سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19يناير 1899.. الاحتلال الإنجليزى يجبر الحكومة المصرية على اتفاقية «الحكم الثنائى للسودان».. وبطرس باشا غالى واللورد كرومر يوقّعان

بطرس باشا غالى و اللورد كرومر
بطرس باشا غالى و اللورد كرومر
عقد مجلس النظار «الوزراء»اجتماعه للنظر فى مشروع الاتفاق حول حكم السودان بين مصر وبريطانيا، والذى أبلغه اللورد كرومر، المندوب السامى البريطانى فى مصر، إلى بطرس باشا غالى، ناظر الخارجية المصرية، حسبما يذكر أحمد شفيق باشا، رئيس ديوان الخديو عباس الثانى فى مذكراته.
 
كانت السودان خاضعة للنفوذ المصرى منذ حملة محمد على باشا لفتحها عام 1820، وكانت مصر تحت الاحتلال الإنجليزى منذ عام 1882، ويذكر الدكتور حسين مؤنس فى كتابه «أطلس تاريخ الإسلام»، أن الحكومة البريطانية أصبحت صاحبة السلطان الأعلى فى مصر، وأن الوزارة المصرية التى كانت تحكم مصر فى أوائل سنوات الاحتلال كانت هيئة إدارية تخدم مصالح بريطانيا لا مصالح مصر، ولهذا سهل على الإنجليز إرغام الوزارة المصرية على الموافقة على فكرة إخلاء السودان من القوات المصرية التى كانت مبعثرة فى نواحى السودان ومحاصرة فى مواضعها.
 
كان يوم 8 إبريل عام 1898 حاسما فى توجه السياسة البريطانية للسيطرة على السودان، ففيه وقعت معركة «أم درمان» التى قضت على الدولة المهدية بهزيمة قوات عبدالله التعايشى على يد الحملة المصرية الإنجليزية بقيادة الإنجليزى «كتشنر».. يذكر الدكتور محمد فؤاد شكرى فى كتابه «مصر والسودان– تاريخ وحدة وادى النيل السياسية فى القرن التاسع عشر»، أنه منذ هذه الهزيمة، استأثر باهتمام المسؤولين الإنجليز تدبير نظام للحكم فى السودان يكفل لهم السيطرة الكاملة على إدارته، وهى السيطرة التى استمدوها من حق الفتح، بفضل اشتراكهم بالمال والرجال فى الحملة التى قام بها الجيش المصرى للقضاء على حكم المهديين.. يذكر «شكرى»، أن حكم المهديين تأسس على دعوة «محمد أحمد» مؤسس الحركة المهدية بضرورة طرد المصريين من السودان لتقرير العدالة ونشر السلام مرة أخرى.
 
فى يوم 17 يناير 1899 ذهب اللورد كرومر إلى الخديو عباس الثانى لمقابلته، وذلك بعد مرور أربعة أيام على عودة «كرومر» من زيارة إلى السودان، وحسب شفيق باشا، فإن لقاء الاثنين تناول خطبة كرومر فى «أم درمان» خاصة قوله: «لقد شاهدت أن العلمين الإنجليزى والمصرى يخفقان على هذا المكان، وفى هذا إشارة إلى أنكم ستحكمون فى المستقبل بملكة إنجلترا وخديو مصر، والنائب الوحيد فى السودان عن الحكومة البريطانية والمصرية سيكون سعادة السردار الذى أودعت فيه جلالة الملكة وسمو الخديو تمام ثقتهما».
 
يؤكد «شفيق» أن هذه الكلمات بدت إعلانا صريحا من الجانب الإنجليزى بأنه لا يبغى الاشتراك فقط فى حكومة السودان، بل ويعتزم غل اليد المصرية نهائيا عن التدخل فى شأنه.
 
يذكر شفيق، أن كرومر اعتذر للخديو عباس، قائلا: «إنه قبل أن يذهب إلى السودان لم يكن ينوى إلقاء خطب أو تصريحات، لكنه اضطر إلى ذلك اضطرارا، وأشار فى حديثه إلى أنه بعث بصورة اتفاق إنجليزى مصرى يختص بالسودان لبطرس غالى باشا ناظر الخارجية».. يؤكد شكرى، أن هذا الكلام كان مفاجأة للخديو، لأنه «لم يكن يعرف شيئا عن تفاصيل الاتفاق المنوى إبرامه، وكانت معلوماته حتى عن المبادئ العامة التى سوف يقوم عليها هذا الاتفاق ضئيلة».
 
يؤكد شفيق أنه حين تم عرض الاتفاقية على اجتماع مجلس النظار، لم يكن لدى المجلس غير نسخة واحدة منها، علما أن أكثر النظار لم يكونوا اطلعوا عليها، ولكنهم كانوا متفقين على قبولها، على حين كان الخديو يرى أنه لا يجوز للحكومة المصرية عقد اتفاق كهذا، لأن فيه اعتداء على السيادة التركية، وأخيرا تقررت الموافقة على المشروع ونشر فى الجريدة الرسمية فى مثل هذا اليوم «19 يناير» 1899 بعد أن وقعه فى نفس اليوم بطرس باشا غالى، واللورد كرومر، ويصف «شفيق» هذه الاتفاقية بـ«المشؤومة».
 
شملت الاتفاقية «12 مادة» أبرزها: «يستعمل العلم البريطانى والعلم المصرى معا فى البر والبحر بجميع اتحاد السودان المصرى ماعدا مدينة سواكن فلا تستعمل إلا العلم المصرى فقط ..تفوض الرياسة العليا العسكرية والمدنية فى السودان إلى موظف واحد يلقب «حاكم عام السودان»، ويكون تعيينه بأمر عال خديوى بناء على طلب حكومة جلالة الملكة، ولا يفصل عن وظيفته إلا بأمر عال خديوى ويصدر برضا الحكومة البريطانية، ولا يسرى على السودان أوعلى جزء منه شىء ما من القوانين أو الأوامر العليا أو القرارات الوزارية المصرية التى تصدر من الآن فصاعدا.. لا يجوز تعيين قناصل أو وكلاء قناصل أو مأمورى قنصليات بالسودان ولا يصرح لهم بالإقامة بها قبل المصادقة على ذلك من الحكومة البريطانية».
 
يؤكد شكرى: «أصبح الحاكم العام للسودان القابض على السلطة كلها إنجليزيا معينا بأمر الخديو بناء على اقتراح الحكومة الإنجليزية، لكن الحقيقة كانت فى أن إنجلترا هى التى تعينه، والسودان من هذه الوجهة إنجليزى تقريبا».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة النقل تتعاقد على توريد وتوطين 21 مترو لصالح خط الإسكندرية

نوال الدجوى.. ماذا قالت التحريات الأولية عن سرقة فيلا 6 أكتوبر ؟

زيلينسكي: ننتظر مقترح روسيا بعد اتصال بوتين وترامب

فرص عمل للصيادلة بمرتبات تصل لـ9400 جنيه.. تفاصيل

اتحاد اليد يوافق بالإجماع على مشاركة الأهلي والزمالك في مونديال الأندية


الإدارة الأمريكية لـ"إسرائيل": أوقفوا الحرب على غزة وإلا سنتخلى عنكم

فهد المولد.. هل يعود إلى الملاعب بعد غيبوبة تجاوزت 8 أشهر وأرقام مميزة؟

ساعات دامية فى السودان.. مقتل 14 فى قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين بشمال دارفور.. وفاة 19 شخصا بينهم أطفال فى هجوم جديد على الفاشر.. 9 قتلى فى استهداف معسكر درع السودان.. والجيش يسيطر على منطقة استراتيجية

مكافأة 10 ملايين دولار.. أمريكا ترصد هدية لمن يدلى بمعلومة عن حزب الله

الموساد يكشف عن 2500 وثيقة وصورة وممتلكات للجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين


مقترح الرابطة يمنح قبلة الحياة لـ3 أجانب فى الأهلي قبل مونديال الأندية

بعد أن فقد وعيه.. طائرة تقل 200 راكب تسافر من ألمانيا لإسبانيا بدون طيار

النيران تطارد كريم عبد العزيز في مشروع x بسبب هنا الزاهد.. اعرف الحكاية

غدا طقس حار بالقاهرة شديد الحرارة جنوبا ونشاط رياح والعظمى بالعاصمة 31 درجة

موعد مباراة برايتون ضد ليفربول في الدوري الإنجليزي

التحريات بسرقة الدكتورة نوال الدجوي: أحد المترددين على الفيلا وراء الواقعة

ترتيب الحذاء الذهبي الأوروبى 2025.. مبابي يتفوق على محمد صلاح

النيابة تحقق فى سرقة ملايين الدولارات من مسكن الدكتورة نوال الدجوى بأكتوبر

مي عمر تخطف الأنظار في مهرجان كان وتعلن عن مسلسل رمضاني جديد

دفاع المتهم بواقعة الطفل ياسين يستأنف على حكم الجنايات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى