سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 5 أكتوبر 1964 .. احتجاز «تشومبى» رئيس وزراء الكونغو فى قصر العروبة ومنعه من حضور قمة عدم الانحياز لتورطه فى قتل «لومومبا»

طلب رئيس وزراء الكونغو «تشومبى» من السفارة المصرية فى بلاده، تأشيرة دخول إلى القاهرة، فاعتذرت السفارة حتى تتلقى ردا من القاهرة، مما أغضب «تشومبى»، وقرر الحضور للقاهرة دون إذن للمشاركة فى قمة «عدم الانحياز»، 5 أكتوبر، مثل هذا اليوم، 1964، حسبما يذكر محمد فائق مسؤول الشؤون الأفريقية، برئاسة الجمهورية وقتئذ، فى مذكراته «عبدالناصر والثورة الأفريقية».
 
يكشف «فائق» أسرار هذه القصة التى عبرت عن قيمة وعظمة الدور المصرى فى أفريقيا.. يذكر أن السفارة المصرية أخطرت القاهرة بأن طائرة «تشومبى» فى طريقها إلى مصر، وبالفعل وصلت فى المساء، لكن لم يؤذن لها بالهبوط، فاضطر تشومبى إلى التوجه بها للعاصمة اليونانية أثينا، وفى فجر اليوم التالى وصل والوفد المرافق له على أحد خطوط الطائرات العادية دون سابق إخطار، وكان هذا التصرف متوقعا فتم الإعداد له مسبقا.
 
توجه عبدالمجيد فريد السكرتير العام، برئاسة الجمهورية، إلى المطار لاستقباله، واصطحبه مع مرافقيه إلى قصر العروبة الذى تم إعداده لاستقباله، بعيدا عن باقى الوفود التى كانت تقيم فى فندق هيلتون، وفى الصباح توجه «فائق» بتكليف من جمال عبدالناصر لمقابلة «تشومبى».. يكشف فائق أسرار هذه المقابلة الغريبة قائلا: «استقبلنى بحرارة رغم أنها كانت المرة الأولى التى ألتقى فيها به، وكان شديد المرح أو هكذا أراد أن يبدو، وعكست خطواته زهوا بالنفس ربما كان سببه نجاحه فى الوصول إلى القاهرة رغم الحيلولة دون ذلك».
 
لم تمض دقيقة واحدة على هذا الجو حتى أبلغه فائق بالرسالة التى ذهب من أجلها: «باسم الحكومة أبلغك ألا تغادر هذا القصر إلى أن يقرر الرؤساء الأفريقيون الموجودون ما إذا كنت ستشارك فى أعمال المؤتمر أم لا؟.. يتذكر فائق: «ضاعت الابتسامة من وجه تشومبى، تبدد المرح المفتعل، تغيرت ملامح وجهه لتكون أكثر جدية، ثم قال: «أفهم من ذلك أننى معتقل»، رد فائق: «لست معتقلا، وتستطيع التوجه إلى المطار ومغادرة القاهرة، ومنعك من مغادرة القصر إلى أى مكان آخر هو لسلامتك الشخصية وسط جماهير القاهرة التى ما زالت تذكر ما حدث للومومبا».
 
كان «لومومبا» زعيما للحركة الوطنية فى الكونغو ورئيس وزرائها الذى ناضل من أجل تحرير بلاده من سيطرة الاستعمار البلجيكى، فتحالفت بلجيكا والمخابرات الأمريكية وقامتا بتجنيد «تشومبى» الذى حاصرت قواته «لومومبا» فى منزله ثم قتله بطريقة وحشية فى يناير 1961، وأصبح رئيسا للحكومة، ونجحت المخابرات المصرية فى تهريب أطفال لومومبا إلى القاهرة بخطة معقدة وتولى عبدالناصر تربيتهم ورعايتهم.
 
قررت مصر عدم الاعتراف بحكومة «تشومبى» وقادت دولا أفريقية أخرى لنفس الموقف، ولم يتم دعوته لحضور القمة الأفريقية بالقاهرة فى يوليو 1964، وكذلك قمة عدم الانحياز، لكنه قرر أن يحضرها دون إذن، فاستقل طائرته وجاء إلى القاهرة.
 
بعد أن عرف «تشومبى» مصيره فى القاهرة، لجأ إلى أسلوب الإغراءات الاقتصادية، فأبلغ فائق أنه جاء ومستعد لتوقيع الصفقات الاقتصادية لصالح مصر، وأخرج من جيبه أوراقا بها قائمة السلع التى يريد استيرادها، وأنه مستعد لإعطاء مكاتب مصر التجارية فى بلاده مزايا غير ممنوحة لأحد وأنه جاهز لتوقيع ما يضمن ذلك، ويطلب مقابلة جمال عبدالناصر.
 
توهم «تشومبى» أنه هكذا يمكن شراء مصر، وفى المساء كانت صدمته من قرار القادة الأفارقة بعدم حضوره المؤتمر، وهو القرار الذى وقف عبدالناصر وراءه وأقنع به نظراءه، واستند إلى أن اللجنة الخاصة بالبحث فى أحداث الكونغو والمُشكلة من منظمة الوحدة الأفريقية لم تنته من عملها بعد.
 
هكذا كان القرار لكن مفاجأة أعقبته وجاءت من الكونغو، ففور إعلانه حاصرت قوات «تشومبى» فى الكونغو الكونغولية السفارة المصرية فى العاصمة «ليوبو لدفيل»، ومنعت خروج ودخول أى فرد، وعلى الفور قام «فائق» بإبلاغ تشومبى بأن عبدالناصر قرر منعه من الخروج من هذا المكان «قصر العروبة» نهائيا إلا إذا خرج جميع أعضاء سفارتنا وعائلاتهم سالمين وتوجهوا إلى «برازفيل» التى تقع تحت سيطرة القوى المؤيدة للومومبا.
 
بعد دقائق من مغادرة فائق قصر العروبة استدعاه عبدالناصر، وكان معه الرئيس الجزائرى أحمد بن بيلا، وأبلغه أن السفارة الجزائرية حوصرت أيضا، فعاد فائق إلى تشومبى وأبلغه بأن الإجراءات التى تحدث للسفارة المصرية لابد أن تحدث للسفارة الجزائرية، فطلب التحدث تليفونيا إلى مساعديه فى «ليوبولدفيل»، وأعطى تعليماته بفك الحصار عن السفارتين، واستدعاء دبلوماسيين أجانب ليكونوا شهودا، خوفا من اختفاء أحد فيكون هذا مبررا لقتله، وبعد الاطمئنان تماما لفك الحصار خرج من قصر العروبة مغادرًا القاهرة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الداخلية تضبط تيك توكر تحرض على الفسق وبحوزتها كمية من مخدر الآيس بالهرم

إيرادات فيلم الشاطر لـ أمير كرارة تتخطى الـ 88 مليون جنيه منذ عرضه

"العش بديلا".. ثنائية بيكهام وداري تقود دفاع الأهلى أمام غزل المحلة

ريبيرو يستقر على إعادة محمد الشناوي لحراسة مرمى الأهلي أمام غزل المحلة

الطقس غدا.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 37 درجة


سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

جينيفر لوبيز تستمتع بحياتها بعد الطلاق وتعلن انتهاء رحلتها مع الزواج

العثور على جثة شاب ملقاة بجوار أحد المصانع فى المنطقة الصناعية بالفيوم

وزير الإسكان ومحافظ مطروح يتابعان الموقف التنفيذى لمشروعات المرافق

صفقة إيزاك إلى ليفربول تعجل برحيل 4 لاعبين من الريدز


إسرائيليون لـ"بن غفير": أنت إرهابي مُدان وقاتل رهائن

سباق الحذاء الذهبي في أوروبا يشتعل مبكرا.. هاري كين يدشن موسمه مع بايرن ميونخ بهاتريك تاريخي.. جواو بيدرو يتألق مع تشيلسي.. أمم أفريقيا 2025 تهدد حلم محمد صلاح.. ومبابي وهالاند يستعدان للانقضاض على الجائزة

النصر ضد الأهلى.. رونالدو يخوض النهائي رقم 40 في مسيرته

مصادر عسكرية إسرائيلية: نتنياهو يدرك أن بقاء حكومته مرهون بالعملية فى غزة

ضبط 29 ألف كتاب دراسي خارجي بدون ترخيص

الداخلية تضبط عملات أجنبية بقيمة 9 ملايين جنيه بالسوق السوداء

شيرين عبد الوهاب: ياسر قنطوش لا يمثلنى قانونيا ولدى الخبرة الكافية لاتخاذ قرارتى

مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتى مع برشلونة

ريبيرو يناقش مع جهاز الأهلى موقف محمد الشناوي من مباراة غزل المحلة

انطلاق الجولة الرابعة لمسابقة الدوري المصري غدا بـ 3 مواجهات قوية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى