سعيد الشحات يكتب .. ذات يوم.. 16ديسمبر 193410 آلاف طالب يحملون طه حسين من خارج أسوار الجامعة إلى مكتبه بكلية الآداب فى يوم «الفرح العظيم» بعودته بعد فصله ما يزيد على ألف يوم

طه حسين
طه حسين
وصل الدكتور طه حسين إلى أبواب جامعة فؤاد الأول صباح 16 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1934، وفقا للدكتور محمد حسن الزيات «زوج ابنته» ووزير خارجية مصر، 8 سبتمبر 1972 إلى 30 أكتوبر 1973»، فى كتابه «ما بعد الأيام»، مشيرا إلى حماس وفرح الشباب بلقائه، مؤكدا: «حملوه على الأعناق حملا إلى مكتبه فى الكلية الذى غاب عنه أمدا طويلا، وأحصى الطلاب أيام الإبعاد، فإذا هى مدة جاوزت الألف يوم.. سنتان وتسعة شهور وعدة أيام».
أبعدته حكومة إسماعيل صدقى يوم 3 مارس 1932، ويؤكد الدكتور لويس عوض فى كتابه «الحرية ونقد الحرية»: «أرادت حكومة صدقى أن تمنح الدكتوراه الفخرية لأربعة من أقطاب السياسة المصرية، وعارض طه حسين، فالتجأت إلى كلية الحقوق وكان لها ما أرادت، وانتهت معارضة حسين إلى نقله لوزارة المعارف، ثم إحالته إلى المعاش فى 29 مارس 1932.. وتحول إلى رمز لاستقلال الجامعة، وصمودها أمام السلطة التنفيذية ليس فقط بين المثقفين، ولكن أيضا على المستوى الجماهيرى».
 
يضيف «عوض»: «فى هذه الفترة برز كشخصية يهتز لها وجدان الجماهير بعد أن كان فى العشرينيات «القرن العشرين» مجرد أستاذ جليل يشهد الكل بعلمه العظيم، ولكن ينظر الناس شزرا لبعض آرائه الغريبة فى تاريخ الأدب، وينظر الناس فى فتور إن لم يكن فى ضيق، إلى آرائه المتعالية فى سياسة الشارع وفى السياسيين الجماهيريين.. هذا التحول الكبير تبلور فى أحداث 1932، وما فتئ يتبلور باطراد سنة بعد سنة، وبلا انقطاع فى شخصية طه حسين حتى أصبح أكبر قوة ديمقراطية راديكالية فى الفكر والأدب والعلم والتعليم فى مصر قبل 1952».
 
 كان «عوض» طالبا فى السنة الثانية بكلية الآداب وقت عودة طه حسين للجامعة، ويشهد: «حين جاءنا النبأ تجمعنا فى صبيحة ذلك اليوم المشهود فى حرم الجامعة وخارج الحرم.. تجمعنا تلقائيا من كليات الآداب والحقوق والعلوم.. كنا نحن أصحاب هذا العرس العظيم، لأن الجامعة يومئذ لم تكن تضم غير هذه الكليات الثلاث، ثم ما لبث أن انضم إلينا جيراننا طلاب مدرسة المهندسخانة «كلية الهندسة»، وطلبة مدرسة الزراعة «كلية الزراعة»، وطلاب مدرسة الطب البيطرى، وتدفق علينا تلاميذ السعيدية الثانوية من الجنوب، وتلاميذ الفنون التطبيقية من الشمال، ولست أشك فى أن طلاب مدرسة الطب ودار العلوم ومدرسة التجارة، هرعوا إلينا من قصر العينى والمنيرة، ليشاركوا فى هذا الفرح العظيم».
 
 فى تقدير «عوض»: «بلغ الحشد نحو عشرة آلاف طالب»، متذكرا: «ملأوا الطريق الواسع الفاصل بين حديقتى الأورمان والحيوان، وكان أكثر تجمعهم فى الميدان الواسع عند نهاية ذلك الطريق، حيث يقوم الآن تمثال نهضة مصر أمام كوبرى الجامعة الذى لم يكن له وجود يومئذ.. كنا نعلم أنه سيأتى فى سيارته من «البلد» إلى شارع التروماى وكان يمر يومئذ فى شارع «مراد بك» أو شارع «الجيزة»، فقطعنا الطريق على التروماى، وحين وصلت السيارة لم نفسح أوقفناها، وأنزلناه منها وسط هتافات كأنه هدير البحار الصاخبة، ثم حملناه على الأعناق طوال الطريق من حيث تمثال نهضة مصر، وتبلورت الهتافات العديدة المتلاطمة فى هتاف قصير واحد من كلمتين رددته آلاف الحناجر: «طه حسين.. طه حسين»، حتى بلغنا به كلية الآداب، وصعدنا به الدرج، وأردنا أن ندخل به حجرة العميد ونجلسه على المكتب الذى بدا لنا يومئذ أن الله لم يخلقه لأحد إلا طه حسين».
 
يتذكر «عوض»: «أحس طه حسين بالحرج، فمكتب العميد يشغله الدكتور منصور فهمى «باشا فيما بعد» رئيس قسم الفلسفة، وكان ساعتها فى مكتبه، وباب الحجرة مغلق عليه يسمع الهدير الهادر، ولا نعرف كيف كانت حالته النفسية، ولكنى أذكر أننا استكثرنا على العميد «الطارئ» أن يقبع فى مكتبه، ولا يسعى لاستقبال رب الدار على عتبة الدار، فالتهب غضبنا، ولعل هذا هو الذى ألهمنا أن نحاول أن نقتحم عليه غرفة العميد، لننصب طه حسين عميدا شعبيا مكان هذا العميد الرسمى، ولكن طه حسين لم تعجبه هذه الحماسة الغوغائية، فقال لنا: «هيا إلى قسم اللغة العربية»، فانصاع الموكب وسار به، ولم نهدأ حتى قيل لنا إن الدكتور منصور سعى إليه فى مكتبه ليرحب به».
 
يتذكر الزيات: استمع إلى خطب الخطباء ترحيبا، وقصيدتين لشاعر، ثم بدأ حديثه: «أصدقائى الأعزاء، الحمد لله الذى أتاح للأسرة الجامعية أن يجتمع شملها بعد الغربة، ولست شاعرا كهذين الشاعرين اللذين سمعت منهما الآن أجمل الشعر وأروعه - ويسكت قليلا ليضيف وهو يبتسم - وإن كان هذا الشعر يحتاج إلى نقد».. يضيف «الزيات»: يستأنف حديثه بعد أن يسكت ضحك المستمعين المغتبطين بعودة أستاذهم فيقول: «لو كنت شاعرا لوصفت لكم وصفا صادق العواطف التى كانت تملأ قلبى منذ أكثر من عامين، شوقا إلى الجامعة، وأهل الجامعة، وحرم الجامعة، والعمل فى الجامعة، ولقلت لكم، بصراحة وسذاجة أيضا، إننى كنت أتجلد حين كنت بعيدا عن الجامعة، وقديما قال أبوذؤيب: «وتجلدى للشامتين أريهم.. أنى أريب الدهر لا أتزعزع».

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأندية توافق بالإجماع على إلغاء الهبوط بعد إعادة التصويت

هيئة مفوضى الدولة توصى بالسماح لزوجة السجين بإجراء "حقن مجهرى"

إندريك يقود هجوم ريال مدريد أمام إشبيلية في الدوري الإسباني

90 دقيقة على اللقب.. أبرز المحطات الفارقة فى طريق الأهلي للتتويج بالدوري

الأندية تصوت على إلغاء الهبوط.. 10 موافقة و5 ممتنعة


النيابة العامة تطلق المرحلة الثانية من خدماتها الإلكترونية عبر البوابة الرسمية

"دوري ياسر إبراهيم".. 9 نقاط مؤثرة تمهد طريق الأهلى نحو التتويج بالدوري

أزمة التجديد وراء غياب عبد الله السعيد عن معسكر الإسماعيلية

رابطة الأندية تتمسك باللائحة وترفض إلغاء الهبوط فى دوري Nile

توقف القطارات فى إسرائيل.. والحرائق تنتشر بسرعة من الشمال إلى الجنوب


الرئيس السيسى يتلقى تحيات ترامب ويؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن

بيراميدز يمتنع عن حضور اجتماع رابطة الأندية بعد مقاطعة الزمالك

حفيد عبد الحليم حافظ: عقد زواج العندليب وسعاد حسني فيه أخطاء كارثية

تدهور الأوضاع الإنسانية فى منطقة الصالحة بالخرطوم

روجيرو ميكالى يدخل دائرة المرشحين لتدريب الزمالك الموسم المقبل

"صفقة" ريفيرو المُرتقبة تمنع عودة أليو ديانج للأهلي فى الصيف

حرس الحدود يواجه فاركو فى الجولة السابعة للمنافسة على لقب الدورى

3 مسلسلات وفيلم جمعت كريم عبد العزيز وبيتر ميمي قبل المشروع X

مواعيد مباريات اليوم.. أرسنال مع نيوكاسل يونايتد وروما أمام ميلان

FBI: انفجار عيادة الخصوبة بولاية كاليفورنيا "عمل إرهابى متعمد".. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى