جرائم غيرت التاريخ.. حادث دنشواى سلط الضوء على استقلال مصر وجرائم الاحتلال

حادث دنشواى - أرشيفية
حادث دنشواى - أرشيفية
كتب أحمد الجعفرى

كان لحادث دنشواى أثر كبير في تدويل قضية استقلال مصر خارجيًا، وربما هي واحدة من الأحداث التي هزت عرش بريطانيا في مصر وفى منطقة الشرق الأوسط، وتعتبر من الجرائم التي غيرت وجه التاريخ، فبعد الأحكام المجحفة التي صدرت ضد عدد كبير من المصريين، على خلفية أحداث دنشواى والتي وقعت عام 1906، وقام مصطفى كامل بحملةٍ صحفيةٍ داخليةٍ وأخرى دوليةٍ وجولةٍ في أوروبا للتشهير بمظالم الاحتلال وفضح سياسته.

وأثارت القضية الرأي العام الأوربي حتى في بريطانيا نفسها، فكتب الكاتب الإنجليزي الكبير جورج برنارد شو عام 1906، "إذا كانت الإمبراطورية البريطانية تود أن تحكم العالم كما فعلت في دنشواى، فلن يكون على وجه الأرض واجبٌ سياسيّ مقدسٌ وأكثر إلحاحاً من تقويض هذه الإمبراطورية وقمعها وإلحاق الهزيمة بها".

كانت الساعة قد قاربت الثانية بعد ظهر يوم الأربعاء 11 يونيو 1906، حينما وصل الميجور "بن كوفين" قائد أحدى كتائب الاحتلال الإنجليزى فى مصر، إلى قرية "دنشواى" القريبة من منوف، بصبحة 4 ضباط إنجليز، فى رحلة برية لصيد الحمام، وفقًا لصلاح عيسى فى كتابه "حكايات من دفتر الوطن"، وأخذوا  يتفحصون ميدان الصيد، إلى أن انقسموا إلى فريقين، أحداهما ظل يصطاد الحمام من بين أغصان الأشجار على جانبى الطريق الزراعى، والأخر ابتعد قليلاً حتى وصل إلى أجران القمح المتاخمة للطريق الزراعى.

بدأ الكابتن "فوستيك" والملازم "بورثر" من الفريق الثانى، إطلاق خرطوش بنادقهم نحو الحمام الذى استقر فوق جدران الجرن، فصاح فيهما أحد الفلاحين طالباً منهما الاصطياد بعيداً عن الجرن، لكنهما لم يأبها به أولم يفهما كلامه، وأطلقا 9 طلقات متتالية تجاه حمامتين تقفان على كوم قمح، فاشتعلت النيران فى الجرن، وصرخت زوجة الفلاح مولولة، تستغيث بالرجال لإطفاء النيران، فاحتشد جمع من الفلاحين يعنفون الضباط على ما فعلوه، وحاول بعضهم انتزاع البنادق منهما؛ فانطلقت دفعة أخرى من الخرطوش أصابت "أم محمد" زوجة الفلاح فسقطت على الأرض مغشيةً عليها.

ارتفعت أصوات النساء والأطفال يصرخون "الخواجة قتل أم محمد وحرق الجرن"، فاحتشدت أفواج من الفلاحين، فى الوقت الذى انضم فيه فريق الضباط الإنجليز الأول إلى زملائهم فى محاولة لحل الأزمة، ولكن الموقف أزداد تدهوراً حينما خرجت رصاصتين حيتان من بندقية أحد الضباط الإنجليز، أصابت وأحدة منهما شيخ الخفر، وأصيب أثنان آخران من الخفراء؛ فحاول بعض الضباط الإنجليز بقيادة الميجور "بن كوفين" حل الأمر ودياً، إلا أن الاهالى تمكنوا من التحفظ عليهم، حتى وصل ملاحظ نقطة الشهداء.

فيما نجح الكابتن "بول" والكابتن"بوستيك" فى الهرب وتوجها صوب الطريق الزراعى لطلب النجدة من الكتيبة، فهرول خلفهم بعض الفلاحين فى محاولة للقبض عليهما، إلا أنهم لم يتمكنوا من اللحاق بهما، وفى طريقهم سقط الكابتن "بول" مغشياً عليه أمام سوق قرية "سرسنا"، بينما قطع "بوستيك" مسافة 8 كيلومترات وقفز بترعة الباجورية وعبر إلى الضفة الأخرى، حيث كان يعسكر جنود كتيبته على مشارف قرية "كمشيش".

وقال الكاتب الراحل صلاح عيسى فى كتابه "حكايات من دفتر الوطن"، إنه لم يكن هناك جناة بالمعنى الدقيق للكلمة، فما حدث كان عبارة عن مشاجرة عادية انتهت بـرضوض بسيطة، أما الكابتن "بول" الضابط الإنجليزي فقد توفى فى السابعة من مساء اليوم نفسه، نتيجة إصابته باحتقان فى المخ من أثر ضربة الشمس التى تعرض لها بسبب مسيرته الطويلة تحت الشمس الحارقة، فضلاً عن ذلك لم يكن من السهل على الضباط الإنجليز التعرف على أحد ممن تشاجروا معهم بين زحام الفلاحين متشابهى الوجوه.

كان رد الفعل البريطاني قاسى على أحداث دنشواى والتي وقعت عام 1906، ومفتقراً لكافة أوجه العدالة، فقد قدم نحو 60 قروياً للمحاكمة بينهم 52 محبوسا و8 هاربين، وخلال الجلسات استمعت المحكمة إلى ردود الفلاحين على الاتهامات التى وجهت إليهم، فنفوا التهمة عن أنفسهم وبعضهم قال إنه لم يكن متواجداً فى القرية إبان الأحداث، وآخرين أكدوا على أنهم كانوا مرضى، فيما روى "محمد عبد النبي" الفلاح الذى أصيبت زوجته فى الأحداث، أنه حاول التحفظ على الضباط لتقديمهم للمحاكمة بعدما أصابوا زوجته بطلق خرطوش وحرقوا الجرن.

ولم تستمر جلسات محاكمة المتهمين في القضية أكثر من 3 أيام استمعت خلالها المحكمة لأقوال الشهود من الضباط الذين نجوا من الحادثة، والمترجم الذى كان يصحبهم فضلاً عن السياس الذى أرسلوا لمصاحبتهم، وملاحظ نقطة شرطة الشهداء، وعامل التليفون بالنقطة، ورغم أن شهادة بعض الضباط أكدت على أن أحد القرويين المتهمين قد حماه وقدم له مياه الشرب؛ إلا أنه لم يلتفت لتلك الشهادات وغيرها، وكيفت القضية على أنها قتل عمد، وبعد الاستماع لمرافعة الدفاع، أصدرت المحكمة حكمها بالإعدام والجلد والأشغال الشقة المؤبدة.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محمد الشناوي يخوض مراناً مُنفرداً بعد وفاة والده رغم حصول الأهلى على راحة

استولى على أموال مواطنين.. استجواب متهم بإدارة كيان وهمى لمنح شهادات دراسية مزورة

عمر مرموش يُفاجئ الجميع بأصعب مدافع واجهه فى الدورى الإنجليزى

الإسماعيلي يعلن إلغاء بند شغل المناصب الشاغرة من أعمال الجمعية العمومية

الدوري الإنجليزي يحطم الرقم القياسي في ميركاتو الصيف بـ2.37 مليار إسترليني


فيديو وصول الرئيس السيسى مطار نيوم والأمير محمد بن سلمان فى استقباله

شيرى عادل تنضم لأسرة فيلم حين يكتب الحب

​مصر والسعودية يد واحدة فى مواجهة التحديات.. محللون سعوديون لـ"اليوم السابع": القاهرة والرياض صمام الأمان فى إقليم مضطرب.. زيارة الرئيس السيسى تحمل رسائل مهمة.. ومحاولات الوقيعة بين البلدين فاشلة ونحن بالمرصاد

الآن نتيجة الدور الثانى للشهادة الإعدادية لمحافظة سوهاج بالاسم ورقم الجلوس

ذا أتلتيك: ريال مدريد يجهز أردا جولر لخلافة مودريتش وكروس


طقس شديد الحرارة غدا واضطراب الملاحة ونشاط رياح والعظمى بالقاهرة 36 درجة

إيما لاين تعلن انطلاق تصوير أحدث أعمالها مسلسل لينك.. صور

جفاف عشرات الآلاف من الأفدنة فى إسرائيل وتوقعات بكارثة غذائية بسبب خفض الإنتاج

حجب لعبة روبلوكس في الكويت ..اعرف التفاصيل

زيارة الرئيس السيسي للسعودية.. شراكة استراتيجية تعزز الأمن العربي وتفتح آفاق التعاون.. وسياسيون: تعكس عمق العلاقات التاريخية ودور القاهرة والرياض في استقرار المنطقة.. تؤكد وحدة الموقف العربي وصياغة مستقبل مشترك

قانون الإيجار القديم 2025.. بند جديد يمنح المالك حق الإخلاء الفورى دون إنذار

تفاصيل بلاغ أرملة جورج سيدهم ضد منتحلى شخصيتها لجمع تبرعات باسمها

حملة رياضية كبرى لعزل إسرائيل ودعم سكان غزة.. ومحمد صلاح يتصدر المشهد

سفاح الإسماعيلية.. "دبور" ذبح جاره وسط الطريق منذ 4 سنوات وتم إعدامه اليوم

مفاجأة فى عينة تحليل المخدرات لسائق حادث كورنيش الشاطبى بالإسكندرية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى