دعاة الليبرالية فى مأزق.. ميركل نموذجا

بيشوى رمزى
بيشوى رمزى
بيشوى رمزى

تحول كبير تشهده خريطة السياسة الدولية، في إطار التوجه نحو اليمين المتطرف، وأقرانها من التيارات الشعبوية، وهو الأمر الذى بدا أولا في اختيارات الشعوب، سواء عبر الصناديق الانتخابية، في العديد من دول الغرب، خلال السنوات القليلة الماضية، أو في المظاهرات التي ضربت العديد من العواصم العالمية احتجاجا على السياسات التي يتبناها دعاة الليبرالية التقليدية، من جانب، لتنتقل بعد ذلك إلى الساسة، الذين لم يتورعوا في خلع عباءة الليبرالية من أجل الحفاظ على مكاسبهم السياسية في الشوارع، لتضع مستقبل أحزابها على المحك، في ظل عجزها عن تقديم رؤى جديدة تجارى الواقع الدولى الجديد.

ولعل الانشقاقات التي ظهرت بوادرها في العديد من الأحزاب الليبرالية حول العالم، تمثل انعكاسا صريحا لاتساع دائرة التمرد، حيث امتدت من نطاق الشارع السياسى، إلى الداخل الحزبى، وهو ما يمثل تهديدا صريحا لمستقبلها، خاصة وأن قطاعا كبيرا من الساسة استشعروا أنه لا مكان لهم على الساحة في ظل تمسكهم بتلك المبادئ التي طالما تشدقوا بها، بسبب تراجع شعبيتها، لصالح قوى أخرى، وضعت الأولوية لمصالح المواطنين، في إطار خطاب شعبوى استطاع أن يحقق زخما سياسيا كبيرا داخل العديد من الدول.

فلو نظرنا إلى النموذج الألماني، على سبيل المثال، نجد أن ثمة انقسام يلوح في الأفق داخل حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (حزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى) ذو الطبيعة الليبرالية، على خلفية تحالف عدد من نوابه مع آخرين من حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليمينى المتطرف، وهو الأمر الذى اعتبرته بعض المنصات الإعلامية بمثابة "فضيحة سياسية"، حاولت ميركل احتوائها بإقالة أحد أعضاء حكومتها، بسبب تغريدة رحب خلالها بانتخاب سياسى يمينى متطرف كمسئول بإحدى المقاطعات، موضحا أن فوزه جاء بفضل تصويت أنصار حزب ميركل لصالحه.

وهنا يثور التساؤل حول ما إذا كانت المستشارة الألمانية، ذات التاريخ الليبرالى الناصع، قد شاركت في بناء مثل هذا التحالف "المشين"، أم أنه جاء بتحرك فردى من قبل بعض النواب المنتمين لحزبها، لتجد ميركل نفسها أمام خيارين "أحلاهما مر"، فلو كانت شريكة في مثل هذه الخطوة، فإنها تعد بمثابة "انقلاب" على تاريخها السياسى الذى دأبت على بنائه بخطاب ليبرالى معتدل، في حين أنه لم يتم دون معرفتها، فهذا يعنى عجزها الكامل عن إدارة حزبها، وبالتالي عدم قدرتها على قيادة البلاد.

المستشارة الألمانية ربما سبقت باتخاذ خطوة التقاعد قبل أكثر من عام، عندما قررت عدم خوض انتخابات المستشارية، ولكن يبقى الانقسام على خلفية المشهد الأخير سببا في انهيار خططها التي رسمتها منذ سنوات، وهو ما يبدو في تراجع أنيجيريت كرامب كارنباور، والتي تشغل منصب وزيرة الدفاع في الحكومة الحالية، عن خوض انتخابات المستشارية في 2021، وكذلك تخليها عن رئاسة الحزب، في خطوة تعد بمثابة "زلزال" يمكنه القضاء على مستقبل الحزب، الذى لعب دورا محوريا، ليس فقط في الداخل الألماني، وإنما امتد ليشمل محيطها القارى لسنوات طويلة، بفضل قيادة برلين للاتحاد الأوروبى، لسنوات طويلة.

الموقف الحرج في ألمانيا  ليس أكثر من جزء من مأزق دعاة الليبرالية، جراء ما يمكننا تسميته بمحاولات مغازلة اليمين، سواء عبر مواقف سياسية، على غرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذى سعى لاستنساخ صورة الرئيس الأسبق جاك شيراك داخل كنيسة بالقدس، أو في مواقف فردية من الساسة، على غرار انشقاق النائب الديمقراطى في الولايات المتحدة جيف فان دورو، والذى آثر الخروج من عباءة الديمقراطيين والانضمام للحزب الجمهورى، في انعكاس صريح لحالة الضعف التي ضربت التيار الليبرالى، والتي لا تقتصر على دولة بعينها، وإنما صارت تمتد إلى العديد من مناطق العالم.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ترامب و بوتين فى قمة ألاسكا.. بى بى سى: الكرملين يسعى لاعتراف بفشل محاولات الغرب لعزل روسيا وانتصاراً بالاحتفاظ بالأراضى.. والرئيس الأمريكى يسعى لأى فرصة تقدم نحو السلام رغم خفض سقف التوقعات

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

صحة الكويت: 160 حالة إصابة بتسمم كحولى وارتفاع الوفيات إلى 23 حالة

مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

موقع معزول ومحصن أمنيا.. تعرف على القاعدة المستضيفة للقاء ترامب وبوتين


رفع سعر دواء لإنقاص الوزن ببريطانيا 3 أضعاف بعد شكوى ترامب

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

محمد صلاح على موعد مع التاريخ فى مباراة ليفربول ضد بورنموث

تعليق مهين من متحدثة الخارجية الروسية ضد الرئيس الأوكرانى.. فيديو

أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات


إصابة فليك فى تدريبات برشلونة قبل مواجهة ريال مايوركا

أنقذها القومى للطفولة مرتين.. نجاة فتاة أبو المطامير من الزواج بعمر 16 عاما

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

15 يوما على الاستفادة بتقسيط مخالفات المرور بدون فوائد حتى نهاية أغسطس

التشكيل المتوقع للأهلى أمام فاركو.. تريزيجيه وزيزو وشريف فى الهجوم

حسام حسن يستقر على 25 لاعبًا لمباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو

مواعيد مباريات اليوم.. ليفربول ضد بورنموث في افتتاح الدوري الإنجليزي والأهلى ضد فاركو

ناشئو اليد أمام النرويج فى تحديد مراكز بطولة العالم

آخر فرصة.. محافظة القاهرة تغلق باب التحويلات المدرسية اليوم

للأزواج.. ماذا تفعل حال ملاحقة زوجتك لك لسداد قائمة منقولات بقيم مبالغة؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى