سليمان العطار.. حزن مستحق

محمد غنيم
محمد غنيم
محمد غنيم
فى مساء الخميس الماضى، ونحن فى أجواء نعى العالم الاكاديمي والمفكر الجليل، الأديب والمترجم، سليمان العطار، عليه رحمة الله، الذى فارق عالمنا فى الثانى عشر من مارس الجاري، فكان خبر موته فاجعة موحشة استقبلتها صدمة، صرخة بنبرات يكسوها البكاء والرثاء، احببته من حكايات تلميذته النجيبة، صديقتى الدكتورة سحر عبد المجيد، كانت تحدثني وكأنه إنسان يطوف بمحبة في محراب العلم والإنسانية والمباديء، لم يحالفنى الحظ أن ألتقى به مرة، فكان موته خير مؤكد لى بعض ما أدركتُ من قيمة الرجل، وأثره الفكري والحضاري والثقافي على المستوى الإنساني والأخلاقي، وجدته في حب تلاميذه، وإن تحولت السوشيال ميديا فجأة بمنصاتها لدفتر عزاء ينعونه ويجبلونه ، فكان دليلا على أن علاقته بالوسط الثقافى والآكاديمى والنقدى مجردة من الشوائب والمصالح.
كانت معرفتى الفكرية باسم سليمان العطار سبقت ذلك العزاء بوقت كبير جدًا، كنتُ فى بداية قرائتى للرواية الأجنبية المترجمة عندما تعرفت على عالم ماركيز من خلال ترجمة سليمان العطار لرواية مئة عام من العزلة فكان أول من فتح لى باب الأدب العالمى وأخد بيدى للأعمال المترجمة، كان الراحل أول من ترجم إلى العربية من الإسبانية مباشرة رواية "مئة عام من العزلة" لجابريل جارسيا ماركيز، وأنهى ترجمتها قبل أن يحصل مؤلفها على جائزة نوبل فى الآداب عام 1982، وذلك وقت أن شغل وظيفة مستشار ثقافى لجمهورية مصر العربية لدى مملكة إسبانيا
بعدها التصق الاسم بمخيلتى إلى أن اقتنيت كتاب "الخيال عند ابن عربي" الصادر عن دار الثقافة عام 1989 وإذا به مزدان بتأليف دكتور سليمان العطار هنا أخذ اسم المؤلف والمترجم ركنا قصى فى الذاكرة لأسلوب سلس ورؤية عميقة ولغة رشيقة وفكر مستنير، عرفته من خلال السطور والصفحات التى بفضلهما اتضحت لى معالم أفكار وملامح ورؤى، ضبطت لي الكثير من المفاهيم في عقلي، قارئ جديد للثقافة قليل الخبرة، قبل أن يكون صحفيا يميز الخبيث من الطيب وسط ركام من الفوضى والارتباك، حتى عرفت مؤلفاته عن قرب من بين دراسات الأدب المقارن و الشعبى والفلكور والتصوف والأدب الجاهلي، والأندلس والحضارة ومن بين أبرز مؤلفاته: " الخيال عند ابن عربي"، و"مقدمة فى تاريخ الأدب العربي: دراسة فى بنية العقل العربي" و"مقدمة منهجية لدراسة الأدب العربي" والموتيف فى الأدب الشعبى والفردى "نحو منهجية جديدة.
 
كانت مقدمة ترجمة رواية مئة عام من العزلة التى خطها الراحل بيده تشى بكثير من العمق، كأحد قوارب النجاة فى عالم القراءة، بلا خداع أو أوهام، فى وقت كان من السهل جدًا التعلق بترجمات عقيمة ومن ثم تحكم على العمل بأنه غير جيد كون الترجمة غير شهية أو مستساغة، يقول سليمان العطار فى مقدمة الرواية: "لقد قمت بترجمة هذا العمل الروائى الفذ منذ سنوات طويلة "1979 - 1980"، وأذكر كيف أسرتنى هذه الرواية بشكل فريد، إذ لم يحدث لى أن شعرت بهذه المشاعر المكثفة والتى تضيء بداخلى إلى حد الإحساس باحتراق كثير من الأعمال القصصية والشعرية السابقة عليها مثل زيت يمد تلك المشاعر بالوقود لتزداد كثافة و"انضياء."
وأهم ما وجدتُه فى فكر الرجل من خلال مؤلفاته الإعلاء من قيمة الحوار الهادئ العقلانى المرن، والانحياز إلى العقل والمعرفة، والإيمان بالتطور والتجديد، ونبذ الجهل والتبعية والسعى وراء الإبداع، فيقول فى مقولته الشهيرة وكأنه يلخص المشهد العبثى للقارئ العربى: من صور العبودية فى العالم الثالث أو بعبارة أخرى العالم المتخلف يترسخ ألعن أنواع العبودية، وهى العبودية التى تأسر الفرد وتكسر المجتمع إنها العبودية للأفكار الموروثة محليا والموروثة المستوردة، والعبيد لا يبدعون ولا يخترعون بل يستهلكون إبداع غيرهم ومخترعاته على هيئة أطواق فى رقبتهم. هكذا قال سليمان العطار وترك لنا جيلا من الأساتذة والتلامذة وحملة التنوير بما يدل على خلود الرجل. 
ومن هنا أناشد الأستاذ الدكتور جمال الشاذلى عميد كلية الآداب جامعة القاهرة والأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة، تخليد اسم الراحل العالم الجليل المفكر الدكتور سليمان العطار كأحد رموز جامعة القاهرة من خلال إقامة حفل تأبين بحضور قادة الفكرالعربى وأن يطلق اسمه على أحد مدرجات كلية الآداب 
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

القطار السريع يحقق المعادلة الصعبة.. ساعتان من العين السخنة للإسكندرية بسرعة 250 كم وتجربة استثنائية للسفر.. وعربات بطابقين في القطار الإقليمي لأول مرة في البلاد.. وجرار البضائع يصل مصر قريبا.. صور

ملخص وأهداف مباراة النصر ضد الأهلى فى نهائى كأس السوبر السعودى

بعد إعلان رؤية هلال ربيع الأول.. تعرف على موعد المولد النبوى الشريف 1447

بعثة يد الأهلى تصل القاهرة بعد المشاركة فى البطولة الدولية الودية بالبوسنة

ريم مصطفى تعود للسوشيال ميديا وتظهر بإطلالة طبيعية


الأهلي يرفع كأس السوبر السعودي وسط حسرة رونالدو.. فيديو

الجيش السوري ينفى تسمم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة

إيرادات فيلم الشاطر لـ أمير كرارة تتخطى الـ 88 مليون جنيه منذ عرضه

أهلى جدة بطلا لكأس السوبر السعودى على حساب النصر بركلات الترجيح

النصر ضد الأهلى.. ركلات الترجيح تحسم كأس السوبر السعودي " فيديو "


روديجر يعود إلى قائمة ريال مدريد لمواجهة ريال أوفييدو في الليجا

خست 16 كيلو.. طفلة فلسطينية تحول جسدها لهيكل عظمى ووالدتها تناشد بسرعة علاجها

محمد صلاح ضمن أفضل هدافى القرن الحادى والعشرين عالميًا.. ميسي يتصدر

سيدة تطالب بتعويض 20 مليون جنيه من الزمالك لظهور رقمها في إعلان "الدباغ"

سقوط أوراق التين رواية تبحث عن مواجهة الشر.. مينا عادل جيد: لا أخشى الموضوعات الشائكة.. وطيف "دون كيخوته" ملمح أساسي في أعمالي.. صغت لغة أقرب للترجمات عن القبطيّة للعربية.. وفكرتي هي خلق النظام في وجه الفوضى

الأهلى يستعد للإعلان عن تعيين أسامة هلال فى رئاسة لجنة التعاقدات

صفقة إيزاك إلى ليفربول تعجل برحيل 4 لاعبين من الريدز

"شكراً مصر".. متطوعو مبادرة "الأشقاء" الجنود المجهولة فى مساعدة العائدين لوادى النيل.. مصريون وسودانيون يتنافسون لخدمة المسافرين للسودان على محطة السكة الحديد بالسد العالى.. توفير خدمات طبية وكراسى متحركة مجانا

سيحا حارس الأهلي يتعرض لحادث سيارة ويعلق: الحمد لله على فضله

مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتى مع برشلونة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى