سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 2 يوليو 1956.. عزيز صدقى يبدأ مهمته التاريخية وزيرا للصناعة من حجرة واحدة فى وزارة التجارة

عزيز صدقى وجمال عبد ناصر
عزيز صدقى وجمال عبد ناصر
انتهت مقابلة الرئيس جمال عبدالناصر مع الدكتور عزيز صدقى بتكيلفه وزيرا للصناعة فى التعديل الوزارى، ولا ينسى «صدقى» هذا اليوم 1 يوليو 1956 لأنه يوافق يوم ميلاده «1يوليو 1920»، حسبما يؤكد فى حوار أجريته معه فى يونيو 2005 «راجع، ذات يوم 1 يوليو 2019».
 
بدأ«صدقى» مهمته منذ اليوم التالى،2 يوليو، مثل هذا اليوم، 1956..يؤكد: «لم يكن هناك مقر للوزارة.. مصر لم تعرف من قبل وزارة مستقلة للصناعة.. كانت مع التجارة فى وزارة واحدة اسمها «التجارة والصناعة».. ذهبت إلى غرفة فى مبنى «التجارة والصناعة»، وكانت خاصة بنائب الوزير، وتم تزويدها بمكتب وكرسيين، ولم يكن هناك موظفون، يعنى تم تكليفى بوزارة غير موجودة.. زارنى فى هذا اليوم محمد أبونصير لتهنئتى.. كان وزيرا للتجارة، وتربطنا علاقة طيبة، سألنى: «أنت اخترت سكرتير ولالسه؟»، قلت له: «لا».. فرد: «عندى شخصية محترمة وعلى كفاءة ويعرفك، هو محمد مراد حسن، كان زميلا فى كلية الهندسة وتركها إلى دراسة التجارة وتخرج فيها، ويعمل الآن فى وزارة التجارة الصناعة».. رحبت بهذا الترشيح، وبعد دقائق حضر.. سألنى: «أنا هأقعد فين؟».قلت له: «الصراحة معرفش يامحمد، هنقعد أنا وإنت فين».
 
دق«صدقى» بقبضة يده على مكتبه، وهو يروى هذه الواقعة، قائلا: «لم أكن أبحث عن جاه، كنت أمام مهمة بناء ولا مشكلة فى أن أبدأها من حجرة حتى لوكانت مترين فى مترين».. يتذكر: «بدأنا الخطوة الأولى نحو تحقيق الحلم، واصلنا العمل حتى وضعنا فى عام 1957برنامج التصنيع.. كان برنامجاً طموحا، قدمته إلى الرئيس عبدالناصر..تناقشنا فى تفاصيله..عن المدى الزمنى الذى حددته، والإمكانيات المادية، والمعوقات المتوقعة، والكوادر الفنية والعمالة.. فى نهاية المناقشات قال لى: ياعزيز لونفذنا 40% من هذا البرنامج فقط فسيكون إنجازا عظيما.. طلب منى عرض خطوات البرنامج أمام مجلس الوزراء بنفس طريقة العرض التى قدمتها إليه، والرد على كل الاستفسارات، كانت الوزارة برئاسته ووافقت على خطتى، وتم تخصيص مبلغ 12 مليون جنيه كأول ميزانية للتصنيع، وبدأت المسيرة».
 
تنوعت الصناعات.. لم تتوقف عند نوع معين.. يتذكر«صدقى»: «شمل تنفيذ برنامجنا الصناعى، صناعات النسيج، والصناعات الغذائية، وصناعات مواد البناء، ومصانع للتوسع فى الأسمنت، والسكر، والحديد والصلب، والغزل والنسيج، ثم فى الصناعات الهندسية، وبدأنا فى تصنيع الحاجات الخاصة باحتياجات الأسرة مثل البوتاجاز، الغسالة، والسيارة.. تصنيع السيارة له قصة لا أنساها، فعندما عرضت الموضوع على عبدالناصر استغرقت مناقشاتنا ساعتين.. كان أمامنا عرضان، عربية اسمها «برج وورد» و«الفيات» الإيطالية نختار نوعا منهما، قال لى: «يا عزيز.. أنا عايز عربية الموظف الصغير يأخذ امرأته وأولاده ويطلع يتفسح بها، عايزها تأخذ أربعة أنفار، ولازم تبحث هيدفع ثمنها إزاى ياعزيز..أنا اخترت «فيات» وكانت بسبعمائة جنيه ونبيعها بالتقسيط، ووضعنا خطة إنتاج 12 ألف سيارة، وفوجئنا بسجل حجز كبير.
 
سألته عن حقيقة أن المصانع التى تم تشييدها بلغ عددها ألف مصنع..أجاب ضاحكا: «أكثر من هذا.. ولرقم الألف مصنع قصة.. كان فيه مؤتمر فى ميدان عابدين..لا أذكر مناسبته، وقال عبدالناصر فى خطابه: «عزيز صدقى بيقول إنه اتبنى ألف مصنع، وأنا أطلب منه إنه ينشر بيانا بالمصانع اللى اتعملت.. وبالفعل نفذنا ما قاله ونشرنا بيانا باسم كل مصنع وتاريخه ومكانه وتكاليفه، وأهدافه، واتضح أنهم أكثر من ألف مصنع.. طبعا أضيف بعد ذلك لهذا العدد الكثير.. لكن أنا أوضح حقيقة هذا الرقم».
 
يتذكر«صدقى» آخر مصنع افتتحه عبدالناصر وهو «ستريت مل» أكبر مصنع تم إنجازه مع الاتحاد السوفيتى فى الحديد والصلب.. كان فى ذكرى ثورة 23 يوليو 1969.. يقول: «جاء الوزير الروسى المختص بطائرة خاصة، ومن المطار إلى المصنع مباشرة.. فوجئ عبدالناصر بالمصنع، قال لى: «إيه ده ياعزيز كنت مخبيه فين ده؟».فى اليوم التالى ذهبت إلى مكتبه فى منزله لأشكره.. اطمأن كعادته على العمالة الجديدة التى يستوعبها المصنع، لكن لاحظت أنه مهموم..سألته: «فى حاجة ماعجبتكش ياريس فى المصنع».. رد: «لا أبدا..ده عظيم قوى يا عزيز».. فوجئت برده، قال: «إحنا لما هنموت منعرفش اللى هيجى بعدنا هيعمل إيه.. عايزين نبنى الحاجة اللى مش هيقدروا يهدوها.. عايزين نبنى مصانع على قد ما نقدر».. تحجرت دمعة فى عين «صدقى» وهو يتذكر هذه الكلمات. 
 
يضع«صدقى» ما حدث فى دفتر التقييم.. يقول: «التوسع فى بناء المصانع يعنى إتاحة فرص العمل، وهذا الهدف تحديدا كان فى قمة الأولويات.. والصناعة تحقق دخلا يرفع مستوى الدخل العام، وهذا من الأهداف الاجتماعية للصناعة، وتحقق استقلالا اقتصاديا، بمعنى إذا اعتمدنا فى استيراد السلع على الخارج دون تصنيع، سنكون كمن يسلم رقبته لحبل المشنقة.. أتذكر قبل حرب 1973 وأنا رئيس للحكومة، أن الرئيس السادات طلب منى تجهيز الدولة للحرب.. كان الوضع الاقتصادى بشكل عام سيئا، وفور بدء الحرب لن نستطيع شراء أى شىء من الخارج، وبالدراسة توصلنا إلى أننا ننتج بما يجعلنا نستمر فى الاعتماد على أنفسنا 4 أشهر دون استيراد حتى ولو شمعة من الخارج.. وضعنا الخطة ونفذناها دون أن يشعر الشعب بأى أزمة، دخلنا الحرب وخرجنا منها دون أى أزمات داخلية، وكان الفضل للصناعة المحلية،  للقطاع العام الذى هاجمه البعض ممن لا يعرفون الفرق بين الإبرة والصاروخ». 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

خالد دومة: العهد 3 .. صوت هابيل

خالد دومة: العهد 3 .. صوت هابيل الإثنين، 07 يوليو 2025 03:34 ص

الأكثر قراءة

شريف مكاوى يكشف عن مشاركته فى ألبوم عمرو دياب ويشرح تفاصيل عمله كمصمم أصوات

بالأرقام.. حكيمى يخطف الأضواء بأداء استثنائى فى كأس العالم للأندية

اليوم .. آخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بالقاهرة

جماعة الحوثى: الدفاعات الجوية اليمنية تصدت بفاعلية للعدوان الإسرائيلى

الإسماعيلي يفتح اليوم باب الترشح على المقاعد الشاغرة بمجلس الإدارة


تطورات جديدة فى موقف لويس دياز من الانتقال إلى برشلونة

محور "محلة منوف" طفرة فى مشروعات الطرق بطنطا.. شريان مرورى جديد يحد من الحوادث ويُعيد رسم خريطة الحركة.. محافظ الغربية: نتابع تنفيذ المشروع أولا بأول.. ويؤكد: خطوة نحو تنمية متكاملة وتطوير شامل للبنية التحتية

جيش الاحتلال: رصدنا إطلاق صاروخين من اليمن ونجاح اعتراض أحدهما

حصر وقيد العمال في قواعد بيانات قومية.. كيف يدعم القانون العمالة غير المنتظمة والعاملين بالقطاع غير الرسمى؟.. توفير صندوق إعانات الطوارئ وخدمات اجتماعية وصحية.. وتنمية مهاراتهم لتتناسب مع السوق بالداخل والخارج

خلال ساعات.. نظر محاكمة 16 متهما بقضية "خلية الهيكل الإدارى" بالهرم


مفاجآت فى قائمة أبرز المرشحين للتتويج بلقب كأس العالم للأندية 2025

عبد المنعم شطة نجم الأهلى السابق يحتفل بعيد ميلاده الـ"72" اليوم

اعترافات المتهمين بالتنقيب عن الآثار بحثا عن الثراء فى بولاق الدكرور

إعلام عبرى: طائرات سلاح الجو ألقت نحو 20 صاروخا ثقيلا على الحديدة

جيش الاحتلال: استهدفنا موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف ومحطة كهرباء مركزية

أخبار × 24 ساعة.. غلق اتجاه القادم من تقاطع الإقليمي مع إسكندرية الصحراوى

ضبط سائق نقل ترك الرمال تتناثر من سيارته على الطريق الدائري بالقاهرة.. فيديو

كيف تحمي نفسك من النصب خلال التسوق الإلكتروني؟.. التفاصيل

ديكو: لامين يامال ظاهرة.. والمستقبل بين يديه

صحتك بالدنيا.. اعرف حقيقة أشهر 10 خرافات عن "السكر".. دراسة تؤكد: ممارسة الرياضة بعد التعافى من السرطان تمنع تكرار المرض.. تحذيرات بريطانية من متحور كورونا الجديد "ستراتوس".. وأعراض "الكوليسترول" لدى الأطفال

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى