قرأت لك.. "البنك المركزى" كيف تعامل العالم قديما فى الإيداع والاقتراض

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

من الكتب المهمة التى يجب قراءتها كتاب "البنك المركزى فى العصور المختلفة" لزكريا مهران، والصادر عن مؤسسة هنداوى، وفيه يقول "لو رجعنا إلى مصادر التاريخ القديم فيما أمكن العثور عليه من الحفريات لوجدنا أنَّ الإيداع والاقتراض كلاهما قديمٌ فى ذاته قِدَمِ الطَّيبات من الرزق كان الإنسان يستكثر منها، فإن زادت عن حاجته ادَّخرها إلى وقت يفيد منها فيه، وإن امتنعت عليه راح يلتمسها قرضًا أو صدقة ممن يقدر عليها".

البنك المركزى
 

 

فإذا كان الإنسان فى عهده البِدائى فأدوات الصيد والدفاع عن النفس والحبوب هى أثمنُ ما يحرص عليه، وهى لهذا نقوده الأولى التى تبايع بها أيضًا قبل أن يهتدى إلى استعمال الأجرام المعدنية ثم النقود المسكوكة التى بدأَ يضربها الليديُّون — على أرجح الأقوال.

 

الإيداع فى المعابد

ولمَّا كان من الطبيعى أن يحتفظَ الإنسانُ بتلك السلع، وأن يدَّخِرها لوقتِ الحاجة فى مكانٍ أمينٍ خوف السَّرقة أو الغصب، فقد استودعها المعابد فى أوَّلِ الأمرِ؛ لما فيها من مناعةٍ وقداسةٍ. وكانت معابد قدماء المصريين والآشوريين والبابليين والفرس والإغريق بها أمكنة خاصَّة لحفظ ودائع الأفراد، ولدينا الآن من قطع الخزف وجدران بعض المعابد ما تثبت نقوشه أنَّ تلك المعابد كانت تقبل الودائع وتقرض الأفراد، ممَّا جعل المؤرخين يقطعون بأنَّ معبد «دلوس Delos» ومعبد «أفيز Ephese» ومعبد «ساموس Samos» كانت تؤدِّى الأغراض التى تؤدِّيها شون البنوك فى الوقتِ الحاضر.

لم يكن كاهن المعبد عند قدماء المصريين مجرد رئيس ديني، وإنَّما كان على درجةٍ كبيرةٍ من الاستعداد الاقتصادي، فكان يدبِّرُ للنَّاس أمور معاشهم ويقدِّم لهم المساعدات فى أوقاتِ الضِّيق، ويقوم عليهم بغيرِ قليلٍ من التوجيه الاقتصادى المحلِّي.

 

وقد أكَّدَ لنا البحث التاريخى صحَّة ما جاءَ فى الكتب المُقدَّسة من أنَّ يوسف — عليه السلام — قد جعله مولاه على خزائنِ الأرضِ المصرية يُعالج أزمة امتدَّت إلى سبع سنوات بسببِ انخفاض فيضان النيل. ومن هذه الحقيقة التاريخية نشأت الأسطورة التى يؤمِنُ بها الإسرائيليون من تعاقُبِ الأزمات مرَّة كل سبع سنوات، وقد حاول كثير من الاقتصاديين أن يُقيموا الأدلة على صحَّتها.

 

الإقراض عند الإغريق

قلنا إنَّ كهنة المعابد كانوا يُقرِضون المُحتاجين. ويستتبع ذلك أن نعرف هل كانت المعابد تأخذ فائدة على ما كانت تقدِّمه من قروضٍ. اختلف المؤرِّخُون فى ذلك، والرَّاجِحُ أنَّ معابد الإغريق لم تكُن فى أوَّلِ عهدها بالإقراضِ تأخذ فائدة، ولكنها اضطرت إلى أخذِ تعويض عن التأخير فى سداد القرض، فنشأت عن ذلك عادة أخذ الفوائد التى صارت فيما بعد معمُولًا بها على اعتبارِ أنَّها أجر أو استغلال لرأس المال الذى يقترض.

 

ولسنا نعرف على وجهِ التحقيق الوقت الذى بدأ فيه الأفراد يتَّخِذون الإقراض حرفةً لهم. ولكن من القصص الثابتة أنَّ «هريود» الذى عاش فى القرن الثامن قبل الميلاد قد نصح لمقترض حبوب أن يردَّ لمُقرضه أكثر ممَّا أخذ حتى يُشجِّعَه بتلك الطريقة على تسليفه مرَّة أُخرى إذا احتاج إلى الاقتراض منه.

 

وكان القانون الإغريقى القديم ظالمًا؛ لأنه أباحَ للمقرِضِ أن يُطالب المقترض بدفع نصف ما استلف زيادة على الأصل إذا لم يسدَّ السلفة فى الميعاد المتَّفَقِ عليه. وعلى هذا أصبحت عملية الإقراض عملية كاسبة يلجأُ إليها نفرٌ من الضعفاء ويتعالى عنها ذوو الههم. ولكنها ما لبثت أن صارت ضرورة تُحتِّمها ظروف التوسع الاقتصادى عند الإغريق فى القرن الرابع قبل الميلاد. وقد حفظ لنا التاريخ أسماء كثير من كبار رجال المصارف الإغريقية؛ فمنهم «بازيون» الأثينى الذى أهدى بلاده أسطولًا مُكوَّنًا من خمسِ مراكب. وقد مات سنة ٣٧١ عن ثروةٍ كبيرةٍ مصرفية قام على إدارتها بعده شريكه «فورميون Phormion» الذى خلَّده «ديموستين Demothene» بدفاعٍ مجيدٍ فى إحدى القضايا الهامة التى رُفعت عليه.

 

ولمَّا كان الصيرفى الإغريقى يجلسُ ليباشر عمله إلى جوار مائدة خشبية، فقد أطلق الإغريق كلمة ترابيزة Trapezi على المصرف، ولا زالت مُستعملة فى اللغة اليونانية إلى الآن. وترجمتها فى اللغات «طاولة بنك Banco, Taoula» التى صارت علمًا على المصارف إلى وقتنا هذا.

 

وقد افتنَّ أصحاب المصارف الإغريقية فى الدعاية لأعمالهم، فكتب أحدهم المدعو «كايكوس» على مصرفه أنه يُعامل الأجانب كما يعامل الوطنيين، وأنه مستعد حتَّى فى الليل أن يبدل النقود لمن أراد، وكانت لهم دفاتر يقيِّدُون فيها حساباتهم اليومية ويوقِّع عليها العميل بإمضائه أو خاتمه للمضاهاة عليه عند اللزوم.

 

وقد عرف القانون الإغريقى نظام إيقاف الدفع المعروف الآن «بالموراتوريوم» فى أوقاتِ الضِّيق والأزمات. وقد تخصَّصَ بعض المدافعين فى القضايا المالية، ورتَّبوا لها إجراءات تؤدِّى إلى سرعة الفصل فيها.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

قصة نجاح مصرية.. مؤسسات التصنيف الدولية ترفع الثقة وبرامج التمويل تتدفق

3 مدربين أجانب يستعدون للمنافسة فى دوري نايل الموسم المقبل

محطات مهمة في مشوار نبيلة السيد في ذكرى وفاتها اليوم

الأهلي يضع الرتوش الأخيرة على صفقة انتقال عمر الساعى للمصري

حكيم يستعد لألبومه الجديد بتعاون ثلاثي مع محمد عبد المنعم وزيزو فاروق


مواعيد مباريات كأس العالم للأندية اليوم 30-6-2025 والقنوات الناقلة

استديوهات التصوير غير المرخصة.. تهديد خفي في قبضة الأمن

حرب أوروبا وترامب التجارية مستمرة.. الاتحاد الأوروبي يتعهد بالرد على الرئيس الأمريكي بالمثل حال فرض رسوم جديدة.. مقترح لتشكيل تكتل تجاري عالمي.. 9 يوليو الموعد النهائي المحدد للتوصل إلى اتفاق خلال فترة الهدنة

المصري يسعى لتدعيم الجبهة اليمنى بعد اقتراب أحمد عيد من الأهلي

4 رسائل مؤثرة فى وداع نجوم تونس والجزائر لجماهير الدوري المصري


المطابع غير المرخصة.. مصانع التزوير في قبضة الأمن

رامى إمام يحتفل بعقد قران ابنه حفيد الزعيم عادل إمام

صفقات الأهلى فى الميزان بعد المونديال.. زيزو يلمع وبن رمضان يبدع وتريزيجيه تحت الضغط

مولودين من 48 ساعة.. مسعد ويحيى أصغر أسدين فى حديقة حيوان بنى سويف "فيديو"

إيهود باراك: إنهاء الحرب على غزة أمر بالغ الأهمية

تفاصيل التحقيق مع متهم بتجارة العملة خارج نطاق السوق المصرفية

استخراج جثة سيدة بعد تقطيع السيارة إثر سقوط ونش عليها بطريق الأوتوستراد

أحمد حسام: هعرف أثبت نفسى فى الزمالك.. ومابلولو وماييلى أصعب مهاجمين

وزير الخارجية يزف بشرى للمصريين بالخارج: بحث تجديد مبادرة استيراد السيارات

مصرع سيدة سقط عليها ونش أثناء تواجده داخل سيارته فى طريق الأوتوستراد.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى