كيف تسعى روسيا والصين لسحب الشرعية الدولية من القيادة الأمريكية للعالم عبر "كورونا"؟.. الانغلاق كشف الوجه الإنسانى القبيح لواشنطن.. والقوى الجديدة تنسق بشكل جيد وتقدم نفسها كبديل للأمريكان فى مناطق النفوذ

كيف تسعى روسيا والصين لسحب الشرعية الدولية من القيادة الأمريكية للعالم
كيف تسعى روسيا والصين لسحب الشرعية الدولية من القيادة الأمريكية للعالم
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

حالة من الارتباك تسود المشهد العالمى في المرحلة الراهنة، ربما يتصدر أسبابها تفشى فيروس "كورونا"، والذى بات يلتهم قطاعا كبيرا من مواطني دول العالم، دون تفرقة بين المتقدم منها والنامى، حيث وضع الفيروس القاتل، دولا بحجم إيطاليا وإسبانيا وألمانيا، والتي تمثل قيادات كبيرة في القارة الأوروبية، على قدم المساواة مع دولا أخرى، تبدو أقل من حيث إمكاناتها الاقتصادية والعلمية، وكذلك نفوذها السياسى، على غرار إيران، حيث تتزايد أعداد الضحايا بصورة كبيرة في كافة الدول، بينما يفشل العالم في تحقيق أي تقدم يذكر فيما يتعلق بالوصول إلى دواء يمكنها إنهاء الأزمة الحالية بالسرعة المطلوبة، وبالتالي إنقاذ الإنسانية بأسرها من كارثة محققة في المستقبل القريب.

إلا أن أزمة "كورونا" ربما ليست أكثر من جزء صغير من المشهد الأعم، في ضوء الصراع الذى تشهده الساحة الدولية، في الوقت الراهن، لتدشين نظام عالمى جديد، من شأنه إنهاء حالة الهيمنة الأحادية، بقيادة الولايات المتحدة، والتي سادت منذ نهاية الحرب الباردة، وانهيار الإمبراطورية السوفيتية، في بداية التسعينات من القرن الماضى، خاصة مع استعادة روسيا لجزء كبير من مكانتها الدولية، في الوقت الذى تصاعد فيه النفوذ الصينى إلى الحد الذى أقلق واشنطن، وهو ما بدا واضحا منذ بداية حقبة الرئيس دونالد ترامب، والذى أطلق حربا تجارية، على بكين، بهدف تحقيق قدر من التوازن بين البلدين، بالإضافة إلى السعي نحو تقويض الطفرة الاقتصادية التي نجحت الحكومة الصينية فى تحقيقها خلال السنوات الماضية.

التحدى الرئيسى.. كورونا تكشف الوجه الإنسانى للصراع الدولى

ولعل الإجراءات الاقتصادية الأمريكية، لم تقتصر في نطاقها على الخصم الصينى، أو العدو التاريخى الروسى، وإنما امتدت إلى نطاق أوسع لتشمل حلفاء واشنطن التاريخيين في أوروبا الغربية، في ظل القلق الأمريكي المتزايد جراء مزاحمة مكانة واشنطن الدولية من قبل الحلفاء أو الخصوم على حد سواء، مما يطرح العديد من التساؤلات حول كيفية التعامل الدولى مع أزمة كورونا الراهنة، في ظل توجه الإدارة الأمريكية نحو ما يمكننا تسميته بسياسة "الانغلاق"، في ظل منح الأولوية للداخل الأمريكي على حساب المحيطين الدولى والإقليمى، وهو الأمر الذى ساهم بصورة كبيرة في تقوية شوكة منافسى الولايات المتحدة على قمة النظام الدولى.

 

وهنا يصبح التحدى الرئيسى الذى يواجه القوى الدولية الكبرى، والذى يطغى على تفاقم أزمة كورونا، والذى يدور حول الوجه الإنسانى للصراع الدولى، في ظل حالة من التخلي هيمنت على السياسات التي تتبناها واشنطن، تجاه حلفائها، سواء في أوروبا أو مناطق أخرى بالعالم، قبل خصومها، وهو ما يبدو في الإجراءات الجمركية والأمنية التي اتخذتها إدارة ترامب، وهو ما دفع حلفاء أمريكا إلى التوجه نحو التقارب مع خصومهم التاريخيين، كروسيا والصين، لإيجاد بديل قوى للحليف الأمريكي الذى تبنى سياسات اتسمت بالتخلى عنهم.

المأزق الأمريكي.. روسيا والصين بديل واشنطن لدى حلفائها

تخلى واشنطن عن وجهها الإنسانى، ربما يفتح الباب أمام منافسيها لمزاحمتها في مناطق نفوذها، في المستقبل القريب، عبر تبنى سياسات إنسانية، عبر ما يمكننا تسميته بسياسة التضامن الدولى، والتي تقوم في الأساس على تقديم الدعم للدول المنكوبة، وهو ما يبدو واضحا فى الدبلوماسية الصينية، والتي تبناها الرئيس شى جين بينج، والذى أعرب عن تضامنه الكامل مع أوروبا، مؤكدا استعداد بلاده الكامل لتقديم كافة أوجه المساعدة لإنقاذهم في المرحلة المقبلة، وهو الأمر الذى يساهم بصورة كبيرة في تعميق الثقة بين الجانبين، بعيدا عن واشنطن.

وتعد تصريحات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، خلال قمة العشرين التي أقيمت عبر الفيديو، والتي أكد خلالها أن أزمة كورونا تمثل نداءً للضمير العالمى، دليلا دامغا على الرؤية التي يتبناها خصوم واشنطن، عبر فضح الوجه القبيح للسياسة الأمريكية، والتي قامت على التشدق بالمبادئ والقيم الإنسانية لسنوات، من أجل تحقيق أهدافها، بينما تتقاعس في الوقت الراهن عن القيام بدورها باعتبارها القوى الدولية المهيمنة على النظام الدولى لتحقيق الاستقرار العالمى، من خلال مواجهة مرض أدى إلى مقتل آلاف البشر حول العالم.

سحب الشرعية.. روسيا والصين يسعيان لصدارة المشهد الدولى

السياسات الصينية الروسية، والتي تحمل قدرا كبيرا من التنسيق في مواجهة واشنطن، تهدف في الأساس إلى سحب الشرعية التي طالما تمتعت بها الولايات المتحدة، للبقاء على قمة النظام الدولى، عبر تقديم نفسها باعتبارها قادرة على مساعدة الدول الأخرى المنكوبة جراء الأزمة الراهنة، بالإضافة إلى سعيهما المتواتر نحو إيجاد عقار لعلاج الفيروس القاتل في أقرب وقت ممكن، لإنقاذ البشرية بأسرها، من الخطر المحدق بها جراء تفشى الفيروس القاتل.

ولكن التحرك الصينى الروسى لا يتوقف على المسار الإنسانى المذكور، حيث يبقى المسعى لإيجاد عقار لعلاج الفيروس، هو بمثابة محاولة لتقديم نفسهما باعتبارهما قوى قادرة على تحقيق طفرات علمية على حساب دول المعسكر الغربى التي طالما قدمت نفسها كقوى لا تضاهى في المجال الطبى، وهو الأمر الذى يمثل معيارا جديدا يمكن اعتباره أحد أهم الأسس التي سوف يقوم عليها تحديد النظام الدولى ومستقبله.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رعب الكوارث الطبيعية يلاحق سكان الأرض.. عدد ضحايا الفيضانات فى باكستان يتجاوز 320 قتيلاً.. اندلاع حرائق بجنوب لبنان.. مخلفات الحرب بسوريا تزيد جحيم حرائق الغابات.. كندا تواجه أسوأ موسم للحرائق ورفع حالة التأهب

خروج يانيك فيريرا من مستشفى الدفاع الجوى بعد إجرائه بعض الفحوصات الطبية

موعد مباراة الأهلي وغزل المحلة فى الدوري المصري والقناة الناقلة

جثمان الراحل تيمور تيمور يغادر المستشفى متجها إلى القاهرة

مباشر الميركاتو.. تعرف على آخر تطورات سوق الانتقالات الصيفية


إصابة دونجا بكدمة فى الركبة خلال مباراة الزمالك أمام المقاولون

كريم فؤاد مرشح لتعويض محمد هانى فى الأهلى أمام غزل المحلة

أحمد السقا وخيرى بشارة ينعيان تيمور تيمور

فاكسيرا توضح معلومات مهمة حول تطعيمات "الرباعى والخماسى والسداسى"

الزمالك يتعثر أمام المقاولون ويهدر أول نقطتين فى سباق الدورى.. صور


برشلونة يبدأ مشوار الدفاع عن لقب الدورى الإسبانى بثلاثية ضد مايوركا.. فيديو

فرص عمل جديدة بمرتبات تصل لـ9 آلاف جنيه.. اعرف الشروط والأوراق المطلوبة

موعد آخر موجة حارة فى صيف 2025.. الأرصاد تكشف حقيقة بداية الخريف

خسارة يد الأهلي أمام كييل الألماني 33 - 22 في تحديد برونزية كأس الأبطال الدولية

خريطة العام الدراسى الجديد 2026.. موعد بدء الدراسة والامتحانات والإجازة

وفد من وزارة الثقافة ونقابة الممثلين يزور نجوى فؤاد فى منزلها بعد استغاثتها

فيديوهات اجتاحت السوشيال ميديا.. علاء الساحر وطليقته وقصة الاحتجاز والضرب

النقل تطلق البرنامج المجانى لتدريب وتأهيل سائقى الشاحنات والأتوبيسات

رويترز: أمريكا توقف إصدار كل تأشيرات الزيارة للأفراد القادمين من غزة

فيلم ريستارت يحتل المركز التاسع ضمن قائمة الأفلام الأكثر تحقيقًا للإيرادات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى