كيف وصل التبذير والبذخ إلى هذا الحد؟!

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم محمد أحمد طنطاوى

لا أجد إجابات واضحة على سؤال يتكرر فى ذهنى حول ثقافة الترف والبذخ التى تحول لها المجتمع، وهوس الإنفاق الذى أصاب أغلبنا، الغنى والمتوسط حتى الفقير، فالمشهد بات غريبا وغير متعارف عليه، فقبل عشرين عاما أو يزيد كانت الأسرة الريفية العادية فى صعيد مصر، تتناول وجبة إفطارها فى السادسة صباحا، التي كانت عبارة عن بعض الأرغفة من الخبز، أو "البتاو"، كما فى محافظتى " بنى سويف"، مع الفول المدمس الذى كان يتم إعداده وتجهيزه فى المنزل، ثم كانت الوجبة الرئيسية فى الغداء "البيض والجبن"، عدا يومين في الأسبوع للحوم أو الفراخ، وكان الجميع يعيش فى أفضل صحة وخير حال، والرضا كان يفيض ليعم كل الأسرة.

مائدة الإفطار الآن لآبد أن تحتوى على أربعة أو خمسة أنواع من الجبن، بجانب البيض بأشكال وطرق مختلفة، ثم الفول واللانشون والزبادى والعصائر الفريش، والفاكهة المحلية والمستوردة، مع عسل النحل والعيش "التوست"، لنصل في النهاية إلى إهدار 80% من هذه المأكولات، وإلقاء ما تبقى في سلة المهملات، والحال نفسه فى كل الوجبات، وهذا يدعونا للتساؤل:" لماذا تحول المجتمع إلى هذا النمط من الإسراف؟!

لست ضد تحسين النمط الغذائى لدى الأسر الغنية أو الفقيرة، ولا أقدم هذه الكلمات كدعوة للتقشف أو الزهد، لكنها رسالة نحو العودة إلى البساطة والرضا الذى بات مفتقدا بيننا، بعدما غلب نمط الرفاهية، الذى يقودنا إلى ما لا نهاية من التطلع والحاجة، خاصة أننا دولة فقيرة تتحسس طريقها نحو المستقبل، وتبنى اقتصادها وسط إرث ثقيل من المشكلات والقضايا المزمنة، التى لا تحتاج سوى العمل والإنتاج والسعى.

الأسرة المصرية لا تعرف ثقافة الادخار، وقد كتبت هذا قبل أكثر من عام فى أحد المقالات، والسبب الرئيسي في ذلك يعود إلى النمط الاستهلاكي ومستوى الرفاهية والتطلع الذى تسعى كل طبقة اجتماعية للعيش فيه، مع العلم أن هناك فئات مُلهمة ونماذج حقيقية بدأت من الصفر واستطاعت تكوين كيانات اقتصادية عملاقة، إلا أن الصورة النمطية التي يتم تصديرها في الإعلام والدراما تختلف دائما عن الواقع، وتسلط الضوء على نمط حياة لا يمثل سوى قطاع محدود من المواطنين، وتتناول إما الثراء الفاحش والمال اللا محدود أو الفقر والعشوائية، وتتناسى النمط الطبيعى الذى يغلب على حياة ملايين المصريين، وفى اعتقادى هذا سبب رئيسى فى تصدير حالة الإسراف غير المبرر التى نعيشها الآن.

نحتاج إلى حالة البساطة التى كانت تعيشها الأسرة المصرية، نحتاج إلى ثقافة العمل والسعى، علينا أن نمتلك أولا ثم ندخر، لا أن نسبق ذلك بالبذخ والإنفاق، وهذه قاعدة ذهبية ما أحوجنا إليها كبلد ننشد التقدم والطموح لحياة أفضل.

 

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

هل تدخر شيئا ؟!

هل تدخر شيئا ؟! الإثنين، 14 أكتوبر 2019 10:46 ص

يعنى ايه اشتباه كورونا!!

يعنى ايه اشتباه كورونا!! الخميس، 29 أكتوبر 2020 11:16 ص

الرضا أكبر من النجاح

الرضا أكبر من النجاح الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020 11:18 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بي اس جي ضد البايرن.. ديزيريه دوى يفتتح أهداف القمة في الدقيقة 78

الرئيس السيسى يوجه "الداخلية" بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين على كافة الطرق

توجيهات رئاسية عاجلة للحكومة بشأن الدائرى الإقليمى

عائلة الزعيم تطمئن الجماهير على صحة عادل إمام فى أحدث ظهور له.. صورة

بي إس جي ضد البايرن.. موسيالا يتعرض لإصابة خطيرة فى قمة كأس العالم للأندية


بى إس جى ضد البايرن.. هدف ملغى وتعادل سلبى يحسمان الشوط الأول.. صور

ارتفاع عدد المتوفين بحادث الطريق الإقليمي لـ 10 ضحايا

وزارة التعليم: ورقة مفاهيم امتحان الإحصاء للثانوية داخل كراسة الأسئلة

الجمعية الفلكية بجدة: الأرض تستعد لتسجيل أقصر الأيام خلال يوليو وأغسطس

القانون الكبير الجميل ينذر بمعركة شرسة فى انتخابات 2026.. ترامب يصف التشريع بالأكثر شعبية فى التاريخ.. قلق بين الجمهوريين من تأثيره فى معركة التجديد النصفى.. وهجوم حاد من الديمقراطيين على تقليص برامج الرعاية


موعد مباراة الريال ضد دورتموند فى ربع نهائى كأس العالم للأندية

سر غياب محمد صلاح وكريستيانو رونالدو عن جنازة جوتا

تطورات جديدة فى صفقة الأهلي مع شكري وانتقال ثلاثى الأحمر إلى سيراميكا

الطقس غدا شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة والإسكندرية 31

ارتفاع عدد المتوفين لـ9 وإصابة 11 آخرين بتصادم سيارتين ميكروباص بـ"الإقليمى"

الأندية تعترض على نظام قرعة القسم الثاني.. اعرف السبب

المعاينة: اختلال عجلة القيادة وراء حادث تصادم سيارتين بالطريق الإقليمى

أخبار مصر.. الرئيس السيسى يؤكد أهمية الحفاظ على سيادة ليبيا ووحدة أراضيها

العاشر من محرم.. احتفالات العرب بيوم عاشوراء.. رش الماء إيقاد "شعلة عاشوراء" فى المغرب.. طقوس (التطبير) وارتداء الملابس البيضاء فى كربلاء.. الحناء وإشعال النار و"هريسة عاشورا" فى تونس والجزائر

ريال مدريد يواجه دورتموند فى قمة أوروبية على بطاقة نصف نهائى مونديال الأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى