مدافن كورونا.. ومنهجة التمييز

محمد أحمد طنطاوى
محمد أحمد طنطاوى
بقلم محمد أحمد طنطاوى

التنمر على ضحايا كورونا مازال مستمرا، سواء بصورة مخططة أو عشوائية، فالبعض ينظر إلى مصاب كورونا على أنه وباء يجب إبعاده عن المجتمع، حتى لو تماثل للشفاء، والبعض الآخر يجد فى كورونا مصدرا للوصم والتمييز ضد أى مصاب أو متوفى بالمرض، وخير دليل على ذلك ما حدث خلال الأيام الماضية فى قرية شبرا البهو بالدقهلية، التي رفض أهلها دفن طبيبة توفاها الله بعد إصابتها بـ كورونا، فى مشهد لم يألفه الشعب المصرى، ويرفضه الدين، ويتعارض مع عادات وتقاليد المجتمع.

الوصم ضد مصابى كورونا بدأت منهجته بصورة غير مقبولة، بعدما تقدم أحد نواب البرلمان باقتراح برغبة إلى رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، لإنشاء مدافن خاصة بضحايا كورونا خارج الحيز السكنى، وفى الظهير الصحراوى، معللا أن هذا الإجراء يحفظ كرامة الميت ويقضى على المشكلات المتعلقة بأى نزاع أو خلاف على عملية دفن المتوفين، والحقيقة لم يفكر نائب البرلمان فى إجابة على سؤال واحد وهو ماذا لو أصيب شقيقه أو أحد أفراد عائلته وكانت نتيجة الإصابة الوفاة، فهل يقبل أن يتم دفن أحد أفراد عائلته فى مقابر الظهير الصحراوى ؟! هل يرضى أن يدفن موتاه فى قبر بدون شاهد!!

بالطبع ستكون الإجابة معروفة، لذلك علينا أن نحترم موتانا ونقدرهم ونرفع الوصم والتمييز عنهم، خاصة أن المصرى منذ عهود الفراعنة حتى الآن يقدر موتاه، بل كان يقيم لهم المعابد والشواهد الضخمة، فلم يتبق من هذا العصر سوى ثقافته الجنائزية التى ورثها عنهم المصريون جيلا بعد الآخر، ولا يمكن الآن أن نقنعهم بتغيير ثقافة تجاوز عمرها 5 آلاف سنة من أجل كورونا.

الاقتراح بإنشاء مقابر فى الظهير الصحراوى، يختلف كثيرا عن فكرة مقابر الصدقة، التى نعرفها منذ سنوات طويلة، ويدفن فيها المشردون ومن هم بلا مأوى ومن لم يستدل عليهم، أو من لا يمتلكون مقابر وحالتهم الاجتماعية صعبة، فمقابر الصدقة لها دافع إنسانى، وهى تكريم الميت الذى لا يجد أهلا أو لا يملك مدفنا، بينما مقابر كورونا بالظهير الصحراوى فكرة قائمة على الوصم وأن ضحايا المرض وباء يجب التخلص منهم بأى صورة، حتى ولو كانت من خلال وضعهم فى مقابر جماعية.

منظمة الصحة العالمية حسمت الجدل حول جثث المتوفين بكورونا وأكدت أنه ما من دليل علمى أنها تنقل العدوى أو تساهم فى انتشار المرض، وكل ما يثار حول أنها تنقل المرض أمر من أفعال الجاهلية لا يحترم العقل، ولا يقدر الدين ولا يعرف معنى الإنسانية، ولعلى ذكرت من قبل وسأظل أتحدث عن فكرة أن كورونا يختبر إنسانيتنا قبل اختبار قدرتنا وقوتنا.

مواجهة أزمة كورونا لن تكون من خلال بناء المقابر أو إهانة المصابين وتشويه صورتهم، بل بالعلم والإنسانية والتعاون وتقدير النفس البشرية التى خلقها الله في أحسن تقويم ومنحها كل مظاهر القوة لعمارة الأرض واستقرار الحياة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

موضوعات متعلقة

الاستثمار فى التحول الرقمى

الاستثمار فى التحول الرقمى الإثنين، 13 أبريل 2020 11:35 ص

لا لخفص أسعار الوقود

لا لخفص أسعار الوقود الخميس، 09 أبريل 2020 11:40 ص

لماذا نخاف من كورونا ؟

لماذا نخاف من كورونا ؟ الأربعاء، 08 أبريل 2020 11:29 ص

الذباب يزحف على المنازل

الذباب يزحف على المنازل الثلاثاء، 07 أبريل 2020 11:26 ص

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الحكم بسجن أنشيلوتي عامًا بتهمة التهرب الضريبي خلال فترته الأولى مع ريال مدريد

مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء ووزير الاتصالات بعد قليل

شاهد التريللر الرسمى لفيلم أمير كرارة "الشاطر" قبل طرحه

مقطع يشرح كيف أبدع أساطير هوليوود فى الخدع السينمائية قبل 100 عام

الأهلى يُطارد الطيور المهاجرة لتدعيم فريقه.. الأحمر يتطلع لتكرار سيناريو تريزيجيه.. شرط وحيد يُحدد مصير عودة محمد عبد المنعم من فرنسا.. مصطفى محمد يؤجل خطوة ارتداء القميص الأحمر.. ومصدر يستبعد استعادة حجازى


الاتصالات: تصريحات الوزير حول زيادة كفاءة الإنترنت بعد حريق رمسيس مجتزأة

المدبوليزم.. ذكرى وفاة نجم الكوميديا عبد المنعم مدبولى صاحب التاريخ الثرى

موعد مباراة بي اس جي ضد ريال مدريد في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة

"جنة السياحة في تركيا".. كل ما تريد معرفته عن مدينة محمد صلاح المفضلة

فيلم أحمد وأحمد للسقا وفهمى يحصد 20.9 مليون جنيه خلال أسبوع عرض


تفاصيل شكوى "زيزو" ضد الزمالك بسبب 82 مليون جنيه.. (مستند)

رئيس الوزراء: حريصون على وضع تصور واضح لمستأجرى "القانون القديم"

صوت من وسط الدخان داخل حريق سنترال رمسيس.. وائل مرزوق لم يخرج من مكتبه لكن بقيت قصته.. تفاصيل آخر مكالمة لموظف الموارد البشرية مع زميلته تكشف لحظات الوجع: "مش عارف أخرج.. إحنا كده خلاص".. صور

وزارة الصحة تحذر 3 فئات من الخروج أثناء ارتفاع درجات الحرارة

تعرف على موعد عودة ريبيرو إلى القاهرة بعد انتهاء إجازة إسبانيا

محمد صلاح يشترى فيلا فاخرة فى تركيا.. السعر مفاجأة

مواعيد الامتحانات بنظام البكالوريا ورسوم التحسين

باريس سان جيرمان يتحدى الريال في قمة نارية بنصف نهائي مونديال الأندية

نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس 2025.. مراجعة الدرجات وتجميعها

مواعيد مباريات اليوم.. قمة باريس سان جيرمان ضد ريال مدريد في مونديال الأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى