قرأت لك.. "اللاسلطوية" كيف نشأت وما معناها أصلا؟

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف

نقرأ معا كتاب "اللاسلطوية: مقدمة قصيرة جدًّا" تأليف كولين وارد، ترجمة مروة عبد السلام، مراجعة محمد فتحي خضر،  صدر عن مؤسسة هنداوي.

يقول الكتاب عادةً ما تستحضر كلمة "اللاسلطوية" في الذهن صورًا للاحتجاج العنيف ضد الحكومات، ومؤخرًا أصبحت تستحضر صورًا للمظاهرات الغاضبة ضد كيانات على غرار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لكن هل اللاسلطوية مرتبطة حتمًا بالفوضى والاضطرابات العنيفة؟ وهل اللاسلطويون ملتزمون بأيديولوجية متسقة؟ وما مفهوم اللاسلطوية تحديدًا؟

اللاسلطوية

ويتابع الكتاب "كلمة anarchy مشتقة من الكلمة اليونانية anarkhia، التى تعنى ضد السلطة أو دون حاكم، وقد استُخدمَتْ بمعنى ازدرائى حتى عام 1840، عندما استعملها بيير جوزيف برودون لوصف أيديولوجيته السياسية والاجتماعية، وادَّعى برودون أن التنظيم من دون سلطة أمر وارد، بل هو أمر مرغوب، ومع تطور الأفكار السياسية، يمكن النظر إلى اللاسلطوية باعتبارها التصور النهائى لكلٍّ من الليبرالية والاشتراكية، ويمكن أن ننسب الفروع المختلفة للفكر اللاسلطوي إلى أيٍّ من هاتين الأيديولوجيتين.

من الناحية التاريخية، نشأت اللاسلطوية، ليس فقط كتفسير للفجوة بين الأغنياء والفقراء في أي مجتمع، ولا كتفسير لسبب اضطرار الفقراء إلى الصراع من أجل نصيبهم من الملكية العامة، ولكن كإجابة متطرفة للسؤال «ما الخطأ الذي وقع؟» الذي أعقب النتيجة النهائية للثورة الفرنسية، فقد انتهت؛ ليس فقط بحكم إرهابي وظهور طبقة حاكمة حديثة الثراء، ولكن أيضًا بإمبراطور جديد محبوب — نابليون بونابرت — يختال في أرجاء مناطق فتوحاته.

كان اللاسلطويون وأسلافهم منتمين لا ريب إلى التيار اليساري بتأكيدهم على أن العمال والفلاحين — بعد انتهازهم الفرصة التي لاحت لهم لإنهاء قرون من الاستغلال والاستبداد — قد تعرَّضوا حتمًا للخيانة من الطبقة السياسية الجديدة، التي كانت أولويتها الأولى هي إعادة تأسيس دولة مركزية. وفي أعقاب كل انتفاضة ثورية — والتي غالبًا ما يدفع المواطنون العاديون ثمن نجاحها غاليًا — لا يتردد الحكام الجدد في اللجوء إلى العنف والترهيب والشرطة السرية والجيش النظامي لفرض هيمنتهم.

في نظر اللاسلطويين، الدولة نفسها هي العدو، وقد طبقوا التفسير نفسه مع نتيجة كل ثورة في القرنين التاسع عشر والعشرين. سبب هذا ليس فقط أن كل دولة تراقب المنشقِّين عنها وتُعاقبهم أحيانًا، بل لأن كل دولة تحمي امتيازات ذوي النفوذ.

كان الاتجاه السائد في الدعاية اللاسلطوية على مدار أكثر من قرن هو الشيوعية اللاسلطوية، والتي تنادي بأن ملكية الأرض والموارد الطبيعية وأدوات الإنتاج يجب أن تقع تحت السيطرة المشتركة للمجتمعات المحلية، والتي تتحد مع مجتمعات أخرى لأهداف متبادلة لا حصر لها.

 وهي تختلف عن اشتراكية الدولة في معارضتها لفكرة وجود أية سلطة مركزية. يفضل بعض اللاسلطويين التمييز بين الشيوعية اللاسلطوية واللاسلطوية الجمعية لكي يشددوا على الحرية المرغوب فيها بوضوح للفرد أو العائلة في امتلاك الموارد اللازمة للعيش، لكن دون أن يعنيَ هذا الحقَّ في امتلاك الموارد التي يحتاجها الآخرون.

تركز اللاسلطوية النقابية على العمال الصناعيين المنظمين الذين يستطيعون، من خلال «إضراب عام»، تجريد المُلاك من ممتلكاتهم؛ ومن ثَمَّ يحققون سيطرة عمالية على الصناعة والإدارة.

يوجد، ولا عجب في ذلك، تقاليد متعددة لما يسمى اللاسلطوية الفردية، أحدها مأخوذ من فكرة «الأنانية الواعية» للكاتب الألماني ماكس شتيرنر (١٨٠٦–١٨٥٦)، وآخر من مجموعة بارزة من شخصيات أمريكية تنتمي للقرن التاسع عشر ادَّعت أننا بدفاعنا عن استقلالنا الذاتي واتحادنا مع الآخرين من أجل مصالح مشتركة، فإننا بذلك نحقق الخير للجميع. اختلف هؤلاء المفكرون عن ليبراليي السوق الحرة في شكِّهم المطلق في الرأسمالية الأمريكية، وفي تشديدهم على أهمية المصلحة المشتركة. وفي نهاية القرن العشرين، جرى تبني كلمة «ليبرتاري» — التي استعملها فيما سبق الأشخاص المؤمنون بوجهة النظر هذه كبديل لكلمة «لاسلطوي» — بواسطة مجموعة جديدة من المفكرين الأمريكيين، الذين سنناقشهم في الفصل السابع.

نشأت اللاسلطوية السلمية بسبب كلٍّ من فكرة معاداة النظام العسكري التي صاحبت رفض الدولة ورفض اعتمادها المطلق على القوات المسلحة، وبسبب الاقتناع بأن أي مجتمع إنساني أخلاقي يعتمد على العلاقات الطيبة الحرة بين أفراده.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تنفيذ الإعدام بحق المتهم بقتل وكيل وزارة الزراعة الأسبق وزوجته بالإسماعيلية

طلبات طاعة بعد شهور من الزواج.. كيف تسقط الزوجة اتهامات الزوج لها بالنشوز

حكاية أشهر لوحة فى متحف محمود سعيد بالإسكندرية.. لوحة "زانيرى" أشهر مصور إيطالى ولد وعاش بعروس البحر المتوسط.. وخبير: عبقرية الأداء الفنى وتمازج الألوان الطبيعية للبشرة والملابس وسميت منطقة كلمبة باسمه.. صور

أكرم توفيق في مهمة صعبة مع الشمال ضد الريان بالدوري القطري

"إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها".. موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد مصر


اليوم مدحت صالح يحيي حفلاً غنائيًا بمهرجان القلعة للموسيقى والغناء

المصري يستأنف تدريباته بعد انتهاء الراحة استعداداً لمواجهة حرس الحدود

أين يلتقى بوتين وزيلينسكى؟.. خيارات أوروبية وعربية مطروحة رغم المأزق القانونى.. وزير خارجية ألمانيا يستبعد برلين وسويسرا مرشحة رغم التعقيدات.. أمريكا تلمح بالمجر وبولندا ترد: فكرة مشئومة.. والخليج على الخريطة

محاولات مكثفة لتجهيز خالد عبد الفتاح لتدعيم سيراميكا أمام المقاولون العرب

بعد تجديد حبس "التيك توكرز".. تعرف على عقوبة غسل الأموال


موعد مباراة الزمالك المقبلة بعد الفوز على مودن سبورت

موعد مباراة الأهلي ضد غزل المحلة فى الدوري والقناة الناقلة

غدا أخر فرصة للتقديم.. فرص عمل فى السعودية بمرتبات 80 ألف جنيه شهريا

نتائج مباريات اليوم الخميس 21 – 8 – 2025 بالدورى الممتاز

ألفينا وشيكو بانزا يقودان الزمالك للفوز على مودرن سبورت بثنائية.. فيديو

خالد منتصر: أنغام ليست مصابة سرطان وألمها بدون تفسير بعد جراحة بالروبوت

الرئيس السيسى يؤكد عمق مشاعر الود والاعتزاز من مصر قيادة وشعبا للسعودية

الأقباط يختتمون صوم السيدة العذراء فى موعد مختلف 2025.. صوم الأربعاء لا يسقط حتى لو تزامن مع العيد.. الصيام ليس مجرد طقس غذائي بل تدريب على ضبط النفس.. والبابا شنودة: يوم الجمعة مقدس أكتر من صوم أم النور نفسه

الداخلية تضبط 14 سيدة لممارسة أعمال منافية للآداب

التفاصيل الكاملة لانتشال قطع أثرية من البحر المتوسط بأبوقير.. استخراج تمثال ضخم على هيئة أبو الهول يحمل خرطوش الملك رمسيس الثاني وتمثال من أواخر العصر البطلمي.. ودراسة تكشف: الموقع يمثل مدينة متكاملة.. فيديو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى