ما تقوله البعثات الأثرية العالمية عن "مجدو" والمصريين القدماء

مجدو فى الأرض المحتلة
مجدو فى الأرض المحتلة
كتب أحمد إبراهيم الشريف
سمعنا كثيرا عن معركة "مجدو" التى وقعت بين المصريين القدماء وقادش التى وقعت فى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وكان يقود الجيش المصرى فيها تحتمس الثالث.. لكن الأبحاث الأثرية والبعثات العلمية العالمية تقول إن المدينة دمرت فى القرن الثانى عشر قبل الميلاد.. فكيف وقع ذلك؟
 
نعتمد على كتاب "1177ق.م: عام انهيار الحضارة" لـ إريك إتش كلاين، ترجمة محمد حامد درويش، مراجعة مصطفى محمد فؤاد: فى "مجدو" الموجودة حاليا فى الأرض المحتلة، عثر على نحو عشرين مدينة فى طبقات واحدة فوق الأخرى، من بين هذه المدن، كانت توجد مدينة، هى المدينة السابعة، التى لها مرحلتان تُسمَّيان المرحلة إيه والمرحلة بى، دُمِّرَت تدميرًا عنيفًا فى القرن الثالث عشر والثانى عشر قبل الميلاد، على الترتيب، أو ربما فى عملية تدمير واحدة فى القرن الثانى عشر.
مجدو
 
ومنذ نشر منقبو جامعة شيكاجو نتائج عمليات التنقيب التى قاموا بها فى الموقع أثناء الأعوام من 1925 وحتى 1939، أصبح مقبولًا على نحو تقليدى أن الطبقة bانتهت فى وقت ما بين عامى 1250و1200ق.م، بينما انتهَت المدينة التالية الموجودة فى الطبقة aفى وقتٍ ما حوالى عام 1130.م عُثِر فى هاتين الطبقتَين على بقايا قصر كنعانى، أو ربما على بقايا قصرَين، بُنى أحدهما على أنقاض الآخر.
 
حسبما أورد منقبو جامعة شيكاجو، إن قصر الطبقة b "تعرَّض لتدمير عنيف كان واسع النطاق لدرجة أن بُناة الطبقة a ارتأوا أن من الأنسب تسوية الحطام الناتج والبناء عليه بدلًا من إزالته كله كما كان الإجراء المتبع فى مهام إعادة البناء السابقة." أما الغرف "فامتلأت بحجارة ساقطة حتى ارتفاع متر ونصف تقريبًا … عُثِر هنا وهناك على خطوط أفقية متفحمة على جدران الغرف الكائنة شمال البلاط … تشغل مستوًى أرضيًّا عامًّا فى كافة أنحاء القصر". لذلك كان يُعتقَد أن قصر الطبقة إيه، الذى بُنى فوقه مباشرة، ظل باقيًا حتى نحو 1130 .م.
 
ومع ذلك، فمؤخَّرًا ظهر اقتراح مفاده أن منقبى جامعة شيكاجو أخطئوا فى تأويل المستويات، ويعتقد أنه ينبغى أن نفهم هذا الهيكل على أنه قصر واحد ذو طابقَين، أُجريت فيه تجديدات طفيفة أثناء الانتقال من الطبقة b إلى الطبقة إيه، حوالى 1200 ق.م، وليس قصرَين، أحدهما فوق الآخر. ويقول إنه حدث تدمير واحد؛ حريق هائل دمر القصر فى نهاية الطبقة إيه. وحسبما يقول أوسيشكين، فإن ما اعتقد علماء آثار جامعة شيكاجو أنه «قصر الطبقة b» كان ببساطة قبو القصر أو طابقه السُّفلي، فى حين كان «قصر الطبقة إيه» هو الطابق العلوي. 
وقد دمر معبد المدينة الرئيسى (الذى يطلق عليه معبد البرج) هو الآخر فى هذا الوقت، ولكن معظم أعمال التنقيب الأخيرة فى الموقع تشير إلى أن جانبا كبيرًا من بقية المدينة نجا من التدمير، إذ يبدو أن مناطق الصفوة وحدها هى التى أُضْرِمَت فيها النيران فى هذا الوقت.
 
عادةً ما يُحدَّد تاريخ تدمير الطبقة a هذه بأنه حوالى 1130 ق.م، استنادًا إلى غرضين منقوش عليهما خرطوشتان مصريتان عُثِر عليهما فى الأنقاض، الأول هو حافظة أقلام من العاج منقوش عليها اسم رمسيس الثالث، والتى عُثِر عليها وسط كنوز أخرى من العاج بداخل غرفة فى القصر، فى سياقٍ مُغلَق بإحكام بأنقاض تدمير القصر. قد يدلُّ هذا على أن التدمير قد حدث فى وقتٍ ما خلال أو بعد زمن رمسيس الثالث، فى حوالى 1177.م أو بعد ذلك.
 
وتُعَد قطع العاج التى عثر عليها فى هذه الغرفة بداخل القصر من بين أفضل الأغراض المعروفة المُنتشَلة من موقع مجدُّو، وتَشتمِل على صناديق وصحون مُتكسِّرة، ولويحات، وملاعق، وأقراص، وطاولات لعب وقطع لعب، وأغطية جِرارٍ، وأمشاط، من ضمن العديد من الأغراض الأخرى. وهى معروضة فى معهد الدراسات الشرقية فى جامعة شيكاجو ومتحف روكفلر فى القدس. ليس واضحًا سبب جمع هذه القطع العاجية معًا فى الأصل، وسبب وجودها فى هذا القسم تحديدًا من القصر. ومع ذلك، فقد نالت قدرًا عظيمًا من الاهتمام على مرِّ السنين، لأنَّ الأغراض العاجية نفسها والمشاهد المنقوشة عليها تُظْهِر نمط عولمة حقًّا، وهو النمط الذى يُطلق عليه الآن عادة اسم النمط العالَمي، والذى نراه فى أماكن أخرى فى مواقع مثل أوغاريت وميسيناي. يجمع النمط المميز عناصر موجودة فى الثقافات الميسينية، والكنعانية، والمصرية، مشكلًا بذلك أغراضًا هجينة يتفرَّد بها هذا العصر العالَمى الطابع وتمثِّله.
 
الغرض الثانى ذو الصلة من مجدُّو هو قاعدة تمثال برونزية منقوش عليها اسم الفرعون رمسيس السادس، الذى حكَمَ بعد بضعة عقود، من حوالى 1141 إلى 1133ق.م لم يُعثَر على هذه القاعدة فى سياقٍ أثرى آمن، وإنما عُثِر عليها تحت جدار فى الطبقة b فى المنطقة السكنية فى الموقع. وحسب ملاحظة أوسيشكين، هذا ليس سياقًا موثوقًا، لأن الطبقة bكانت أسبق بكثير زمنيًّا من رمسيس السادس. وهذا يعنى أنه لا بد وأن قاعدة التمثال دُفنت عمدًا فى حفرة حفرها أحد السكان اللاحِقين، إما أثناء فترة الطبقة a أو حتى أثناء فترة مدينة الطبقة b-a التالية التى تعود إلى العصر الحديدي. عادةً ما يَنسُب الأثريُّون قاعدة التمثال إلى الطبقة ٧إيه، ولكن هذا محْضُ تخمين.
 
دائمًا ما يكون هذان الغرضان، اللذان يخصان رمسيس الثالث والسادس، محل مناقشة معًا فى المنشورات ذات الصلة، ومن ثم فإن تاريخ تدمير مجدُّو الطبقة a يُحدَد بأنه بعد حكم رمسيس السادس، أو حوالى 1130 ق.م ومع ذلك، لا يَنبغى استخدام قاعدة تمثال رمسيس السادس البرونزية لتحديد تاريخ نهاية مجدُّو الطبقة إيه، حيث إنها ليست فى حالة جيدة. وعلى الجانب الآخر، كانت حافظة الأقلام العاجية الخاصة برمسيس الثالث مُغلَقة بإحكام داخل طبقة التدمير a ولذلك يُمكن استخدامها باطمئنان لتقديم تاريخ مُحَدد لا يُمكن قبله أن تكون المدينة قد دُمِّرَت، أى الفترة التى تسبق فترة حكم هذا الفرعون. من شأن هذا أن يتفق بالفعل بشكل جيد مع أدلة التدمير فى المواقع العديدة الأخرى فى كافة أنحاء الشرق الأدنى التى نُوقشت فى هذه الصفحات.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أحمد القرموطي لاعب المصري يقترب من غزل المحلة في الميركاتو الصيفي

انتظام صرف الخبز المدعم للمواطنين بجميع المحافظات على مستوى الجمهورية منذ الخامسة صباحا.. شريف فاروق: ماكينات الصرف مزودة بشرائح اتصال متعددة.. وغرفة عمليات تتابع سير العمل لحظة بلحظة

فيريرا يجهز الزمالك بسلسلة وديات قوية في معسكر العاصمة الإدارية الجديدة

البيت الأبيض يستضيف 5 رؤساء أفارقة وسط مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية الجديدة

تحريات المباحث لكشف ملابسات حريق سنترال رمسيس


الحكومة خارج الخدمة بعد حريق سنترال رمسيس.. انتقادات برلمانية واستدعاء وزير الاتصالات تحت القبة.. رئيس النواب: الضرر جسيم ولا نقبل التهوين.. نواب: أين الميكنة والتحول الرقمي؟.. ومحمود فوزى يكشف تفاصيل الحادث

تأجيل نظر دعوى بطلان الحجز على ممتلكات إبراهيم سعيد لـ22 يوليو

بطل من ضهر بطل.. ابن الشهيد امتياز كامل يكتب فصلا جديدا من الفداء بحريق رمسيس

محافظة القاهرة تستعد لاستلام 100 أتوبيس يعمل بالكهرباء.. تفاصيل

طارق مصطفى يعطل صفقة أحمد ربيع بسبب الزناري.. اعرف التفاصيل


رضا هيكل ينهي اتفاقه للاحتراف في دوري الطائرة الإماراتي

مراحل التصحيح الإلكترونى فى امتحانات الثانوية العامة.. الكنترولات الفرعية تتسلم الأوراق من اللجان.. الإرسال لمقر التقدير الرئيسى ودخول ورقة البابل شيت على الجهاز.. قراءة البيانات من رقم الجلوس المظلل للطالب

الحكومة: نظام الثانوية العامة قائم ومستمر و"البكالوريا" بديل اختيارى

وزارة النقل تغلق الدائرى الإقليمى فى هذه المناطق

معلومات الوزراء: مصر تتطلع للاستفادة من خبرات دول تجمع البريكس فى5 مشروعات

فرص عمل فى الإمارات براتب يصل إلى 24 ألف جنيه شهريا.. التقديم لمدة 4 أيام

حسن قداح نجم منتخب اليد يحتفل بزفافه

مواعيد مباريات اليوم.. فلومينينسي مع تشيلسي فى كأس العالم للأندية

أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس من موظفي المصرية للاتصالات

ريبيرو يستفسر عن تطورات الصفقات الجديدة فى الأهلي قبل التحضير للموسم الجديد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى