمد وتشكلت محكمة خاصة برئاسة بطرس باشا غالى والتى أصدرت أحكاما غير قابلة للطعن بإعدام أربعة متهمين والأشغال المؤبدة على اثنين و15 سنة لشخص واحد وسبع سنوات على 6 آخرين والجلد 50 جلدة على 8 من أهل القرية .
 
ورفع كرومر راية الدم سريعا حيث أمر بتنفيذ الأحكام غداة المحاكمة الجائرة وفى القرية نفسها على مرأى ومسمع من أهالى المتهمين، وكانوا يعلقون أحد المحكوم عليهم بالإعدام أمام أنظار أهله وذويه إلى أن يجلدوا اثنين من المحكوم عليهم بالجلد زيادة فى التشفى والانتقام .
وقد نظم شاعر النيل حافظ ابراهيم قصيدة عن حادث دنشواى قال فيها :
أيها القائمون بالأمر فينا      ...  هل نسيتم ولاءنا والودادا 
خفضوا جيشكم وناموا هنيئا ...  وابتغوا صيدكم وجوبوا البلادا 
إنما نحن والحمام سواء      ...  لم تغادر أطواقنا الجيادا 
أما الوطنيين المصريين فقد كان الزعيم مصطفى كامل وقتها فى باريس يعالج من مرض عضال ورغم ذلك فقد هاله ما حدث لبنى وطنه، وهاجم انجلترا فى الصحف الفرنسية والعالمية منددا بسياستها الاستعمارية فى مصر وبوحشية كرومر، وذهب إلى انجلترا نفسها والتقى ببعض أعضاء مجلس العموم هناك الذين اغضبهم اساءة استخدام كرومر لسلطاته وتشويه سمعة بريطانيا وهاجموه حتى اضطر لتقديم استقالته، وقامت السلطات البريطانية بالعفو عن المحكوم عليهم أو من تبقى منهم حيا ليصبح هذا اليوم خالدا فى تاريخ مصر كلها ويصبح 13 يونيو عيدا قوميا لمحافظة المنوفية .
وقام أمير الشعراء أحمد شوقى بتخليد هذه الملحمة فقال :
يادنشواى على رباك سلام      ...  ذهبت بأنس ربوعك الأيام
كيف الأرامل فيك بعد رجالها   ...  وبأى حال أصبح الأيتام
نوحى حمائم دنشواى وروعى ...  شعبا بوادى النيل ليس ينام
أما الأدب الشعبى فقد كان له رأى آخر حيث سجل الشاعر الشعبى ملحمة دنشواى بطريقة أخرى حيث سرد وقائعها وأدخل فيها وفاة الزعيم مصطفى كامل بعد الحادث بمدة بسيطة  متهما الاحتلال بالتسبب فى وفاته وتناقلت الألسنة هذه الملحمة فى البيوت والطرقات ومنها :
ايش بعد حكم المحاكم والشاويش والباش
غلايين وساقها كرومر محربة للباش 
وآدى الانجليز فرعنوا بعد ماكانوا غباش
نزلوا على دنشواى ماخلوش نفر و لا أخوه
وإللى انشنق ومات وإللى فضل جلدوه
يوم شنق زهران كانت صعب وقفاته 
كان له أب منصان فى يوم الشنق مافاته 
وأمه على السطوح تصرخ عليه وإخواته
...، إلى آخر القصيدة التى صورت بشاعة المشهد وصعوبته .
وكان هناك شاهد من أهلها حيث علق الكاتب البريطانى الشهير برنارد شو على هذا الحادث قائلا " إذا كانت امبرطوريتها تعنى حكم العالم كما جرى حكم دنشواى فلن يكون أى واجب سياسى مقدس وأكثر إلحاحا من تقويض هذه الامبراطورية " .
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

توروب يجري تعديلات على تشكيل الأهلي أمام سيراميكا بكأس عاصمة مصر

الطقس اليوم.. أجواء شتوية أمطار واضطراب بالملاحة والصغري بالقاهرة 13 درجة

الزمالك يستند على الاتفاق مع بتروجت في صفقة حامد حمدان

5 معلومات عن مباراة مصر ونيجيريا الودية استعداداً لـ أمم أفريقيا

قانون التأمينات يحدد 4 حالات تُقطع فيها معاشات المستحقين أول الشهر


فتح الحركة على السكة الحديد بموقع سقوط حاويات من قطار بضائع بطوخ

الفوز الأول.. كأس عاصمة مصر تفتح باب الحلم لسيراميكا أمام الأهلي

موعد بداية كأس أمم أفريقيا ومواعيد مباريات منتخب مصر.. إنفوجراف

انهيار سد فى ولاية واشنطن.. والسلطات الأمريكية تصدر أوامر إخلاء للسكان

غرامة تصل لـ 5 ملايين جنيه عقوبة نشر أخبار خاطئة عن الطقس


مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 - 12- 2025 والقنوات الناقلة

الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم

سقوط حاويات فارغة من أعلى قطار بجوار طريق الإسكندرية الزراعي دون إصابات

حالة الطقس اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار بعدة مناطق

موعد مباراة المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025

طلاق المخرج حسام الحسينى وزوجته رسميا بعد 21 عاما من زواجهما

كيف تنضم لمنظومة التأمين الصحى الشامل؟.. هيئة الرعاية الصحية تجيب

اعرف إزاى تفصل نفسك عن بطاقة التموين أونلاين.. الخطوات والأوراق المطلوبة

ابنة شقيقة طارق الأمير: دكتور حسام موافى طلب من الأطباء تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب لخالى

حقيقة تصنيف مواليد الثمانينيات ضمن كبار السن في منظمة الصحة العالمية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى