قرأت لك.. "القاهرة وما فيها" حكايات وأمكنة وأزمنة وسط البلد

القاهرة وما فيها
القاهرة وما فيها
كتب أحمد إبراهيم الشريف
نقرأ معا كتاب "القاهرة وما فيها" لـ الكاتب الراحل مكاوى سعيد، والصادر عن الدار المصرية اللبنانية، ويلقى الكتاب الضوء على حكايات وأمكنة وأزمنة القاهرة عبر سنواتها المختلفة ويرصد التغيرات والتحولات التى لحقت بها.
 
وفى المقدمة يقول "مكاوى سعيد" لماذا القاهرة، وقد كُتب عنها آلاف الكتب والدراسات من مصريين وأجانب في العصر الحديث على الأقل، هل لأنها أكبر مدينة عربية من حيث المساحة وعدد السكان! هل لأنها من أكثر المدن تنوعا ثقافيا وحضاريا، حيث مرت بالعديد من الحقب التاريخية ولا تزال باقية بها آثار شتى من معالم العالم القديم والحديث! أم لأنها عاصمة الوطن العربي كما يقول البعض، ومركز الكون كما يغالي بعضهم، أو لأنها عاصمة مصر أم الدنيا كما علمونا وفطمونا عليها منذ الميلاد؟ أنا أحب القاهرة لأني وُلدت في عاصمتها الفخرية "منطقة وسط البلد"، التي عشقت أماكنها وتاريخها وأرواح ساكنيها الراحلين التي تجوب طرقها وأسبلتها كل ليلة، والمقيمين فيها الذين يتجولون ويتجادلون ويضيفون إليها أو ينتقصون منها، وكتبت عنها كتابي "مقتنيات وسط البلد".
 
القاهرة وما فيها
 
 وعندما اكتمل كتابي هذا أسميته "القاهرة وما فيها" امتنانا لهذه البقعة المباركة، التي عشنا فيها وتنسمنا نسيمها وارتوينا من عشقها وعاصرنا تحولاتها وتأسينا على ما يجري لها، والكتاب لا يتناول أحداثًا تاريخية بعينها ولا حوادث سارة أو مفجعة بذاتها، إنما هو يجري كمياه المطر كيفما اتفق، بما يحويه من مقالات وتدوينات الكتب والأخبار، وما كتبه الأجانب والمصريون والمتمصرون عن القاهرة في عهد الفاطميين وعن القاهرة الخديوية، وعن السلاطين والملوك فيما قبل عصر ثورة يوليو 1952، وفيما حدث بعدها وصولا أحيانا إلى عصرنا الحالي، في السياسة والفن والمعمار والطرائف والحوادث المفجعة، عن فنانين أحببناهم كالريحاني وأم كلثوم ومحمد فوزي وبيرم التونسي ومحمد كريم وآخرين.. عن المسرح المصري منذ نشأته الأولى والسينما التي دخلتها قبل أي بلد آخر في الشرق الأوسط، والكتاب لا يحمل إدانة لأحد، بقدر ما يقدم حوادث حدثت بالفعل بأدلتها التي شكّلها وجه القاهرة المبهر الذي يعرفه العالم كله.
 
ويتضمن الكتاب معلومات قد لا يعرفها الكثيرون، وصورًا نادرة للتدليل على أهميتها وقيمتها، وإضاءة على موهوبين أثروا حياة القاهرة الفنية، ثم غابوا ونأى الزمن بهم فلم يعد يذكرهم أحد، أو يتذكر ما قدموه لهذا البلد ولهذا الوطن، وهل نالوا منه ما يستحقون أم غبنوا؟ وقد نكبت مصر والقاهرة على مدار الزمن المعيش بمن استولى على آثارها أو دمرها أو زور تواريخها عمدًا أو دونما قصد..
 
فقد مرت علينا أزمان كان فيها الغرب على مدى قرنين من الزمان ينتهك مئات الألوف من المومياوات المصرية «رفات أجدادنا» لطحنها وبيعها لأثرياء الغرب تحت دعوى أنها مقويات جنسية، هذا غير البرديات التي كانوا يشترونها من التجار بأبخس الأسعار، والتجار الجشعون الذين كانوا يقسمون البردية الواحدة إلى عدة أقسام ويبيعونها لمشترين مختلفين لكي يربحوا! وتسببوا نتيجة لذلك في فقد وضياع آلاف البرديات التي تحمل ذكريات وتواريخ الأجداد، ثم الفلاحات الجاهلات اللواتي كُنَّ يُحمين الفرن «يحرقون البرديات داخل فرن العجين» لتسوية الخبز! فتخيلوا كم ضاع من تاريخنا غير المسجل، وكم خسرنا وخسر العالم من ضياع هذه الكنوز.. وصولاً إلى تاريخنا المعاصر.. فكما تعلم أيها القارئ الكريم أن تاريخ التصوير الفوتوغرافي «واسمه العلمي التصوير بالضوء» بدأ تقريبا في عام 1840م، وخلال سنوات قلائل انطلق عشرات المصورين إلى مصر ليصوروا أجواء الشرق التي فتنت أوروبا.. ثم أقام بعضهم وغالبيتهم من الأرمن على أرض مصر وصوروا معالم وأشخاصًا مصريين صورا جميلة ونادرة، وكانوا يستظهرون تلك الصور على الزجاج باستخدام «نترات الفضة»، بعضهم عند التقاعد منحوا نيجاتيف هذه الصور لمؤسسات علمية في مصر، كالجامعة الأمريكية والمعهد الفرنسي والمركز البريطاني والإسباني وغيرها، وبهذا – لحسن الحظ-حفظوا لنا هذه الكنوز، مع ملاحظة أن بعض هذه المؤسسات صارت تتقاضى أموالا عند منح حقوق هذه الصور للمصريين «أصحاب الحق الأصلي» باعتبارها مالكة للنيجاتيف، دون اعتبار إلى أن الأشخاص والمعالم مصرية والأرض التي تم التصوير فيها مصرية، ولم يدفع المصور لأحد مقابل أخذ هذه اللقطات لمن صوره إلا بعض الفتات، فقد كان الأهالي فقراء ومساكين يرضيهم أقل القليل، وأمل أن يُمنح المصريون مستقبلاً حق استخدام صور أجدادهم وممتلكاتهم مجانًا.. وبعض هؤلاء المصورين ماتوا للأسف دون أن يتنازلوا عن «النيجاتيف» للمؤسسات التي ستحافظ على هذه الأصول، فباعت أسرهم هذه الأصول لبائعي الروبابيكيا الذين لم يدركوا أهميتها، واعتبروها قطعًا من الزجاج! فأزالوا الصور السلبية للحصول على كميات من الفضة ضئيلة جدا، الناتجة عن استخلاص نترات الفضة، وباعوا الزجاج بأبخس الأسعار.
 
وهكذا خسرنا تاريخنا وذكرياتنا بسبب هذا الجشع الساذج، ناهيك عن أننا من أوائل الدول التي اهتمت بالسينما في أول عهدها، وها هي 100 عام قد مرت على ريادتنا هذه في الشرق الأوسط كانت حصيلتنا السينمائية فيه 5000 فيلم، الموجود حاليا في عام 2017 حسب قول د. خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة للسينما 365 فيلما فقط تملكها وزارة الثقافة! والباقي تملكه شركات فنية عربية! بخلاف الأفلام التي ضاعت وفُقدت.
 
وقبلما تضيع ذكرياتنا وتواريخنا الشفهية وحواديتنا، أرى أن نعيد نشرها والكتابة عنها، فهي تاريخنا الحقيقي غير المكتوب، وقد اجتهدت في تسجيل بعضه عن طريق الكتب والصحف والمعايشة والأحاديث الشخصية مع مخضرمين، وأتمنى أن يرضيكم ما أوردته في هذا الكتاب.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ريبيرو في حيرة بسبب مركز الجناح الأيسر في الأهلي.. اعرف التفاصيل

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى

بدء هدم عمارة هندسة السكة الحديد بميدان رمسيس لتوسعة كوبرى أكتوبر.. إنشاء موقف متعدد الطوابق للقضاء على العشوائية وإزالة كافة الأكشاك والمحال المنتشرة بالميدان.. وتجهيز مول تجارى ومكاتب إدارية بديلة.. صور

قرار مهم لوزير التربية والتعليم بعد قليل


5 معلومات عن مباراة الأهلى وفاركو غدا الجمعة فى الدوري المصري

بيكهام يعوض غياب ياسر إبراهيم في تشكيل الأهلي أمام فاركو

الأرصاد تحدد موعد انكسار الموجة الحارة وتحذر من أمطار رعدية.. فيديو

ليلى علوى تطمئن الجمهور على حالتها بعد الحادث: أنا بخير وقدر ولطف

الداخلية: ضبط طالب "يشتم" المواطنين فى تعليقات فيس بوك


الكويت تدين بشدة تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بشأن اقتطاع أقاليم من دول عربية

وزير خارجية بريطانيا يبلغ عن نفسه بعد رحلة صيد مع نائب ترامب بسبب "سنارة"

ترتيب هدافي الدوري المصري قبل انطلاق الجولة الثانية.. دغموم متصدرا

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

بعد انتهاء تصويره.. كواليس جديدة من فيلم السادة الأفاضل

وزارة الداخلية تضبط ديلر الآيس فى الجيزة

اتحاد الكرة يرد على شكوى الزمالك ضد زيزو ..اعرف التفاصيل

أونروا: الحر الشديد يجعل الوضع المأساوى بغزة أكثر سوءًا

أمريكا تخفف مؤقتا عقوبات على روسيا لتمكين مسئولين روس من المشاركة فى محادثات ألاسكا

الكويت ترسل طائرة مساعدات إلى مطار "ماركا" ضمن الجسر الجوى لإغاثة غزة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى