البطل بين الرواية التقليدية والرواية الجديدة

أحمد عبد الكريم طنطاوى
أحمد عبد الكريم طنطاوى
أحمد عبد الكريم طنطاوى

الكتابة الأدبية "حالة" من التداعى الفكرى المتفاعل مع وعى مثقف قادر على القبض عليها بالتسجيل "المتميز" بالدفق الشعورى المصاحب لها، والذى يحدث انفصالا مغلوبا على أمره عن عالم الواقع لعالم المتخيل، وبالتالى يأتى الشكل التعبيرى نابيا عن المباشرة والاستسهال فى ارتباطه بمضمونه، فالأدب مثل البلاغة القديمة من حيث أنهما معنيين بالمعنى الثانى (معنى المعنى) الذى ينشأ عن إزاحة المعنى المباشر (المعجمى/ الحدث) فى مثل قولنا "رأيت أسدا"، بشكل يتطلب ذهنا قادرا على الفعل التأويلى النافذ للفكرة المعنوية لا الجسم المادى.. هنا تكمن القيمة الجمالية ـ التى هى أبرز خصائص الأدب والبلاغة معا ـ مقترنة بالقيمة الفكرية.

 

وإذا كان المقصود من أى عمل ـ ذى قيمة ـ هو خلخلة الواقع وتنبيه أصحابه لمشكلة ما (سياسية أو اجتماعية) تنتقص من كمال الحياة المنشود، فإن الرواية الجديدة قد اكتفت بمجرد تشخيص العلة دون توغل ظلت الرواية التقليدية مصرة عليه، من خلال رؤية فلسفية مفسرة أو أيديولوجية موجهة.

 

ومصطلح "الرواية التقليدية" يعنى تلك الأعمال التى أنتجها جيل الرواد على نسق الأدب الغربى، بعد خطوة الكتابة التى تحمل مضامين الأدب التعليمى ـ كقصة "علم الدين" لعلى مبارك ـ وذلك عندما أصبح الحكى  Narrative  سردًا Narration ذا خواص أسلوبية مميزة Stylistic markers، بدءا من ميكائيل دى سرفانتيس Srfanteis / 1547 – 1616)  DE  M) هناك، ومحمد حسنين هيكل هنا، ثم من تلاهما من كتاب الرواية السيكولوجية، وصولا إلى الرواية الجديدة التى وصفت بأنها ثورة على التقاليد الفنية الكلاسيكية المتبعة، والتى كانت إرهاصاتها قد ظهرت على يد الأديب أندرى جيد (Andre Gide/1869-1951).

 

وقد ظلت الرواية حتى زمن قريب تتأسس من حدث رئيسى وشخصية محورية/ "بطل"، ليس شرطا أن يكون إنسانا، فقد كان حصانا فى "بيوتى بلاك" للإنجليزية آنا سويل، أو مكانا مثل قاهرة "القاهرة الجديدة" لنجيب محفوظ، أو قيما معنوية كعادات وتقاليد وسيكولوجيات ثلاثيته الشهيرة، أو غير ذلك جميعا، فالشخصية الرئيسة (البطل) هى: ـ كما يعرفها الكاتب والناقد فؤاد قنديل فى كتابه "فن القصة" ـ "كل من يمارس فعلا أو تأثيرا رئيسيا"، يندفع به الحدث للأمام من خلال علاقات جزئية أو أزمات صغرى، فى ذات الوقت الذى يترك فيه هذا الاندفاع ـ بدوره ـ أثرا عليها، لتتطور وتكتمل فى ديناميكية متطردة يتجه بها "المضمون" نحو التمام.

 

هنا لم يكن العمل الأدبى التقليدى قادرا على تصور أنه بإمكانه التخلى عن "بطل" مكون من "كائن" ورقى، تعتمد عليه غالبية أركانه الحدثية والزمنية، سواء أكان ظهور هذا الكائن/ البطل معتمد على شخصية مؤثرة، أم شخصية أو عدة شخوص عاكسة متأثرة، ففى كل الأحوال سيكون البطل هو نفسه الحكاية.

 

من هنا لفتت "فرعونية الشخصية الدرامية" ـ كما سماها الناقد حيدر عبد الرضا ـ الانتباه بالتهامها أركان العمل جميعها، فهى تمارس فعل طغيانها على باق الشخوص التى تبدو وكأنها مجرد أثاث فنى مكمل للعمل لا أكثر.

 

لقد كان هدف الرواية التقليدية دوما هو النجاح فى إحداث أكبر قدر ممكن من التأثير فى ذاكرة القراء بتلمس ما كان يعرف بـ "واقعية القص" ووجود "البطل"، أو الشخصية المحكى عنها، الأمر الذى تغير جذريا فيما يسمى الآن بالرواية الجديدة، والتى لا يهمها إطلاقا تلمس واقعية القص أو العثور على الشخصية المقنعة المتطورة من جوانبها الثلاثة (العضوية والاجتماعية والنفسية)، لقد توارى هذا كله فى النسق الجديد من الكتابة حتى اقترب من العدم ـ وإن لم يدركه ـ فروائى مثل فرانز كافاكا (Franz Kafka.1883–1924) نراه يطبق هذا الاتجاه بشكل مفرط، وصل به إلى حد أن حرم شخوصه من كل شىء حتى التسمية، فأعطاها بدلا منه حرفًا أو رقمًا، ذلك أن الشخوص فى هذا الاتجاه الجديد ما هى إلا "تقنيات سرد”.

             

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

انتشر فى العظام.. تشخيص جو بايدن بسرطان البروستاتا "عدوانى"

محمد صلاح يقترب من تحقيق أرقام قياسية جديدة في الدوري الإنجليزي

عبد الله مجدى يغيب عن سيراميكا أسبوعا للإصابة بشد فى العضلة الضامة

بعثة منتخب الناشئين تعود من بولندا بعد مشاركة قوية في بطولة الاتحاد الأوروبي للتطوير

غداً.. انطلاق مباريات إياب دور الثمانية لبطولة كأس عاصمة مصر


إنتر ميلان يقع فى فخ التعادل ضد لاتسيو ويؤجل حسم لقب الدورى الإيطالى

7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم الأحد 18 - 5 - 2025

هل يُعد حكم استرداد التابلت من الطلاب بالمراحل التعليمية نهائيًا ولا يقبل الطعن؟

رسمياً المصري يعلن إقالة بوجلبان وتعيين ميمي عبد الرازق مديراً فنياً للفريق

كريم عبد العزيز وياسمين صبرى وإياد نصار وعصام السقا يحتفلون بعرض فيلم المشروع X.. عمرو دياب وحماقى ونجوم الفن على الريد كاربت.. الفيلم من أضخم الإنتاجات السينمائية وتم تصويره فى 5 دول ويتميز بأحدث تقنيات العرض


الدفع أو الحبس.. صالح جمعة يواجه مصيرا غامضا بسبب النفقة

بعد إلغاء الهبوط بالإجماع.. تعرف على شكل الدوري الموسم المقبل

الأهلى يهزم الترجى التونسى فى بطولة الكؤوس الأفريقية لكرة اليد

الأندية توافق بالإجماع على إلغاء الهبوط بعد إعادة التصويت

الأندية تصوت على إلغاء الهبوط.. 10 موافقة و5 ممتنعة

بيراميدز يتجه لعدم تفعيل بند شراء صديق أوجولا من سيراميكا

توقف القطارات فى إسرائيل.. والحرائق تنتشر بسرعة من الشمال إلى الجنوب

أول تعليق رسمى على مصرع راكبة كازاخستانية إثر سقوط لوحة إعلانية بمطار شرم الشيخ

عبد الله السعيد وزيزو خارج معسكر الزمالك بالإسماعيلية.. اعرف السبب

هل تكون مباراة الأهلي وفاركو الظهور الأخير لـ معلول بالقميص الأحمر؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى