أمين الأعلى للآثار لـ"اليوم السابع" عن يوم "شم النسيم": المصرى القديم أول من احتفل بأعياد الربيع باسم "شمو".. وأبرز نصوصهم الاحتفالية: اطرح الهموم خلفك ولا تتذكر سوى الفرح.. وكانوا يحتفلون بتناول البيض والأسماك

محرر اليوم السابع مع الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار
محرر اليوم السابع مع الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار
الأقصر – أحمد مرعى

قدم الدكتور مصطفى وزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، دراسة جديدة لرصد تاريخ يوم "شم النسيم" بمصر القديمة، حيث أنه من التراث الأدبى الذى خلفه لنا القدماء المصريون، والذى يصف للجميع مشاهد الاحتفال بأعياد الربيع وعيد "شم النسيم".

وكانت أبرز الكلمات بتلك النصوص: "اقض يوماً سعيداً، وضع البخور والزيت الفاخر معاً من أجل أنفك، وضَع أكاليل اللوتس والزهور على صدرك، بينما زوجتك الرقيقة فى قلبك جالسة إلى جوارك، فلتكن الأغانى والرقص أمامك واطرح الهموم خلفك ولا تتذكر سوى الفرح، إلى أن يحلّ يوم الرسو فى الأرض التى تحب الصمت".

ويضيف الدكتور مصطفى وزيرى لـ"اليوم السابع" فى دراسته حول عيد شم النسيم وأعياد الربيع، أنه عاش المصرى القديم أعياداً دينية واجتماعية وأخرى زراعية، حيث أقام خلالها احتفالات الخاصة والتى اشتملت على إقامة الشعائر والطقوس وربما تلك الشعائر والطقوس هى التى ميزت حضارتنا عن باقى حضارات العالم القديم، وبعض هذه الأعياد لازالت فى ذاكرة المصريين حتى يومنا هذا مثل "عيد شم النسيم"، مؤكداً على أنه اهتم أجدادنا بقدوم فصل الربيع الذى شهد أهم الأعياد الزراعية والاجتماعية فى مصر القديمة عيد "شمو"، أو ما يعرف فى يومنا هذا بـ"عيد شم النسيم" فكان مناسبة لديهم لإقامة أفراح تُغنى فيها أناشيد جماعية تنشدها السيدات النبيلات المشتركات فى المواكب مع أصوات القيثارات وأغانى الغرام والأناشيد المصاحبة لحركات الرقص، فهو عيد قومى خاص بالطبيعة والزراعة عند القدماء وليس مناسبة دينية، فلم تكن حياتهم مجردة من الاستمتاع بجمال الحياة ونشر روح السرور والبهجة.

ويؤكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فى دراسته، على أنه تعنى كلمة "شمو" فى اللغة المصرية القديمة "الحصاد"، وهناك من يذهب بأن لفظ "شم النسيم" مركبة من كلمة شمو "حصاد"، و"آل" بمعنى "نبات" والتى تدل على أن الاسم لم يُحرف ثم أُدخلت كلمة "نسيم"، والتى تعنى الجو المعتدل أثناء الريح اللينة. فى يوم عيد شم النسيم كان الناس يقضى يومهم فى التنزه فى المساحات الخضراء على النيل والاستمتاع بالطبيعة، ولقد مَثلَ "شم النسيم" عن القدماء المصريين بعثا جديداً للحياة كل عام وفيه تتجدد وتزدهر الطبيعة بكل ما فيها، كما اعتبروه بداية جديدة يبدءون به نشاطهم لعام جديد، وكان ازدهار الثمار والزهور وانتشارها يبشر ببداية موسم الحصاد، فيملأون مخازن الغلال بعد حصاد الحقول.

ويضيف وزيرى، أنه تميز عيد "شم النسيم" فى العصور الفرعونية بعادات خاصة بالطعام وكان لكل طعام مدلوله الخاص مثل رؤوس الخس، وذلك لاعتقادهم أن الخس له خواص مقوية جنسياً وارتبط بالإله "مين" رب الخصوبة، وكانوا يتناولون فيه البصل والسمك والبيض والملانة (الحمص الأخضر)، وارتبطت جميعها بتجدد الحياة وظلت هذه المأكولات مظهراً ثابتاً من مظاهر الاحتفال بأعياد الربيع فى مصر مروراً بالعصر القبطى وبات تناول المصريين لتلك الأطعمة من العادات الباقية والموروثة حتى اليوم، كما ترمز "البيضة" عند المصرى القديم لبداية الخلق الجديد والتجدد فى عقيدة المصرى القديم، وهى من رموز البعث وعرفها المصرى القديم باسم "سوحت" وفى بعض الأحيان كان المصرى القديم ينقش عليها بعض أمنياته وكان يضع البيض فى سلال من النخيل، وكان لتناول نبات "البصل" أهمية كبيرة أيضاً خلال الاحتفال بـ"شم النسيم"، حيث تذكر أحد الأساطير أنه كان سبباً فى شفاء أمير صغير من أحد الأمراض حيث كان يُوضع تحت وسادته ويستنشقه وقت شروق الشمس وكتب له الشفاء فى يوم وافق احتفال المصريين بعيد "شم النسيم".

وقالت الدراسة، أنه تناول المصريون القدماء السمك المجفف المعروف حالياً بـ"الفسيخ"، وحملت مدينة "إسنا" فى جنوب مصر فى العصر البطلمى اسم "لاثينوبوليس" أى مدينة سمك قشر البياض، وجدير بالذكر أن سمك قشر البياض كان أكثر أنواع الأسماك استهلاكاً للطبقة الغنية فى مصر القديمة، وقد عُثر على بقايا أسماك مجففة فى مواقع كثيرة منها موقع "عمال بناة الأهرام" بالجيزة من عصر الدولة القديمة، والسمك المملح وٌصف فى بردية "ايبرس" أنه أستخدم كوقاية وعلاج من ضربات الشمس، وصُنع السمك المملح فى ورش خاصة ويظهر ذلك فى نقوش مقبرة "رخميرع" من عصر الدولة الحديثة، بالإضافة للعديد من أنواع الأسماك الأخرى التى رسموها على جدران مقابرهم مثل سمك البورى والشبوط والبلطى والبياض والقرموط وغيرها. وفى أحد الأعياد كان جميع أفراد الشعب يأكلون السمك المقلى أمام أبواب المنازل فى وقت واحد. وكانت مظاهر الاحتفالات بقدوم الربيع تقام دائما على ضفاف النيل ووسط الحدائق والساحات المفتوحة وهو الأمر الشائع لدى جموع المصريين حتى اليوم.

ومن الجدير بالذكر أنه كان للزهور مكانه كبيرة فى نفوس المصريين، إذ كانت زهرة اللوتس هى رمز البلاد، كما كان يقدمها المحبوب لمحبوبته وتزخر المقابر التى تركها لنا قدماء المصريين بنقوش ورسومات على جدرانها لصاحب المقبرة، وهو يشق طريقه فى قارب وسط المياه المتلألئة بينما تمد ابنته يدها لتقطف زهرة لوتس، وكانت أعواد اللوتس تقدم ملفوفة حول باقات مشكلة من نبات البردى ونباتات أخرى، كما تشكل باقات الورود اليوم، كما ترى أعمدة المعابد الفرعونية مزخرفة فى طراز "لوتسي" يحاكى باقات براعم الزهور، وقد صور المصريون أنفسهم على جدران مقابرهم ومعابدهم وهم يشمون الأزهار فى خشوع يرجع بعضه إلى الفرحة ويوحى بسحر الزهور لديهم.

ويؤكد أمين الأعلى للآثار، أنه حظيت زهرة اللوتس بمكانة كبيرة فكانوا يطلقون عليها اسم "الجميل"، وكان المصرى القديم يقضى أكثر الأوقات بهجة فى فصل الربيع وكان يحرص على ارتداء الملابس الشفافة ويهتمون بتصفيف الشعر ويكثر من استخدام العطور والأدهنة لإظهار جمالهم، وهكذا كانت وستظل عودة الربيع التى تتميز بتفتح الزهور تُقابل دائما بفرح وترحاب من عامة المصريين وخاصتهم على مر العصور، واعتاد قدماء المصريين الاحتفال بالأعياد للخروج من حدود حياتهم اليومية الضيقة. وقد سجلت نقوش ونصوص معابد مدينة هابو الشهيرة غرب الأقصر الطقوس وأحداث 282 عيدا عرفتها مصر القديمة عبر الزمان.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

قائمة شباب بيراميدز فى مواجهة الجونة بكأس العاصمة

القضية الثامنة.. فيفا يقرر إيقاف قيد نادى الزمالك لـ 3 فترات جديدة

دولة التلاوة.. المتسابق محمد القلاجي: هذه السورة أجد نفسى فيها

الأهلي يهزم سيراميكا برأسية طاهر ويحقق أول فوز ببطولة كأس عاصمة مصر

كعب ساحر من ييس تورب خلال مواجهة الأهلى وسيراميكا.. فيديو


مقتل شاب بطلق نارى وإصابة 4 أشخاص في انقلاب موتوسيكل بالدقهلية

لمياء الأمير تكشف تطورات الحالة الصحية لشقيقها طارق: يحتاج إلى شق حنجرى

30 دقيقة.. محاولات هجومية ضعيفة والتعادل السلبي مُستمر بين الأهلي وسيراميكا

الأرصاد تحذر من انخفاضات فى درجات الحرارة غدا.. الصغرى بالمدن الجديدة 8

موعد مباراة مصر وزيمبابوى فى بطولة كأس أمم أفريقيا


دفاع والدة الإعلامية شيماء جمال يكشف موعد خروجها بعد إخلاء سبيلها بكفالة

إكرامى الشحات وابنته حبيبة يحرصان على زيارة رمضان صبحى لمؤازرته

بفيلر ومكياج غير منسق.. صورة للمتحدثة باسم البيت الأبيض تشعل الجدل

تعرف على تطورات مفاوضات الأهلى مع هداف كأس العرب لتدعيم الهجوم الأحمر

الإدارية العليا تستقبل 4 طعون على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب

عاجل: الأرصاد تكشف مناخ فصل الشتاء 2025 وتؤكد: معدلات الأمطار مفاجأة

ثنائى منتخب مصر يزين قائمة مواهب كأس أمم أفريقيا 2025

مصر ترحب بتعيين برهم صالح مفوضا ساميا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

موعد مباراة المغرب وجزر القمر فى افتتاح كأس أمم أفريقيا 2025

مشاهد من غناء جنا عمرو دياب والهضبة فى حفل زفاف مدير أعماله

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى