الرضا أكبر من النجاح

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم محمد أحمد طنطاوى

حالة متكررة تسيطر على عقول ملايين الشباب، فى مختلف الأعمار، أغلبها يتمثل فى نقمة واضحة على ما يعملون، سواء كانت هذه الأعمال مهمة أو غير مهمة، تحقق الرضا المادى والأدبى، أو تصل بهم إلى حد الكفاف، فالكل صار يتحدث ويسبق عباراته بـ" لو"، فلو كان مرتبى 20 ألف جنيه.. لو كنت أجلس على هذا المكتب..  لو ذهبت إلى هذا الفندق..  لو تعلمت فى تلك المدرسة.. لو اشتريت هذه البدلة.. وهكذا عشرات التمنيات المتزاحمة، التى قد يراها البعض طموحا أو تطلعا، إلا إننى بصورة شخصية أرى جوهرها "غياب الرضا"، وافتقاد الحمد.

كانت الأسر المصرية قبل 50 عاما تطلق على الأجهزة الكهربائية "الكماليات"، فلم تكن موجودة فى كل منزل، كما نحن الآن، وكانوا يعتبرونها من وسائل الرفاهية، ودليل على الترف والثراء، ومن يعيشون فى الريف على وجه التحديد لم يعرفوا هذه الكماليات، ورغم ذلك كانت حالة الرضا تملأ الأجواء، والحمد لله تسبق كلماتهم فى ظرف ومناسبة، مع العلم أن مستوى الرفاهية كان أقل، وجودة الحياة أقل، والمرتبات أقل، إلا أن النمط الاستهلاكى الذى نعيشه اليوم لم يكن قد انتشر بالصورة التى نراها، لدرجة وصلت إلى شعور أشخاص يجنون عشرات الآلاف من الجنيهات شهريا ويشعرون بالعوز ويشكون ضيق الحال.

ما أكتب ليس دعوة إلى التقشف أو الزهد، أو التخلى عن رفاهية الحياة، بل دعوة للفهم والإدراك بأن المادة وحدها لا تقدم حياة جيدة، وعلينا أن نبحث عن الرضا فى أنفسنا قبل أى شىء، فلو لم يكن الرضا من الداخل وعن قناعة لن يكون، وهنا المعنى ليس خمولا أو كسلا، بل سعيا بنفس هادئة وطمأنينة.

"نحن من نصنع الرضا لأنفسنا".. أظن أن هذه العبارة على قدر كبير من الدقة، فلا يمكن أن تصنع الرضا بوظيفة أو نفوذ أو أموال أو مسكن فاخر، بل باقتناعنا بما نملك، فقد تفقد شغفك لتلك الوظيفة، وقد تخسر أموالك بين عشية وضحاها، أو يذهب عنك كل ما عهدت من نفوذ وسلطة فى غمضة عين ودون خطأ أو سبب.

إننى أرى الرضا واحدة من النعم التى جعلها الله للناس، كما المأكل والمشرب والملبس، والصحة، وأتصور أنه جزء مهم من الصحة، فمن يرضون بالطبع صحتهم أفضل، ونفسيتهم ومزاجهم أفضل، وحياتهم أقل ضجيجا وتوترا، بل إن هناك ما هو أبعد من ذلك بأن الرضا بالمرض ما هو إلا دعوة للشفاء.

نخطئ كثيرا عندما نقيس رحلتنا فى الحياة على معيار المكسب والخسارة، فبين كل مكسب وخسارة عشرات بل مئات المحاولات من النجاح والفشل، لذلك علينا أن نغرس الرضا فى نفوسنا، فالقوة التى سيمنحنا إياها ستكون قادرة على مواجهة أى محنة، ويكفيك فقط أن تعمل لتنجح دون أن تنافق أحد أو تتربص للإيقاع بأحد.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تنسيق الجامعات 2025.. جامعة حلوان تعلن تفاصيل برنامج معلم البيولوجى بالإنجليزي

روبوت المرور الذكى.. خطوة مصرية رائدة لخلق شوارع أكثر أمانًا وتنظيمًا.. الداخلية تطلق روبوتات للحد من الأخطاء والتحاور مع المواطنين.. المهمة رصد المخالفات وإرسالها لغرفة المرور فورا بكفاءة عالية.. صور

عودة حركة القطارات على خط القاهرة ـ الإسكندرية عقب إعادة العربات لمسارها

شلبي والزناري ونيمار مقابل أحمد ربيع.. الزمالك ينهي اتفاقه مع البنك الأهلي

غادة عادل بعد خضوعها لعملية شد وجه.. ماذا تغير فى شكلها قبل وبعد؟


تعطل حركة القطارات على خط القاهرة ـ الإسكندرية لخروج عربات عن مسارها

الطرق البديلة قبل غلق الطريق الإقليمى لتنفيذ أعمال إصلاحات لمدة 7 أيام

التحفظ على السائق فى حادث مصرع طالبة وإصابة 11 من عاملات اليومية بالشرقية

وزارة العمل تعلن عن وظائف فى الأردن بمرتبات تصل لـ450 دينارًا شهريًا

نصف نهائي كأس العالم للأندية يرفع شعار "أصدقاء الأمس.. منافسي اليوم"


الأهلي يحسم مصير عروض رضا سليم للرحيل فى الصيف الحالى

قائمة ملوك التمريرات في الثلث الهجومي بربع نهائي كأس العالم للأندية

الرئيس السيسي يستقبل اليوم رئيس جمهورية الصومال بمدينة العلمين

اليوم .. آخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بالقاهرة

محور "محلة منوف" طفرة فى مشروعات الطرق بطنطا.. شريان مرورى جديد يحد من الحوادث ويُعيد رسم خريطة الحركة.. محافظ الغربية: نتابع تنفيذ المشروع أولا بأول.. ويؤكد: خطوة نحو تنمية متكاملة وتطوير شامل للبنية التحتية

أساطير ارتدوا قميصي ريال مدريد وباريس سان جيرمان قبل موقعة مونديال الأندية

بي اس جي ضد الريال.. 3 غيابات فى "قمة الرعب" بنصف نهائي مونديال الأندية

عبد المنعم شطة نجم الأهلى السابق يحتفل بعيد ميلاده الـ"72" اليوم

أحمد حمودة: حسام عبد المجيد لم يقدم شيئا للزمالك وتجديد عبد الله الصفقة الأفضل

أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غزة: نرفض الادعاءات الأمريكية باستهداف مؤسسة الإغاثة الإنسانية.. إيران: عدوان إسرائيل يحمل عواقب وخيمة على السلام عالميا.. ترامب يريد الاتفاق مع نتنياهو على إنهاء الحرب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى