"فرق تسد".. كيف يراهن ترامب على التيار المعتدل فى إيران بعد قاسم سليمانى؟.. مقتل قائد فيلق القدس يكسر شوكة فريق خامنئى ويقدم صفقة ضمنية لروحانى للعودة للمفاوضات.. والانقسام ورقة أمريكا لكسر المعسكر الإيرانى

واشنطن تسعى لتأجيج الانقسام فى الداخل الإيرانى
واشنطن تسعى لتأجيج الانقسام فى الداخل الإيرانى
تحليل يكتبه بيشوى رمزى

"إيران لم تحقق انتصارا يذكر فى أى معركة.. ولكنها لم تخسر من قبل فى المفاوضات".. هكذا قال الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى تغريدة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى "تويتر"، فى تعليق له أعقب نجاح القوات الأمريكية فى قتل قائد فيلق القدس قاسم سليمانى، فى الساعات الأولى من يوم الجمعة الماضى، فى محاولة صريحة لاستقطاب الإيرانيين إلى مفاوضات جديدة، من شأنها الوصول إلى حلول صريحة للقضايا الخلافية بين الجانبين، والتى اندلعت منذ بداية حقبة الإدارة الحالية، فى يناير 2017، والتى شهدت عودة التوتر من جديد، بالانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى، فى مايو 2018، وما تلا ذلك من عقوبات أمريكية على طهران، أعادت العلاقة بين البلدين إلى المربع الأول، بعدما شهدت تطورا ملموسا خلال إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما.

تصريحات ترامب، تبدو مثيرة للجدل إلى حد كبير، حيث إنها تأتى فى ظل حرب كلامية، أطلقها كبار القادة الإيرانيين، سواء من قوات الحرس الثورى الإيرانى، أو حتى مسئولى السياسة الخارجية، وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، والتى لم تخل من تهديدات الانتقام، وإنهاء الوجود الأمريكى فى منطقة غرب آسيا، إلا أنها تعكس أن ثمة رهانا أمريكيا صريحا على أحد أطراف المعادلة السياسية فى طهران، وهو ما يسمى بـ"التيار المعتدل"، الذى يقوده الرئيس حسن روحانى، على حساب المتشددين، بقيادة المرشد على خامنئى، وهو نفس الرهان الذى سبق وأن راهن عليه الرئيس السابق باراك أوباما ولكن بمعطيات جديدة، تبدو مختلفة تماما عن إرهاصات التوقيع على الاتفاق النووى بين إيران والقوى الدولية الكبرى، فى يوليو 2015.

رهان ترامب.. واشنطن تسعى لتأجيج الانقسام فى الداخل الإيرانى

ولعل حديث ترامب عن المفاوضات يبقى موجها بصورة غير مباشرة إلى الرئيس حسن روحانى، وما يسمى بـ"التيار المعتدل"، خاصة وأن مقتل سليمانى، وإن كان موجها للمرشد على خامنئى، وتياره المتشدد، فإنه يحمل جانبا إيجابيا لفريق روحانى، فى ظل الصراع المتأجج، بين التيارات الإيرانية فى الداخل، حيث يسعى التيار المتشدد بقيادة خامنئى، وقوات الحرس الثورى، إلى العودة من جديد للهيمنة على مقاليد الأمور، خاصة بعد الخطوات التصعيدية الأمريكية تجاه طهران، فى السنوات الأخيرة، حيث سعوا إلى تحميل روحانى، الذى كان متحمسا يوما ما للاتفاق مع "الشيطان الأعظم"، مسئولية ما آلت إليه الأمور مؤخرا، وبالتالى تشويه صورته فى الداخل لصالح المتشددين.

تغريدة ترامب
تغريدة ترامب

 

يبدو أن الرئيس الأمريكى يسعى إلى إثارة الانقسام بصورة كبيرة داخل المعسكر الإيرانى، عبر تأجيج الخلاف بين التيارات المتناوئة فى الداخل، مما يصب فى النهاية لصالح الرؤية الأمريكية، والتى تقوم على ضرورة إبرام اتفاق جديد مع إيران، ليكون بديلا للاتفاق الذى سبق وأن وقعته إيران مع القوى الدولية الكبرى، برعاية أوباما، فى ظل ظروف تبدو صعبة للغاية، بسبب المظاهرات التى تشهدها المدن الإيرانية فى الأسابيع الماضية، احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتأزمة فى المرحلة الراهنة، بالإضافة إلى النفوذ المتراجع للدولة الفارسية فى محيطها الإقليمى، بسبب ما يمكننا تسميته حالة التمرد فى العديد من دول الشرق الأوسط، تجاه الدور الإيرانى، مع اندلاع الاحتجاجات المتزامنة فى لبنان والعراق، بالإضافة إلى هيمنة موسكو على الأوضاع فى سوريا بالكامل فى السنوات الأخيرة.

معطيات جديدة.. مقتل سليمانى يضفى أبعادا جديدة لمعادلة القوة

وتعد الدعوة الأمريكية الحالية للتفاوض مع إيران مختلفة إلى حد كبير، إذا ما قورنت بسابقتها التى تبناها أوباما، حيث كانت الولايات المتحدة فى موقف يبدو أضعف بكثير، فى ظل رفض حلفاء واشنطن الرئيسي فى المنطقة، خاصة فى دول الخليج، للاتفاق النووى، ومبادرات التقارب الأمريكى مع طهران من جانب، بالإضافة إلى الفشل الأمريكى آنذاك فى الحرب على تنظيم داعش الإرهابى، من جانب آخر، وهو الأمر الذى ساهم فى استمرار الشعارات الإيرانية العدائية تجاه الولايات المتحدة، وتجرؤها على مجابهة السفن الأمريكية فى منطقة الخليج، وأسر الجنود الأمريكيين، وتصويرهم مكبلين بالقيود، إمعانا فى إهانة واشنطن، على غرار ما حدث فى 2016، عندما اعترضت قطع بحرية إيرانية سفينة عسكرية إيرانية، وهو ما أثار استياء المرشح الرئاسى الأمريكى آنذاك دونالد ترامب، والذى اعتبر أن ما حدث لا يمكن أن يغفره إذا كان رئيسا للولايات المتحدة.

مقتل سليمانى يضعف شوكة خامنئى
مقتل سليمانى يضعف شوكة خامنئى

وهنا تبقى الدعوة الحالية فى ظروف مختلفة، ليس فقط فيما يتعلق بالمعادلة السياسية الإيرانية، ولكن أيضا فى حسابات القوة الأمريكية، خاصة وأنها جاءت بعد مقتل أحد أكبر القيادات الإيرانية، وأحد أهم رؤوس الحربة فى معادلة النفوذ الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط، بصواريخ أمريكية، وبالتالى فإن أية مفاوضات منتظرة لا يمكن أن ينظر إليها باعتبارها مفاوضات "الند بالند"، ولكنها تبقى بين طرف أقوى ومهيمن، مع آخر يبدو فى أضعف حالاته، وهو ما يسمح للولايات المتحدة بفرض رؤيتها على طهران، على عكس الاتفاق الأول الذى كانت طهران تملى شروطها على القوى الدولية الكبرى، والتى كانت تعانى من حالة من الذعر جراء استمرار الأنشطة النووية الإيرانية.

"فرق تسد".. صفقة أمريكية ضمنية مع روحانى على حساب خامنئى

ويمثل العرض الأمريكى بالتفاوض، فى أعقاب خطوة تمثل تصعيدا غير مسبوق بين الولايات المتحدة وإيران، انعكاسا صريحا لثقة ترامب فى قدرته على عقد صفقة صريحة مع النظام الإيرانى، وخاصة "التيار المعتدل"، خاصة وأن مقتل سليمانى لم يكن الاستهداف الأمريكى الأول للمتشددين فى الدولة الفارسية، حيث سبق للإدارة الحالية وأن وضعت الحرس الثورى فى قائمة التنظيمات الإرهابية لديها، فى خطوة غير مسبوقة، أن تضغ الولايات المتحدة فرعا رسميا بالقوات المسلحة بأى دولة فى قائمة الإرهاب لديها، وهو القرار الذى أعقبته تصريحات متواترة على غرار ما حدث مؤخرا فى أعقاب استهداف سليمانى.

 

الحرس الثورى الإيرانى
الحرس الثورى الإيرانى

وهنا يمكننا القول بأن تغريدة ترامب حول التفاوض هى بمثابة عرض جديد لإبرام صفقة مع الرئيس روحانى، وتياره المعتدل، على حساب فريق خامنئى، فى إطار ما يمكننا تسميته بـ"سياسة فرق تسد"، والتى يتبناها ترامب فى التعامل مع خصومه، بينما يبقى مقتل سليمانى جزءا من تلك الصفقة، خاصة وأن الرجل القوى فى الحرس الثورى كان أحد أبرز المعارضين للرئيس، خاصة فيما يتعلق بانفتاحه على واشنطن منذ إبرام الاتفاق النووى الإيرانى.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة التعليم: مسمى جديد لشهادات التعليم الفنى باسم البكالوريا التكنولوجية

بيراميدز يهزم الإسماعيلي ويحصد أول فوز بالدورى فى مباراة البطاقات الحمراء

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزارة التعليم: تطبيق أعمال السنة على طلاب الثالث الإعدادى العام الدراسى 2028

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى


قرار مهم لوزير التربية والتعليم بعد قليل

بعد توجيه وزير الأوقاف برعايته الصحية.. قصة إمام مسجد بقنا طعنه لص

الرئيس السيسى يصدّق على تعديل بعض أحكام قانون التعليم

وزير خارجية بريطانيا يبلغ عن نفسه بعد رحلة صيد مع نائب ترامب بسبب "سنارة"

ترتيب هدافي الدوري المصري قبل انطلاق الجولة الثانية.. دغموم متصدرا


كل ماتريد معرفته عن أزمة فتوح في الزمالك من البداية للنهاية

موعد مباراة مصر وإسبانيا في ربع نهائي بطولة العالم تحت 19 عاما لكرة اليد

أول صورة للمتهمين بمطاردة فتيات طريق الواحات

مصر تنتفض ضد أوهام إسرائيل الكبرى.. تحذيرات من مخطط صهيوني لتغيير خرائط المنطقة.. سياسيون: أطماع مرفوضة تكشف الهدف من حرب غزة.. مصر حائط صد أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية.. ويدعون لتعزيز الاصطفاف الوطني

والدة فتاة حادث طريق الواحات: “مش هتنازل عن حق بنتى.. والرعب اللى عاشته”

العراق يدين تصريحات رئيس وزراء الاحتلال حول "رؤية إسرائيل الكبرى"

سلوت: جاهزون لضربة البداية أمام بورنموث والصفقات الجديدة تُصعب المنافسة

النيابة تطالب بتفريغ الكاميرات فى واقعة مطاردة 3 شباب سيارة فتيات بطريق الواحات

تشيلسى يمنح عائلة جوتا وشقيقه 15 مليون دولار

الأهلى يخاطب رابطة الأندية بشأن استقدام حكام أجانب لمباراة بيراميدز

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى