هكذا يجب أن نستقبل شهر رمضان

أحمد التايب
أحمد التايب

اعتدنا كل عام أن نستقبل شهر رمضان، بأشكال تقليدية، لكن السؤال الآن كيف نستقبله كما يحبه "الحق" جل شأنه، وللإجابة على هذا نجد أنفسنا أما خاطرة للإمام الشيخ محمد متولى الشعراوى، في غاية الروعة، أكد خلالها، عدة أمور، منها، يجب أن نستقبل الشهر المعظم، بأشياء تزين الصدور، وليس تزيين الموائد والموانىء، لأن رمضان لا يفرح بنا إلا إذا عشنا وقتنا فيه كما أمرنا الله تعالى.

وشهر رمضان شهر أنزل فيه القرآن، وطلب من الإنسان أن يستقبله بالصوم، وإذا كان الله تعالى استهل سورة كاملة في كتابه وهى "الرحمن علم القرآن" فهو امتن على خلقه بعلم القرآن أولا ثم امتن بخلق الإنسان ثانيا، ليؤكد أن "القيم" مقدمة على المادة، فأى إنسان بغير قيم فلا شرف له، لأن الغاية من الإنسان تسبق الإنسان نفسه، وإذا كان الحق أنزل القرآن فى هذا الشهر فمعنى ذلك أن هذا الحدث الضخم حدث للقيم وليس للمادة المتمثلة في الأكل والشرب والفرج، ليخط الإنسان حركة حياته بمنهج الخالق.

 

وفى هذا الشهر، "الحق" جل شأنه، يريد منا أن نجوع وأن نمتنع عن شهوة الفرج في نهاره، لكن للأسف الناس اعتادوا أن يملؤوا الموائد والمطابخ بألوان من الطعام، ولا يلتفتون أنهم لن يأكلوا إلا ما يكفيهم، وهذا يلاحظ  عندما يأتي موعد الإفطار، فلن يأكل الإنسان إلا الواقع، ويكفيه أى شىء، فبمثل هذه السلوكيات الناس يستقبلون رمضان، ولو أنهم اعتنوا برمضان وبقيمه لتساوت الحياة، وبدلا أن يصبح شهر العبادة أصبح شهر التخمة، رغم أننا كان يجب أن نعتبره موسما اقتصاديا للتوفير، لكننا جعلنا منه وسيلة لإرهاق الدخل والنفس وزيادة الأعباء.

 

وحين جعل الله تعالى رمضان زمنا للصوم أراد أن نستقبله بعفة عن الطعام وعفة عن الفرج، لماذا، لأنه أراد أن يدربنا بأن نتحمل مشقات الجوع، فينمو لدينا إحساس الإخوة والحرص على إعطاء الصدقات، والإحساس بآلام الفقراء، وحتى إن طرأت علي الإنسان هذه المشتقات مستقبلا، استطاع أن يتعامل معها، فلا أزمة وقتها ولا أنين، إضافة إلى أنه أراد أيضا في كبح الشهوات، لكى لا تسيطر علينا الشهوة وألا أن تستبد بنا،  فيحدث ترويض، فينتج التوازن والعدل والرحمة في الحياة. 

 

وحين يستقبل "رمضان" بصيام نهاره وقيام ليله ومدارسة القرآن فيه، يأخذ الإنسان شحنة من القيم تحده وتقف حائط صد من شراسة الحياة، لأنه وقتها سترعرع القيم داخله، وإذا ترعرعت تلك القيم داخل الإنسان، فيكون هناك انكسار للنفس بالجوع وكبح للشهوة فنجد إناس مساندين ومتواضعين كرماء ورحماء في هذا الشهر وبعده.

 

والصيام كسر للنفس، أما أن يكون هناك مبرر للعصبية في هذا الشهر، فلأننا وضعنا الأشياء في غير مقامها، كيف؟، لأننا نستقبل رمضان بما لا يحبه الله، فمثلا، نجوع طول النهار ثم نأكل كميات تصيبنا بالتخم، ونجلس طوال الليل لمشاهدة ما يسمى بالمسليات، فلا شك يصاب الإنسان بالتعب والتخم بسبب كثرة الأكل خلال الليل، والإرهاق من قلة النوم فيجد نفسه أمام كم كبير من الإرهاقات، ما يجعل مزاج سيئا ومضطربا، أما أنه لو فعل مثلما يريد "الحق" لرأى شهرا صافى الحركات باسما وهادئا.

 

وحين نستقبل رمضان كما يريده الحق منا، تكسر حدة الشهوة، ويسير الإنسان إلى مرتبة التعادل، ومرتبة التعادل هذا تعنى أن تجد كل ملكة من ملكات الإنسان نصيبها وحظها من حركاته، فلا تأخذ ملكة نصيبها بزيادة، وأخرى تحرم، فمثلا، عندما يهتم الإنسان فى رمضان بغريزة الطعام من خلال ملىء الموائد، يترك في المقابل غريزة القيم مثلا، ويبتدأ يلوم نفسه، لأنه لم يأكل إلا الواقع الذى يكفيه، واللوم هذا هو استيقاظ لملكة كانت تحب منه الخير، إذن فالتشريع الإسلامى يوازن بين ملكات النفس، فنعطى كل ملكة نصيبها فتستقيم الحياة.

 

واستقبالنا لرمضان بفرحة كثيرا ما تكون موجهة، وهنا يجب أن نستقبله بانكسار نفس، وانكسار النفس كما يكون للأفراد يجب أن يكون أيضا انكسارا جماعيا، يمنع أن نجتمع على طغيان أو فساد أو إسراف، فالمجتمع الإنسانى له أيضا ملكات، لأن المجتمع ما هو إلا فرد متكرر، وما دام الصوم يعطيك انكسارا فيجب ذلك الانكسار الذى يمنع الفساد والطغيان يكون أيضا في الأمم والدول والمجتمعات، والدليل، أننا لم نجد أمة على قلب أمة وأنه يظل لكل أمة منهجها وشعارها، وهواها، فنجد  معارك مستمرة بين أمم من المسلمين أنفسهم بعضهم البعض، وهنا يجب أن نستقبل رمضان بفرحة تزين الصدور لا تزين الموانىء والجدران، وأن يكون للقيم نصيب منا، حتى لا تتحكم فينا شراسة الملكات الخاصة، فنجد كل كل فرد على قلب أخيه ونكون أمام منهج واحد يجمع الأمم والمجتمعات وهذا ما يريده الحق ورمضان.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تيك توكر جديدة فى قبضة الأمن لنشرها فيديوهات منافية للآداب العامة

إصابات فى إطلاق نار بالقرب من مسجد بمدينة أوريبرو السويدية

فاركو عن مواجهة الأهلى: "مباراة لعلاج حموضة صفقات الصيف"

محمد صلاح بعلم مصر في فيديو الإعلان عن عودة الدوري الإنجليزي

قرار جديد من النيابة بشأن المتهم بإصابة 4أشخاص وإتلاف 3سيارات بكوبرى أكتوبر


مقتل عنصرين جنائيين شديدى الخطورة فى تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة

الأرصاد تحذر: اضطراب الملاحة بهذه المناطق ونشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة

رفع سعر دواء لإنقاص الوزن ببريطانيا 3 أضعاف بعد شكوى ترامب

بين سلام أوكرانيا واتفاق نووى.. هل يصبح زيلينسكي ضحية ترامب وبوتين

البريد أبرزها.. 3 طرق لتلقى طلبات حجز وحدات بديلة لمستأجرى الإيجار القديم


أخيرا.. موعد انكسار الموجة شديدة الحرارة وانخفاض الدرجات

بعد تأكد غيابه عن لقاء المقاولون.. الزمالك يجهز أحمد ربيع لمواجهة مودرن سبورت

أصاب 4 أشخاص وأتلف 3 سيارات.. تفاصيل محاولة هروب قائد سيارة حادث أكتوبر

تقليل الاغتراب.. موقع التنسيق يواصل إتاحة التسجيل للمرحلتين الأولى والثانية

15 يوما على الاستفادة بتقسيط مخالفات المرور بدون فوائد حتى نهاية أغسطس

حسام حسن يستقر على 25 لاعبًا لمباراتي إثيوبيا وبوركينا فاسو

ناشئو اليد أمام النرويج فى تحديد مراكز بطولة العالم

كل ما تريد معرفته عن المعهد الشرطى الصحى.. الشروط والمجموع المطلوب للتقديم

موسم صيد الإخوان.. اللى حضر العفريت.. بريطانيا تنقلب على التنظيـم الدولى.. الإخوان منبوذون بالمملكة المتحدة والخطاب المضاد للجماعة يتصاعد فى صحافتها.. لندن رعت الفكرة فى تأسيسها عام 1928 وتجنى حصادها المر اليوم

بتروجت يصطدم اليوم بكهرباء الإسماعيلية بحثا عن الفوز الأول في الدورى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى