الحلم والأغنية. . هكذا رثى صلاح عبد الصبور جمال عبد الناصر

جمال عبد الناصر
جمال عبد الناصر
كتب أحمد إبراهيم الشريف
عندما رحل جمال عبد الناصر فى 28 سبتمبر من عام 1970 اكتشف الناس الخسارة الكبيرة التى حلت عليهم، ومن هؤلاء كان الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور (1931- 1981)، ورغم أن صلاح عبد الصبور لم يكن من دراويش جمال عبد الناصر حتى أن البعض يرى أن المقصود بـ قصيدته "عودة ذى الوجه الكئيب" من ديوانه الأول "الناس فى بلادى" هو جمال عبد الناصر، لكن جلال الموت جعل عبد الصبور يرى قيمة "جمال" عندما رأى حزن الناس عليه فكتب قصيدته "الحلم والأغنية".
 
لا ، لم يمت..
وتظل أشتات الحديث ممزقات فى الضمائر
غافيات فى السكينة
حتى تصير لها من الأحزان أجنحة،
تطير بها كلاما مرهقا، يمضى ليلقفه الهواءُ،
يردّه لترن فى جدرانه دور مدينة الموت الحزينةْ
أصوات أهليها الذين بنت بهم سرر البكاء
يتجمعون على موائد السهر الفقير،
معذبين ومطرقين
الدمع سقياهم، وخبزهمُ التأوه والأنين
 
 
يلقون  - بين الدمعتين-ـ زفير أسئلة،
تخشخش مثل أوراق الخريف الذابلات
هل مات من وهب الحياة حياته
حقا أمات؟
ماذا سنفعل بعده؟
ماذا سنفعل دونه؟
حقا أمات؟
تتجمع الكلمات حول اسمٍ سرى كالنبض فى شريانهم
عشرين عاماً
كان الملاذ لهم من الليل البهيم
وكان تعويذ السقيم
وكان حلم مضاجع المرضى، وأغنية المسافر فى الظلام
وكان مفتاح المدينة للفقير، يذوده حرس المدينة
عن حِماها
وكان موسم نيلها،
يأتى فينثر ألف خيط من خيوط الخصب تورق فى رباها
وكان من يحلو بذكر فعاله فى كل ليلة
للمرهقين النائمين بنصف ثوب، نصف بطن
سمر المودة والتغنى والتمنى والكلام
والآن أصبح كل لفظ خنجرا، ولكل أمنية عذاب
هل مات، واحزناه
آه لو يعود لبرهة، ويجيل نظرته،
ويكشف عن غد بعض الضباب
أواه، لكن كيف آب إلى التراب؛
ولم يحن وقت الإياب
القول يرهقنا،
لنصمت،
علَّ فى الصمت التأسِّى والسلام
فالصمت أجمل ما يكون إذا غدت سبل الكلام
تفضى إلى نار المواجد أو إلى ماء السراب
 
 
 
وتقودنا الذكرى الصموت إلى عميق نفوسنا الملأى،
وتختلج الظلال
ونهيم فى كنا وكان
ويعود ذيَّاك الزمان
ونروح فى استرخاءة الموجوع ننشر عمرنا فى ظله
يوما فيوما
الصفحة الأولى:
وكان مجيئه وعداً من الآجال،
لا يوفى لمصر ألف عام
والليل ممدود السرادق فوقنا ظلَما وظلْما
والثورة الكبرى توهم واهم ورؤى خيال
حتى طلعت، طلعتما، الثورة الكبرى، وأنت
كأن مصر الأم كانت قد غفت،
كى تستعيد شبابها ورؤى صباها
وكأنها كانت قد احترقت..
لتطهر ثم تولد من جديد فى اللهيب
وخرجت أنت شرارة التاريخ من أحشائها
لتعود تشعل كل شئ من لظاها
ونعيش أيامنا الملأى بصوتك منشداً لغة رخيمة
كى يوقظ الموتى من الأجداد،
يبعث من ركام العالم المدفون أطياف انتصارات
قديمة
لتعود للوادي، وتبعث فى ثرى مصر الجديدة
والعظيمة
ونعيش أيامنا الملأى بيومك واسعاً كالأمنيات،
وضيّقاً بالصخر والشوك المدمّى والرماد
أيامنا الملأى بأصداء انتصارك..
سهمنا المسنون جاز مداه منتصراً وعاد
أيامنا الملأى بأوجاع انكسارك..
أحدٌ وبدرٌ شارتان على رداء محمدٍ، عاش الجهاد
لا، لم نكن نحيا كما يحيون أياما نقضيها إلى يوم المعاد
بل كان ما نحياه تاريخاً كأروع ما تكون ملاحم التاريخ
ساحٌ ترن بها أغانى المجد مرعدة، وحمحمة الجياد
ونعيش فى أيامنا الملأى بوقع خطاك فى الوادى الأمين
إذ كنت فرحتنا الكبيرة، حين تمسك فى يديك الحلم،
تنثر منه فوق أسرة الأطفال والمستضعفين
أو فى نواحى بيت مصر على رؤوس شبابها المتجمعين
إذ كنت تجعلهم يمدون الرقاب وتشرئب عيونهم
نحو السماء
ويمد حبل الأمنيات لكى يصيد الشمس من عليائها
حتى لنطمح أن نقسم نورها قطعا على أحبابنا
ونعيد ما طمر الزمان، وأخلفت عدة السنين
ونعيش فى أيامنا الملأى بصورتك التى عاشت على أهدابنا
عشرين عاما
نلقاك شابا فى رداء الحرب تنفخ فى النفير
كى توقظ الأشلاء، تجمع شمل مصر المسترَقَّة
كانت على مجرى الزمان تمزقت قطعا
فطفت على مسار النيل تجمع مزقة فى إثر مزقةْ
حتى نهضت، نهضتما، ألقيتما التابوت فى لهب السعير
وعدتما فى خير رفقةْ
نلقاك كهلا أشيب الفودين فى عمر النبوةْ
تُعلى مواثيق الأخوةْ
وتضم فى عينيك توق النيل للأنهار،
يلغط أهلها بلُغى العروبةْ
وتؤلف المدن القريبة
كانت قد اختلفت وغيرها الزمان،
وأصبحت مدنا غريبةْ
نلقاك فى الخمسين أكثر حكمة وأشد حزنا
الأقرباء تباعدوا وتباغضوا،
والنصر أخلف وعده، والله يلهمنا الطريق،
يشد أزر المؤمنين
الله! يا هول السنين
المحنة الكبرى، ووجهك غائب، والليل يوغل
والشجون
هل مت؟ لا، بل عدت حين تجمع الشعب الكسير
وراء نعشك
إذ صاح بالإلهام:
مصر تعيش.. مصر تعيش..
أنت إذن تعيش، فأنت بعض من ثراها
بل قبضة منه تعود إليه، تعطيه ويعطيها ارتعاشتها
وخفق الروح يسرى فى بقايا تربها، وذِما دماها
مصر الولود نمتك، ثم رعتك، ثم استخلفتك على ذراها
ثم اصطفتك لحضنها،
لتصير أغنية ترفرف فى سماها.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

إحالة بدرية طلبة إلى مجلس تأديب بقرار من نقابة المهن التمثيلية

المتحدة تعلن الشراكة مع تيك توك لنقل الافتتاح التاريخى للمتحف المصرى الكبير

وزيرا خارجية أمريكا وتركمانستان يبحثان تعزيز الأمن الإقليمي

المولد النبوى الشريف 2025.. الأمة الإسلامية تستعد للاحتفال فى 4 سبتمبر

رادار المرور يلتقط 1098 سيارة تسير بسرعات جنونية فى 24 ساعة


رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق: احتلال غزة يقود إلى معادلة قاسية

دموع تختلط بابتسامة .. أطفال غزة الأيتام يحتفلون بتخرجهم رغم جراح الحرب "فيديو"

حكاية دين بقيمة 100 ألف جنيه رفض صديق الفنان طلعت زكريا سدادها

مصدر مقرب من أنغام يكشف آخر مستجدات حالتها الصحية

سيدتان تتهمان 3 أشخاص باحتجازهما والاعتداء عليهما فى بولاق الدكرور


براءة المتهم بابتزاز الفنان طارق ريحان فى الطالبية

يبحثون عن الأمل.. جهود رجال الحماية المدنية فى رفع أنقاض عقار الزقازيق.. صور

لبنان تؤكد للجنة القوات المسلحة بالشيوخ الأمريكى أهمية التجديد لــ"اليونيفيل"

ماكرون: الهجوم العسكرى الإسرائيلى على غزة سيجر المنطقة إلى حرب دائمة

الأهلى يكتسح القادسية 5-1 ويتأهل للقاء النصر فى نهائى السوبر السعودى

أحمد إسماعيل يشكو الزمالك للاتحاد الدولى للسلة

السعودية توسع دائرة الاستثمار الرياضي بطرح النجمة والأخدود للبيع

قطع المياه بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة الجمعة 6 ساعات للصيانة

قبلة محمد صلاح وأليسيا ليست الأولى بين نجم ونجمة الدورى الإنجليزى.. فيديو

هيئة الدواء تكشف الوضع الوبائى لأحدث متحورات كورونا نيمبوس

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى