سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 4 ديسمبر 1933.. العرض الأول لفيلم «الوردة البيضاء» بطولة محمد عبدالوهاب ومصطفى النحاس يعتبره «مشروع وطنى كبير»

الفنان محمد عبدالوهاب
الفنان محمد عبدالوهاب
ذهب الفنان محمد عبدالوهاب إلى الزقازيق ليغنى فى إحدى الحفلات حوالى عام 1931 أو 1932، ولم يكن يدرى أنها المرة التى ستقوده إلى التمثيل السينمائى، وتنكسر قناعة حملها رغم تربعه على عرش الغناء العربى، ويعترف بها فى كتاب «محمد عبدالوهاب، سيرة ذاتية»، بقلم لطفى رضوان، قائلا: «بينى وبين التمثيل ما صنع الحداد، ولا أتصور أن أظهر على الشاشة مثل بقية عباد الله الممثلين».
 
ويكشف عبدالوهاب أنه كان يتخذ من منزل صديقه الكاتب والسياسى فكرى أباظة لوكاندته الخاصة كلما سافر إلى الزقازيق.. ويعترف: «كان كرمه الأباظى المشهور لا يسمح لى بأن أزور الزقازيق دون أن أكون ضيفا على بيته العامر، وتدعونى الصراحة إلى الاعتراف بأننى كنت أذهب إلى الزقازيق قبل الحفلة بيوم، حتى أجد وقتا يكفى لاستيعاب المائدة الأباظية، فضلا عن الاستمتاع بنزهة ريفية يصفو بعدها البال ويروق الحال».
 
ويتذكر أنه فى يومه قبل الحفلة بمنزل فكرى أباظة، إذا بصديقه المصور السينمائى حسن مراد يفد حاملا آلته السينماتوغرافية ومعه المخرج محمد كريم، موفدين إلى الزقازيق من شركة «مصر للتمثيل والسينما» التى أنشأها طلعت حرب باشا لالتقاط بعض الأفلام الثقافية عن الريف، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يلتقى فيها عبدالوهاب وكريم.
 
بعد تعارفهما تجاذبا أطراف الحديث عن صناعة السينما.. يذكر عبدالوهاب: «فجأة سألنى كريم، ليه يا أستاذ ما تعملش فيلم سينمائى؟..يصف أثر السؤال عليه: «رأيت نفسى أحملق فى محمد كريم فى ذهول ودهشة لهذا السؤال الغريب، وربما كانت دهشتى أقل لو أنه سألنى مثلا: لماذا لا أجعل نفسى رئيسا للولايات المتحدة، أو لماذا لا أحترف المصارعة، ولكن لماذا لا أنتج وأمثل فيلما سينمائيا فهذا ما لم يكن يخطر لى على بال»، وقلت له: «أنا.. أعمل فيلم؟».
 
عدد كريم لعبدالوهاب مزايا ظهوره على الشاشة، حيث يتاح لعدد كبير من الناس فى شتى الأقطار أن يروه ويسمعوه فى وقت واحد، وضمان الخلود لموسيقاه وأغانيه، ولم يقتنع عبدالوهاب فى البداية، لكن الفكرة بدأت تقترب منه.. يذكر: «ما أن جاء عام 1933، حتى تربعت فى مخى الفكرة، واختمرت ولم يبق إلا تنفيذها، واتصلت بالأستاذ محمد كريم وأبلغته قبولى لاقتراحه، واستعدادى لإنتاج وتمثيل فيلم غنائى، يكون للموسيقى والغناء فيه المقام الأول، واخترنا قصة «الوردة البيضاء»، وتم إعداد كل شىء للعمل، وشاركنى فى بطولة الفيلم سميرة خلوصى».
 
وكان أهم ما شغل عبدالوهاب فى هذا الوقت هو نوع الألحان والأغانى التى تلائم السينما، ويذكر: «كنت أغنى على التخت فى الحفلات والأفراح، وكان لهذا الغناء أسلوب خاص يقوم على التطريب والمط والإعادة، وفكرت كثيرا وانتهيت إلى أن الغناء فى السينما يجب أن يكون كمناظر السينما نفسها، يقوم على التركيز والسرعة وإعطاء الجو الملائم مباشرة دون تمهيد أو لف ودوران، وهكذا لحنت فى الفيلم أغانى «يا وردة الحب الصافى» و«يا لوعتى يا شقاى» و«نادانى قلبى إليك» و«ضحيت غرامى»، وأردت أن يتضمن الفيلم لحنا من ألحان التخت، فصنعت لحن أغنية «يا للى شجاك الأنين» كلون دائم للجو العام فى القصة، إذ كان البطل فى الرواية يظهر بعد أن احترف الغناء مع أفراد تخته، وهو يعمل بروفة فى منزله، وبعد انتهاء الفيلم أضفت إليه أغنية «جفنه علم الغزل». 
 
وأحدث الفيلم ضجة كبيرة منذ عرضه الأول.. ويذكر الكاتب الصحفى أحمد السماحى على موقع «شهريار الإلكترونى» من مذكرات محمد كريم: «كانت حفلة العرض الأولى فى العاشرة والنصف صباح 4 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 1933.. قبل الحفلة الأولى بساعة كنت فى السينما، كنت أخشى الفشل وداخلنى وقتها شعور غريب، لكن بعد انتهاء العرض وجدت الجمهور يصفق دقائق طويلة، ومثل كل شىء جديد يصادف نجاحا كان اسم الفيلم من عوامل الرواج التجارى، إذ أنتجت مصانع النسيج «حرير الوردة البيضاء»، وفتح فندق باسم الفيلم، وحملت كولونيا اسم الفيلم، هذا غير محلات البقالة والمكوجى بل ظهرت لافتة حانوتى «الوردة البيضاء».
 
ويذكر السماحى أنه بعد العرض الأول تلقى «عبدالوهاب» تهنئة من كبار رجال الدولة المصرية، فضلا عن الأدباء والمشاهير، وشاهدته أم المصريين «صفية زغلول»، وأرسلت باقة ورد كبيرة لمنزل عبدالوهاب، واعتبره الزعيم مصطفى النحاس: «مشروع وطنى كبير»، وكتب الدكتور طه حسين: «تهنئة أريد أن أهديها خالصة صادقة إلى «عبدالوهاب» بعد أن شاهدت فيلمه، وبعد أن شاهدت رضا الناس عنه وإعجابهم به، ولست أدرى أهناء بما وفق إليه من الإجادة والإتقان؟ أم بما وفق إليه من رضا الناس وإعجابهم؟ أم هناء بالأمرين جميعا؟ فكلاهما خليق أن يهنأ به، وعبدالوهاب خليق أن يظفر منها بأعظم حظ ممكن».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مايكل دوجلاس يكشف سبب ابتعاده عن التمثيل: لا أريد أن أموت فى موقع التصوير

جوني ديب يكشف مروره بطفولة مؤلمة بسبب عنفه والدته.. ويؤكد امتنانه لها لسبب غريب

مش كلها بتزود وزنك.. 7 أنواع من الجبن صحية وتساعد على فقدان دهون البطن

باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة.. استشهاد 3 فلسطينيين إثر قصف الاحتلال الإسرائيلى خان يونس.. إندونيسيا: بركان جبل "لاكى لاكى" يطلق سحابة من الرماد.. ماسك يربط حزبه الجديد بالـ"بتكوين"

شلبي والزناري ونيمار مقابل أحمد ربيع.. الزمالك ينهي اتفاقه مع البنك الأهلي


رئيس البرازيل بقمة بريكس: الذكاء الاصطناعى ليس أداة للتلاعب بأيدى الأغنياء

بولندا تعيد عمليات التفتيش على الحدود مع ألمانيا وليتوانيا

ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات العارمة فى ولاية تكساس الأمريكية لـ80 قتيلا

الأهلي يحسم مصير عروض رضا سليم للرحيل فى الصيف الحالى

بالأرقام.. حكيمى يخطف الأضواء بأداء استثنائى فى كأس العالم للأندية


ارتفاع كبير فى أسعار تذاكر الطيران من إسرائيل فى شهر يونيو الماضى

الكونغو الديمقراطية تطلق حملة إحصاء وتوزيع مجاني للناموسيات لمكافحة الملاريا

الجيش الإسرائيلى يعلن تنفيذ غارات جوية جنوبى وشرقى لبنان

بوتين: "بريكس" يكتسب المزيد من الدعم بين دول الجنوب والشرق

منتخب المكسيك بقيادة أجيرى يتوج بالكأس الذهبية بثنائية ضد أمريكا.. فيديو

ألمانيا تتعهد بدعم ليتوانيا وتعزيز الشراكة الاستراتيجية معها

جيش الاحتلال يعتزم استدعاء 54 ألفا من طلاب المعاهد الدينية للخدمة العسكرية

صادرات البطاطس المصرية تحقق طفرة قياسية وتكافح "العفن البنى" بجهود مكثفة

ترامب: إيلون ماسك ينحرف تماما عن مساره ويتحول إلى كارثة حقيقية

ترامب: تأسيس إيلون ماسك لحزب سياسى جديد أمر سخيف

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى