الأديان وإسعاد الإنسان أولا

محمد ثروت
محمد ثروت
بقلم : محمد ثروت
الهدف الذي تسعى لتحقيقه جميع الأديان التوحيدية وغير التوحيدية على الأرض، هو خدمة أكرم خلق الله وخليفته على الأرض" الإنسان"، وليس العكس. ومن دلالات النص القرآني في قوله تعالى "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"(الإسراء:70)، أن عظمة التكريم الإلهي تتجلى في الإنسان دون بقية مخلوقاته، فقد خلقه  تعالى بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلفه بعمارة الأرض، وعرض عليه أمانة الدين والقيام بالطاعات والواجبات الإلهية، فقبل بها وتحمل مسؤوليتها رغم ما بها من مشقات وصعاب ومهام جسام،  في الوقت الذي رفضت فيه السماوات والأرض والجبال حمل تلك الأمانة ولم تطقها " إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا" ( الأحزاب:72). وهكذا ارتقى الله بالإنسانية إلى أعلى مراتبها، عندما اعترف للفرد بإنسانيته، وسخر مخلوقاته لخدمته ولم يجعله قربانا أو منساقا مسلوب الإرادة.   
 
 إذا الدين طريق ووسيلة للقرب من الله، وهداية وإرشاد للبشرية نحو النور الإلهي والمدد الرباني، طريق لا يحتاج لرجال دين أو واسطة بين العبد وربه، وما الرسل والمصلحون إلا بشر كلفهم الله بإبلاغ أتباعهم فقط وليس الثواب أو العقاب ومنح صكوك الغفران ومفاتيح الجنة وإلا تحولت مهمتهم إلى عبادة إنسان لإنسان مثله. "وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ" (النحل:33). 
 
إن مهمة الدين-أي دين، أن يخدم الإنسان ويوصله نحو طريق الصلاح والسعادة، فالدين وسيلة وليس غاية في حد ذاته، والإنسان عليه أن يحافظ على الأمانة لا أن يكون في خدمتها، وإلا تحول الدين إلى شكليات وطقوس ومظاهر، وتدين ظاهري، بلا جوهر حقيقي.    
 
وهناك فرق بين الدين والتدين والمتدين، فلا ينبغي أن نربط بين سلوك شخص ما يتظاهر بأنه متدين، يصلى ويصوم ويؤدى الفرائض، لكنه يأمر بقتل النفس التي حرم الله قتلها ويكفر الآخر المختلف معه مذهبيا ودينيا، ويدخل الرعب في نفوس الآمنين، ويفسد في الأرض بتدمير البيئة وتلويث الماء والهواء. ويتنمر على الآخرين، ويميز بينهم في اللون والجنس والمعتقد ويخلف الوعود، ويخون الأمانات. وهذا كله يمثل مشكلة في الإنسان ذاته وليس الدين.
 
لا يوجد دين أو مذهب أو معتقد أيا كان، يدعو إلى القتل وهلاك البشرية، أو التحريض على العنف، والإيذاء الجسدي والنفسي، وسلب حرية الإنسان، وإهانة الآخر والتقليل من شأنه، المشكلة في تأويل المتدين لظاهر النصوص، وقراءته وفقا لما يريده هو وما يعتقد أو ما رآه بشر مثله اجتهد فأصاب أو أخطأ.  
 
 يا دعاة الأديان عودوا بالدين إلى أصله الذي خلق من أجله، واجعلوه وسيلة لإسعاد الإنسان ودعوة للتضامن الإنساني، والتكافل والتعاون، وليس الفرقة والانقسام والحروب والفساد في الأرض. أفلا تعقلون؟
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ابنا فضل شاكر وعاصى الحلانى يحييان حفلًا غنائيًا فى لبنان

محمود سعد: أرقام تحاليل أنغام تتحسن لكن موصلتش لمرحلة الخروج من المستشفى

أعظم العسكريين بالتاريخ الفرعونى.. تمثال الملك تحتمس الثالث بمتحف الغردقة

المصرى يغرد فى صدارة الدورى.. بيراميدز يحقق الانتصار الأول.. ومودرن يواصل الانتفاضة

داكر مونتجمرى يكشف سبب ابتعاده عن النجومية وهوليوود


حكم قضائى غير قابل للطعن.. تعرف عليه

محافظ نابلس: الاحتلال يشن حرب استنزاف ومصر تقود الموقف العربى ضد التهجير

سنة دون مبرر.. غلق الوحدة السكنية يوجب إخلاءها فى قانون الإيجار القديم

تعرف على حالات يحق لرجل المرور سحب التراخيص من السائق على الطرق

زوجة تلاحق زوجها بدعوى حبس بسبب 200 ألف جنيه.. التفاصيل


كاسيميرو: محمد صلاح الأجدر بالكرة الذهبية 2025

أبرق قرية ظهرت فيها علامات الإنسان القديم ومخطوطاته قبل التاريخ.. تقع شمال غرب مدينة الشلاتين.. أهم مناطق محمية جبل علبة الشهيرة.. يقع بها أقدم آبار الصحراء الشرقية.. ويعيش بها قبائل العبابدة والبشارية.. صور

ريبيرو في حيرة بسبب مركز الجناح الأيسر في الأهلي.. اعرف التفاصيل

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

وزير التعليم يعلن تطبيق أعمال السنة على الصف الثالث الإعدادى

زعيم حزب إسرائيلى يعلن المشاركة فى إضراب ضد حكومة نتنياهو الأحد المقبل

تفاصيل سقوط 3 شباب طاردوا فتيات بسياراتهم على طريق الواحات.. القصة بدأت بمعاكستهم فى كافيه وانتهت بحادث مروع.. أم الضحية: أي فلوس مش هتعوض بنتي.. القانون صنف الأفعال كجريمة تحرش.. وعقوبات قاسية تنتظر المتهمين

ناصر ماهر العقل المفكر لفيريرا في الزمالك

ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو

اليو ديانج يقترب من العودة لتشكيل الأهلي الأساسي في مباراة فاركو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى