سعيد الشحات يكتب..ذات يوم.. 3 ديسمبر 1966.. وفاة عبدالرحمن الرافعى الذى عاهد الزعيم مصطفى كامل على أن يبقى وفيا لمبادئه فكتب «تاريخ مصر القومى» فى 16 جزءا

عبدالرحمن الرافعى
عبدالرحمن الرافعى
كان للمؤرخ الكبير عبدالرحمن الرافعى، صديق ارتبط به فى دراسته، وكان طيب الأخلاق، لكنه يرى خدمة بلاده بغير الطريقة التى ينشدها الرافعى، ويصفه فى مذكراته الصادرة عام 1951 قائلا: «كان قليل الثقة فى المجتمع وفى المواطنين، ونظريته أن على الإنسان أن يكون قويما فى ذاته وملكه فحسب، أما أن ينشد الحياة المثالية فإنه بذلك يعرض نفسه للأذى بغير نتيجة».
 
يتذكر الرافعى: «كانت تدور بيننا مناقشات، وكان يحذرنى دائما مغبة الحياة التى كنت أنشدها، وكنت أخالفه فى الرأى، وأقول له إن أمتنا لم تلق من بنيها الخدمات الصادقة الصحيحة، ولو هى وجدت منهم هذه الخدمات، لكانت حالها خيرا مما هى عليه، وإذا لم تجد من الطبقة المتعلمة المثقفة مثل هذه الخدمات فمن مَن تنتظرها؟! أما هو فكان يقول لى: وهل يضحى الإنسان بنفسه فى وسط لا يقدر التضحية، بل يخذل صاحبها؟! وأين الوسط الذى يقدر الإخلاص والمثل العليا؟!»، يضيف «الرافعى»، أن صديقه كثيرا ما كان يقول له: «إنك تعيش فى جو من الأوهام، وستصدمك الحقائق العملية فى الحياة، وسترى أن المجتمع لا يقدر المثاليين، بل يقدر النفعيين والوصوليين بأكثر مما تتوهم أنه يقدر المثاليين، وينصر أولئك بمقدار ما يخذل هؤلاء»،  يتساءل «الرافعى»: «لست أدرى على وجه التحقيق من كان منا على حق، ومن كان منا مخطئا، على الأقل فى حق نفسه؟».
 
سؤال «الرافعى» هو السؤال الدائم بين صنفين من البشر فى تاريخنا المصرى الحديث، صنف يعيش لنفسه، وصنف يعمل بمقولة الزعيم الوطنى مصطفى كامل: «ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط»، وكان «الرافعى» المولود بالقاهرة يوم 8 فبراير 1889 من الصنف الثانى، لكنه يعترف فى مذكراته بأنه لم يكن يعى شيئا من الشؤون العامة حتى التحق بمدرسة «الحقوق الخديوية» سنة 1904، وبدأ فى قراءة جريدة اللواء لصاحبها الزعيم مصطفى كامل، ثم التقاه لأول مرة بمقر الجريدة فى فبراير 1906، وصار له بمثابة الأب الروحى فى المبادئ، توفى مصطفى كامل شابا يافعا فى فبراير 1908 فتأثر «الرافعى»، وقطع على نفسه عهدا بأن يبقى «وفيا لمبادئه»، وفقا لفتحى رضوان فى كتابه «مشهورون منسيون»، مضيفا: «لما توفى مصطفى كامل، وجد عبدالرحمن الرافعى فى خلفه محمد فريد أستاذا يستطيع أن يحبه ويألفه فى الوقت نفسه، فقد كان مصطفى كامل ناريا تتقد شخصيته بلهيب زعامة واسعة الآفاق، بعيدة الصوت، ما قد يجعله أبعد عن متناول الأيدى، فى حين كان محمد فريد، زعيم الدراسة والبحث والتدبير والتأصيل، كانت حياة مصطفى كامل كالسور القصار فى القرآن، آيات قصيرة سريعة موسيقية، وكانت حياة محمد فريد كالسور الطوال، تفصل وتشرح وترسى القواعد، وتؤصل الأصول، وكان عبدالرحمن الرافعى أقرب إلى هذا المزاج، فاقترب من محمد فريد كثيرا».
 
جمع «الرافعى» بين العطاء السياسى بطابعه النضالى، وبين العطاء الفكرى وكان التأريخ مجاله، وتبدو هذه المزاوجة ميزة للعديد ممن تربوا فى مدرسة الحزب الوطنى القديم، الذى أسسه مصطفى كامل، فعلى الصعيد النضالى يذكر «رضوان»، أن الرافعى كان أحد أركان مدرسة العمل السرى التى أسسها محمد فريد ضد الاحتلال البريطانى، وفى أثناء ثورة 1919 كان محاميا فى المنصورة، ولعب دورا مهما فى تأجيجيها هناك بتوزيع المنشورات، والمشاركة فى حلقات وخلايا الاغتيال السياسى للمحتلين، وفى انتخابات 1923 فاز بمقعد النواب فى دائرة المنصورة، ضد مرشح حزب الوفد، وأحد كبار أعيان محافظة الدقهلية، ومنذ عام 1939 حتى 1951 أصبح عضوا فى مجلس الشيوخ، ثم وزيرا للتموين ثلاثة أشهر، هى مدة وزارة حسين سرى، وبدأت فى 25 يوليو 1949، وأصبح نقيبا للمحامين بالتعيين عام 1954.
 
أما فى المجال الفكرى، فكان إنتاجه غزيرا وموسوعيا ووثائقيا، بدأه بثلاثة كتب، يذكرها رضوان وهى «حقوق الشعب» عام 1912، و«نقابات التعاون الزراعية» عام 1914، و«الجمعيات الوطنية» 1922، ثم قدم عمله الخالد، سلسلة «تاريخ مصر القومى» فى 16 جزءا، وأرخ لحقب مصر منذ الحملة الفرنسية، وكان هذا موضوع الجزء الأول الذى صدر فى نهايات سنة 1928، واختتمها بجزئين عن مقدمات ثورة 23 يوليو 1952 وعن الثورة ذاتها.
 
يؤكد «رضوان»، أن سلسلة «تاريخ مصر القومى»، واسم عبدالرحمن الرافعى، أصبحا قرينين، فقد طغى هذا العمل الوطنى الأدبى الكبير على كل ما عداه من نشاطه وإنتاجه حتى وفاته يوم 3 ديسمبر، مثل هذا اليوم 1966، يضيف: «ما من شاب يقرأ هذه السلسلة حتى يحس أن صورة بلاده الوطنية فى مائة وخمسين عاما اكتملت أمامه». 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الأهلي يُخطر وسام أبو علي بموقفه النهائي من عروض الرحيل

دعوى قضائية من أصحاب المعاشات للمطالبة بإقرار المنحة الإستثنائية

رئيس مجلس الدولة يؤدي اليمين الدستورية أمام الرئيس السيسي.. صور

رئيس الوزراء يوجه بالالتزام بإجراء تحليل مخدرات لكل سائقي النقل بصورة مفاجئة

رئيس الوزراء يوجه بإعفاء كامل من المصروفات الدراسية لأسر الـ19 شهيدة بحادث المنوفية


الطقس غدا شديد الحرارة ورطوبة عالية وشبورة صباحا والعظمى بالقاهرة 37 درجة

حقن مضادة للشيخوخة ولعب اليوجا.. تعرف على سبب وفاة شيفالي جاريوالا

موعد ظهور نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. تعرف على التفاصيل

أسد الحملاوي يتمرد على شلونسك البولندي بسبب الأهلي والزمالك.. اعرف التفاصيل

ميلان يعلن رسميًا رحيل تامي أبراهام


محمد صلاح يتفوق على مبابي ورافينيا فى سباق أفضل لاعبي العالم 2025

البندقية تنتفض ضد بيزوس.. مظاهرات ضد حفل زفافه بسبب التكاليف الباهظة.. فيديو

تنسيق الثانوى العام بالقاهرة 2025.. اعرف التوقعات بعد إعلان نتيجة الإعدادية

3 ملايين دولار سبب تمسك وسام أبو علي بالرحيل عن الأهلي

مواعيد مباريات اليوم.. سان جيرمان أمام إنتر ميامي وفلامينجو ضد البايرن بمونديال الأندية

تداول أسئلة امتحان اللغة الإنجليزية للثانوية العامة.. والتعليم تحقق

الزمالك يبدأ إجراءات تأسيس شركة الكرة

ملخص وأهداف مباراة بنفيكا ضد تشيلسي في ثمن نهائي كأس العالم للأندية

نابولى يقترب من التوقيع مع لورينزو لوكا بعد تعثر صفقة نونيز

بايرن ميونخ وفلامنجو فى ملحمة أوروبية لاتينية بمونديال الأندية.. الليلة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى