اقرأ مع جواد على.. "المفصل فى تاريخ العرب" ما نعرفه عن "الحيرة"؟

المفصل فى تاريخ العرب
المفصل فى تاريخ العرب
كتب أحمد إبراهيم الشريف
نواصل مع المفكر العربي الكبير جواد على (1907 – 1987) قراءة التاريخ العربي والتعرف على القبائل العربية قبل الإسلام، وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" وسؤال اليوم: ما الذي نعرفه عن إمارة الحيرة؟
 
 يقول جواد على :
للإخباريين واللغويين وعلماء تقويم البلدان، آراء في أصل اسم "الحيرة"، وبينهم في ذلك جدل على التسمية طويل عريض، كما هو شأنهم في أكثر أسماء المدن القديمة التي بعد عهدها عنهم فحاروا فيها، وإيرادها هنا يخرجنا عن صلب الموضوع، وهي أقوال لا تستند إلى نصوص جاهلية، ولا إلى سند جاهلي محفوظ، ومن أحب الوقوف عليها، وتعرف مذاهب القوم فيها، فعليه بمراجعة تلك المظان، كما أن لبعض المحدثين آراء في هذا الباب.
 
ومعظم المستشرقين، يرون أنها كلمة من كلمات بنة إرم، وأنها "حرتا" "Harta" "Hirta" "He'rta" "حيرتا" "حيرتو" السريانية الأصل، ومعناها المخيم والمعسكر وأنها تقابل في العبرانية كلمة "حاصير" "Haser"3، وأن "حيرتا" "حيرتو".
في التواريخ السريانية تقابل "العسكر" عند الإسلاميين، وهي في معنى "الحضر" و"حاضر" و"الحاضرة" كذلك، ولهذا زعم بعض المستشرقين أن "الحضر" اسم المكان المعروف في العراق أخذ من هذا الأصل العربي، أي من "الحضر".
 
وقد عرفت "الحيرة" في مؤلفات بعض المؤرخين السريان، فعرفت بـ "الحيرة مدينة العرب"، "حيرتا دي طياية"، كما عرفت بأسماء بعض ملوكها مثل "النعمان"، فورد "حيرتو د نعمان دبيث بورسويي"، أى: "حيرة النعمان التي في بلاد الفرس".
 
ويلاحظ أن تعبير "حيرة النعمان" "حيرتا دي نعمان"، تعبير شائع معروف في العربية كذلك، ولابد أن يكون لاشتهار "الحيرة" باسم "النعمان" سبب حمل الناس على نسبة هذه المدينة إليه.
 
ويرى بعض علماء التلمود أن مدينة "حواطره" "حوطرا" التي ورد في التلمود أن بانيها هو "برعدي" "بن عدي"، هي الحيرة. وقد حدث تحريف في الاسم، بدليل أن التلمود يذكر أنها لا تبعد كثيرًا عن "نهر دعه" "Nehardea"، وأن مؤسسها هو "برعدي"، ويقصد به "عمرو بن عدي".
 
ويظن أن موضع "حرتت دارجيز" "حارتا دار جيز" "حرته دار جيز"، الوارد في التلمود، هو "الحميرة"، وقد ورد أن "ارحيز" وهو ساحر، هو الذي بنى تلك المدينة، ويرى بعض الباحثين احتمال وجود صلة بين هذا الساحر وبين قصة "سنمار" باني "الخورنق". وعرفت في التلمود بـ "حيرتا دي طيبه" أيضًا، أي "معسكر العرب" و"حيرة العرب".
 
وقد ذكر اسم الحيرة في تأريخ "يوحنا الأفسوسي" "Joghn Of Ephesus" من مؤرخي القرن السادي الميلاد "توفي سنة 585م"، فقال: "حيرتود نعمان دبيت بور سوبي"، أي "حيرة النعمان التي في بلاد العرب الفرس"، كما ذكرها "يشوع العمودي"  وورد اسمها في المجمع الكنسي الذي انعقد في عام "410 م"، وكان عليها إذ ذاك أسقف اسمه "هوشع" "Hosha" اشترك فيه ووقع على القرارات باسم "هوشع" اسقف "حيرته" "حيرتا".
 
وقد أشرت في أثناء حديثي عن مملكة "تدمر" إلى ورود اسم مدينتين هما "حيرتا" "الحيرة" و"عاناتا" "عانة" في كتابة يرجع تأريخها إلى شهر أيلول من سنة "132" للميلاد. وقلت باحتمال أن تكون "حيرتا" هذه هي الحيرة التي نبحث فيها الآن. فإذا كان ذلك صحيحًا، كانت هذه الكتابة أقدم كتابة وصلت إلينا حتى الآن ورد فيها هذا الاسم.
 
ومدينة "Eertha" التي أشار إليها "كلوكس" "Glaucus" و" اصطيفان البيزنطي"، وذكر أنها مدينة "فرثية" "Parthian" تقع على الفرات، هي هذه الحيرة على ما يظن.
 
وورد في بعض مؤلفات السريان مع "الحيرة" اسم موضع آخر قريب منها هي "عاقولا"، وقد ذهب "ابن العبري" إلى أنه "الكوفة".
وأشار "ياقوت" إلى "عاقولاء" غير أنه لم يحدد موقع هذا المكان.
 
وقد اشتهرت الحيرة في الأدب العربي بحسن هوائها وطيبه، حتى قيل "يوم وليلة بالحيرة خير من دواء سنة"، وقيل عنها أنها "منزل بريء مريء صحيح من الأدواء والأسقام". وهي على "سيف البادية" ليست بعيدة عن الماء، وقد ورد ذكرها كثيرًا في شعر الشعراء الجاهليين والإسلاميين، وهي لا تبعد كثيرًا عن "النجف" و" الكوفة".
 
وقد ذكر "حمزة الأصفهاني" أنه بسبب حسن هواء الحيرة وصحته لم يمت بالحيرة من الملوك أحد، إلا قابوس بن المنذر، أما بقية الملوك، فقد ماتوا في غزواتهم ومتصيدهم وتغربهم، وأنه بسبب ذلك قالت العرب: "لبيتة ليلة بالحيرة أنفع من تناول شربة".
 
وقد نعتت في المؤلفات الإسلامية بنعوت منها: "الحيرة الروحاء" و" الحيرة البيضاء"، أخذوا ذلك من شعر الشعراء، وزعم بعض أهل الأخبار: أن وصفهم إياها بالبياض، فإنما أرادوا أحسن العمارة.
 
ويظهر من وصف أهل الأخبار للحيرة أنها لم تكن بعيدة عن الماء وأن نهرًا كان يصل بينها وبين الفرات، بل يظهر أن هذا النهر كان متشعبًا فيها، بحيث كون جملة أنهار فيها. أما نواحيها، فكانت قد بنيت على بحر النجف وعلى شاطئ الفرات، وربما كانت مزارع الحيرة وأملاك أثريائها قائمة على جرف.
 
 
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مطاردة "رانج روفر" طائشة على كوبرى أكتوبر.. لحظات إثارة وبطولة رجال المرور

15 ألف مريض وجريح بحاجة للإجلاء الطبى إلى خارج غزة

ماذا يفعل الأهلى مع صافرة محمد معروف قبل مواجهة فاركو الليلة ؟

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر

نانسى عجرم: بقرأ أخبار حلوة عن أنغام.. أتمنى تكون صحيحة ونرجع نشوفها بأسرع وقت


مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

قلبى على ولدى انفطر.. القبض على شاب لاتهامه بقتل والده فى قنا

رفع سعر دواء لإنقاص الوزن ببريطانيا 3 أضعاف بعد شكوى ترامب

مصير المطلقة المتمكنة من شقة "إيجار قديم" بعد إقرار القانون الجديد

البريد أبرزها.. 3 طرق لتلقى طلبات حجز وحدات بديلة لمستأجرى الإيجار القديم


بعد تأكد غيابه عن لقاء المقاولون.. الزمالك يجهز أحمد ربيع لمواجهة مودرن سبورت

"الطفولة والأمومة" يحبط زواج طفلتين بالبحيرة وأسيوط

مواعيد مباريات اليوم.. ليفربول ضد بورنموث في افتتاح الدوري الإنجليزي والأهلى ضد فاركو

الأهلى يبحث عن تصحيح المسار الليلة أمام فاركو بالدوري المصري

المؤبد وغرامة تصل 5 ملايين جنيه عقوبة إغراق المخلفات الخطرة فى البحر

البنك الأهلى يخشى اليوم مفاجآت الظهور الأول لحرس الحدود بالدورى

البرازيلي خوان ألفينا يترقب الظهور الأول مع الزمالك

جبل شايب البنات قمة "إفرست" البحر الأحمر.. تشاهد من أعلاها شبه جزيرة سيناء ووادى قنا جنوبًا.. وتعتبر من أبرز الوجهات السياحة لتسلق الجبال.. يعد ثالث أعلى القمم فى مصر والسودان ويصل ارتفاعه إلى 2187 مترا.. صور

مواعيد قطارات خط القاهرة أسوان والإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15-8-2025

لمسة الأبطال.. محمد صلاح ضمن قائمة ملوك الحسم في تاريخ الدوري الإنجليزي

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى