قرأت لك .. "الضمير" هل لا يزال مهما ويحتاجه العالم؟

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
كتب أحمد إبراهيم الشريف
نقرأ معا كتاب "الضمير: مقدمة قصيرة جدًّا" لـ بول ستروم، ترجمة سهى الشامى، مراجعة هبة عبد العزيز غانم، والذى صدر عن مؤسسة هنداوى، وينطلق من سؤال: من أين ينبع الضمير؟ وإلى أى مدى يمكننا الوثوق فى أحكامه؟
 
فى هذه المقدمة القصيرة جدًّا، يتأمل بول ستروم جذورالضمير الضاربة فى عمق التاريخ، ويستكشف ما عناه الضمير بالنسبة للأجيال المتعاقبة، ملقيًا الضوء على أسباب استحقاق هذا المفهوم الأوروبى لمكانته.
 
الضمير
 
ويستخدم "ستروم" نماذج من الثقافة الشعبية، مثل شخصية بينوكيو الكلاسيكية التى ابتكرتها شركة ديزني، بالإضافة إلى نماذج من السياسة المعاصرة، كما يستشهد بأعمال مفكرين مثل دوستويفسكى ونيتشه وفرويد وتوما الأكوينى ليُبيِّن للقارئ كيف ولماذا يظل الضمير مبدأً محفزًا ومهمًّا فى العالم المعاصر.
 
 يقول الكتاب:
 ظلت ظاهرة الضمير — المتغيرة والراسخة فى آن واحد — حاضرة على امتداد عصور وإمبراطوريات ومعتقدات وعقائد، وأثرت فى السلوك البشرى منذ ألفى عام وأكثر. 
 
وقد عرفها الرومان (وأطلقوا عليها اسم «كونشينتيا»)، ثم استأثر بها المسيحيون الأوائل، وتساوى الإصلاحيون البروتستانت والكاثوليك المخلصون فى اعتمادهم على نصائح الضمير وتحذيراته.
 وفى القرنين السابع عشر والثامن عشر، أعاد الضمير اجتياز الحد الفاصل بين التدين والعلمانية، مبدلًا موضع الاهتمام من الكمال الدينى إلى التحسين الأخلاقى والاجتماعي. 
واليوم يؤمن به المتدينون وغير المتدينين على حدٍّ سواء، فهو يحظى بمكانة متميزة فى علم اللاهوت والعبادات، ولا تقل مكانته عن ذلك فى الفلسفة والفنون، ويدَّعى السياسيون التصرف وفق تعاليمه، وهم يفعلون أحيانًا، ومن اللافت للنظر بالقدر ذاته اتساع نطاق الاحتكام إليه بين كل أطياف الناس وفئاتهم، فهو مبحث أكاديمى عظيم القيمة يستخدمه أيضًا عوام الناس، ويستشهد به الناس فى كل مناحى الحياة بثقة بوصفه أساسًا لأفعالهم.
 
قد يبدو أن هذا الرسوخ المذهل الذى يتمتع به الضمير يشير إلى أنه كيان ثابت ووجهة نظر أحادية لا تتغير بمرور الزمن، والحق أن الضمير يحيا فى الزمن، ومن أشد خصائصه جاذبية قدرته على التعديل الذاتى والتكيف مع الظروف الجديدة على نحو ثابت، وكذلك إدراكه اللامتناهى لشروط الملاءمة الجديدة والملحَّة.
 وفى هذه «المقدمة القصيرة جدًّا»، لن أعتبر الضمير ثابتًا لا يتغير، بل سأعدُّه منقبة من صنع البشر تحمل تاريخًا مميزًا وزاخرًا بالأحداث.
 
يرفض الضمير أى محتوى ثابت أو غير متغير، فبإمكانه أن يبرر التضحية الكريمة بالذات وفى الوقت نفسه يبرر حب الذات الذى ينطوى على أنانية، وبوسعه أن يحض على عمل للخير أو على عمل إرهابي. وقد تكون إملاءات الضمير مسيحية أو وثنية، تستند إلى الدين أو شديدة العلمانية، قومية أنانية أو دولية سخية. بل إن جنس الضمير يظل مجهولًا: فقد يكون مذكرًا أو مؤنثًا، وقد يكون صوتًا روحانيًّا بلا جسد أو صوتًا أبويًّا، بل إنه قد يتحدث بصوت جمعى كالرأى العام. 
ولما كان الضمير متغيرًا بالقدر نفسه فيما يتعلق بمصدره وموضعه، فإنه قد يُصغَى إليه بوصفه صوتًا محفزًا من الداخل أو صوتًا آمرًا من الخارج، وغالبًا ما يكون كليهما فى آن واحد: كائن خارق للطبيعة يعلم عنا كل شيء لكنه يدين بولاء خارجي؛ سواءٌ لإله أو للصالح العام. فقد فُعلت أشياء رائعة وأخرى نكراء باسمه، كالإصلاح الاجتماعى الخاضع للعقل والاستثنائية الجنونية العارضة.
 
قد يكون الضمير بطبيعته مزعجًا، فعادة ما يشعر المرء الذى يحضره الضمير — على الأقل فى البداية — بأنه كان أفضل حالًا دونه، وبالإضافة إلى ذلك، إذا كان الضمير متغيرًا من حيث موضعه أو مضمونه، تظل بعض العناصر مما يمكن أن يوصف بأنه "شخصيته" ثابتة على نحو مؤسف. وأينما ووقتما قابلناه، نجد أن عادته المميزة هى النخز والوخز والتملق والاستنكار والمضايقة عوضًا عن التهدئة أو الطمأنة، ورغم شيوعه فإنه يظل أقل الظواهر المعروفة بعثًا للسرور فى النفس.
 
 والسؤال هنا إذن: لماذا نحتاج فى حياتنا إلى ذلك المفهوم المتقلب والقاسى وشديد الصرامة؟ والإجابة التى أقدمها أن أحوالنا فى وجود الضمير أفضل كثيرًا منها فى غيابه.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موعد مباراة الزمالك وبتروجت فى الدورى المصرى والقناة الناقلة

"تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية

موعد مباراة بيراميدز وصن داونز المرتقبة فى نهائى دوري أبطال أفريقيا

قرارات النيابة فى واقعة سرقة فيلا نوال الدجوى.. تعرف عليها

مورو ساليفو يقترب من الرحيل عن الاتحاد السكندرى نهاية الموسم


حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 فى مصر

وزارة النقل تتعاقد على توريد وتوطين 21 مترو لصالح خط الإسكندرية

ليفربول يتقدم على برايتون بهدفين مقابل هدف بالشوط الأول بمشاركة محمد صلاح.. فيديو

نوال الدجوى.. ماذا قالت التحريات الأولية عن سرقة فيلا 6 أكتوبر ؟

الأرصاد تحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق غدًا


الإدارة الأمريكية لـ"إسرائيل": أوقفوا الحرب على غزة وإلا سنتخلى عنكم

لامين يامال يرتدى الرقم 10 ويوقّع عقدا تاريخيا مع برشلونة فى عيد ميلاده الـ18

ساعات دامية فى السودان.. مقتل 14 فى قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين بشمال دارفور.. وفاة 19 شخصا بينهم أطفال فى هجوم جديد على الفاشر.. 9 قتلى فى استهداف معسكر درع السودان.. والجيش يسيطر على منطقة استراتيجية

شاهندة المغربى تقترب من إدارة نهائى كأس مصر للكرة النسائية بين دجلة والأهلى

رسميًا.. المجلس الأعلى للإعلام يتلقى شكوى الزمالك ضد إعلان "اتصالات"

إنبي يطلب إعادة ترتيب جدول الدوري وفق النقاط بعد نهاية مرحلة المجموعتين

رمضان صبحى يخضع لجلسة استماع أمام المحكمة الرياضية فى قضية المنشطات

فالنسيا يدين الفيلم الوثائقي عن فينيسيوس ويهدد بإجراءات قانونية

فيفا يخطر الزمالك رسميًا برفع عقوبة إيقاف القيد بعد دفع مستحقات بوطيب

تعيين رئيسة النقل بـ"إيجماك" يثير غضب المستثمرين لمخالفته قانون الكهرباء بالفصل عن القابضة.. اختيار عضو "جهاز المرفق" ورئيس التفتيش التجارى بمجالس الإدارات يشكك في قانونيتها.. والوزير يوجه بمراجعة القرارات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى