"يا عوازل فلفلوا "

دينا شرف الدين
دينا شرف الدين
بقلم دينا شرف الدين

يحكي أن :

في عام  1950  قد تم إنتاج فيلم سينمائي من بطولة فريد الأطرش و سامية جمال باسم  ( آخر كدبة )،

و كانت ضمن أغنيات هذا  الفيلم الغنائي الإستعراضي الخفيف أغنية بعنوان

 ( يا عوازل فلفلوا ) ، و التي اعترضت عليها الإذاعة المصرية آنذاك و رفضت إذاعتها لما تحتوي عليه من عبارات هابطة لا تليق 

( فلفلوا) و التي تحمل معني إتغاظوا !!!

 

و يقال أن النحاس باشا رئيس وزراء مصر وقتها و زعيم حزب الوفد عندما قابل فريد الأطرش بإحدي الندوات الثقافية قام بتوبيخه و تذكيره بواجب الفنان في الحفاظ علي الذوق العام و الإرتقاء به !

 

و بهذه القصة القصيرة ما فيه الكفاية لنتأمل و ندرك جيداً أين كنا  و إين نحن الآن !

 

فالمنحني بحق شديد الإنحدار  ، و التطور الطبيعي للزمن الذي بات سريعاً جداً بفعل التقدم العلمي و التطور التكنولوجي بكل أسف بات فقط للأسوء .

 

هل نحلم بالإقتراب حتي من مثل هذا المستوي الراقي الذي كنا عليه في كافة المجالات و علي كل المستويات بداية من الذوق و الأخلاق و الدين و التعليم  و الفنون و الآداب و الثقافة و الإعلام ؟

 

أعلم جيداً أن الهوة شديدة الإتساع  و طرق العودة قد تم إغلاقها  بأقفال حديدية لا يمتلك مفاتيحها إلا هؤلاء الذين يسعدهم  بقاء الحال علي ما هو عليه !

 

و أن هناك أجيال من الضحايا الذين شبوا علي مجتمع و ثقافة و شكل و مضمون غير الذي كان ، فلم يجدوا بالمدارس التعليم و لا التهذيب و لم يجدوا  بالبيوت التربية السليمة فقد عجزت الكثير من الأسر عن حماية أولادهم من مستجدات العصر بكل سلبياتها التي باتت أقوي بكثير من قدرتهم علي مواجهتها ،

 

فاستسلم الكثيرون  و انزلقت أقدامهم  و انخفضت رؤوسهم  للأمواج العالية ، و من لم يستسلم و كان لديه من الإصرار ما يؤهله للتصدي إلي هذا الطوفان المستحدث الذي أطاح بكافة أشكال القيم  و الأخلاقيات ،

ربما يعجز عن حماية أهله ، و غالباً ما  يتحول إلي غريب بعالم مستغرب لم يعهده من قبل و لم يستطع التعايش  معه !

 

أما الفنون بكافة أشكالها :

و التي لها الأثر الأكبر في الارتقاء بالنفس و تهذيبها و تطهيرها من أدرانها من خلال تلك الشحنات الفنية الصادقة القوية التي يستقبلها المتذوق لأي عمل فني راقي ،

للأسف لم يعد لها وجود بعدما تصدرت الرداءة و الركاكة عناوين غالبية الأعمال الفنية و تحول هذا التأثير الإيجابي إلي آخر شديد السلبية و الخطورة !

 

فهؤلاء الذين يشعرون بالغربة بديارهم  عادة ما يبحثون عن القيمة المفقودة بذكريات الماضي ، فنجد مثلاً أعمالاً فنية قد مرت عليها عشرات السنوات و ربما حفظ المشاهد جمل مشاهدها نظراً  لتكرار المشاهدة ،

و مع ذلك يبحث عنها بين القنوات التي باتت لا حصر لها  لمتابعتها من جديد و اكترار ذكريات هذا الماضي السعيد  بكل قيمه و قيمته و شحناته التي تعتمل بالنفس بعد مرور السنوات دون أن يضعف تأثيرها .

 

في حين نجد مئات الأعمال الفنية الحالية و التي ربما يتابع الجمهور بعضها في عرضه الأول أملاً في مفاجأة قد تكون سارة و بحثاً عن قيمة غائبة ،  لكن سرعان ما  تتطاير أحداث هذا العمل سواء كان مسلسل او فيلم أو أغنية بعد الإنتهاء منه دون بقاء أي أثر من أي نوع بالنفس ،

و عادة لا يعاود المتلقي مشاهدة أو سماع هذا المنتج  إذا ما تمت إعادته ، لأنه أشبه بالنكتة المحروقة !

 

و ما زالت الأزمة  مستمرة  و المحاولات غير مجدية ، و لن يكون هناك طريقاً للإصلاح  إلا بتعمد العمل علي استعادة قيمنا و انتمائنا و ديننا و خلقنا ووطنيتنا من خلال هذه الأعمال الفنية لتعود مجدداً  ذات هدف إن أصاب ففي إصابته فوز كبير .

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مدحت عبد الهادى صخرة دفاع الزمالك السابق يحتفل اليوم بعيد ميلاده الـ"51"

التنقيب عن الآثار.. جريمة تخنق التاريخ والداخلية تلاحق لصوص الحضارة

تنسيق الجامعات 2025.. استمرار إتاحة التقدم لحجز اختبارات القدرات

اتحاد الكرة يستقر على إقامة السوبر المصري بمشاركة 4 فرق

ميلود حمدى يطالب مجلس الإسماعيلى بتعديل لائحة فريق الكرة قبل الموسم الجديد


مى فاروق تحيى سهرة خاصة لأم كلثوم بمهرجان قرطاج الدولى 16 أغسطس

هزيمة مشتركة.. مشوار تشيلسي وباريس سان جيرمان إلى نهائي كأس العالم للأندية

تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

بالأرقام.. مودريتش يودع ريال مدريد بعد مسيرة أسطورية

غادة عبد الرازق تكشف عن تعرضها للإصابة وتجلس على كرسى متحرك


هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

العراق يرحب بإعلان "حزب العمال الكردستانى" بدء عملية تسليم السلاح

فات الميعاد الحلقة 21.. أحمد مجدي يرفض عرض محمد أبو داود حفاظًا على حضانة ابنته

الهيئة الوطنية تطلق تطبيق استعلم عن لجنتك فى انتخابات مجلس الشيوخ.. صور

ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف.. طاقم مصرى يصل الليل بالنهار لإنجاز المشروع.. المكينة تحفر 22 مترا يوميا والنفق حلقات خرسانية يتم تركيبها وتصنيعها محليا.. وهذه طرق تأمين العمال تحت الأعماق.. صور وفيديو

الهيئة الوطنية تنشر آلية استعلام المواطنين عن مقر اللجان بانتخابات مجلس الشيوخ

الخارجية الفرنسية: نجدد رفضنا القاطع لأى تهجير قسرى لسكان غزة

سر تجدد اشتعال النيران في سنترال رمسيس.. مدير الحماية المدنية الأسبق يوضح

الدفع بـ4 خزانات مياه استراتيجية لإخماد حريق مصنع مدينة بدر.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى