القارئ محمود عبد الحكيم‎ يكتب: الأمل والتفاؤل فى رمضان

صورة شخص متفائل
صورة شخص متفائل

ما أحوجنا إلى الأمل والتفاؤل بالغد الأفضل والحياة السعيدة والآخرة الطيبة والمجتمع الآمن والمتراحم والوطن المزدهر والعطاء، ما أحوجنا إلى الأمل والتفاؤل بالأمة القوية المترابطة التي تستوعب رسالتها وتخدم دينها وتحفظ أبنائها وتقدم الخير وتنشر العدل في أمم الأرض من حولها!! ما أحوجنا إلى عودة الأخوة والألفة وصفاء القلوب بين الأخ وأخيه والجار وجاره والحاكم والمحكوم!!

 

ما أحوجنا إلى الأمل والتفاؤل بأن بعد العسر يسراً وبعد الشدة فرجاً وبعد الضيق سعة ومخرجاً وبعد الحرب والخوف أمناً وسلاماً!! ما أحوجنا إلى الأمل بانقشاع الظلم وهزيمة الباطل ووقف مخططات وتآمر الأعداء ووحدة الصف المسلم!! ما أحوجنا إلى الأمل والتفاؤل بقدرة الله على أن يحقق ذلك كله في حياتنا وما ذاك على الله بعزيز!!

 

إن الأمل قوة دافعة تشرح الصدر للعمل، وتخلق دواعي الكفاح من أجل الواجب، وتبعث النشاط في الروح والبدن، وتدفع الكسول إلى الجد، والمُجِدّ إلى المداومة على جده، كما أنه يدفع المُخْفِق إلى تكرار المحاولة حتى ينجح، ويحفّز الناجح إلى مضاعفة الجهد ليزداد نجاحه، والإيمان يبعث في النفس الأمل ويدفع عنها اليأس والأسى، وشهر رمضان يجدد في النفس المؤمنة الأمل ويمنحها التفاؤل..

 

فالثواب فيه جزيل والأجر فيه عظيم، والجنة فتحت أبوابها، وصفدت مردة الشياطين ويتفضل فيه المولى بعتق الرقاب من النيران كل ليلة، وفيه دعاء الذي لا يرد وفيه ليلة القدر خير من ألف شهر، وفيه يتوب العاصي والمسرف على نفسه، ويتولد لديه الأمل بالله وعفوه ورحمته، وهذا يدفعه إلى التوبة مهما بلغت ذنوبه؛ لأن الله -عز وجل- نهاه عن اليأس والقنوط من رحمته ومغفرته، فقال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].

 

وفي شهر رمضان تتضاعف الأجور والحسنات، ويتراحم الناس فيما بينهم، وتُغفر ما تقدم من ذنوبهم وسيئاتهم، وتتغير السلوكيات والتصرفات إلى الأفضل، ويتعلم الناس فيه الصبر وقوة الإرادة ومجاهدة النفس والارتباط بالآخرة والشوق لما عند الله من نعيم مقيم وخير وفير، وفيه يتذكر المسلم ماضي أمته المجيد وانتصاراتها في معاركها الخالدة في هذا الشهر ومآثرها وخيرها للدنيا من حولها وكيف خرجت من ظروفها وتغلبت على مشاكلها وبنت مجدها من جديد..

 

كل ذلك وغيره يقذف في النفوس الأمل والتفاؤل بعد عام من ضيق الحياة ومشاكلها والتقصير في الواجبات والركون إلى الدنيا والانغماس في الشهوات واللذات واليأس من إمكانية التحول أو التغيير..

 

لذلك كان الصحابة والتابعون والمسلمون من بعدهم يفرحون ويستبشرون بقدومه، ويحمدون الله على إدراكه.

 

إن علينا أن نتفاءل بالخير مهما كانت الظروف التي تمر بها مجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا، فسواد الليل يأتي بعده ضياء الصباح، وإن البرق والرعد مهما كانت شدته وخاف الناس من سطوته فإنه يأتي محملاً بالأمطار والخير، وعلى العبد أن يحسن الظن بربه –سبحانه- فتلك عبادة الأوابين وعليه كذلك أن يحسن العمل ويتقرب إليه بالصالحات.. فهو –سبحانه- أرحم به من نفسه وهو القادر على كشف الضر ودفع البلاء وتبديل الأحوال وما من شيء يقع أو يحدث في الأرض أو في السماء إلا بأمره -سبحانه وتعالى- القائل: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [الأنعام: 59].

 

فالدعوة موجهة أن نقتدى بنبينا -صلى الله عليه وسلم- فهو إمام في التفاؤل والثقة بوعد الله –تعالى-، والمتأمّل في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- يجد ذلك.. فعندما هاجر -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وقد أرسلت في طلبه قريش، وقد أباحت دمه وهو في الصحراء لا طعام ولا شراب والموت يترصده في أي لحظة فإذا بسراقة بن مالك أحد فرسان قريش خلفه قد غاصت قدما فرسه في التراب فينظر إليه رسول -صلى الله عليه وسلم- قائلاً له بكل ثقة وتفاؤل: "يا سراقة لم تصنع هذا؟" قَالَ: إن قريشاً قد وعدوني بكذا من الإبل، قَالَ: "أوليس لك بخير منها؟" قَالَ: وما هما، قَالَ: "سواري كسرى" (البخاري: 3906)..

 

لقد كان -صلى الله عليه وسلم- يصنع الأمل والتفاؤل وهو في شدة المحنة والكرب والضيق.. يقول لصحبه أبي بكر الصديق وهما في الغار والمشركون يطوقون ذلك الغار.. (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40].

فمن يقبل تلك الدعوة؟.

 

 

 

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزارة التعليم: إضافة 20% من درجات العربى والتاريخ بالثانوية الدولية للمجموع

الأهلي يتقدم 4 مراكز في تصنيف أندية أفريقيا.. وغياب الزمالك وبيراميدز

الوكرة القطري يرفض طلب الأهلي ويتمسك بعودة حمدي فتحي بعد كأس العالم

انقضاء دعوي تشاجر المخرج محمد سامى ومالك مركز صيانة بالتصالح

المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة ينعى مستشاره القانونى بعد وفاته اليوم


رسالة عاجلة من وزارة الخارجية للمصريين المقيمين في ليبيا

دفاع الفنان محمد غنيم: إنهاء إجراءات إعادة المحاكمة وحبس موكلى لحين تحديد جلسة

ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة إلى 52 ألفا و 928 شهيدا

قصر ترامب الطائر.. "NBC": أعمال تحويل طائرة قطر لرئاسية تكلف أمريكا مليار دولار

الإدارية العليا تلغى حكم أول درجة بشأن تابلت طلاب الثانوية: عهده ويجب إعادته


أزمة مباراة القمة.. الزمالك يترقب قبل التصعيد للمحكمة الرياضية

ترامب يحذر طهران من رفض "غصن الزيتون".. ويتبنى مبدأ "لا أعداء دائمين"

مصر تدعو المواطنين المتواجدين فى ليبيا بتوخى أقصى درجات الحيطة

محمد صلاح يتصدر هدافي الدوريات الخمس الكبرى ومبابى يطارد بقوة

فرص عمل للأطباء فى السعودية براتب يصل إلى 13 ألف ريال شهريا

حبس المتهمة بقتل جدتها فى الشرقية

البحوث الفلكية يكشف أسباب شعور المصريين بزلزال البحر المتوسط

تفاصيل زلزال "نص الليل".. سكان القاهرة والمحافظات يشعرون بهزة أرضية بقوة 6.4 ريختر.. البحوث الفلكية: قوى نسبيًا.. واستغرق أقل من 20 ثانية.. ورصدنا هزتين ارتداديتين.. والهلال الأحمر: لم ترد بلاغات بوقوع أضرار

يارا السكرى فاشون ديزاينر تجمعها قصة حب مع محمد إمام فى صقر وكناريا

زلزال جديد.. الشبكة القومية ترصد أول هزة ارتدادية بقوة 2.69 ريختر

لا يفوتك


بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى

بدء اجتماع الحكومة الأسبوعى الأربعاء، 14 مايو 2025 02:24 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى