مفتى الجمهورية: الإسلام حارب الفقرَ باعتباره سببًا أساسيًّا للفساد

الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية
الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية
كتب لؤى على
- الفساد يحتاج إلى بيئة غير أخلاقية ينتشرُ فيها الكذب والنفاق والرياء والخيانة وإلى نفسٍ خاويةٍ من الإيمان
 

- كلَّ إنسانٍ في الإسلام يجبُ أن يكون رقيبًا على نفسه

 

- فلسفةُ الإسلامِ في مكافحة ظاهرة الفساد تعتمدُ على علاج الأسباب المؤدية للظاهرة

 

- مِن معالجةِ الإسلام لظاهرة الفساد من جذورها ترسيخُ العدالةِ الاجتماعية وجعلها مقصدًا أعلى للدين

 

- الدولة ومؤسساتها الرقابية والتنفيذية تسعى بكامل طاقتها إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في سبيل مكافحة الفساد

 

- الدولة اتخذت العديد من القرارات الجسورة لتحقيق قدرٍ أكبر من التوزيع العادل من المنافع والثروات

 

- يجب أن تستمرَّ مؤسساتُ الدولةِ في التوعية بخطورة الفساد ومحاربته

 

- دار الإفتاء حملت لواءَ بناء الوازع الديني ضد الفساد بكافة أشكاله

 

- دارُ الإفتاءِ لم تترك فرصةً لمحاربة الفساد والتنبيه على مظاهره وأخطاره إلا وقامت باستثمارها

 
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن انتشارَ ظاهرةِ الفساد يعودُ في جانبٍ كبيرٍ منه إلى النفس البشرية ومدى تمسكها أو تخليها عن دينها ومرجعيتها الأخلاقية؛ فكلما ضعُفَ ذلك الارتباطُ زادت فُرص انتشارِ الفساد.
 
وأضاف في كلمته التي ألقاها فى الندوة التى أقيمت فى قصر ثقافة "دمنهور" بحضور محافظ البحيرة تحت عنوان: "معًا ضد الفساد"- أن الفساد يحتاج إلى بيئة غير أخلاقية ينتشرُ فيها الكذب والنفاق والرياء والخيانة، وإلى نفسٍ خاويةٍ من الإيمان، لا تعرِفُ معروفًا ولا تُنكر منكرًا، ولذلك عُني الإسلامُ في المقام الأول باستهداف تلك النفس البشرية، وبتقوية دور الرقابة الذاتية والتعويل عليها قبل الاعتمادِ على أي نوعٍ آخر من أنواع الرقابة.
 
وأوضح أن كلَّ إنسانٍ في الإسلام يجبُ أن يكون رقيبًا على نفسه، وأن يزن أعماله في الدنيا قبل أن تُوزَن عليه يوم القيامة، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك المبدأ عمليًّا لأمته في كثيرٍ من المواقف؛ من بينها ما رُوي عنه صلى الله عليه وسلم عندما كان يتفقد جيشه فوجد جنديًّا خارجًا عن الصف؛ فوكزه صلى الله عليه وسلم ليستقيمَ في الصف؛ فلما رأى صلى الله عليه وسلم تألُّمَ الجنديِّ كشف بطنه الشريفةَ وطلب من الجندي أن يقتصَّ منه.
 
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن حضارةَ الإسلامِ قد قامت واستقرت منذ بدايتها على هذا الوازع النفسي؛ فإن تلك الجماعةَ الصغيرةَ التي تسلَّلت من مكةَ في بداية ظهور الإسلام هربًا من بطش وقسوة السادة المستبدين ووصلت إلى المدينة المنورة وهي في أقصى درجات الضعف مجردةً عن جميع الموارد والأسباب المادية سوى إيمانها العميق وشريعتها الإلهية، لم تكن تلك الجماعة لتستطيع في خلالِ أقلِّ من قرنٍ أن ترتقي إلى أعلى سلم الحضارة الإنسانية إلا إذا كانت تحتكم إلى مجموعة من القيم الإنسانية الراقية، وكان في القلب من تلك القيم "العدلُ والنزاهةُ والصلاحُ".
 
وأكد أن فلسفةَ الإسلامِ في مكافحة ظاهرة الفساد -وأيِّ ظاهرةٍ عمومًا- تعتمدُ على علاج الأسباب المؤدية للظاهرة، لا الانشغالُ بالمظاهر والتداعيات، ولذلك سعت الشريعة بدايةً إلى تعزيز الرقابة الذاتية وتزكية النفس والروح، وتنمية الوازع الديني، ووضع الإنسان أمام مسئوليته الفردية كما قال صلى الله عليه وسلم: «الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما مشبَّهاتٌ لا يعلمها كثيرٌ من الناس؛ فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه وعِرضه، ومن وقع في الشُّبهات كراعٍ يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه؛ ألا وإن لكل مَلِكٍ حِمًى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه؛ ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب».
 
وأضاف أن الإسلامَ بعد أن يُقيمَ الحجةَ على النفس ويضعها أمام مسئوليتها تتوالى الأوامر الإلهية بالإصلاح ودفع الفساد؛ بل والأخذ على يد المفسد حتى يتوقف عن فساده؛ فيقول تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}، ويقول أيضًا: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، ويقول عز مِن قائل: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}.
 
ولفت المفتي إلى أن مِن معالجةِ الإسلام لاجتثاثِ أسبابِ ظاهرة الفساد من جذورها أيضًا ترسيخُ العدالةِ الاجتماعية وجعلها مقصدًا أعلى للدين، فهي من مقاصد الدين العليا بحسب فقهاء سبقوا عصورهم؛ وذلك لأنها صمامُ أمانِ المجتمعِ من حيث هي إعطاءُ كلِّ فردٍ ما يستحقه وتوزيعُ المنافع المادية في المجتمع وتوفيرٌ متساوٍ للاحتياجات الأساسية، كما أنها تعني المساواة في الفرص؛ أي أن كلَّ فردٍ لديه الفرصةُ في الصعود الاجتماعي.
 
وثمَّن مفتي الجمهورية جهودَ الدولة ومؤسساتها الرقابية والتنفيذية التي تسعى بكامل طاقتها إلى تحقيق تلك العدالة الاجتماعية في سبيل مكافحة الفساد، وقد اتخذت العديد من القرارات الجسورة التي من شأنها تحقيق قدرٍ أكبر من التوزيع العادل للمنافع والثروات.
 
كما أوضح أن الإسلام قد وضع قواعدَ وأسسًا للعدالة الاجتماعية ووسائلَ لتحقيقها ووضع السياسات والتشريعات العادلة التي ينضبط بها أمرُ المال بعيدًا عن تخدير المشاعر أو دعوة الناس إلى التخلي عن حقوقهم.
 
وأضاف أن الإسلام حارب الفقرَ كونه سببًا أساسيًّا للفساد، وعاملًا مهمًّا من عوامل انتشاره؛ ومن ثَمَّ أولى الإسلامُ قضيةَ القضاء على الفقر من جذوره عنايةً كبيرةً. وفي هذا الإطار ترى النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وعلماء الأمة وأئمتها يَقرِنون الفقرَ بالكفرِ في كثيرٍ من المواقف؛ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر»، وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: «لو كان الفقر رجلًا لقتلته».
 
كما حث الإسلامُ على العمل وطلب الرزق في محاولةٍ لعلاج مشكلة الفقر بطريقة تنموية، مشيرًا إلى أن الزكاة تأتي كأحد أهم الوسائل الفعالة التي واجه بها الإسلامُ الفقرَ وما يترتب عليه من نشرٍ للفساد؛ فتشريعُ الزكاةِ في المجتمع يحميه من الفساد؛ حيث إنها تعمل على تطييب نَفْسِ الفقيرِ تجاه الغني وتجاه المجتمع ككلٍّ، مما يولد لديه شعورًا إيجابيًّا بالانتماء فلا يسعى للسرقة أو الاختلاس ويعمل على حماية المال العام.
 
قال المفتي: "إن الخطابَ الديني في محاربة هذه الظاهرة المدمرة يجب أن يرتكزَ على ما سبق؛ فالإسلام لديه منهجٌ في محاربةِ تلك الظاهرة سابقٌ لكل المحاولات التي تمت في هذا السياق، وفي هذا الصدد ينبغي أن تستمرَّ مؤسساتُ الدولةِ في القيام بدورها في التوعية بخطورة الفساد ومحاربته كلٌّ في مجاله."
 
وأشار إلى أن دار الإفتاء المصرية قد حملت لواءَ بناء الوازع الديني ضد الفساد بكافة أشكاله، وذلك بما أصدرته من فتاوى في هذا الأمر؛ وذلك في سياق قيامها برسالتها المتمثلة في بيان الأحكام الشرعية في إطارٍ من الانضباط المؤسسيِّ الواعي بتحقيق مصالح الخلق في ظل مقاصدِ الشريعة، ولم تترك دارُ الإفتاءِ المصريةُ فرصةً لمحاربة الفساد والتنبيه على مظاهره وأخطاره إلا وقامت باستثمارها؛ فأصدرت في هذا السياق فتاوى تبين حرمةَ الاعتداء على المال العام، وحرمة التعدي على الملكية الشائعة واستغلال الطرقات العامة وأراضي الدولة، وأصدرت فتاواها عن حرمة دفع الرشوة، وتحريم الاحتكار، وغير ذلك كثير.
 
وأوضح أن ذلكَ يأتي من منطلقِ الوعي بأن الفسادَ يبقى في النهاية؛ برغم كل تجلياته الاجتماعية؛ ظاهرةً ترتكز في الأساس على الفرد بحسبانه مادةَ الحركة الأولى لهذه الظاهرة… وليس ثمة أقدرُ من الدين على التعامل مع الفرد وتنميته إيمانيًّا وصُنع سياجٍ داخل قلبه يقيه شرَّ الوقوع في هذه الممارسات البغيضة.
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

التضامن تبدأ صرف مساعدات تكافل وكرامة لشهر ديسمبر 2025.. اعرف المنافذ

قطار تالجو.. مواعيد الرحلات على خطوط السكة الحديد

تعرف على أرقام جروس مع الزمالك فى ذكرى عودته لخوض الولاية الثانية

طائرة مدنية تتفادى اصطداما جويا مع ناقلة أمريكية قرب فنزويلا.. اعرف التفاصيل

لأول مرة.. هدير عبد الرازق وطليقها أوتاكا في قفص واحد.. اليوم


مواجهة مونديالية بين السعودية والأردن في نصف نهائي كأس العرب 2025

مواعيد مباريات اليوم الإثنين 15-12-2025 والقنوات الناقلة

كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب والإمارات والقنوات الناقلة

مواعيد مباريات منتخب مصر فى أمم أفريقيا 2025

حالة الطقس اليوم الإثنين 15 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار غزيرة بهذه المناطق


وزارة التعليم تحدد ممنوعات داخل المدارس بعد وقائع التعدى على الأطفال

سندرلاند ضد نيوكاسل.. نقل لاعب المكبايس إلى المستشفى بعد إصابة قوية

عمر متولى ينعى والدته ويطالب الجمهور بالدعاء لها

تقرير مغربى: بلعمرى فى الأهلى مقابل 500 ألف دولار

تعرف على مصير أحمد الأحمد البطل الأسترالي مُنقذ ضحايا هجوم سيدني

7 معلومات عن شقيقة عادل إمام أرملة مصطفى متولى

الوليد بن طلال يقترب من الاستحواذ بالكامل على نادى الهلال

هل سنرى أحمد السقا عريسا فى 2026؟.. النجم الكبير يجيب.. صور

تحذير عاجل.. نوة الفيضة الصغرى تضرب الإسكندرية غدا والأمواج ترتفع 3 أمتار

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى